أكد الكاتب والمفكر والإعلامي المصري فهمي هويدي، اليوم الخميس، أن الكورد جزءٌ من النسيج العام لهذه المنطقة الذي لم يُقدَّر لهُم أن ينالوا حقهم الطبيعي، مشيراً إلى أن تمزيق الكورد وتوزيعهم على أربع دولٍ في المنطقة ليس بفعل العرب.
جاء ذلك خلال مشاركته في برنامج الكورد في عيونٍ معاصرة الذي يقدمه الدكتور علاء الدين آل رشي، والذي يُعد إضافةً قيّمة للمشهد الإعلامي الكوردي، ويُعزِّزُ التفاعل، كما يعكس التطورات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم حالياً.
وبشأن نظرته إلى الكورد تاريخاً وحضارةً وشعباً، قال هويدي، يصعب اختزال هذه العناوين في كلماتٍ قصيرة، فللتاريخ والحضارة والشعب مساحاتٌ واسعة تحتاج إلى كلامٍ كثير.
وأضاف: ولكن أنا أتعامل مع الكورد باعتبارهم جزءاً من العالم الإسلامي والعربي، وجزءاً من النسيج العام في هذه المنطقة، والذي لم يُقدَّر لهُ أن ينال حقه الطبيعي، مبيناً حينما نطالب للكورد بالحق، فإننا نضمه إلى قائمة الحقوق المُهدرة في العالم العربي، وهي كثيرة.
وتابع: أنا لم أفكر ابتداءً من سيد محمد كورد علي، إلى زميلتنا درية عوني، وإلى الأستاذ العقاد، وإلى الأعلام الموجودين في التاريخ الإسلامي، في أنهم كورد، بل كنت أتعامل معهم باعتبارهم شخصياتٍ لهم حق الكرامة ومسلمون.
وقال: على سبيل المثال، الخلية الأولى في التاريخ الإسلامي كانت تتضمن سلمان الفارسي، وصُهيب الرومي، وبِلال الحبشي، موضحاً أن التزامهم القومي أو العرقي لم يكن حائلاً دون الحفاظ على كرامتهم ومكانتهم واحترامهم وتبجيلهم طوال الوقت.
وشدد على أنه حينما نجد فئةً تعرضت لإهدار الحق، فنحن نتضامن معها باعتبارها جزءاً أصيلاً من هذه الأمة، التي ينبغى أن تلقى حقها في الاحترام والكرامة.
وبيّن أن المظلومية ليست مقصورةً على الكورد فقط، لأننا نجد أن المسلمين في الصين وميانمار والهند كذلك يتعرضون للإبادة وإهدار الكرامة، بينما نجد في المقابل أن رئيس الوزراء الهندي يُقابل باحترام وتبجيل في إحدى الدول الخليجية.
وذكر أن حضور الكورد في الواقع العربي أقوى من حضورهم في الواقع السياسي، لأن السياسية لا تُرسم في العالم العربي، وتمزيق الكورد وتوزيعهم على أربع دولٍ في المنطقة ليس بفعل العرب.
وأوضح أن توزيع الكورد على عدة دول كان جزءاً من خطةٍ رُسمت لتقسيم العالم العربي، والتي أُريد للكورد أن يغيب حضورهم، وأن يتوزعوا على عدة دول، بحيث يتم تقليص طموحاتهم، والتطلعات التي يسعون إليها.
وأردف أن المشكلة الحقيقية للإنسان في العالمين العربي والإسلامي، هي أنه لم يلقى حقه الذي يستحقه في الكرامة والمشاركة، وثمة ما يشبه الغياب التام لأدوار الشعوب العربية.
وبيّن أن الشعوب في بلداننا العربية، أيّاً كانت هويتها (عربية أو كوردية أو أمازيغية في شمال إفريقيا)، كل هؤلاء حقوقهم منقوصة بدرجاتٍ متفاوتة، لكن الصحيح أن الحالة فادحة في الوضع الكوردي.
ولفت إلى أن الكورد في تركيا يُمارسون قدراً جيداً من الحضور، وإن لم يكن بالقدر الذي يطمحون إليه، لكن مع ذلك فإن لهم حضورهم السياسي وتمثيلهم.
وقال: لا أستطيع أن أنكر أن إذلال الكورد هو درجةٌ مُرتفعةٌ من الإذلال الذي يعاني من المواطن في أغلب أقطار العالم العربي، وأرجو أن لا يتم الفصل بين الحالة الكوردية والحالة العربية، واختلافهم في الدرجة وليس في النوع.
وأضاف: النوع واحد، الشعب العربي غائب ومُغيّب، وأنت لا تجد في الخطاب الرسمي العربي إشارةً إلى الشعوب، والعنوان الأساسي هو قرارات الزعماء والرؤساء، أما الشعوب فلا تُقرر شيئاً وتُقاد.
وأوضح أن الحل لا يتمثل في استقلال الكورد، بل يكمن في إنشاء وتعزيز الحرية والديمقراطية في العالم العربي، وحينها سيسعد كل مُقيم في العالم العربي في البقاء ضمن إطار وعائه.[1]