بمناسبة يوم الشهيد الفيلي: الشهيد في القرآن الكريم والروايات (ح 5)
الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهمالسلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن الشهادة: الشهادة في الأدعية: وردت مفردة الشهداء والدعاء بطلبها في أكثر من موضع من تراثنا الحديثي من قبيل: (اخْتِمْ لَنَا بِالسَّعَادَةِ والشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِك)، و (واجْعَلِ الْوَفَاةَ نَجَاةً لِي مِنْ كلِّ شَرٍّ واخْتِمْ لِي عَمَلِي بِالشَّهَادَة). وجاء في الدعاء (إِلَهِي وخَالِقِي ومَوْلاي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ واخْتِمْ لِي بِالشَّهَادَةِ والرَّحْمَة). والدعاء (ولَيلَةَ الْقَدْرِ وحَجَّ بَيتِكَ الْحَرَامِ وقَتْلا فِي سَبِيلِكَ مَعَ وَلِيكَ فَوَفِّقْ لَنَا” و”وأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ وَفَاتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ مَعَ أَوْليائِكَ تَحْتَ رَايةِ نَبِيك). بل الدعاء بكون الشهادة على يد شرار خلق الله (فَإِذَا كانَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ الْمَوْتُ فَاجْعَلْ مَنِيّتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ بِيدِ شِرَارِ خَلْقِكَ مَعَ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيكَ مِنَ الْأُمَنَاءِ الْمَرْزُوقِينَ عِنْدَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين)، و (ارْزُقْنِي أَشْرَفَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِكَ أَنْصُرُكَ وأَنْصُرُ رَسُولَكَ أَشْتَرِي الْحَياةَ الْبَاقِيةَ بِالدُّنْيا). روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم إدراج الشهداء في عداد الشفعاء يوم القيامة حيث قال: (ثلاثة يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفعهم: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء). سقوط التغسيل والتكفين: ذكر الفقهاء جملة من الأحكام الفقهية الخاصة بالشهداء فقد جاء في كتاب الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: والشهيد وهو المسلم ومن بحكمه الميت في معركة قتال أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام أو نائبهما الخاص: وهو في حزبهما بسببه، أو قتل في جهاد مأمور به حال الغيبة كما لو دهم على المسلمين من يخاف منه على بيضة الإسلام، فاضطروا إلى جهادهم بدون الإمام أو نائبه، لا يُغسّل ولا يُكفّن بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه ودمائه، ومن خرج عما ذكرناه يجب تغسيله وتكفينه وإن أطلق عليه اسم الشهيد في بعض الأخبار، كالمطعون والمبطون والغريق، والمهدوم عليه والنفساء والمقتول دون ماله وأهله من قطاع الطريق وغيرهم. دخول الجنة بلا حساب: ومن كرامات ومميزات الشهيد التي جعلها الله له دخوله الجنة بلا حساب؛ نعم، ورد في بعض الروايات استثناء حقوق الناس يعني أنّ الشهيد يُسأل عن حقوق الناس شأنه شأن سائر الموتى.
تكملة للحلقة السابقة جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن الشهيد في الإسلام: دم الشهيد: الشهيد يقف بوجه العدو، فإمّا أن يصرعه وإما أن يُصرع، لكن عمل الشهيد لا ينحصر في هذا الموقف فلو كان عمله منحصراً بهذا لذهب دمه هدراً حينما يخرّ صريعاً في ساحة المعركة. وهذا ما لا يحدث، فدم الشهيد لا يذهب هدراً. دم الشهيد لا يراق على الأرض. كلّ قطرة من دم الشهيد تتحوّل إلى آلاف القطرات. بل إلى بحر من الدماء يدخل جسد المجتمع. ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دم في سبيل الله). الشهادة تزريق لجسد الأمّة بدم جديد. والشهداء يضخُّون في شرايين المجتمع، والمجتمع الذي يعاني فقر الدم خاصّة، دماً جديداً. الشهيد يسجّل بدمه ملحمة يحيي بها روح الحماسة في مجتمع ماتت فيه روح الحماسة والحماسة الإلهية خاصّة. ولهذا فالإسلام بحاجة إلى شهيد. لأنّه بحاجة مستمرة إلى حماسة متجددة، وإلى ولادة متجددة. خلود الشهيد: العالم يخدم المجتمع بعلمه، وعن طريق قناة العلم يخرج هذا العالم من فرديته ليرتبط بالمجتمع. أي، عن طريق العلم تتّحد شخصيته الفردية بشخصية المجتمع كما تتَّحد القطرة بالبحر. بهذا الاتحاد، يخلّد العالم جزءاً من شخصيته، أي يخلّده فكره وعمله. والمخترع يتّحد بالمجتمع عن طريق اختراعه، ويخلّد وجوده عن طريق ما يقدمه للمجتمع من مخترعات، وهكذا الفنان والشاعر ومعلّم الأخلاق. والشهيد يخلّد نفسه في المجتمع عن طريق دمه، أي عن طريق الدم الجديد الخالد الذي يهبه شرايين المجتمع، وبعبارة أخرى يكتسب الشهيد صفة الخلود عن طريق تقديم كلّ وجوده وحياته، لا عن طريق تقديم جزء من وجوده وشخصيته، كما يفعل غيره من الخالدين. ولهذا فالنبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (فوق كلّ ذي برٍّ برّ حتّى يُقتل الرَّجل في سبيل الله، وإذا قتل في سبيل الله، فليس فوقه برّ). شفاعة الشهيد: ورد في الأثر أنّ الله يقبل الشفاعة يوم القيامة من ثلاث طبقات: طبقة الأنبياء وطبقة العلماء ثم الشهداء. وهنا ينبغي أنْ نوضح أنّ الشفاعة هذه هي شفاعة الهداية. إنّها تجسيد لما حدث في الدنيا من حقائق. فعن طريق الأنبياء اهتدى الناس ونجوا من الظلمات. والعلماء في هذا الحديث هم العلماء الربانيون بما فيهم الأئمّة الأطهار عليهم السلام والرهط الصالح من أتباعهم ومن حذا حذوهم، وهؤلاء أيضاً ساروا على طريق الأنبياء وأخرجوا الناس من الظلمات إلى النور. والشهداء ينهضون بالدور نفسه، يضيئون الدرب أمام الناس، فيهتدي من يريد الهداية، وبذلك يكون الشهداء شفعاء لمن اهتدى بهم.
يقول الدكتور زهير عبد الملك عن الكرد الفيلية في مقالة له نشرت في مواقع الأنترنيت على صفحة العراق للجميع: (شريحة من أقدم سكان الجزء الجنوبي الشرقي من بلاد ما بين النهرين،وهم السكان الأصليون للمدن و القرى والقصبات الممتدة إلى الشرق من مجرى نهر دجلة، من خانقين شمالا إلى الكوت والعمارة ثم البصرة جنوبا، فضلا عن مدينة بغداد. ويذكر الباحث العراقي عباس العزاوي عن تاريخ مدينة العمارة العراقية: (أن هذه المدينة تكونت عام 1860 ميلادية، 1278 هجرية، وكانت تسكنها عشيرة دوزاوه من اللور الفيلية، وجملة عشائر بدوية). ويلاحظ أن هذه المناطق أصبحت بحكم ترسيم الحدود الدولية ما بين العثمانيين والفرس في مطلع القرن الماضي جزءا من الإمبراطورية العثمانية أي ضمن الأراضي التي أنشئت عليها الدولة العراقية الحديثة المملكة العراقية في العشرينات. وعاش الفيليون في وسط البلاد وجنوبها، و اندمجوا على نحو متكامل اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا بالمجتمعات العربية، دون أن يفقدوا حسهم بالانتماء القومي إلى الأمة الكردية، كما حافظوا على تقاليدهم المذهبية الجعفرية ولهجتهم الكردية الفيلية، شأنهم في ذلك شأن العديد من الأقليات القومية والدينية الصغيرة التي تكون منها المجتمع العراقي تاريخيا).
[1]