من رحم ثورة روج آفا ولدت ثورة المرأة (5)
برجم جودي
تأسست بنية القانون والعدالة في شمال وشرق سوريا على أساس القانون الديمقراطي. يستخدم سكان شمال وشرق سوريا نظامهم القانوني القائم على الأخلاق والسياسة كبديل لقانون الدولة القومية.
عشر سنوات من ثورة روج آفا: هيكلية القانون والعدالة
كوباني نموذج الأمة الديمقراطية الذي يعتمد على أيديولوجية القائد عبد الله أوجلان، في جوهره يعيد لهم معنى الحقيقة التاريخية والوجود والثقافة. لذلك فإن تطبيق مشروع الأمة الديمقراطية يعني الحفاظ على الحقيقة التاريخية وإحيائها.
نموذج الأمة الديمقراطية المبني على تسع ركائز دخل حيز التنفيذ في يومنا الراهن، أي في القرن الحادي والعشرين، مع ثورة 19 تموز/يوليو 2012 في روج آفا. بدأت المكونات في روج آفا بشمال وشرق سوريا التي تعيش في بلاد ميزوبوتاميا مهد الإنسانية، ثورة الحرية والتغيير والتحول والإصلاح، وأصبحت على مدى 10 أعوام تنظم نفسها على أساس مبادئ الأمة الديمقراطية.
يعتبر الهيكل القانوني أحد أهم ركائز الأمة الديمقراطية التي خرجت عن سياقها في هذا العصر. في نظام الأمة الديمقراطية، يُعرف القانون كظاهرة أخلاقية وسياسية من إنتاج الشعب.
في واقع المجتمع الطبيعي، يتم حل المشاكل والصراعات التي تنشأ من خلال الأخلاق والسياسة. لكن مع تطور الحداثة الرأسمالية، يحاول نظام الدولة القومية حل المشكلات من خلال القانون وبالتالي شرعنة نظامها. تريد العقلية الرأسمالية تشويه حقيقة وصوت التاريخ والكون والطبيعة من خلال مفهوم القانون الذي انحرف من محتواه وواقع المجتمع ويخدم مصالحه. بدلاً من إدارة المجتمع بالمعايير الأخلاقية والسياسية، يستخدم النظام الرأسمالي القوانين وينكر الواقع الاجتماعي.
على مر التاريخ، تم إنكار وجود وحقيقة الكرد وكردستان. داخل أنظمة تركيا وإيران وسوريا، لم يكن هناك قانون مستقل للكرد. لذلك، وبقيادة الشعب الكردي اليوم في شمال وشرق سوريا، وخاصة في بنية القانون، فإنهم يستخدمون نظاماً للمساواة وعدالة تعتمد على المجتمع والسياسة والأخلاق تحت مظلة الأمة الديمقراطية. إنهم يحاولون بشكل قانوني الحصول على حقوق ومكانة الكيانات في شمال وشرق سوريا بحيث يمكن إنشاء إدارة إقليمية ومحلية في إطار الحداثة الديمقراطية.
حول أهمية ومعنى الهيكل القانوني ضمن نموذج الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية، كان لوكالتنا مع عضوة مجلس العدالة الاجتماعية في إقليم الفرات نصرا خليل الحوار التالي:
كحقوقية كيف تقيمين ثورة 19 تموز/يوليو؟
انطلقت شرارة ثورة 19 تموز في مدينة كوباني، ويمكن أن نسميها ثورة التغيير والتحول والتنمية. كانت ثورة شعبية استعد لها المجتمع. كان أهالي روج آفا ينتظرون مثل هذه الثورة، وكان مجتمعنا ينتظر ثورة الحرية بتوق كبير. لقد واجهنا الكثير من الصعوبات في اليوم الأول للثورة وحتى الآن من الناحية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والخدمية وغيرها. في ذلك الوقت، كانت سوريا بأكملها تمر بمرحلة صعبة، لكن تم إهمال روج آفا بشكل خاص من قبل النظام السوري الحاكم. شهدنا العديد من المراحل، في البداية انسحب النظام السوري من مناطقنا، ثم هاجمت جبهة النصرة مناطقنا، ثم هاجمت مرتزقة داعش، والآن هناك تهديد وهجوم واحتلال للدولة التركية. أظهر شعبنا ومقاتلونا مقاومة كبيرة ضد كل الهجمات التي وقعت خلال هذه السنوات العشر. أكد شعبنا أن لديهم ثورة ومشروع. في التاريخ هناك ثورات كانت للاستجابة لمطالب المجتمع، وثورتنا من الثورات القليلة التي نجحت. لذلك، ككرد أظهرنا للبشرية جمعاء أننا يمكن أن نقوم بالثورة.
كانت ثورتنا قائمة على فكرة ومشروع، يمكننا تحسين أنفسنا في جميع مجالات الحياة، من السياسة والتعليم والاقتصاد إلى الدفاع عن النفس بفضل هذا النموذج. كانت هذه الفكرة والمشروع هو مشروع الأمة الديمقراطية. في هذه السنوات العشر نظمنا أنفسنا على مبادئ وركائز الأمة الديمقراطية. تم إنشاء النظام التشاركي والمجالس الاجتماعية، التي هي أساس كل شيء. ومن ناحية التعليم، يتلقى كل مكون تعليمه بلغته الأم وثقافته. من ناحية أخرى، فإن أهم نقطة بالنسبة لنا هي حرية المرأة. كنساء حققنا العديد من الإنجازات في هذا المجال، فنحن الآن نشارك على مستوى الرئاسة المشتركة ولدينا مؤسسات مستقلة. تجلت أهمية وجود المرأة في الثورات والأنظمة في هذه الثورة.
كيف كانت بنية القانون في الماضي وما هي المراحل التي مرت بها منذ بداية الثورة؟
أنا حقوقية وعضوة مجلس العدالة الاجتماعية. يمكنني أن أتحدث عن الجانب القانوني لهذا النظام. إذا قمنا بإجراء مقارنة، فسنصل إلى مثل هذه النتيجة، كان نظام العدالة في منطقتنا صعباً للغاية. كانت هناك محكمة وقاض كانا ضعيفين للغاية. تم النظر في جميع القضايا من وجهة نظر واحدة وتم حلها بطريقة قانونية صارمة. لكن تطبيق العدالة والحقوق لم يتم بالطريقة التي كان يجب أن يتم بها. بعد ثورة 19 تموز، أنشأنا بديلاً لمحكمة النظام السوري، يعتمد على الأمة الديمقراطية، وهو قانون ديمقراطي. في البداية أنشأنا لجان مصالحة. في ذلك الوقت، لم يكن النظام القانوني والقضائي للمنطقة محدداً بشكل جيد، لذلك في عام 2015، تم إنشاء محكمة عدل صغيرة. فيما بعد تم تحديد لائحة مجلس العدالة الاجتماعية وبموجبها تم تدريب العاملين فيه في أكاديميات الأمة الديمقراطية وبدأوا عملهم بطريقة مهنية. بهذه الخطوة، تم إرساء أسس العدالة الاجتماعية في عام 2017. عام بعد عام تم ترسيخ نظام العدالة الاجتماعية.
إلى أي مستوى وصل نظام العدالة والحقوق في ظل نظام الأمة الديمقراطية؟
نحن في مجلس العدالة الاجتماعية نقوم بحل المشاكل والخلافات من خلال المصالحة قدر الإمكان. تظهر تقارير عملنا بين عامي 2017 2022، أنه تم تنفيذ عمل قانوني جيد. لم يتم ترسيخ الهيكل القانوني كما هو مطلوب في الأمة الديمقراطية. لكن تم خطو خطوة إيجابية، لذلك في السنوات العشر القادمة سنبني نظاماً قانونياً مناسباً في مجتمعنا. سنساعد بعضنا البعض كمؤسسات للعدالة والمجتمع حتى نتمكن من حل جميع المشاكل الحالية بالمساواة والعدالة والحقوق. نحن نفهم أهمية العدالة والقانون بهذه الطريقة، فالقانون لا يقل أهمية عن التعليم. إن المجتمع الذي يوجد فيه قانون ديمقراطي وسياسي سيكون مجتمعا حقيقياً وناجحاً. إذا طبقنا قانوناً حقيقياً وديمقراطياً، سنكون قادرين على تحقيق مشروع الأمة الديمقراطية وبناء مجتمع حر.
ما هو الهيكل التنظيمي لنظام العدالة والقانون، وما هو الفرق بين القانون الديمقراطي للأمة الديمقراطية والدولة القومية؟
كما قلنا، في البداية تم تشكيل لجنة الصلح، كما توجد لجنة مصالحة في دار المرأة. هناك أيضاً محكمة العدل الاجتماعي، التي لها لجان تحقيق ومحكمة عدل واستئناف وتنفيذ. هذه المؤسسات التي ذكرناها كلها تعمل تحت رعاية مجلس العدالة الاجتماعية. يوفر المجلس الطرق والوسائل الصحيحة لتحقيق العدالة لتلك المؤسسات. القضايا العائلية والمدنية وقضايا المرأة لا يمكن أن تحال إلى المجلس حتى يتم إحالتها إلى لجنة الصلح ودار المرأة ومحكمة العدل. هذه المؤسسات تتعامل مع القضايا ولديها إجراءات للمصالحة. وجميع القضايا التي تُحال إلى محكمة العدل مفتوحة أيضاً أمام لجان الصلح ودار المرأة. هناك بعض القضايا التي لا يمكن حلها بسبب اعتراض جهة واحدة، وهنا يقوم هذا الجانب بكتابة مذكرة شكوى ويذهب إلى مجلس العدالة ونحل القضية وفق أساليبنا. في نظام مجلس العدالة الاجتماعية، توجد أيضاً لجان إدارة لجنة الصلح، وإدارة النيابات في إقليم الفرات، ولجنة البحث والتحقيق القضائي. كما توجد لجنة تأهيل، ولكن هذه اللجنة موجودة على المستوى المركزي، والتي تدير أعمال تأهيل كادر مجلس العدل والأكاديميات.
ما يميز نظامنا هو أنه بدلاً من المحكمة والقاضي الوحيد الذي ينظر في القضايا ويتخذ القرارات من وجهة نظر واحدة، لدينا محكمة العدل ولجانها. لذلك، يتم اتخاذ القرارات بشكل جماعي من قبل أعضاء المحكمة، لذلك عندما يتم اتخاذ القرار من قبل قاض واحد، لا يتم قبول هذا القرار وتجتمع اللجنة مرة أخرى. هذا الموقف حدث معنا عدة مرات وقمنا بإلغاء القرار.
[1]