مظفر مزوري
شارك الاكاديمي والمفكر العربي اليساري #عبدالحسين شعبان# في حلقة جديدة من برنامج ما فوق الخلافات، لهسهرووی ناكۆكییهكان الذي يقدمه الكاتب والصحفي ومدير عام مؤسسة كوردستان24 أحمد الزاويتي، ونوقشت عدة قضايا في هذه الحلقة تتعلق بالعلاقات بين حكومة كوردستان من جهة والحكومة الاتحادية والدول الاقليمية والعالم من جهة أخرى، لافتاً الى أن هناك تقدماً وتطوراً كبيراً على الصعيدين السياسي والدستوري في كوردستان.
وقال الاكاديمي عبدالحسين شعبان بخصوص تجربة كيان إقليم كوردستان على الصعيد السياسي والدستوري واستمرارية هذه التجربة ضمن العراق ان هناك تقدماً كبيراً وملحوظاً في كوردستان، ولأول مرة نرى كيان كوردي يتقدم ويتطور، وعلى الرغم من الضغوط والتحديات التي واجهتها، ويجب أن يُنظر اليها على الاقل بأنها تجربة ناجحة، مضيفاً أنه صحيح ان هناك أخطاء ونواقص لكن كوردستان تسير في الاتجاه الصحيح وانطلقت من نقاط صحيحة وسارت في طريقها نحو تشكيل كيان كوردي يعكس تطلعات الشعب الكوردي وجزءاً من آماله، من خلال سلسلة الاجراءات والقوانين والانظمة التي تحتاج أن تسير نحو تقدم أفضل وأعمق.
ولفت عبدالحسين شعبان الى الصراعات الداخلية وقال اذا كانت الحرب الداخلية الاهلية خطيئة فان تقسيم كوردستان جريمة، مضيفاً أنه لا تزال هناك مشاكل بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، ويجب حل هذه المشاكل من خلال الحوار والسلام والتفاوض، موضحاً أنه يجب ان تقدم الحكومة العراقية التنازلات للكورد وكذلك يجب ان يقدم الكورد تنازلات للحكومة العراقية، في اتجاه يمنع اتساع فجوة الصراع لحين التوصل الى اتفاق تأريخي والتي من خلالها يتم تحقيق كافة مطالب الكورد.
وشدد الاكاديمي العربي على أن النخبة السياسية العراقية التي تحكم العراق منذ 2003 باستثناء الكورد، لم يؤمن أي منهم بالفيدرالية، لانهم لو كانوا يؤمنون بالفيدرالية لكانوا قد طبقوا الدستور، والدستور يؤكد على تشكيل المجلس الاتحادي، أي أن وجود أقاليم في العراق دستوري، مضيفاً أنه لنفترض ان العراق ينقسم الى اقليمين، إقليم كوردي وآخر عربي، كان سيتم تشكيل المجلس الاتحادي بين الاقليمين، لكنهم على الدوام يبعدون العراق عن الفدرالية، موضحاً أنه يتذكر عندما كان في المعارضة العراقية عام 1992 كتب عن تقرير المصير، كان هناك العديد من الاحتجاجات في بداية الامر، وكانت هذه المرة الاولى التي تصدر فيها وثيقة في تجمع عراق.
وفي إشارة الى سقوط النظام العراقي وتشكيل العراق الجديد، قال عبدالحسين شعبان ان هناك عدداً كبيراً من الاخطاء في النظام السياسي الذي تأسس بعد احتلال عام 2003، وسبب هذه الاخطاء يعود الى دستور وقانون ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية وتم نقلها الى الدستور الدائم للعراق الذي تم التصويت عليه في 15 تشرين الاول عام 2005، وهناك الكثير من القنابل في الدستور يمكن ان تنفجر في أي لحظة، انه دستور متحيز ويقوم على اساس المكونات وليس على اساس المواطنة، ماذا تعني المكونات؟ أي ان تكون خاضعاً لدين او جماعة او عرق او طائفة، بينما الدولة الحديثة تقوم على المواطنة، وعندما يتحدث الدستور عن المكونات في محتواه، تشير المواد 9 و 12 و 49 و 125 و 142 الى المكونات بغض النظر عن الطائفة والعرق، لذلك وبعد فترة ومن خلال نقاش طويل يمكن تشكيل المجلس الاتحادي لارساء الفدرالية للعراق لاعادة هيكلة كل الفقرات من جديد، بحيث تاخذ كل الثغرات والعيوب بعين الاعتبار، وعلى الرغم من النقاط الايجابية المضافة اليها، هناك تجربة حية هنا تجربة كوردستان ويجب اخذ هذه التجربة بعين الاعتبار، لذلك هناك مطالب للفيدرالية في بعض الاقاليم يقولون انهم يريدون أن يصبحوا أقليما فيدرالياً مثل إقليم كوردستان، ومع ذلك في هذا الوضع لا تتوفر المتطلبات اللازمة لانشاء مثل هذه الفيدرالية، والعراق يمر بحالة مشوهة منذ ذلك الحين.
وأكد الاكاديمي العربي عبدالحسين شعبان على ان القادة الكورد تصرفوا بحكمة مع العراق الجديد، وخاصة الرئيس مسعود بارزاني وجلال طالباني، الذين تصرفوا بحكمة و رؤية بعيدة المدى وقراءة جيدة للمتغيرات الدولية، صحيح أنهم حموا أنفسهم لكنهم في الوقت نفسه قاموا بحماية مستقبل تجربة كوردستان، ومستقبل الحركة التحررية الكوردية، ومستقبل تطلعات الشعب الكوردي.
وأوضح الاكاديمي والمفكر العربي عبدالحسين شعبان أنه على الصعيد الدولي اتخذت سبعة قرارات دولية لصالح القضية الكوردية في العالم، ومنها مؤتمر شتوتغارت ومؤتمر برشلونة ومؤتمر ميرسيليا ومؤتمر الاكوادور ومؤتمر يريفان ومؤتمر كوبنهاغن وكذلك مؤتمر الحركة العربية لحقوق الانسان ومؤتمر الدار البيضاء، كلها قررت لصالح حق تقرير المصير للشعب الكوردي.
وحول العوامل الاقليمية والدولية المتعلقة بالوضع في العراق بشكل عام، أوضح عبدالحسين شعبان ان العامل الاقليمي والدولي فيما يتعلق بالوضع في العراق، ليس فقط في العراق وانما في جميع دول المنطقة، يلعب دوراً كبيراً مثلا في سوريا ولبنان واليمن وليبيا، يلعب العامل الاقليمي والدولي دوراً كبيراً جداً في هذا الصدد، وفرضت نفسها بقوة، لكن يجب ان تكون هناك إرادة موحدة وإرادة للتقريب بين الاطراف المحلية، التي يمكنها الحد من تأثير العوامل الاقليمية والدولية، او إضعاف دور العوامل الدولية والاقليمية، وساخبركم بصراحة من المرجح الان ان يواجه العراق العديد من التحديات، وهناك هيمنة ايرانية قوية في العراق، وهناك هيمنة امريكية قوية أيضاً في العراق، الهيمنتان في صراع على الاراضي العراقية منذ عام 2003، يتوافقون فيما بينهم ويختلفون، هنا يصبح العراقيون ضحية لتلك الاتفاقات والاختلافات، ولذلك كلما اقترب الوضع في العراق من نقطة الصراع، زادت فرص العيش في عدم الراحة.
وأشار عبدالحسين شعبان الى أن وجود كوردستان قوية وعراق ضعيف سيكون العراق بأكمله ضعيفاً، ووجود كوردستان ضعيفة وعراق قوي سيكون العراق ضعيفاً أيضاً، لذلك نحن بحاجة الى إقليم قوي بكافة حقوقه ونحتاج الى دولة عراقية فيدرالية قوية لها حقوقهاأيضاً، هنا يمكن حل كافة القضايا العالقة بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، على اساس المواطنة والهوية وكذلك على اساس طبيعة النظام الاتحادي الذي تأسس عام 2003، واعتقد ان مستقبل إقليم كوردستان حتى لو كان بعد عقد او عقدين أو أكثر حتى يصبح الاقليم مستقلا واعتقد ان هذه رغبة كل كوردي في الاستقلال، ستكون دولة لها كيانها الخاص، وسيكون مستقلا حاله حال جميع دول العالم، موضحاً ان هناك أربع قوميات رئيسية في المنطقة القومية العربية لها عدة دول في المنطقة، وكذلك القومية الفارسية والقومية التركية وكلهم لديهم دول في المنطقة، وحتى الان الكورد ليس لديهم دولة مثل القوميات الاخرى، لهذا السبب من الضروري ان نضع في الاعتبار فكرة الحوار بين مثقفي هذه الدول حول النقاط المشتركة التي تجمعنا معاً، والتي تحظى بمستوى عالي من القبول، وإلا فلماذا الكورد وهمة قومية حالها حال باقي القوميات ولهم الحق في تقرير مصيرهم ولا نعترف بيهم ؟؟ فإذا كان الكورد لديهم الحق في تقرير مصيرهم فلهم الحق ايضاً في إقامة دولتهم الخاصة، لكن هذا لن يتحقق بالقوة، ولكن من خلال التفاهم وحل المشكلات من خلال الحوار والثقة المتبادلة، الى أن يتم ذلك ويصبح الحلم حقيقة.
وبخصوص المشاكل العالقة بين كوردستان والعراق، القى عبدالحسين شعبان الضوء على تلك المشاكل وقال هذه المشاكل العالقة بحاجة الى وقت وثقة، وكذلك المضي قدماً مع النخبة السياسية سواء في بغداد او في كوردستان، يجب ان يكون هناك اتفاق بين الاطراف، على سبيل المثال حصل التيار الصدري على 73 مقعد في الانتخابات الماضية، لكنه انسحب من البرلمان، تاركاً الاخرين في حيرة من امرهم، لفترة من الوقت كانوا في حيرة من امرهم فعلا بشأن ما يجب القيام به، وكانت هذه أكبر حركة سياسية انسحبت من العملية السياسية مؤقتاً على الاقل، لذلك هناك بعض المشاكل في بغداد وكذلك هناك مشاكل بين اربيل والسليمانية، ومن خلال الحوار يمكن اضعاف هذه المشاكل الداخلية، ويمكن الوصول الى الثقة المتبادلة، لا توجد هناك حلول فعالة وفورية او مثالية، والسياسة تبقى هي فن الممكن اخيراً، لكنها تتطلب مراحل مختلفة، أي ان المواقف تجاه القضية الكوردية في الماضي لا يمكن مقارنتها بالحاضر، حتى من قبل النخبة الحاكمة رغم كل نواقصها، وهذا يتطلب المزيد من النقاش والحوار، أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فكلما كانت مواقف الكورد ايجابية سينظر اليها المجتمع الدولي بايجابية ايضا، تعتبر اربيل الان من اهم العواصم وفي بعض الاحيان يتم مقارنتها بالدول الاخرى، وانها عاصمة اقليم وليس دولة، اربيل بحاجة الى بنية تحتية وصناعات، وكذلك الزراعة، الشوارع والمباني والفنادق وحدها لا تكفي، الدولة تتطلب بنية تحتية جيدة، واعتقد انه ستكون المرحلة التالية تنمية طويلة الامد ومستدامة في أربيل على جميع المستويات.[1]