$عفرين تحت الاحتلال (54): بدء سرقات موسم الزيتون، اختطاف واعتقالات عشوائية، انتهاكات يومية وتدهور أمني… تدمير آثار مار مارون$
أردوغان في قاعةٍ كبرى بمبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، 24 أيلول، وبحضور وفود ورؤساء عشرات الدول، وأمام كاميرات شاشات التلفزة العالمية، تناسى في خطابه الطويل الحديث عن أزمات بلاده والمظالم التي تقع فيها بحق الإنسان والشعوب، بل ونصب نفسه مدافعاً عالمياً عن الفقراء واللاجئين والمسلمين، عن الحرية والعدالة والسلام!!! ليبرهن مرةً أخرى مدى تدخل حكومته الفج في شؤون دولٍ كثيرة، في وقتٍ تدهورت فيه علاقة تركيا معها، وهي التي ترعى شبكات الإسلام السياسي المتطرف العديدة، وتُعادي الكُرد السوريين في ديارهم دون وجه حق، إلى جانب انتهاكاتٍ واسعة واضطهاد ضد مواطني وكُرد تركيا عموماً، فما تشهدها منطقة #عفرين# المحتلة خير دليل ومثال.
موسم الزيتون:
مع حلول موسم الزيتون في عفرين بدأت اللصوصية والسرقة تنتشر بأشكال مختلفة، من قبل المجالس المحلية والجماعات المسلحة وقسمٍ ممن تم توطينهم، بدءاً بفرض رسوم عبر إجبار السكان الأصليين على الانتساب إلى (غرفة الزراعة) وتسجيل عقاراتهم الزراعية وبالتالي حصر أملاك الغائبين لأجل الاستيلاء عليها أو على الأقل تقاسم المحاصيل مع وكلائهم إن وجدوا؛ هذا وأصدر (مجلس بلبل المحلي) تعميماً برقم /3/ تاريخ 19-09-2019 يؤكد فيه على انتشار سرقة ثمار الزيتون في ناحية بلبل، وفي خبرٍ نشره (المجلس المحلي في عفرين) بتاريخ 23 أيلول أكد على تدخل مديرية زراعة تركية بشؤون موسم الزيتون عبر الاجتماع مع أصحاب معامل البيرين؛ ومن الانتهاكات أيضاً في هذا المجال:
فرض إتاوة حوالي ألف دولار على كل معصرة زيتون من الأربعة في بلدة بعدينا.
منع خروج الزيتون الأخضر من ناحية راجو، وحصر بيعه لمندوبي (الاقتصادية- أحرار الشرقية) بمحل في الكراج القديم.
منع خروج الزيتون الأخضر من ناحية شيه (شيخ الحديد)، وحصر بيعه في مركز الناحية، مع فرض إتاوة 10% من المحصول و 45% بالنسبة للغائبين، علاوةً على 10% لصالح الخان.
في قرية آشكان شرقي، مسلحو جماعة الزنكي يهددون الأهالي بعدم السماح لهم بجني الزيتون في حقول عائدة لمواطنين غائبين، وإن كانت في حوزتهم وكالات.
توسُّع سرقات الزيتون من أملاك أهالي بلدة ميدانكي، وإذ ذهبت أسرتان منها إلى حقلين لهما قرب مقالع قرية حسنديرا، فمنعتهما مجموعة مسلحة من القطاف وطردتهما.
فرض إتاوة /واحد يورو/ على كل شجرة زيتون من قبل ميليشيا فيلق الشام التي لا تعترف بوثائق المجلس المحلي وتُجبر أهالي قرية حسنديرا- ناحية بلبل على تسجيل أملاكهم لديها ودفع تلك الإتاوة على إجمالي عدد الأشجار المسجلة، ولم تُفيد الأهالي شكواهم لدى الأعلى مرتبةً.
بسبب تقييد حركة نقل محصول الزيتون وحصر عمليات البيع والشراء، تدنى سعر الكيلو غرام الواحد من زيتون المائدة إلى ما دون /300/ ليرة سورية.
الاختطاف والاعتقالات العشوائية:
حنيف بكو
سارا عبد الله محمد علي
محمد بلال سعيد
يستمر الاختطاف والاختفاء القسري والاعتقالات العشوائية بحق سكان عفرين الأصليين والمسنين منهم، بالترافق مع الابتزاز وتوجيه الإهانات والتعذيب وتفتيش المنازل والعبث بأثاثها، تحت إشراف الاستخبارات التركية؛ وقد وثقنا منها ما يلي:
– 20 أيلول، اختطاف المواطن حنيف بكو من قرية رمادية – ناحية جنديرس، من قبل جماعة مسلحة تطلب من ذويه فدية مالية كبيرة لقاء الإفراج عنه، ولا يزال مصيره مجهولاً.
– 24 أيلول، اعتقال المواطنين (محمد أحمد موشو، عصام منان موشو، عمر شاهين موشو، محمد جمعة أحمد، حنان محمد مسلم، مصطفى عبدالقادر شيخ أحمد) من قرية قُرتقلاق- ناحية شرّا، ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
– 25 أيلول، صرّح الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا باعتقال المواطنين (عبد الحميد سليمان و زوجته خالدة سليمان) في مدينة عفرين و اقتيادهما إلى جهة مجهولة.
أواخر آب 2019، اعتقال المواطن المسن محمد بلال سعيد ليلاً من منزله في قرية جقماق كبير- ناحية راجو، وإيداعه في سجن ماراتيه بعد التحقيق معه بتهمة التعاون مع وحدات حماية الشعب، علماً أنه شيوعي غيور على الوطن منذ عشرات السنين ومهتم بقضية شعبه الكردي.
– 26 أيلول، مداهمة منزل المواطن عبد الله محمد علي في قرية معرسكه واعتقال ابنته القاصر “سارا- 16 عاماً”، البريئة من تُهم العلاقة مع الإدارة السابقة أو حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، حسب ما أكده لنا مصدر موثوق، ولايزال مصيرها مجهولاً.
– 27 أيلول، اعتقال ستة مواطنين من قرية قسطل خدريا- بلبل، عرف منهم (رفعت عيسى عجو، صلاح زكريا نقو، جلال محمد محو، زياد هوريك علو)، بحجة العلاقة مع الإدارة السابقة، وذلك من قبل مجموعة مسلحة وبقيادة عناصر من الأمن التركي، حيث تم مداهمة المنازل وتفتيشها باستخدام كلاب بوليسية.
انتهاكات أخرى:
الانتهاكات اليومية المتفرقة كثيرة، ولا يصلنا منها إلا القليل، نظراً لكتمان معظم الضحايا عن البوح عنها، خوفاً من عقوبات أشد قد تطالهم؛ منها:
منع إقامة حفل زفاف لشاب من عائلة “غنّام”- المكون العربي في الحارة التحتانية بمركز ناحية جنديرس من قبل ميليشا أحرار الشرقية وتفريق الحضور بحجة اختلاط النساء مع الرجال، الأمر الذي يُعدُّ من العادات الاجتماعية الطبيعية في عموم المنطقة، فاضطرت العائلة على إلغاء الحفل بسبب تدخل المسلحين.
المجموعات المسلحة في بلدة بعدينا تقوم بتسخير بعض السكان الأصليين في أعمال قطع الغابات والتحطيب مع استخدام أدواتهم ونقل الحطب بجراراتهم، دون دفع أية أجور لهم.
متزعم أحد الجماعات المسلحة يمنع مواطن من بلدة بعدينا من نقل كميةٍ قليلة من التين اليابس إلى مدينة عفرين، وإجباره على إرجاعها، وبيعها له بسعر متدني.
قطع حوالي /300/ شجرة زيتون بالقرب من قرية براد- جبل ليلون، عائدة لمواطن من القرية.
أكد مصدر من الأهالي إقدام ميليشا فرقة الحمزة على قطع حوالي عشرة أشجار حراجية معمرة في قرية ساتيا- ناحية معبطلي، هذا الخبر الذي نُشر على صفحات التواصل الاجتماعي مع صور موثقة.
أصدرت (فرقة الحمزة) قراراً إدارياً تمنع بموجبه فتح المحلات التجارية في بلدة باسوطة أثناء أوقات الصلاة، وذلك تحت طائلة المحاسبة.
التدهور الأمني:
تستمر حالة الفوضى والفلتان الخلاّقة التي ترعاها الأجهزة التركية في منطقة عفرين عموماً، إذ تتقاتل الميليشيات الموالية لتركيا والائتلاف السوري- الإخواني المعارض فيما بينها باستمرار، وتقع أعمال إرهابية بين المدنيين، تهدف بالدرجة الأولى إلى دفع السكان الأصليين نحو الهجرة القسرية وترك منازلهم وممتلكاتهم؛ منها:
ظهر الثلاثاء 24 أيلول، حدث تفجير متعمد داخل سيارة واندلعت نيران شديدة بالقرب من محل الخياط إبراهيم يعقوب، في شارع فرعي على طريق يلانقوز بمدينة جنديرس، أدى إلى وقوع أضرارٍ مادية في المحلات والمنازل وسقوط ضحايا قتلى (الشقيقان عامر و إدريس أولاد سليمان عمر حسي من قرية بافلور) و(بسام كابي أحد متزعمي جماعة الزنكي، عليا سليمان، فريال طاهر) وحوالي /8/ جرحى، حالة بعضهم خطيرة.
مساء الخميس 26 أيلول، انفجار دراجة نارية في الشارع المقابل لكازية عربو وسط مدينة جنديرس، دون أن تُوقع ضحايا.
– 26 أيلول، اشتباكات بين ميليشيات أحرار الشام والجبهة الشامية، بالقرب من قرية ترنده الملاصقة لمدينة عفرين.
تدمير الآثار:
آثار ضريح مار مارون والسور الحديدي قبل الاحتلال
آثار ضريح مار مارون بعد الاحتلال
بقايا صالة الاستقبال والصوات
آثار ضريح مار مارون بعد الاحتلال
آثار ضريح مار مارون بعد الاحتلال
وفي ظل صمتٍ غريب ومريب من المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة، “اليونيسكو” منها خاصةً، تواصل قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها من جماعات إسلامية متطرفة استهدافها المتعمد للممتلكات الثقافية في منطقة عفرين، خاصةً تدمير ونهب الآثار التاريخية، إذ تُعتبر هذه الاعتداءات جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بموجب اتفاقيتي لاهاي /1907/ و /1954/، والبروتوكولين – الأول والثاني /1977م/ الإضافيين إلى اتفاقيات جنيف الأربعة؛ فأثناء الاجتياح العسكري التركي تم قصف مواقع عيندارا ونبي هوري وتل جنديرس وغيره بالقذائف، مما أدى إلى إحداث أضرار بالغة فيها، وقد أصدر المدير العام للآثار والمتاحف السوري بياناً في حينه، مؤكداً على قصف مواقع قرية براد الأثرية بتاريخ 22 آذار 2018 من قبل طائرات النظام التركي وتدمير الكثير من المباني الأثرية المهمة؛ وكذلك على مدار عامٍ ونصف من الاحتلال تم تجريف ونبش وسرقة كنوز عشرات التلال والمواقع الأثرية بالجرافات والآليات الثقيلة والأدوات البسيطة أيضاً. مؤخراً في أوائل شهر أيلول الجاري، أُعيد تجريف وحفر مواقع قرية براد الأثرية المحتلة – جبل ليلون، حيث شاهدنا مقطع فيديو نشرته شبكة نشطاء عفرين، يَظهر فيه الدمار الذي أصاب آثار كنيسة جوليانوس- ثالث أكبر كنيسة تاريخية في سوريا وبجانبها آثار ضريح الناسك المسيحي مار مارون شفيع الطائفة المارونية والذي توفي في عام 410م، وما حولها، وقد أكد مصدر خاص لنا على نبش وحفر مواقع آثار قرية براد وهي الآن شبه مدمرة- 15كم جنوب شرق مدينة عفرين، وحتى السياج الحديدي المحيط بالكنيسة والضريح وحديد أعمدة وسقف صالة الاستقبال والصلوات المشيدة قربه تم سرقته بالكامل.
يُذكر أن آثار بَراد هي من محمياتٍ ثلاث في جبل سمعان أُدرجت على لائحة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) عام 2011، وتم تثيب موقع ضريح مار مارون رسمياً من قبل البطريركية المارونية عام 2010م.
فلابد من مناشدة الضمير العالمي والمنظمات والشخصيات المعنية بالشأن الثقافي وكل حريص على الحضارة الإنسانية، خاصةً منظمة اليونيسكو والبطريركية المارونية، بضرورة التحرك العاجل لوقف الانتهاكات الجسيمة التي تطال التراث الإنساني في منطقة عفرين ولملاحقة المجرمين ووضع الحكومة التركية أمام مسؤولياتها.
إنَّ الانتهاكات والجرائم المرتكبة في منطقة عفرين ولا تزال، تستحق إدانة دولية وإقليمية ومن لدن الأوساط الوطنية السورية وأحرار العالم، وتستدعي تحركاً عاجلاً، خاصةً من هيئات ومؤسسات الأمم المتحدة وحكومتي روسيا وأمريكا بالدرجة الأولى، للعمل على وضع حدٍ لها، ولتمارس ضغطها على الحكومة التركية لتتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال وفي ملاحقة المجرمين ومحاسبتهم، على طريق حل أزمة سوريا وإنهاء الاحتلال التركي لبعض مناطقها.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]