من رحم ثورة روج آفا ولدت ثورة المرأة (4)
رونيدا حاجي
عندما يتدفق النهر، حتى لو كان هناك سد أمامه، فسوف يعبر النهر السد يوماً ما بإرادته القوية. في ثورة روج آفا، حطم المجتمع قيود العبودية وواصل حياته الاجتماعية تحت مظلة الأمة الديمقراطية وفق مبدأ تعايش الشعوب.
مع ثورة روج آفا تحطمت قيود العبودية
الحسكة في المجتمع الطبيعي، كان الناس يعيشون بروح تشاركية موحدة، والجميع يساعد بعضهم البعض. تغير كل شيء أثناء فترة السومريين، عندما تشكلت الطبقات وانقسم المجتمع. ومع تطور نظام الدولة القومية، ازداد انقسام المجتمع، واستُخدم لمصالح السلطات الحاكمة. لقد قبل ذلك النظام فكرة الأمة الواحدة وتم قمع القوميات الأخرى. هناك مجتمعات كثيرة تعيش في سوريا، لكن النظام السوري لم يقبل سوى اللغة العربية وفرضها على بقية القوميات. تم كسر قيود العبودية مع ثورة روج آفا. فمن يستطيع أن يقف أمام قوة وإرادة ذلك النهر؟ غيرت المجتمعات حياتها الاجتماعية خلال ثورة روج آفا مع تطوير مشروع الأمة الديمقراطية.
الحياة الحقيقية هي التنشئة الاجتماعية
أوضحت المدرسة في جامعة روج آفا أفين أحمد لوكالتنا أن الحياة الحقيقية كانت تعاش في المجتمع الطبيعي، والحياة كانت بعيدة عن الذهنية الأبوية كان المجتمع في البداية في خضم البحث عن الحياة، وكان هدفه مواصلة حياته بطريقة اجتماعية، لأنه من الطبيعة البشرية أن تتواصل اجتماعياً، ولهذا كان المجتمع بحاجة إلى التحول الاجتماعي. في المجتمع الطبيعي كان هناك حب وتواصل ومساواة وقيم الحياة. لم يروا أنفسهم كأفراد، بل رأوا المجتمع من حولهم وحتى أنهم رأوا الطبيعة كجزء من أنفسهم. هذا هو السبب في أن نوع التنشئة الاجتماعية الذي ظهر في البداية في تلك الحياة ساعدت البشرية على تحقيق العديد من المكتسبات من حيث البناء واللغة والزراعة على مدى آلاف السنين. أصبح هذا هو الأساس للأجيال القادمة للعيش بشكل مريح.
تستخدم السلطات المجتمع كأداة للربح
وأضافت إذا قمنا بتقييم الوضع الحالي للمجتمع، فسنرى أن التنشئة الاجتماعية قد ابتعدت عن شكلها، والسبب هو ظهور الذهنية السلطوية. خلقت هذه العقلية الأنانية عدم المساواة وتراكم الأموال وفائض المنتجات والاستغلال. الدولة القومية هي إحدى الركائز الأساسية للرأسمالية، وقد أصبح المجتمع تحت هذه المظلة أداة تستخدم لصالح السلطات. وإلى جانب ذللك يتم تدمير روح التنشئة الاجتماعية ويتم تعزيز الأنانية والفردية.
وأوضحت أنه يمكننا القول أن النظام القومي للدولة بدأ في أوروبا، تحت شعار حماية اللغة والأمة والثقافة، لكنهم للأسف لم يتصرفوا بهذه الطريقة، لأنك إذا أردت حماية لغتك وثقافتك وأمتك، من الضروري احترام لغة وثقافة الشعوب الأخرى، ليس فقط لفرض نفسك وهيمنتك على المجتمع. مثال على ذلك اللغة الأجنبية الإنجليزية، والتي أصبحت لغة عالمية. لماذا؟ لكي يعتبرها الجميع لغة مركزية وتتحكم في المجتمع. مشروع الدولة القومية منتشر في كل أنحاء العالم وللأسف سوريا أيضاً اتبعت ذلك النظام، على سبيل المثال شعار أمة عربية واحدة، والذي يعني أن هناك جنسية ولغة وثقافة واحدة وهي عربية. هذا النظام يقتل المكونات الأخرى. هذا النظام لا يقبل المكونات المحلية. هكذا الناس هنا، فإن تراكم هذا الوعي يساهم في تعزيز الكراهية، أو يتم رفض هذا النظام مما يتسبب بأكبر انفجار يطالب فيه المجتمع بإنشاء نظام جديد.
عندما تزداد الديمقراطية، تظل السلطة بلا معنى
ولفتت أفين أحمد الانتباه إلى بداية الحرب في سوريا وقالت هناك نقطتان مهمتان هنا، أحدهما الحرب في سوريا والآخر ثورة روج آفا. الحرب في سوريا المستمرة منذ سنوات لم تحدث أي تغيير لأن المطلب الوحيد كان تغيير الرئيس السوري وليس تغيير النظام. لكن في ثورة روج آفا عندما انتفض الشعب كان الهدف هو تغيير النظام القومي للدولة، لأن هذا النظام يضطهد الناس، أما النظام الديمقراطي فهو بناء المجتمع. لذلك يرى المجتمع نظام الأمة الديمقراطية كبديل. لأن هذا النظام يعتمد على تعدد وتنوع الألوان واللغات والثقافات، يمكن القول أنه يحتضن ويحمي جميع مكونات المنطقة. كل هذه المكتسبات هي مكتسبات المجتمع الماضي، لذلك فإن المجتمع يريد اليوم إحياء تلك المكتسبات. هناك العديد من الأمثلة، أحدها نجاح أهالي شمال وشرق سوريا في القضاء على قوة إرهابية مثل داعش. النقطة الأكثر أهمية في إنجازات الثورة هي الديمقراطية السائدة على أساس التعايش الحر، والتي انتشرت في العالم، لأن الدول العالمية التي تنادي بالحرية والديمقراطية لم تحقق هذا النجاح. لذلك فإن أنظار الجميع تتجه نحو ثورة روج آفا، يريدون أن يعرفوا ما هي الأمة الديمقراطية؟ يقول القائد عبد الله أوجلان أنه عندما تزداد الديمقراطية، تظل السلطة بلا معنى.
هناك حرب دولية ضد التنشئة الاجتماعية
ونوهت أفين أحمد إلى أن الأمة الديمقراطية تستند في أساسها على المجتمع إن أحد المبادئ الأساسية التي تبنى عليها الأمة الديمقراطية نفسها هي الحياة الاجتماعية، التحالف الاجتماعي. العالم مبني على المجتمع، والمجتمع يستمد وجوده من التنشئة الاجتماعية ونجاحه من التواصل والتبادل الاجتماعي. تبنى علاقاتهم على الديمقراطية، ولهذا السبب تنشأ الحرية. عندما يتم الاعتماد بشكل أساسي على المجتمع، يمكن القول بسهولة أنه سيكون هناك نجاح كبير، لكن عندما يعتبر المجتمع أداة، بغض النظر عن طول عمر النظام، سيكون هناك فشل. عندما يتم تأسيس التنشئة الاجتماعية، هناك حاجة إلى اتفاق اجتماعي حتى نتمكن من استعادة وإحياء حقوق المجتمع التي سرقت منه.
وأشارت إلى أنه عندما تنتشر الديمقراطية تنتفي السلطة، لذلك يتم شن حرب كبيرة لتدمير النظام الديمقراطي. الآن لماذا يهاجم الاحتلال التركي ويستهدف بشكل خاص الأماكن التي تكون فيها التنشئة الاجتماعية قوية؟ لماذا لا يهاجم الأماكن التي يوجد فيها داعش أو نظام الدولة؟ لأنهم يريدون أن يكون المجتمع تحت سيطرتهم. عندما يهاجم الاحتلال التركي، فهو يستخدم الأسلحة الثقيلة بدعم من الناتو، وكلها تهدف إلى تدمير النظام الديمقراطي للتنشئة الاجتماعية ومنع انتشاره. لأنه عندما يتم إزالة النظام الحالي، سيعود المجتمع إلى طبيعته، ويحب بعضه البعض، ويعيش معاً، ويتمتع بحقوقه. اليوم نحن نبني نظاماً خارج الدولة، طبعاً سيكون هناك نواقص وأخطاء ولكن دعونا لا ننسى أن هناك ثورة تقوم على حرية كل فرد، وأن هناك دول تحارب هذه الثورة.
العقد الاجتماعي هو ضمان لحقوق كل فرد في المجتمع
واختتمت أفين أحمد حديثها بالقول في هذه المرحلة الحساسة، فإن العقد الاجتماعي من أجل حماية قيم وهوية وثقافة كل القوميات في شمال وشرق سوريا. العقد الاجتماعي هو نجاح تاريخي حيث يشارك ممثلين عن كل قومية في لجنة الصياغة لتحديد مصير شعبها. بعد سنوات عديدة من الثورة والإنجازات، فإن العقد الاجتماعي يحمي حقوق كل فرد في المجتمع. مع هذا النظام، سيعرف كل فرد ما هو واجبه ويتصرف وفقاً لذلك. أحث الجميع على قراءة كتاب القائد عبد الله أوجلان، المرافعة الخامسة، لأنه تم فيها إجراء العديد من الدراسات حول نظام الدولة. عندما نقرأ أصول الأمة الديمقراطية، سنعرف أن هناك شيئاً جيداً بعد كل هذه المعاناة، سنحرر أنفسنا من نظام الدولة، وسنطور نظام التنشئة الاجتماعية، ثم سنتمكن من ردع الدول التي تريد أن تنتهك حقوقنا. وبهذه الطريقة سنتمكن من بناء مجتمع موحد مفعم بالحب والحرية، والقضاء على الدول المهيمنة.
[1]