سلسلة دراسات من ذاكرة التاريخ ( الحلقة الثالثة ) أصل الكرد في التراث الإسلامي (3) – (التنافس العربي على الكرد)
د. أحمد الخليل
كيف نقرأ التاريخ؟
كتابة التاريخ شيء، وقراءة التاريخ شيء آخر.
ويكاد يكون من المحال أن توجد كتابة تاريخية بلا نوايا، بغضّ النظر عن طبيعة تلك النوايا من حيث كونها إيجابية أم سلبية، وثمة قطبان اثنان كانا – وسيظلان – مؤثرين في الكتابات التاريخية، إنهما: الثقافة، والسياسة.
ولقراءة التاريخ قراءة صائبة ودقيقة تجب الإجابة عن أربعة أسئلة:
1 – من هو المؤرخ الذي سرد المعلومة التاريخية؟
2 – من أين استقى ذلك المؤرخ المعلومة التي سردها؟
3 – ما هو المناخ الثقافي والسياسي الذي كان يحيط بالمؤرخ؟
4 – ما هي الذهنية التي صدر عنها المؤرخ في سرد المعلومات؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة أمر مهم للتعامل مع كتابات المؤرخين بشكل عام، ولوضعها في سياقاتها الثقافية والسياسية الصحيحة، وهو- حسبما أرى- أكثر أهمية في التعامل مع كتابات المؤرخين المسلمين بشكل خاص، لأن كتاباتهم في عهد التأسيس (القرن الأول والثاني والثالث الهجري) كانت تقع، بهذا القدر أو ذاك، تحت تأثير الأمور الآتية:
1 – استقاء المعلومات من مصادر مجهولة تماماً في كثير من الأحيان، والاكتفاء بعبارات غامضة مثل ( قيل، قال بعضهم، رأى بعضهم، زعم، زعموا، … ).
2 – إسناد المعلومة، بعض الأحيان، وعبر سلسلة من العنعنات، إلى راوٍ، من غير أن يذكر ذلك الراوي أية مصادر استقى منها المعلومة (كتاب، شاهد على الحدث، آثار، … )، والإيهام بأن ذلك الراوي ثقة، ولا مجال للشك في أقواله.
3 – الوقوع في أسر الخرافات والأساطير، وعدم الاحتكام، في نقل المعلومة، إلى منطق العقل ومقتضيات الواقع، ولاسيما في المعلومات المتعلقة ببدايات نشأة الشعوب وتفرعها.
4 – ضعف الحس العلمي النقدي، والشغف برواية ما هو مثير من الغرائب والعجائب.
5 – الوقوع تحت تأثير الروايات التي تُرجمت من الكتب الفارسية والسريانية والعبرانية، وعدم تمحيصها تمحيصاً علمياً كافياً.
6 – الافتقار- بعض الأحيان- إلى القدر الكافي من النزاهة العلمية، والانسياق مع التوجهات الدينية والتيارات المذهبية، ومداهنة الوضع السياسي القائم.
7 – الوقوع تحت تأثير شهوة (تنفيخ المعلومة)، وتنفيخ المعلومة يعني في النهاية (تنفيخ الكتاب)، فيصبح ضخماً، بل يصبح مجلدات ضخمة، ولا يخفى شغف الذهنية الشرقية التقليدية بالجانب الكمي على حساب الجانب الكيفي (النوعي)، والمؤسف أن هذه الذهنية ما زالت تفعل فعلها على الصعيد الثقافي.
العرب والتاريخ قبل الإسلام
وما دمنا بصدد أصل الكرد في التراث الإسلامي، فلنقم بجولة سريعة في ربوع نشأة (علم التاريخ) عند العرب في الإسلام، فالمعروف أن الأمية كانت هي الغالبة على العرب قبل الإسلام، ولم يكن المجتمع العربي القبلي يحظى بمؤسسات علمية تساعد على الدرس والبحث والتأليف والنشر، وأقصى ما رواه مؤرخو الأدب في هذا المجال أن النخبة العربية اختارت بعض القصائد العربية المتميّزة في العصر الجاهلي (عصر ما قبل الإسلام)، لبعض كبار الشعراء، فكتبتها وعلّقتها على جدار الكعبة، أو وضعتها في خزانة الكعبة، فسمّيت تلك القصائد باسم (المعلَّقات)، وما زال هذا الاسم قائماً، وما عدا ذلك لم نجد في مصادر التراث العربي أنه كان ثمة كتب ومراجع تاريخية كانت النخبة العربية تتوارثها قبل الإسلام.
ومن باب الحذر نستثني أولئك العرب المعروفين بلقب (الحنفاء)، ومنهم الشاعر الثقفي أُميّة بن أبي الصَّلْت، والمتنور المكي زيد بن عمرو بن نُفَيْل، وهو ابن عم عمر بن الخطاب ( ابن هشام: السيرة النبوية، ج 2، ص 53، 73. ابن حبيب: المحبَّر، ص 171. المسعودي: مروج الذهب، ج 1، ص 70 – 71)، ونستثني أيضاً أولئك العرب الذين تنصّروا أو تمجّسوا (اعتنقوا الزردشتية) أو تهوّدوا، فقد كان هؤلاء يطّلعون على كتب العقائد التي اعتنقوها، ونذكر منهم على سبيل المثال المتنوّر المكي المتنصر وَرَقة بن نَوْفل ابن عم السيدة خديجة زوجة الرسول (ابن هشام: السيرة النبوية، ج 2، ص53 . والمسعودي: مروج الذهب، ج 1، ص 74، 73)، والمتنوّر المكي الآخر النَّضْر بن الحارث بن كَلَدة الذي كان متأثراً بالثقافة الزردشتية، ومطلعاً على بعض أخبار التاريخ الفارسي، فكان يعارض الرسول، ويروي لقريش أخبار أسفنديار وغيره من ملوك الفرس، وقد أمر الرسول بقتله يوم فتح مكة عقاباً له (ابن حبيب: المحبّر، ص 161، والمسعودي: مروج الذهب، ج 1، ص 250 – 251).
على أن من المفيد الأخذ في الحسبان أن عدد هؤلاء المتنورين كان قليلاً جداً، بالقياس إلى سائر العرب، وكانوا يقيمون- على الغالب- في المراكز الرئيسة الواقعة على الخط التجاري الدولي المعروف باسم (طريق البخور)، وأبرز تلك المراكز هي يَثرب ومكة والطائف، وهي تقع جميعها في المنطقة الجغرافية المعروفة باسم (الحجاز) في غربي شبه الجزيرة العربية، ثم إن هؤلاء المتنورين كانوا شبه معزولين وشبه منبوذين من غالبية المجتمع العربي ذي الثقافة الوثنية، ولم يكن لهم تأثير يُذكر في رسم ملامح الثقافة العربية.
ويمكن الترجيح بأن العرب عبروا من العصر الجاهلي إلى العصر الإسلامي، وهم لا يملكون مدوّنات تاريخية، كتلك التي كانت عند الفرس والرومان واليونان والمصريين والهنود، ولم يكن في التراث الثقافي العربي حينذاك علم يصحّ أن يُطلق عليه اسم (علم التاريخ). حسناً، وهل معنى ذلك أن العرب كانوا شعباً بلا تاريخ؟ لا بكل تأكيد، إذ من المحال أن تكون الشعوب بلا ذاكرة، ومن المحال من ثَمّ أن تكون بلا تاريخ، لكن تاريخ كل شعب يتشكل وينتظم وفق أوضاعه البيئية والمجتمعية والسياسية والاقتصادية، وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى المجتمع العربي، وعلى ضوء ذلك ينبغي البحث في (التاريخ) عند العرب.
إن العرب قبل الإسلام، ومع ظهور الإسلام في أوائل القرن السابع الميلادي، وبحسب ما ورد في المصادر العربية الإسلامية، كانوا يتألفون بشكل عام من فرعين رئيسين هما:
1. عرب الجنوب (اليمن) المنتمون إلى الجد الأكبر قَحْطان، وتطلق عليهم المصادر العربية الإسلامية اسم (العرب العاربة)؛ أي العرب الأصلاء، وكان هؤلاء أصحاب ممالك ودول تعود بداياتها إلى حوالي ألف عام قبل الميلاد، من أبرزها دولة مَعِين، ثم دولة سَبأ، ثم دولة حِمْيَر، وكانت تلك الدول تمتلك المراكز التجارية الواقعة في الطرف الجنوبي من طريق البخور، لكنها انتهت إلى الضعف والزوال، وقد حدث انهيار سد مَأْرب سنة (120 ق.م) (أحمد عادل كمال: الطريق إلى المدائن، ص 41)، أو سنة (542 م) (سبتينو موسكاتي: الحضارات السامية القديمة، ص 19. وفيليب حتي: تاريخ العرب، ص 99 )، وكان انهياره كالقشة التي قصمت ظهر البعير كما يقول المثل العربي، ووقعت اليمن في قبضة الاحتلال الحبشي حلفاء الروم سنة (525 م)، وانتهى الاحتلال الحبشي سنة (575 م) (سبتينو موسكاتي: الحضارات السامية القديمة، ص 193)، وحل محله النفوذ الفارسي الساساني، وكان من المتوقع أن يكون في تلك البلاد مصادر تاريخية، لكن الغريب أن الأمر لم يكن كذلك، ولم يبق من شاهد على تلك الدول والممالك سوى مصدرين هما: الآثار القائمة، والروايات الشفهية.
2. عرب الشمال المنتمون إلى الجد الأكبر عَدنان، وتطلق عليهم المصادر العربية الإسلامية اسم (العرب المستعربة)، وتنسبهم إلى النبي إسماعيل ابن النبي إبراهيم، ومعروف أن عرب الشمال لم تكن تجمعهم دولة، وإنما كان النظام القبلي هو السائد بينهم، وبعبارة أخرى: كان كل فرد يحمل جنسية قبيلته، وكان لكل قبيلة حِماها (وطنها) وشعراؤها وخطباؤها (إعلاميوها) ونسّابوها ورواة أخبار حروبها (مؤرخوها).
وخلاصة القول أنه كان للعرب قبل الإسلام معلومات تاريخية، لكنها كانت مبثوثة في قصائد الشعراء وخطب الخطباء، وكان النسابون ورواة أخبار الأيام هم العارفون بها، وكانت تلك المعلومات تنتقل من جيل إلى آخر عبر الروايات الشفوية، ولذلك كانت عرضة للضياع، وللتحريف والتشويه، وللحذف والإضافة.
العرب والتاريخ في الإسلام
قد يُظن أنني رحلت بعيداً عن موضوعنا الأساسي، وهو أصل الكرد في المصادر الإسلامية، والحقيقة أنني ما زلت في صلب الموضوع، فما جاء حول أصل الكرد في تلك المصادر يعود بلا ريب إلى مصادر أقدم، بلى، هذا هو المفترض، وإلا فمن المنطقي والموضوعي أن نحكم عليها بأنها مختلقة ومدسوسة، وقد ذكرت سابقاً بأنني لم أجد في التراث العربي قبل الإسلام (الشعر، الخطب، أخبار الحروب) ذكراً للكرد، وذكرت بأنني لست ضيفاً طارئاً على ذلك التراث، إنه مجال تخصصي الأكاديمي، دراسة وبحثاً وتأليفاً، وهكذا لم يبق أمامنا سوى أمر واحد؛ وهو الاعتقاد بأن ما جاء حول الكرد في مصادر التراث العربي إنما وُجد بعد ظهور الإسلام، وهذا ما يجب أن نتناوله بالتحقيق والتمحيص، وفي سبيلنا إلى ذلك دعونا نتذكر الحقائق الآتية:
1. ظهر الإسلام بين عرب الشمال، وكان رسول الإسلام قرشياً من عرب الشمال، وجاء القرآن (كتاب الإسلام) بلهجة قريش، وهي القبيلة الأرفع مكانة بين عرب الشمال.
2. إن القبائل ذات الأصول الجنوبية (القحطانية) التي رحلت إلى الشمال نتيجة خراب سد مأرب، ولأسباب أخرى، كانت قد اكتسبت ثقافة عرب الشمال، ونذكر منها- على سبيل المثال- قبيلة طيّئ، فهي إحدى فروع قبيلة مَذْحِج القحطانية الكبرى، ونذكر قبيلتي (الأَوْس والخَزْرَج) في يَثْرِب- سمّيت (المدينة) في الإسلام- فهما تنتسبان إلى قبيلة الأَزْد القحطانية الكبرى، وكذلك المَناذرة أصحاب الحِيرة في جنوب غربي العراق، والغَساسنة في جنوبي بلاد الشام.
3. لم يُلغ الإسلام النظام القبلي، وبتعبير آخر: لم يُلغ الجنسية القبلية، وإنما أوجد إلى جانبها جنسية أوسع وأشمل هي الجنسية الإسلامية، وهذا يعني أن كل قبيلة احتفظت بتراثها الشفوي، أي بتاريخها الخاص، وبه كانت تُعرف عند القبائل الأخرى.
4. صارت القبائل أكثر حرصاً على تاريخها في القرن الأول الهجري خاصة، لسببين: الأول انتظام أبناء كل قبيلة تحت راية قبيلتهم في الغزوات والفتوحات الإسلامية، لبث روح التنافس في ميادين الحروب. والثاني قيام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بإحداث (الديوان)، وكانت مهمة القائمين على (الديوان) تسجيل أسماء أفراد كل قبيلة في سجل خاص، بقصد إحصائهم حيناً، وتوزيع حصصهم المالية من بيت المال حيناً آخر.
وفي كنف هذا التغيير الكبير الذي أحدثه الإسلام في المجتمع العربي، ولحاجة كل قبيلة إلى التفاخر بمآثرها في خضمّ الفتوحات من ناحية، وخلال الصراعات المذهبية والسياسية من ناحية أخرى، نشطت الروايات التاريخية، ولاقت رواجاً كبيراً، يقول هاملتون جب إن ” نشاط النسّابين، الذي قوي حين استُحدث الديوان، وحين تضاربت مصالح الأحزاب العربية المتنافسة، بلغ في الفترة الأموية حداً اضطرب معه علم الأنساب كله ” (دراسات في حضارة الإسلام، ص 146). وكانت النتيجة أن روايات النسّابين دُوّنت، وتمّ الاحتفاظ بها، مدمجةً ضمناً في الأحداث التي واكبت ظهور الإسلام وانتصاره داخل شبه الجزيرة العربية، وعلى الصعيد الإقليمي، ولا شك في أن تدوين القرآن والأحاديث النبوية كان من جملة العوامل المساعدة على البدء بتدوين أخبار العرب، وظهور الكتابات التاريخية في المجتمع العربي.
رحلة إلى البدايات
لكن كيف كانت تلك البدايات؟
إن أقدم المؤرخين العرب الذين صنّفوا كتباً في التاريخ، وذكرتهم المصادر الإسلامية، رجلان اثنان: عُبَيْد بن شَريَّة الجُرْهُمي ( ت نحو 67 ﮪ = نحو 686 م)، ووهْب بن مُنََبِّه (ت 114 ﮪ = 732 م)، وقد ذكر هاملتون جب أن كتابات هذين المؤرخين:
” برهان ساطع على أن العرب الأول كانوا يفتقرون إلى الحس والمنظور التاريخيين، حتى عندما يتطرقان إلى ذكر أحداث تكاد تكون معاصرة لهما. ومع هذا فقد تقبّلت الأجيال المتأخرة أكثر ما كتباه، وأدخله المؤرخون وغيرهم من المؤلفين في كتبهم. وكان ابن إسحاق ممن رووا عن عُبيد، … حتى الطَّبَري، وهو يعدّ فريداً في ميدان التأليف الديني، استمد في تفسيره الكبير للقرآن، كثيراً من أقاويل وهب بن مُنَبِّه … وهكذا بقيت هذه الأساطير عنصراً مخالفاً للمنطق في ميدان التدوين التاريخي العربي كله، فكانت عقبة في سبيل نشوء ملكة النقد، وفي الوصول إلى أي فهم واضح للتاريخ القديم ” (دراسات في حضارة الإسلام، ص 144- 145).
أجل، هكذا كان شأن التدوين التاريخي في القرن الأول الهجري، وجدير بالذكر أن المؤرخين لم يُرجعوا الروايات الدائرة حول أصل الكرد إلى أيّ من هذين المؤرخين، وإنما أرجعوا بعضها إلى اثنين من مشاهير علماء النسب العرب:
– الأول هو ابن الكَلْبي، محمد بن السائب بن بِشر بن عمرو بن الحارث الكلبي، أبو النَّضْر ويُعرف ب (ابن السائب الكلبي) (ت 146 ﮪ = 763 م)، نسّابة، راوية، عالم بالتفسير والأخبار وأيام العرب، من أهل الكوفة، مولده ووفاته فيها، وهو من قبيلة (كَلب) اليمنية. (ابن النديم: الفهرست، ج 1، ص 167. والزركلي: الأعلام، ج 8، ص 133).
– والثاني هو أبو اليَقْظان، واسمه عامر بن حَفْص، واشتهر بلقب سُحَيْم لسواد لونه، توفي سنة (170 ﮪ) بحسب ابن النديم، وسنة (190 ﮪ = 806 م) حسبما جاء في الأعلام للزركلي، وله كتب، منها (أخبار تميم) و (كتاب النسب الكبير)، وقد وُصف بأنه ” ثقةٌ فيما يرويه ” (ابن النديم: الفهرست، ج 1، ص 165 – 166. والزركلي: الأعلام، ج 3، ص 350).
ومر في الحلقة الأولى من هذه السلسلة أن الزبيدي نقل في (تاج العروس، مادة كرد) ما يلي: ” وقال أَبو اليقظان: هو كُرْدُ بن عمرِو بن عامِرِ بن رَبِيعَةَ بن عامر بن صَعْصَعَةَ “. ثم أورد الزبيدي ما يلي: ” أَمَّا الأَكرادُ فقال ابن دُرَيدٍ في الجمهرة : الكُرْدُ أَبو هذا الجِيلِ الذين يُسمَّوْنَ بِالأَكراد. فزعمَ أَبو اليَقْظانِ أَنَّه كُرْدُ بن عمرِو بن عامر بن ربيعةَ بنِ عامر بن صَعْصَعَةَ. وقال ابن الكلبِي: هو كُرْد بن عمرو مُزَيْقِياءَ . وقعوا في نَاحِيَةِ الشَّمَال لَمَّا كان سَيْلُ العَرِم، وتَفَرَّقَ أَهلُ اليَمن أَيْدِي سَبَأ “.
ومر قبل قليل أن ابن الكلبي توفي سنة (146 ﮪ)، وأن أبا اليقظان توفي سنة (170 ﮪ) أو سنة (190 ﮪ)، وهذا يعني أن أقدم خبر مدوّن عن أصل الكرد، في التراث العربي، يرجع إلى حوالي منتصف القرن الثاني الهجري، أما قبل ذلك، أي طوال القرن الأول الهجري، فلا شيء مدوّن وصلنا، ولكن ما لاشك فيه أن كلاً من ابن الكلبي وأبي اليقظان قد اقتبس روايته من مصدر سابق عليه، وقد يكون لكل من عُبيد بن شَريّة الجُرهمي ووَهْب بن مُنِبِّه علاقة بتلك الرواية وانتشارها بعدئذ بين علماء الأنساب، ولا سيما أنهما كانا من المصنّفين، وقد يكون مصدر الرواية شخصاً آخر غير هذين المؤرخين.
والمهم أن تسلسل الرواية الخاصة بأصل الكرد يقف عند ابن الكلبي وأبي اليقظان فقط؛ هذا مع العلم أن النخبة الثقافية العربية، متمثلةً في الصحابة والتابعين، ما كانوا يجهلون الكرد، فقد كان من الصحابة كردي اسمه جابان، وكان بين التابعين أكثر من شخصية كردية، أبرزها مَيمون الكردي ابن جابان المذكور، ورجّحنا في كتابنا (تاريخ الكرد في الحضارة الإسلامية) أن جابان كان من قرية (سَرْدَرُوذ) التابعة لمدينة هَمَذان (آمدان/ أكباتانا، عاصمة الميديين)، وأن ابنه ميمون كان حياً في أواخر القرن الأول الهجري (انظر ياقوت الحموي: معجم البلدان، 3 / 236. وابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب، ج 2، باب السين والراء).
فحص الروايات
وثمة ثلاثة تساؤلات جديرة بالاهتمام.
التساؤل الأول: لماذا تأخر شيوع ذكر نسبة الكرد إلى العرب طوال قرن ونصف من الزمان تقريباً؟ هل للمسألة علاقة بالصراعات التي نشبت في المجتمع الإسلامي حينذاك؟ إنها كانت صراعات لها أوجه ثلاثة، لكنها كانت تتقاطع وتتشابك على نحو عجيب:
– الوجه الأول هو الصراع بين السلطة الأموية ومعارضيها من الشيعة والخوارج.
– والوجه الثاني هو الصراع بين العرب العدنانيين والعرب القحطانيين، وكان حكّام بني أمية يجيدون إثارة ذلك الصراع، ويستقوون كل مرة بأحد الجناحين للقضاء على الآخر، أو لإخضاعه.
– والوجه الثالث هو الصراع بين المسلمين الموالي (الأعاجم/غير العرب) وبين السلطات الأموية ذات العصبية العربية المتشددة.
ولمزيد من التوضيح لنعد إلى الرواية الأقدم وهي رواية ابن الكلبي، فقد توفي هذا النسّابة سنة (146 ﮪ) كما مر، والأرجح أن روايته لهذا الخبر لم تكن قبيل وفاته مباشرة، وإنما قد تعود إلى ما قبل ذلك بعقد أو بعقدين وربما أكثر، وضروري ها هنا أن نأخذ في الحسبان أن هذا النسّابة عاصر أحداث الثورة العباسية ضد الدولة الأموية، وتكللت تلك الثورة بالنجاح سنة (132 ﮪ)، أي قبيل وفاة ابن الكلبي ب (14) سنة فقط.
ودعونا ننقّب أكثر في سيرة ابن الكلبي، فقد جاء في المصادر أنه ” شَهد وقعة دَير الجَماجم مع ابن الأشْعَث ” (الزركلي: الأعلام، ج 8، ص 133)، وكانت تلك الوقعة سنة (82 ﮪ)، وابن الأشعث هذا هو عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكِنْدي (قتل سنة 85 ﮪ = 704 م)، وكان قائد الجيش الأموي المقاتل في الجبهة الشرقية ضد الترك، لكنه اختلف مع أميره الحجّاج بن يوسف الثقفي والي بني أمية على العراق وفارس، وقاد ثورة خطيرة ضده وضد الحكم الأموي سنة (81 ﮪ، أو 82 ﮪ)، وقاتل معه كثيرون من الموالي، ودفع حياته ثمناً لتلك الثورة.
ولعل الأمر يصبح أكثر وضوحاً إذا علمنا أن قبيلة كِنْدة يمنية (قحطانية)، وأن ابن الكلبي ينتمي إلى قبيلة كَلْب، وهي يمنية (قحطانية) أيضاً، وأن بني أمية وواليهم الحجّاج هم من عرب الشمال (بنو عدنان), وهكذا فإن هوى ابن الكلبي كان يمانياً، وكان من معارضي الحكم الأموي، وكان من الموالين للثورة العباسية ضد دولة بني أمية، حسبما يُفهم مما ذكره ابن الندي في (الفهرست، ج 1، ص 167).
ونصبح أكثر تفهّماً لاهتمام ابن الكلبي (اليماني) بالأكراد حينما نعرف الجغرافيا التي تمركزت فيها ثورة ابن الأشعث إلى حد كبير، إنها منطقة جنوب شرقي العراق حالياً، وجنوب غربي إيران، وكانت بعض مناطق جنوبي كردستان تشكل قسماً كبيراً من الجغرافيا التي اندلعت فيها تلك الثورة، وبتحديد أكثر دقة: إن قسماً كبيراً من جغرافيا الثورة هي منطقة الكرد اللور (يسمّون الآن الكرد الفَيْلي)، وهي تتاخم الأهواز (خوزستان) جنوباً، ومنطقة الجبال (إقليم الجبال) شمالاً، وذكر كل من الطَبَري وابن الأثير أن ابن الأشعث خسر إحدى معاركه في السوس (سوسا) أمام عمارة بن تميم قائد جيش الحجّاج، فانهزم ومن معه ” وساروا حتى أتوا سابُور، واجتمع إليه الأكراد، فقاتلهم عمارة قتالاً شديداً على العَقَبة [المضيق]، فجُرح عمارة وكثير من أصحابه، وانهزم عمارة وترك لهم العَقَبة ” (ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج 4، ص 484. وانظر تاريخ الطبري، ج6، ص 368).
لماذا الاختلاف؟
والتساؤل الثاني: ماذا وراء الاختلاف في نسبة الكرد إلى الفرع القحطاني تارة وإلى الفرع العدناني تارة أخرى؟ هل كان ثمة تنافس بين نسّابي الفرعين العدناني والقحطاني لتنسيب الكرد إلى هذا الفرع دون ذاك؟ وما سبب ذلك التنافس؟ وها هنا لا بد من العودة إلى تدقيق النظر في رواية الزبيدي السابقة الذكر، فالملاحظة الأولى ها هنا أن ابن الكلبي ينسب الكرد إلى الفرع القحطاني (الجنوب)، أما أبو اليقظان فينسبهم إلى الفرع العدناني (الشمال). وقد مر أن ابن الكلبي هو نفسه من الفرع القحطاني، وبمراجعة سيرة أبي اليقظان يتضح أنه ينتسب إلى الفرع العدناني، وكان النسّابة الحامي لتواريخ ذلك الفرع، وهذا واضح في مؤلفاته، فمنها: كتاب حِلف تميم بعضها بعضاً، وكتاب أخبار تميم، وكتاب نسب خِنْدِف وأخبارها، وتَميم وخِنْدِف من القبائل المُضَرية العدنانية.
وهكذا بات واضحاً أن التنافس على تنسيب الكرد إلى العرب العدنانيين وإلى العرب القحطانيين كان قائماً، ونصبح أقرب إلى استكشاف أبعاد تلك المنافسة حينما نعود إلى ما رواه الزبيدي مرة ثانية، ونقرأه بمزيد من الدقة، فالزبيدي نفسه يمني (قحطاني)، لكنه توفي سنة (1205 ﮪ = 1790م)، أي أنه من أبناء القرن الثامن عشر الميلادي، وحينذاك كانت جذوة التنافس العدناني/ القحطاني قد همدت، على النقيض مما كان عليه الأمر في القرون الهجرية الثلاثة الأولى، ولذا نقل الزبيدي رواية أبي اليقظان بأمانة، من غير تشكيك فيها، فقال: ” وقال أبو اليقظان: …”.
والأمر مختلف في الرواية التي ساقها ابن دُرَيْد، وقد أوردها الزبيدي أيضاً بأمانة، فقد قال ابن دُريد: ” فزعمَ أَبو اليَقْظانِ….. وقال ابن الكلبِيِّ: … “. والفرق كبير بين معنى كلمة (قال) ومعنى كلمة (زعم)، فالأولى خبر حيادي يحتمل الصدق والكذب، أما الثانية فتحمل في طياتها عناصر التشكيك والاتهام بالكذب، ومن الأمثال العربية القديمة (زعموا: مَطِيّةُ الكذب)؛ أي إذا قيل: (زعم فلان كذا) فذلك تنبيه إلى أنه يكذب. والغريب أن ابن دُرَيد لم يستخدم مع ابن الكلبي الكلمة الاتهامية (زعم)، وإنما استخدم الكلمة الحيادية (قال).
ولا نعرف سبب هذا التمييز إلا إذا عرفنا من هو ابن دُرَيْد؛ إنه محمد بن الحسن بن دُرَيْد الأَزْدي (223 – 321 ﮪ = 838 – 933 م)، من أَزْد عُمان من قحطان، وكنيته أبو بكر، ولد في البصرة، وانتقل إلى عُمان، فأقام بها اثني عشر عاماً، وعاد إلى البصرة، وهو من أئمة اللغة والأدب، وكانوا يقولون: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. وهكذا فقد بطل العجب إذ عُرف السبب، فابن دُريد القحطاني أمضى معظم حياته في القرن الثالث الهجري، وهو القرن الذي كانت فيه آثار التنافس العدناني القحطاني ما زالت قائمة في المجتمع العربي، ولذا فهو منحاز إلى ابن الكلبي القحطاني، ومتحامل على أبي اليقظان العدناني، رغم أن هذا الأخير كان معروفاً بأنه ثقة في رواياته كما مر.
وظل التنافس على تنسيب الكرد قائماً إلى القرن الرابع الهجري، وأوضح مثال على ذلك ما قاله المؤرخ المسعودي بهذا الشأن، فبعد أن استعرض الآراء المختلفة بشأن أصل الكرد، ختم الكلام بعبارة يقينية واضحة، فقال مفصحاً عن رأيه: ” وما قلنا عن الأكراد فالأشهر عند الناس، والأصحّ من أنسابهم أنهم من ولد ربيعة بن نزار “. وهكذا نفى المسعودي أن يكون الكرد من الفرع القحطاني، وجعلهم من الفرع العدناني حصراً.
وهذا يستدعي أن نتساءل: من هو المسعودي؟ إنه علي بن الحسين بن علي (ت 346 ﮪ = 957 م)، وهو مؤرخ قدير وصفه هاملتون جب بقوله: ” ومن حق المسعودي أن يعدّ من أعظم المؤرخين العرب ” (دراسات في حضارة الإسلام، ص 155)، والمسعودي عربي قحّ من ذرّية الصحابي المشهور عبد الله بن مسعود، وينتمي عبد الله بن مسعود إلى القبيلة المُضرية العدنانية هُذَيْل؛ وهكذا نجد أن المسعودي يصنّف الكرد في قائمة قومه العدنانيين، وليس في قائمة القحطانيين، وهذا دليل على أن ذيول التنافس القبلي بين الفرعين الكبيرين كانت لا تزال حية في عهده (القرن الرابع الهجري).
ظاهرة فريدة
والمثير في الموضوع أن الروايات المنسوبة- حول أصل الكرد- إلى النسّابة العرب الأقحاح روايات لا تخرج عن حدود الواقعية، وهي بعيدة كل البعد عن الجانب الخرافي الأسطوري، كما أنها خالية من كل ألوان الدس والتحامل والتشويه؛ فالكرد في هذه الروايات بشر عاديون، ينتمون إلى بني آدم، وليسوا من الجن، كما أنهم ليسوا كائنات مستنسخة مشوَّهة، نصفها آدمي (من خلال الأمهات)، ونصفها الآخر شيطاني (من خلال الشيطان المعروف بالجَسَد).
ولا تقف دلالات روايات النسّابة العرب عند هذا الحد بشأن الكرد، وإنما توحي، على نحو واضح، بأن الكرد أناس غير رديئين، بل توحي بأنهم أناس ممتازون، وجديرون بأن يكونوا من العرب، سواء أكانوا عدنانيين أم قحطانيين، وسواء أكانوا من مُضَر أم من رَبيعة. بل دعوني أقل: إن إقبال النسّابة العرب على تنسيب الكرد إلى الأصل العربي كان- وفق أعراف ذلك العصر- نوعاً من التشريف والتكريم للكرد، بلى، كان ذلك امتيازاً يدعو إلى الفخار.
ولا تتضح أبعاد ذلك التشريف والتكريم إلا إذا استكشفنا المناخات السياسية والثقافية والاجتماعية التي كانت سائدة حينذاك، فالعرب- أقصد الأقحاح المعروفين بقبائلهم وأنسابهم، وليس عرب اللغة- كانوا الأمة التي أنجبت الرسول، وبلغتهم كان القرآن وكان الحديث النبوي وكانت أنواع الإنتاج الثقافي، ومنهم كان الخليفة (أمير المؤمنين)، ومنهم كان السادة والقادة وكبار الولاة، في حين كانت بقية الشعوب الإسلامية تسمّى (الموالي)، ومن يرجع إلى مصادر التراث العربي قبل الإسلام وفي الإسلام يدرك كم كان العربي معتزاً بهويته القومية، وكم كان ينظر إلى (الأعاجم) باستعلاء، وحسبي أن أذكر الشواهد الآتية:
· ” قدَّم نافعُ بن جُبَيْر بن مُطْعِم [قرشي] رجلاً من أهل الموالي يُصلِّي به، فقالوا له في ذلك؛ فقال: إنَّما أردتُ أن أتواضع لله بالصَّلاة خلفَه. وكان نافعُ بن جُبَيْر هذا إذا مَرَّت به جِنازة قال: من هذا؟ فإِذا قالوا: قُرشي؛ قال: وا قَوْماه! وإذا قالوا: عربيّ؛ قال: وا بلدَتاه! وإذا قالوا: مَوْلى؛ قال: هو مالُ الله يَأخذ ما شاء، ويَدَع ما شاء ” (ابن عبد ربّه: العِقد الفريد، ج 3، ص 412 – 413).
· تزوّج عبد الله بن كَثِير، مولى بني مَخْزُوم، من امرأة عربية، وهو يحبها وهي تحبه، لكن مُصْعَب بن الزُّبَيْر [= ابن العَوّام] فرّق بينهما، لا لشيء، سوى أنها عربية، وأنه من الموالي (محمد عمارة: فجر اليقظة العربية، ص 96).
· أراد أحد كبار الدهاقين (وجهاء القرى في بلاد فارس) أن يتزوج امرأة من باهلة، وتعدّ باهِلة من أصغر قبائل العرب وأكثرها ضَعَة، فرفضت القبيلة طلبه. ففكر الدِّهْقان في سَبيها، وأثارت هذه الحادثة حرباً كبيرة انتصر فيها العرب ( زاهية قدورة: الشعوبية، ص 50).
· ” كانت العرب، إلى أن عادت الدولة العباسية، إذا أقبل العربي من السوق ومعه شيء فرأى مولى دفعه إليه ليحمله عنه، فلا يمتنع، ولا السلطان يغيّر عليه، وكان إذا لقيه راكباً وأراد أن ينزل فعل، وإذا رغب أحد في تزوّج مولاة خَطبها إلى مولاها دون أبيها وجدّها ” (أحمد أمين: ضحى الإسلام، ج 1، ص 25).
إن ما أوردناه هو قليل جداً مما جاء في مصادر التراث العربي حول موقف العرب الأقحاح من الموالي، فكيف تجاوز النسّابة الخطوط الحمر التي كانت مرسومة بين العرب والموالي اجتماعياً؟ وكيف تجرّأوا على إدخال الكرد إلى ملكوت التميّز العربي حينذاك؟ وقد فعلوا ذلك إزاء البربر (الأمازيغ) أيضاً، ولم يفعلوه لا إزاء النبط (سكان جنوبي العراق)، ولا إزاء الفرس والترك، ولا ننس في الوقت نفسه أن الكرد – قبل الإسلام- كانوا يختلفون عن العرب لغة وديناً، ومع ذلك كان النسابة والمؤرخون يبحثون عن العوامل الواقعية التي تبرر ذلك الاختلاف، ونذكر هنا قول المسعودي: ” وقد اعتصموا في الجبال طلباً للمياه والمراعي، فحالوا عن اللغة العربية لما جاورهم من الأمم “؛ وقد أوردنا هذا الخبر في الحلقة الأولى.
وللمرء أن يتساءل: ما أسباب التنافس القائم بين نسّابي عرب الجنوب ونسّابي عرب الشمال تارة، وبين نسّابي عرب الشمال من مُضر وربيعة تارة أخرى، على تنسيب الكرد إلى هذه الفرع أو ذاك، وإلى هذه القبيلة أو تلك؟
الحقيقة أن الأسباب غير معروفة بدقة، لأن أصحاب الروايات- أقصد النسّابين والمؤرخين- لم يذكروها، وليس لنا إلا أن نلجأ فيها إلى الظن والاحتمال والترجيح، وربما لأن الكرد كانوا يشكّلون قوة قتالية هامة، سواء أكان ذلك خلال الصراع بين الشيعة والدولة الأموية، أو بين العباسيين والدولة الأموية، وكانوا يهيمنون على جغرافيا واسعة، وكان كل طرف من الأطراف العربية المتنافسة والمتصارعة حريصاً على جذب تلك القوة إلى جانبه.
وأخيراً يبقى التساؤل الثالث والأهم، وهو:
ما مدى صحة نسبة الكرد إلى العرب؟
وهذا سيكون موضوع الحلقة القادمة.
المراجع
1. ابن الأثير (عز الدين): اللباب في تهذيب الأنساب، دار صادر، بيروت، 1980.
2. ابن الأثير (عز الدين): الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، 1979م.
3. أحمد أمين: ضحى الإسلام، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1980.
4. أحمد عادل كمال: الطريق إلى المدائن، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1977.
5. الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار الفكر، بيروت، 1978.
6. ابن حبيب: المحبّر، رواية أبي سعيد السكّري، تصحيح إيلزة ليختن شتيتر، منشورات المكتب التجاري، بيروت.
7. زاهية قدورة: الشعوبية، وأثرها الاجتماعي والسياسي في الحياة الإسلامية في العصر العباسي الأول، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1972م.
8. الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 1986.
9. الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، المطبعة الخيرية، القاهرة، 1306 ﮪ.
10. سبتينو موسكاتي: الحضارات السامية القديمة، ترجمة الدكتور السيد يعقوب بكر، دار الرقي، بيروت، 1986.
11. الطبري: تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1979.
12. ابن عبد ربه: العقد الفريد، تحقيق أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982.
13. د. فيليب حتي، د. أدوَرد جرجي، د. جبرائيل جبّور: تاريخ العرب، دار غندور للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثامنة، 1990.
14. الدكتور محمد عمارة: فجر اليقظة العربية، دار الوحدة للطباعة والنشر، بيروت، 1984.
15. المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، الطبعة الخامسة، 1973م. وطبعة دار المعرفة، بيروت، 1982.
16. ابن النديم: الفهرست، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، 1978م.
17. هاملتون جب: دراسات في حضارة الإسلام، دار العلم للملايين، بيروت، 1969.
18. ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1991.
وإلى اللقاء في الحلقة الرابعة
د. أحمد الخليل في 02-11-2008
[1]