مكانة المرأة في الدين اليارساني (1)
مهدي كاكه يي
الحوار المتمدن-العدد: 6887 - 2021-05 -03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مكانة المرأة في الأديان الكوردية (14)
حقوق المرأة اليارسانية ومساواتها مع الرَجُل
جاء في الكتاب المقدس اليارساني (سەرئەنجام Serencam) أنّ الأنثى والذَكَر تمّ خلقهما من عجينة واحدة، وبذلك فأنّ المرأة والرجُل متساويتان في الواجبات والحقوق(1) .
كما أنّ أركان العقيدة اليارسانية مبنية على العفّة والتسامح وتقديس الأم، حيث أن تقديس الأم ومكانتها يأتيان بالمرتبة الثانية بعد تقديس ومكانة (يزدان) أي الإله.
تقمّصْ الإله (يزدان) على هيئة بشر على كوكبنا الأرضي، حصلَ من خلال امرأة إسمها (دايه رهزباری پاكیزه) التي هي من ضمن مجموعة الملائكة السبعة التي يؤمن بهم اليارسانيون. هذا الحدث يُشير الى الدور الريادي للمرأة اليارسانية والمكانة المرموقة التي تتمتع بها في الدين اليارساني.
إختلاط النساء مع الرجال وحضورهن في الاجتماعات والمراسم الدينية، تؤكد على تمتع المرأة اليارسانية بحقوقها، إلا أنّ المرأة اليارسانية لا يحق لها المشاركة في جلسات الاجتماعات الدينية وهذه نقطة سلبية، تُقلّل من حقوق المرأة اليارسانية ولذلك يجب القيام بِتصحيح هذا الخلل الذي هو قانون مُستحدَث، حيث كانت المرأة تشترك في الإجتماعات الدينية في بداية تجديد الدين اليارساني وأنّ ظهور الكثير من النساء اليارسانيات المُقدّسات والشاعِرات خلال المراحل التاريخية التي مرّ بها هذا الدين، يُثبِت حداثة حرمان المرأة من المشاركة في جلسات الاجتماعات الدينية، حيث سيتم ذكر الكثير منهنّ خلال هذه السلسلة من المقالات. كما أنّ المرأة والرجُل لهما نفس الحقوق في التمتّع بإقامة المراسيم الدينية لهما لِغرض التعميد والتسمية وعقد القِران.
بالنسبة الى الزواج، في الدين اليارساني يجب أن يتم الزواج بِرضا طرَفي الزواج ووالدَيهما، حيث يتم عقد القران من خلال إجتماع ديني، يتم فيه تقديم نذر وقراءة دعاء خاص بهذه المناسبة الذي هو عبارة عن نصائح للعرّيس والعروس لكي يعيشان في حب متبادل ويتمتعان بحياة سعيدة (2). بعد هذا الاجتماع الديني الخاص بِعقد الزواج، تصبح البنت والولد زوجَين بشكل رسمي في الدين اليارساني.
في الدين اليارساني هناك (4) أربع طبقات دينية وهي حسب المرتبة الدينية من الأعلى الى الأقل مرتبة: 1. پیر. 2. باوه. 3. مام. 4. اليارسانيون العاديون. لا يجوز الزواج بين أفراد طبقة (پیر) وطبقة اليارسانيين العاديين، حيث ينحصر الزواج بين أفراد نفس الطبقة (3). هذا النظام هو نظام تمّ إستحداثه في العقد السابع من القرن العشرين، حيث أنه قبل ذلك كان لا يجوز الزواج بين (پیر) ومريده فقط، حيث أنّ هناك (7) مجموعات مختلفة من طبقة (پیر) ولكل مجموعة منها مريدون. كما أن هناك الكثير من اليارسانيين بمختلف طبقاتهم، متزوجون من أشخاص ليسوا يارسانيين، حيث أنه ليس هناك نص ديني يارساني واضح يمنع زواج معتنقي الدين اليارساني من الإقتران بأفراد غير يارسانيين [4]. كما أنّه جاء في الكتاب المقدّس اليارساني (سەرئەنجام Serencam) بأنه لا يجوز للرجل أن يقترن بأكثر من إمرأة واحدة، بل يجب أن تكون له زوجة واحدة فقط (5).
يحدد الدين اليارساني ثلاث شروط ليتم الطلاق بين الزوجَين (6):
1. قيام أحد الزوجين بالزنا أو السرقة.
2. عند موت أحد الزوجَين.
3. عندما يكون أحد الزوجَين عقيماً.
عند إفتراق الزوجَين، تكون حضانة الأطفال للمرأة لأنّ القدّيسة (دایه رهزبار) كان لها دور كبير في تقمّص (يزدان) على هيئة بشر، فلولا هذه الإمرأة القدّيسة لَما كان يتم تقمّص (يزدان) على شكل بشر ولذلك فأنّ المرأة أحقّ بحضانة الأطفال من الرجُل.
من جهة أخرى فأنّ الدين اليارساني يساوي بين المرأة والرجُل في تقاسم الورثة، حيث تحصل المرأة نفس النسبة التي يحصل عليها الرجُل (7).
لا يفرض الدين اليارساني الحُجاب على المرأة، حيث أنها حُرة في إختيار ملابسها. تُشارك المرأة جنباً الى جنب في أداء الأعمال الزراعية وجني المنتوجات الزراعية وتعمل في الدوائر الحكومية وغير الحكومية وأنها تستقبل الضيوف، سواءً كانوا من الذكور أو الإناث وتخدمهم في بيتها حتى ولو كان زوجها أو إخوانها غائبين عن البيت.
مشاركة المرأة مع الرجُل لا تقتصر على الأعمال الزراعية وجني الثمار فقط، بل أنّ المرأة اليارسانية تُشارك الرجُل جنباً الى جنب في الحروب، وتُبدي البسالة والشجاعة في المعارك والحروب. على سبيل المثال، في عهد سلالة زَنْد الكُردية اليارسانية التي حكمتْ إيران الحالية بين سنة (1750 - 1794م)، شاركت النساء على نطاق واسع في الحملات العسكرية ضد القوات الأفغانية الغازية، وقاتلن جنباً إلى جنب مع الرجال، وكانت زوجة الملِك الزَنْدي (كريم خان) تُقاتل القوّات الأفغانية الغازية ببسالة الى جانب زوجها. لم يفهم الضبّاط الأفغان هذه السِّمة العريقة في التراث الكوردي اليارساني، فسَخِروا من الزَّنديين، واتّهموهم بأنهم يختبئون خلف تنّورات نسائهم
[1]