متى تصحوا من غفوتكم القومية يا كورد الفيلية؟!
محمد مندلاوي
الكورد الفيلية أو الكورد الشيعة كما يسمى عند العرب وغيرهم، إنهم شريحة من شرائح الأمة الكوردية العريقة، كالسوران، والبهدينان، والزازا، والگوران الخ. إن منطقتها الجغرافية في جنوب كوردستان (العراق) تمتد من أطراف مدينة كركوك السليبة عربياً إلى ما بعد محافظتي الكوت والعمارة. وفي شرقي كوردستان (إيران) تبدأ مدنها وقراها ومضارب قبائلها من كرماشان (كرمنشاه) إلى سواحل بحر الخليج الفارسي. لكن، موضعنا لهذا اليوم يقتصر على الكورد الفيلية أو الكورد الشيعة في بغداد وفي مدنهم في جنوب كوردستان. للعلم، أن مدن الكورد الفيلية في جنوب كوردستان لا زالت ترزح تحت نير الاحتلال العراقي، وهي كالتالي: بدرة، وجصان، وزرباطية، ومندلي، وورازرو، وخانقين، وشهربان، وخسروآباد، وجلولاء الخ. إن هذه الشريحة الفيلية، كما الشرائح الكوردية الأخرى، تعرضت للاضطهاد والتنكيل والقتل والتهجير على أيدي الأنظمة العراقية العنصرية المتعاقبة بدءاً من عام 1921 بعد تأسيس السلطة المملوكية التي أنشأها البريطانيون (الكفار) في بناية القشلة بعد أن استوردوا لها مملوكاً قميئاً باسم فيصل بن الحسين من الحجاز وحتى يومنا هذا، حيث القرار العراقي أصبح بعد عام 2003 بفضل أمريكا (العم سام) قراراً شيعيا يخرج من مطبخ السياسة في مدينة النجف، وتحديداً من دار المرجع الأعلى؟؟.
عزيزي المتابع، اليوم لا نتحدث عن المآسي والويلات التي حلت بهذه الشريحة الكوردية من تهجير وقتل واستيلاء على ممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة عنوة من قبل السلطة العراقية الحاكمة الخ. اليوم، نتحدث فقط عن ربط هذه الشريحة كما بقية الشرائح الكوردية في جنوب كوردستان بالكيان العراقي المصطنع، وذلك بفوهات البنادق من قبل الجيش البريطاني (الكافر)، الذي قادت دولته -بريطانيا- مؤامرة خبيثة في عصبة الأمم ضد كوردستان وشعبها، التي ألحقت بموجب تلك المؤامرة الدنيئة عام 1925- 1926 جنوب كوردستان بما فيها مناطق الكورد الفيلية المذكورة أعلاه بالكيان العراقي الذي استحدث بعصا الساحر البريطاني من لا شيء، وذلك خدمة لمصالحه. لو نعود قليلاً إلى الوراء، نجد أن شريحة الكورد الفيلية استشيعوا بحد السيف الصفوي 1501-1736م، كما أن الكورد السنة دخلوا الإسلام قبل الورد الشيعة تحت حد السيف العربي. إلا أن الاثنين،أعني هنا الصفيون والعرب وبعدهم العثمانيون الأتراك القادمون من آسيا الوسطى كانت لهم أجندات سياسية، لكنها متوشحة بوشاح الإسلام الشيعي والسني، ولا زال خلفائهم في بغداد وطهران وأنقرة سائرون على ذات النهج السياسي المتوشح كما أسلفت بوشاح الدين.
مما لا يخفى على أحد، أن البريطانيين، بعد إنشاء الكيان العراقي، سلموا السلطة فيه إلى العرب السنة، لأن الشيعة لديهم حديث صادر من إمامهم السادس ( جعفر بن محمد الصادق) الذي سمي المذهب باسمه (جعفري)، يقول فيه: كل راية ترفع قبل قيام القائم عليه السلام فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل. إن هذا الحديث، حرم على الشيعة تأسيس دول في غياب الإمام المهدي المنتظر. لكن الجماعة، كأداة تنفيذية للمراجع الدينية في النجف وكربلاء وبأمر مباشر منهم، وخدمة لإيران الشيعية، التي تعتبر قبلتهم الحقيقية انتفضوا ضد البريطانيين (الكفار) ما سمي حينها بثورة ال20، لكن، بعد أن حصلت إيران من البريطانيين على خوزستان التي كانت خاضعة حينها للدولة العثمانية التي هزمت في الحرب العالمية الأولى واستولت كل من بريطانيا وفرنسا على ممتلكاتها في المنطقة خمدت (الثورة) تلقائياً وعاد الثائرون الشيعة إلى ديارهم وأماكن أعمالهم، ولم يتعرض البريطانيون لهم بسوء، لأنهم – البريطانيون- ساوموا مع إيران، حيث أعطوها خوزستان مقابل إنهاء الانتفاضة ضدهم في جنوب العراق؟؟؟. طبعاً وكما هو معروف أن السنة العرب لم يشتركوا بما سمي بثورة العشرين، لأنهم عرفوا حقيقة اللعبة، أضف، أنهم كانوا على اتفاق مع البريطانيين لاستلام السلطة في الكيان المستحدث الذي سمي العراق، وهذا الذي صار فيما بعد حيث القرار السياسي في الكيان العراقي أصبح قراراً عربياً سنياً من عام 1921 إلى عام 2003 حيث صار بعده القرار شيعياً، وذلك بفضل العم سام. وقومياً صار القرار السياسي العراقي خاضعاً للشيعة الناطقون بالعربية، أو ما يسمون بالعرب المستعربة.
بما أن القرار العراقي بعد عام 1921 أصبح عربياً وذات نزعة عنصرية، فعليه، عندما أصدر الكيان العراقي دستوره الدائم عام 1925 وشرع المشرع بنوده وفقراته بصيغة شيطانية حتى تتماشى مع توجهاته اليعربية وضد المكونين الآخرين الشيعي والكوردي، الذين وفق تصورات العرب السنة، الذين أسند إليهم البريطانيون حكم العراق في احتفال القشلة عام 1921؟ أن انتمائهما السياسي لخارج حدود الكيان العراقي المستحدث؟؟ وهذا إلى حد ما صحيح، حيث أن الأول يفضل إيران على العراق، حتى أن شاعرهم (محمد مهدي الجواهري) قبح في إحدى قصائده العراق ومدح طبيعة إيران الخلابة:
لي في العراق عصابة لولاهم ما كان محبوباً إليّ عراق لا دجلة لولاهم، وهي التي عذبت، تروق، ولا الفرات يُذاق هي فارس وهواؤها روح الصبا وسماؤها الأغصان والأوراق
وفي هذه الأيام قال السيد واثق البطاط: إذا قاتلت إيران العراق سأقاتل مع إيران ضد العراق. أما القومي العربي عاد تكليف آل فرعون ابن جنوب العراق قال في لقاء تلفزيوني مع الدكتور حميد عبد الله: إن بلدي مصر وليس العراق!! وقال أيضاً: كنت أزود السفارة المصرية بتقارير عن كل شيء عن العراق!!. عزيزي القارئ، هذا هو العقدي الشيعي والقومي العربي كلاهما انتمائهما لخارج الكيان العراقي؟؟!!. أما المكون الثاني الكوردي، هو الآخر انتمائه لخارج العراق، لكن ليس لدولة ما بل لوطنه الأم كوردستان، الذي من البحر إلى البحر، وليس للكيان العراقي المصطنع، الذي ألحق به جنوب الوطن الكوردي كوردستان من قبل الجيش البريطاني (الكافر) قسراً في الربع الأول من قرن العشرين.
عزيزي القارئ، فيما يخص الشعب الكوردي، حسب القانون الدولي، يجب على البلد الذي احتل بلد آخراً، أو ألحق به رغماً عن إرادة شعبه،كحال جنوب كوردستان الذي ألحق بالكيان العراقي المستحدث، أن يصون العراق الحقوق المدنية (Rights for Civil) للمواطنين الكورد بكافة شرائحهم. لكن العراق كما قلنا في سياق المقال لم يصن حقوق الكورد المدنية وتحديداً الكورد الفيلية أو الكورد الشيعة، لقد أشر في جناسيهم العراقية ظلماً بإشارة عنصرية تدل على إنهم من أصول إيرانية أو غير عراقية، وأي خلاف يحدث بين العراق وإيران سرعان تتوجه السلطات العراقية القمعية إلى مجاميع من أبناء هذه الشريحة الكوردية وتستولي على ممتلكاتهم وتبعدهم إلى إيران. لقد قام الكيان العراقي مرات عديدة بمثل هذه الجريمة النكراء ضد هذه الشريحة الكوردية بدءاً من العهد الملكي المباد ومروراً بالعهد الجمهوري بكل توجهاته الفكرية والعقدية، على سبيل المثال وليس الحصر، جرى تهجير الكورد الفيلية من العراق في زمن عبد السلام محمد عارف، وفي عام 1970 زمن حكم أحمد حسن البكر، وهكذا في عام 1980في زمن صدام حسين، والآن ينتظرون متى تنزل بهم غضب السلطة الشيعية، لأنها تمارس ذات السياسة العنصرية المقيتة تجاههم، التي تؤشر في جناسي أبناء هذه الشريحة رموزاً كتابية أو لون حبر تعني بأنهم عناصر أجنبية؟؟!! مع أن هؤلاء ككورد “پیلي- فيلي” ذكروا قبل آلاف السنين في ألواح سومر، و ذكرتهم المصادر الإسلامية العربية في مدنهم ومنها مدينتي مندلي، التي جاء ذكرها كمدينة كوردية في كتاب م(حمد بن جرير الطبري) المسمى ب(تارخ الرسل والملوك) المعروف ب(تاريخ الطبري) أيضاً يقول في ج6 ص 389: لقد قام الخليفة العباسي المعتز بالله عام 251 ﮪ بتوجيه جيشه نحو بندنيجين – مندلي- بقيادة قائد تركي يدعى أبلج، لغرض تأديب حاكمها الحسن بن علي، فقصدوا داره وانتهبوها وأغاروا على قريته، ثم توجهوا إلى قرية قريبة منها، فأكلوا وشربوا، فلما اطمأنوا، استصرخ عليهم الحسن بن علي أكراداً، وقوماً من قرى حوله فأوقع بهم، وقتل وأسر وهرب من بقي منهم الخ. وفي مصدر آخر إلا وهو (الكامل في التاريخ) ل(ابن الأثير) ج5 ص 317 يقول: وفي عام 395 ﮪ إبان حكم آل بويه (البويهيون) بعثوا جيشاً نحو بندنيجين (مندلي) بأمرة قائد من الديلم وقد ردوا على أعقابهم بعد أن اصطد لهم الأكراد المدافعين عن المدينة – مندلي-. كان هذان مصدران إسلاميان ذكرا الكورد في مدينة مندلي قبل أكثر من 1000 عام. السؤال هنا، هل يوجد لدى من يؤشر في وثائق الكورد الفيلية وثيقة تاريخية تذكر وجوده أعني وجود بني قومه في مندلي وغيرها من مدن الكورد الفيلية عمرها 1000 عام؟؟.
خلاصة القول:أتوجه بكلمتي هذه إلى عامة الفيلية وخاصتهم، أن لا عذر لهم بعد اليوم بأنهم لا يعرفون ماذا يعني المؤشر الأمني الذي وصم به جنسيتهم من قبل الذين يعتنقون ذات المذهب الجعفري الذي يعتنقه الكورد الفيلية؟! أليس هذا دليلاً على ما قلناه أعلاه؟، بأن الأشياع والسنة، الروافض والبكرية كما يسميان بعضيهما بأن لهم أجندات سياسية متستر بمظلة الدين؟؟. وفيما يتعلق بهذا المؤشر العنصري، لقد شاهدت على شاشات التلفزة محاكمة رؤوس النظام البعثي المباد، ومنهم سبعاوي إبراهيم الحسن الأخ غير الشقيق لصدام حسين، قال سبعاوي إبان محاكمته عن تهجير الكورد الفيلية وقتل شبابهم في معتقلات البعث بدم بارد: إن هؤلاء الكورد الفيلية يوجد مؤشر على جنسيتهم يعني إنهم اكتسبوا الجنسية العراقية، ليسوا بعراقيين ومن حق الدولة أن تسحبها منهم متى شاءت. انتهى كلام سبعاوي. أليس الآن السلطة الشيعية تستخدم ذات النهج العنصري ضد هذه الشريحة الكوردية؟؟ وهذا يدل على أن لا فرق في هذه القضية بين حزب البعث وحزب الدعوة، لا فرق بين أنس وعبد الزهرة، لا فرق بين الأحزاب غير الكوردية في تعاملها مع الكورد، أن جميع تلك الأحزاب والمنظمات غير الكوردية تحمل فكراً عنصرياً واحداً ضد عموم الكورد، فعليه يجب أن يعرف الكورد الفيلية لا سند ولا ظهر لأي كوردي أن كان فرداً واحداً أو شريحة أو قبيلة ما سوى شعبه الكوردي ووطنه كوردستان، ومن يخرج من حضيرة العائلة الكوردية ويرتمي تحت أية ذريعة كانت بأحضان الغريب بلا أدنى شك أنه خائن للشعب الكوردي ولوطنه كوردستان.
عزيزي المتابع، اليوم وفي هذه الانعطافة الخطيرة التي تمر بها المنطقة تقع على عاتق النخبة الفيلية في بغداد وفي بقية مدنهم السليبة من قبل العرب مسؤولية قومية ووطنية كبيرة وهي بأن يكون لها خطاباً قومياً ووطنياً كوردياً وكوردستانياً واضح المعالم، لأن الآخر الذي هو السلطة العراقية المتمثلة بالأحزاب الشيعية مع سندها العقدي -المراجع- في كل من نجف وكربلاء؟ لا تعد الكوردي الفيلي عراقياً، كل الذي تريده منه هو صوته في الانتخابات القادمة ليس إلا. لذا نقول لكم يا كورد الفيلية بصوت عالي أصحوا من غفوتكم السياسية والقومية، لقد سبق وقلنا لكم أن هؤلاء سنة وشيعة استناداً على النصوص… التي لديها لا تستطيع الخروج عليها قط، لأنها نصوصاً عقدية مقدسة وهي لا تعد عموم الكورد ومنهم الكورد الفيلية ضمن الحضيرة البشرية؟؟. أكرر، يجب على النخبة الفيلية أن تقوم بدورها التاريخي داخل شريحتها كي تنقذها من حافت الهاوية التي توشك أن تسقط فيها.
[1]