الفيليون: أصالة و عَراقة و آمال و هموم (12).. توحيد كلمة الشريحة الفيلية ضمان لإسترجاع حقوقها المغتصبة
د. مهدي كاكه يي
بإستقراء واقع الحالة الكوردستانية و الشيعية في العراق و التغييرات التي حصلت في أهداف و إهتمامات و أولويات الأحزاب الكوردستانية و الشيعية بعد إستلامها الحكم و إنتقالها من مرحلة الثورة و من جبهة المعارضة الى إستلام الحكم و إدارة شئوون كل من إقليم جنوب كوردستان و العراق، يمكن القول بأن هذه الأحزاب، منذ إستلامها الحكم، تنكرت للشعارات التي كانت ترفعها أيام النضال ضد الطغمة البعثية التي كانت تحكم العراق، و بدأت تنغمس بشكل مًخزٍ في إقتسام الغنائم و المناصب و تغليب المصالح الشخصية و العائلية و القبلية و الحزبية على المصلحة القومية و الوطنية و التشبث بكرسي الحكم بكل الوسائل و لو كانت على حساب مصير الشعبين الشيعي و الكوردستاني. ثوار الأمس، بعد إستلامهم السلطة، إختل توازنهم و إنهاروا متخاذلين أمام بريق الدولار و أمام عدسات التلفزيون و تحوّل حكمهم الى مرتع للفساد المالي و الإداري و تركوا شعبَيهم يعانيان من الجوع و المرض و البطالة. ثوار الأمس أخذوا يُفرّطون بحقوق ضحايا الأنفال و حلبجة و المقابر الجماعية و أهملوا مناضلي الأمس و عائلات ضحايا الحزب البعثي النازي و بدأوا بتزكية البعثيين المجرمين الملطخة أياديهم بدماء الملايين من أبناء كوردستان و العراق، و يعملون جاهدين لإشراكهم في الحكم بدلاً من تقديمهم للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل. لم تتوقف القيادات الكوردستانية عند هذا الحد، بل بدأت تتدخل في شئوون السلطة القضائية لإنقاذ أعناق مجرمي حملات الأنفال من حبل المشنقة و التي هي إهانة لا تُغتفر بحق الشعب الكوردستاني و عائلات 182 ألف ضحية كوردية مؤنفلة، دُفنوا أحياءً في صحارى العراق من قِبل المجرم علي الكيمياوي و مساعديه. هذه الصفقة السياسية الخسيسة هي تلبية لشروط البعثيين المجرمين للقبول بالمشاركة في الحكم و محاولة من القادة الشيعة و الكورد بالتشبث بكراسي الحكم و الإستمرار في حياة المغانم و النهب.
ألقيتُ الضوء على جانب من الحالة الكوردستانية و العراقية المؤسفة لإعطاء صورة واضحة عن المصاعب التي يواجهها الفيليون في نضالهم من أجل إسترجاع حقوقهم المغتصبة، حيث أنّ عودة حزب البعث النازي للمشاركة في حكم العراق و عودة رجال الأجهزة الأمنية و حتى (فدائيي صدام) الى وظائفهم السابقة أو تنسيبهم لوظائف أخرى، تعني عودة هؤلاء المجرمين لإمتلاك النفوذ و تسلطهم على رقاب الشعب من جديد. يعني هذا أيضاً أنّ البعثيين الذين قذفوا بمئات الألوف من الفيليين الى حقول الألغام التي زرعوها على الحدود الإيرانية – العراقية و الذين إستولوا على الأموال المنقولة و غير المنقولة للفيليين و إغتصبوا ممتلكاتهم و لا زالوا يشغلون بيوتهم، سوف يعرقلون و يوقفون أية محاولة لإعادة حقوق الشريحة الفيلية، بل سيقومون بترهيب الفيليين و إغتيالهم في حالة مطالبتهم بحقوقهم. من جهة أخرى، فأنّ القيادة الكوردستانية و الشيعية سوف لا تقوم بإزعاج البعثيين بإثارة حقوق الفيليين و ذلك بحُجة العمل على إنجاح (المصالحة الوطنية) و حفاظاً على كراسي حكم هذه القيادات. من هنا يمكن إستدراك الظرف العصيب و الصعب الذي يواجه الشريحة الفيلية و الأعمال الجبارة التي تنتظر الفيليين للقيام بها لإستراجاع حقوقهم المغتصبة و ذلك بإعادة المواطنة العراقية و ممتلكاتهم المنهوبة و الكشف عن الشباب الفيلي الذين إختطفهم النظام البائد و تعويضهم عن الخسائر المعنوية و المادية التي لحقت بهم و محاسبة المسئوولين الذين أجرموا بحق هذه الشريحة الكوردية العريقة و ذلك بإحالتهم للعدالة لينالوا جزاء ما إقترفته أياديهم من جرائم بحق الفيليين.
من هنا تبرز حاجة ملحة لتنظيم صفوف الفيليين و توحيد كلمتهم و إيجاد مرجعية لهم للدفاع عنهم و عن حقوقهم. يمكن الإشارة الى الخطوات التالية لتحقيق مطالب الشريحة الفيلية و الوصول الى أهدافها و أمانيها:
1. دعوة كافة الأحزاب و المنظمات و الشخصيات الفيلية القاطنين في إقليم جنوب كوردستان و العراق لمؤتمر عام لإختيار ممثلين للفيليين هناك. أن تتم الدعوة الى مؤتمر عام للفيليين العائشين في خارج إقليم جنوب كوردستان و العراق ليختاروا هم بدورهم مَن يمثلهم. الخطوة التالية هي إجتماع الممثلين المنتخبين (المختارين) في المؤتمرَين المذكورَين لإنتخاب هيئة عليا كمرجعية فيلية تقوم بتمثيل الفيليين و العمل على تحقيق الأهداف التي يناضلون من أجلها. كما يمكن دمج المؤتمرَين العامَين المذكورَين في مؤتمر واحد إذا كان بالإمكان تنظيمه موحداً نظراً للتوزيع الجغرافي الشاسع للفيليين في العالم و لصعوبة السفر. كما من المفضل عقد المؤتمر العام الأول و إجتماع الممثلين المختارين في إقليم جنوب كوردستان لإستتاب الأمن هناك.
2. تحديد الأهداف التي يريد الفيليون تحقيقها. يمكن الإستعانة بمقترحات الشريحة الفيلية و المناصرين لحقوقها.
3. وضع خطة متكاملة للآليات و الوسائل المستخدمة لتحقيق الأهداف. قد تشمل تلك الآليات:
أ. جوانب قانونية لوضع المسألة ضمن مسارها القانوني.
ب. الإتصال مع المسئوليين الكوردستانيين و العراقيين للضغط عليهم لتلبية مطالب الفيليين.
ج. العمل على طرح المشكلة الفيلية على منظمة الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي و الإدارة الأمريكية، مقرونة بالوثائق و الدلائل.
د. إيصال الصوت الفيلي الى الرأي العام الكوردستاني و العراقي و العالمي عن طريق وسائل الإعلام و المؤتمرات و المحاضرات و الإعتصامات و المظاهرات و المَعارض و غيرها.
ﻫ. الإتصال بمنظمات المجتمع المدني الكوردستانية و العراقية و الغربية و تعريف المظالم التي يعاني منها الفيليون.
ج. العمل على إمتلاك فضائية تلفزيونية من قِبل الشريحة الفيلية إذا كان ذلك ممكناً للتركيز على المشكلة الفيلية. كما يجب العمل على فتح مواقع الإنترنت لتبيان الحقائق عن المشكلة المذكورة و بمختلف اللغات.
و. فتح حساب مصرفي خاص لجمع التبرعات و المساعدات لتنفيذ الفعاليات الفيلية.
4. على الزميلات و الزملاء الفيليين أن يرتفعوا الى مستوى المسئولية التأريخية التي تقع على عاتقهم للحفاظ على وجودهم و الوصول الى تحقيق التمتع بحقوقهم و لذلك عليهم تغليب مصلحة شريحتهم على المصالح الشخصية و الحزبية و الفئوية لإثبات جدارتهم بالحياة و التطور و التقدم و ليثبتوا حقاً بأنهم أحفاد السومريين و الإيلاميين و البابليين و الميديين و الساسانيين.
قد يكون هناك العديد من المقترحات البناءة التي يمكن لآخرين إضافتها الى ما تقدم و تقديمها خدمة لهذه الشريحة المظلومة.
[1]