مكانة المرأة الإيزيدية (5)
مهدي كاكه يي
الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021-07-29 - 20:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مكانة المرأة في الأديان الكوردية (24) (الحلقة الأخيرة)
نساء إيزيديات شهيرات
يذكر التاريخ الكوردي العديد من النساء الإيزيديات اللواتي قُمْنَ بإدارة مجتمعهن من الناحية السياسية والاجتماعية وأثبتْنَ كفاءتهنّ في إدارة الأعمال التي قُمْنَ بها. هناك الكثير من النساء الإيزيديات اللواتي إستبسلْنَ في ساحات الحروب والمعارك الى جانب الرجال، دفاعاً عن الدين الإيزيدي والهوية الإيزيدية وحفاظاً على حياة الإيزيديين ومقدساتهم وممتلكاتهم. كما برزت فنانات إيزيديات موهوبات عبر التاريخ الإيزيدي. هنا نتعرف على عدد من هؤلاء النساء المعروفات اللواتي قدمن خدمات جليلة للدين والمجتمع الإيزيدي.
1. ميان خاتون: بناءً على أوامر الحكومة العثمانية لإقناع وإجبار الإيزيديين على إعتناق الدين الإسلامي، قدِم الفريق (عمر وهبي) على رأس قوة عسكرية الى المناطق الإيزيدية لهذا الغرض. بعد رفض الإيزيديين لإعتناق الإسلام، قام الفريق (عمر وهبي) بحملة عسكرية ضد الإيزيديين في سنة 1892 (الحملة الثانية والستون) ويُسميها الإيزيديون (الفرمان رقم 62)، حيث تعرض الإيزيديون للإبادة الجماعية نتيجة هذا الفرمان. كان (ميرزا بگ) أميراً للإيزيديين في ذلك الوقت. وقف الأمير (علي بگ) الذي كان آنذاك شاباً ضد الحملة العسكرية للفريق (عمر وهبي) وفرمانه وضد إستسلام وليونة الأمير (ميرزا بگ). لذلك قرر الفريق (عمر وهبي) نفي الأمير (علي بگ) الى مدينة (سيواس) الواقعة في شمال كوردستان. كان الأمير (علي بگ) حينها شاباً وسيماً يافعاً، يتهيأ للزواج من خطيبته (ميان خاتون) التي تعلقت به وأحبته. قررت (ميان خاتون) الإلتحاق بخطيبها في (سيواس) وتزوجا هناك في الأسر. لم تطل فترة تواجدها في الأسر مع زوجها إلا فترة قصيرة وعاد الأمير (علي بگ)، مصطحباً زوجته (ميان خاتون)، حيث ترافقت عودتهما مع إغتيال الأمير (ميرزا بگ) الذي تمّ إتّهامه بالتخاذل والخيانة وتم التخلص منه بتسميمه بأمرٍ من (عبدي آغا دنايي) زعيم عشيرة (دنايي) في سميل. (عبدي آغا) هو من أحفاد (نمر بن شيخو آغا) الذي قَتلَ كلاً من والي الموصل (الحاج عبد الباقي پاشا الجليلي) وأخيه (عبد الرحمن آغا) وإبن عمه (صالح محمود) في سنة 1785 ميلادية أثناء حملة الإبادة الثلاثين ضد الإيزيديين. بعد موت (ميرزا بگ)، أصبح (علي بگ) أميراً للإيزيديين وأحبه الايزيديون. بعد مقتل زوجها، (علي بگ) في سنة 1913، أصبحت (ميان خاتون) وصية على إبنها الأمير (سعيد بگ) الذي خلّف والده في الإمارة وكان صغير السن. بعد الوفاة المبكر لهذا الأمير، خلّفه إبنه الأمير (تحسين بگ) في سنة 1944 وكان عمره (12) سنة، فأصبحت (ميان خاتون) وصية على حفيدها. توفيت (ميان خاتون) في سنة 1956، بعد أن كانت أميرة الايزيديين لأكثر من أربعين سنة.
وُلِدتْ (ميان خاتون) في قرية (باعدرا) التابعة لقضاء (شيخان) في جنوب كوردستان، وهي إبنة (عبدي بگ). كانت (ميان خاتون) امرأة ذكية وذات شخصية قيادية، تتمتع بإحترام المجتمع الإيزيدي وكانت تشارك الرجال في مجالسهم وتحاورهم وتناقشهم وتُرشدهم وتصدر قرارات تصبّ في خدمة الإيزيديين. عندما كانت (ميان خاتون) تحضر المجالس، كان الجميع ينهضون إحتراماً لها، وكانت تتقدم الإيزيديين عند إستقبال ضيوف الأمير، من المسؤولين الحكوميين ورؤساء العشائر وكانت تجالسهم وتناقشهم. لم تكن تحب حمل السلاح، وكانت تُحب الإستماع للأغاني الكوردية في مجالسها وتستمتع بِسماع المطارحات الغنائية. كانت ترفض أن يمتدحها الشعراء والمُغنّون. كانت (ميان خاتون) تساعد الفقراء وتكسوهم من خلال شراء الملابس لهم، وخاصة في الأوقات التي يشتد خلالها الغلاء وإنتشار الفقر والمرض والمجاعة.
2. (زريفة اوسو): وهي من قرية (بكرا). شاركت هذه الإمرأة الشجاعة جنباً الى جنب الرجال في القتال ضد قوات (عمر وهبي پاشا) الذي قاد (الحملة الثانية والستين للإبادة الجماعية بِحق الإيزيديين) في سنة 1892. كانت قوات (عمر وهبي پاشا) متمركزة في قرية (گري عەرەبا Girî Ereba) وكان ل(زريفة) الدور الكبير في صمود الرجال واستماتتهم في الدفاع عن أنفسهم وعن عوائلهم ضد هجمات قوات الفريق (عمر وهبي پاشا).
3. (شيرين عيدو): عاشت في مركز قضاء شيخان (عين سفني) وتمّ انتخابها من قِبل أهالي (عين سفني) لتكون مختارة. كانت تُجيد الفروسية وتحمل القلوين وكيس التبغ وتلبس عباءة الشيوخ والأغوات، وبقيت مختارة الى أن توفيت.
4. ( بنفشي): وهي من مناطق سهل آمد (ديار بكر). كانت مسؤولة عن قريتها وتتعامل بكفاءة مع العشائر المحيطة بهم.
5. (غزال): كانت مختارة قرية (آخ باران) في أرمينيا.
6. (غزو): مغنية محترفة في سنجار، وكانت تنتقل بين المجالس وتُغني في ديوان الرجال أغاني تراثية. كانت تتصرف كالرجال وماتت من دون زواج.
7. (هزو): وهي شاعرة تنتمي الى (قيروان) الذين هم فخذٌ لعشائر (خوركان).
8. ( سوسيكا سمو): وهي مغنية إيزيدية مشهورة من أرمينيا.
9. (كلي زهر عطار): وهي أيضاً مغنية إيزيدية مشهورة من أرمينيا.
قبل إختتام المقالات المتعلقة بمكانة المرأة في الدين الإيزيدي والتي بها نختتم هذه السلسلة من المقالات عن مكانة المرأة في الأديان الكوردية، أود أن أشكر الأساتذة الأفاضل، صباح كنجي، پیر خدر چیلكي، محمود خضر (أبو آزاد)، لتزويدهم لي بمعلومات قيّمة عن مكانة المرأة في الدين الإيزيدي.
كما أوجّه ندائي الى المثقفين ورجال الدين الداسنين (الإيزديين) بالدعوة الى مؤتمر عام للداسنيين لدراسة الوضع الديني لهم وتقييمه وأخذ التطورات الكبيرة الجارية في الحياة البشرية، بنظر الاعتبار وجعل التشريعات الدينية تُجاري هذه التطورات ليستطيع دين داسن مواكبتها وتزدهر. أرى أنّ تحقيق هذا الهدف ولمنع الدين الداسني من الإنقراض، يتطلبان إتخاذ قرارات جريئة وجذرية بهذا الصدد وأقترح إجراء ما يلي:
1. إنفتاح دين داسن على محيطه من خلال فتح أبوابه على مصراعيه بإحتضان الأشخاص الذين يرغبون في اعتناق هذا الدين.
2. إلغاء الطبقات الدينية الذي قام بِإيجادها (شيخ آدي) وبهذه الخطوة سيستعيد هذا الدين أصالته وقدرته على مواكبة المسيرة الإنسانية والقضاء على الفوارق الطبقية وإحترام حقوق المرأة. أقترح أن يكون تبوء المراكز والمناصب الدينية على أساس الكفاءة، وليس على أسس وراثية.
3. المساواة بين المرأة والرجُل، من خلال تبوء المناصب الدينية بِغض النظر عن الجنس، وإلغاء المهر وتعدد الزوجات. تحقيق المساواة بين الجنسَين في الزواج والشهادة والإرث وحضانة الأطفال وتحديد سن الزواج بما لا يقل عن (18) سنة لكلا الجنسَين.
4. هناك نفر من الإيزيديين، قصيري النظر وقليلي الخبرة وأنّ قسماً منهم مدفوعون من قِبل جهات مُعادية للشعب الكوردي، يحاولون سلخ الداسنيين (الإيزيديين) عن شعبهم الكوردي. هذه المحاولة تقود الداسنيين الى كارثة كبرى، تكون عواقبها خطيرة، حيث أن الداسنيين هم شريحة كوردية أصيلة ويعيشون على أرض كوردستان. اللغة الكوردية هي لغتهم وأنّ كُتبهم وصلواتهم هي باللغة الكوردية. فيما لو نجح هذا النفر، عديمو الوعي والمسؤولية في مسعاهم، فأنّ دين داسن سيواجه الإنقراض بعد أن يفقد حاضنته الكوردية التي هي الحاضنة الطبيعية والأُم له، حيث أن نفوس الداسنيين قليلة، تصل الى بضع مئات الآلاف، سيذوبون بسهولة في المذاهب الإسلامية و في العرب وبذلك ينقرض دينهم وينسلخون عن قوميتهم الكوردية، بعد فقدانهم لِحاضنة شعبهم الكوردي. لذلك يجب توعية الداسنيين قومياً ووطنياً، تجنباً لمواجهة المزيد من الكوارث التي تنتهي بإختفاء هذا الدين الكوردي العريق.
هذه المقترحات موجّهة أيضاً الى اليارسانيين والهلاويين والشبك
[1]