عنوان الكتاب: من «مكتب» إلى «أوكول»: التعليم والسلطة وجذور العلمانية في تركيا الحديثة
اسم الكاتب: خالد أبو هريرة
مكان الأصدار: الكويت
مؤسسة النشر: مركز نهوض للدراسات والبحوث
تأريخ الأصدار: 2022
يتتبع هذا البحث تاريخ «المدارس الجديدة»، العسكرية والمدنية، التي أقامها العثمانيون مكان المدرسة الإسلامية الكلاسيكية. وتنافح الورقة -انطلاقًا من التحليل الفوكوي الذي اعتبر المدرسة إحدى المؤسسات التي ابتكرتها السلطة الغربية الحديثة لتنفيذ الضبط والرقابة وإعادة تشكيل الذات الفردية- عن فكرة تحوُّل «المدرسة العثمانية الناشئة» إلى أداة أساسية في التحوُّل الكبير نحو العلمانية في تركيا الحديثة، حتى في زمن السلطان عبد الحميد الثاني نفسه، الذي صُبِغ عهده الطويل (1876-1908م) بأيديولوجية إسلامية فاقع لونها، حتى إن المدارس العلمانية في أيامه -خاصةً المدارس العسكرية في إسطنبول، بالإضافة إلى مدارس الدونمة في مدينة سالونيك على البر اليوناني (مدرسة شمسي أفندي - مدرسة الفيضية - مدرسة الترقي)- تحوَّلت إلى المعمل الرئيس لتخليق نخبة تركية جديدة استهدفت الإطاحة بالإسلام كلية من الحياة العامة، وتحقَّق لها بالفعل النصر خلال الربع الأول من القرن العشرين: أولًا مع انقلاب تركيا الفتاة في عام 1908م، وثانيًا مع إعلان الجمهورية التركية في عام 1923م.
وقد دقَّ مؤسِّس الأخيرة -مصطفى كمال أتاتورك، الذي تخرج في مدرسة شمسي أفندي العلمانية- المسمارَ الأخير في النظام التعليمي الإسلامي، عندما قام بتدجين الجهاز الديني الرسمي داخل دولته، فارضًا عليه إرادته المطلقة. وظهر أتاتورك حريصًا على إبعاد المدارس العلمانية في تركيا عن أيِّ ذكريات تربطها بالماضي الإسلامي، بما في ذلك المصطلح الدالّ على معنى المدرسة نفسه، الذي تحوَّل من اللفظ ذي الأصل العربي (مكتب Mekteb)، إلى لفظ (أوكول Okul) المستمدِّ من الكلمة الفرنسية Ecole. الأمر الذي عُدَّ -مع مظاهر أخرى- اعترافًا من العلمانية التركية Laiklik بفضل اللائكية الفرنسية Laïcité على نشوئها وتكوينها.[1]