=KTML_Bold=#صلاح الدين مسلم# : المثقّف الأنتلجسيا أو النبيّ المنتظر=KTML_End=
كما هو معلوم فهناك أزمة مصطلح في الفكر بشكل عام، كما هو مصطلح الديمقراطيّة والحرّيّة والاقتصاد… المصطلحات الشائكة التي تناقض نفسها في التعريف المجتمعيّ والتعريف الدولتيّ، كما غيرها من المصطلحات. ومن المصطلحات الشائكة أيضاً على الصعيد المعرفي والاجتماعيّ والسياسيّ هو مصطلح المثقّف ومصطلح الأنتلجنسيا بشكل خاص؛ المصطلح الذي يتجاوز مصطلح المثقّف، ويجب أن تكون هناك حوارات عدّة للتفريق بينهما، واستنهاض حالة المثقّف إلى حالة الأنتلجنسيا.
ومن ناحية تعريف مصطلح الأنتلجنسيا من خلال استعماله عند الأوروبيين الشرقيين نراه يعني المفكّر، ويعني فئة ونخبة وطبقة فوق المجتمع، وبما أنّ الفكر أضحى بضاعة تباع وتشترى كأيّة بضاعة تجارية في السوق، حيث أنّ سوق هذه البضاعة الفكرية هي المدارس والجامعات والجمعيّات والمؤتمرات والأحزاب الدولتيّة والإعلام بشكل عام، لذلك شوّهت الرأسماليّة كلّ مصطلح اجتماعيّ في خدمة السوق.
فأضحى المثقف “الانتلجنسوي” في النظام الرأسماليّ نخبةً اجتماعية قريبة من فئة الموظفين، وأصبحت شريحة اجتماعية من الناس الذين يحترفون الإبداع في خدمة السلطة من خلال التحليل والتركيب المجتمعيّ لترويضه لا من خلال خدمته، يشتغلون بإدارة الإنتاج وبتطوير الثقافة ونشرها، لذلك اعتمد النظام الرأسماليّ عليهم في ترويج بضاعتهم السياسيّة في خدمة فائض الإنتاج، فأضحى التعليم فريستهم من خلال المراكز التي شيّدتها الرأسماليّة لترويج خطاب السلطة، وخطاب الأيديولوجيا الليبراليّة.
لقد صار المجتمع في روج آفا وفي كل بقعة وصلتها القوّات الديمقراطيّة في الشمال السوريّ بأمسّ الحاجة إلى المثقّف الأنتلجنسيا الذي يستطيع أن يكون فعّالاً في كلّ قطّاع مجتمعيّ، المثقّف القادر على أن يكون المغذّي والمبدع والمنتج يوميّاً في كلّ حقل مجتمعيّ، ليس بالعلم فحسب، وإنّما من خلال رباعية (العلم والميثولوجيا والدين والفلسفة)، وليس بنظرة العلم الأحاديّة أو الدين أو أحد من النظرات السابقة، دون نفي أحد على حساب الآخر.
قد يقول قائل: من أين يستطيع المثقّف استمداد خطّه وبراديغماه في سبيل الوصول إلى الحالة المعرفيّة التثقيفيّة – الأنتلجنسيا؟ لا بدّ أن يكون المثقّف أمام مفرقين لا مفرق سواهما، إمّا خطّ المجتمع أو خطّ السلطة، فإن اتّبع المثقّف طريق السلطة فهو سيدخل دائرة السلطة لا محالة، وبالتالي سيكون أداة بيد السلطة في سبيل السيطرة على مقدّرات المجتمع. وقد انصبّت جهود إدوارد سعيد في أبحاثه على المثقف القادر على أن يكون مجاوراً للمجتمع، وأن يقاوم استبدادية مؤسسات السلطة، ومن هنا ظهر التضاد ما بين المثقّف والسلطة، كما هو تضاد ما بين الخير والشر، وهذا ما أكد عليه الجابري وأومليل وأركون.
لقد أضحى انتظار المجتمع للمثقّف الأنتلجنسيا، كانتظار الشيعة للإمام المنتظر، وقد نستطيع إسقاط ظاهرة الأنتلجنسيا على الكادر الفعّال في كردستان وفي روج آفا الذي نذر نفسه لخدمة قضايا مجتمعه، ونذر نفسه لخدمة قضايا الإنسان والطبيعة، فمن هنا بات علينا أن نضع تعريفاً جديداً للمثقّف الأنتلجنسيا.
“روناهي”
[1]