إثبتْ وجودك يا شعب كوردستان في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الكبير!
د. مهدي كاكه يي
ها بدأت الدول الكبرى و على رأسها أمريكا وبمشاركة الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة تركيا والحكومات العربية لدول الخليج الفارسي، بِإزالة حدود سايكس – بيكو و رسم حدود جديدة للمنطقة. إن ظهور إرهابيي داعش وحربها وغزواتها هي ضمن مخطط عالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة رسم الخارطة االسياسية للمنطقة. كما أن حرب داعش هي حرب إثنية ودينية ومذهبية في آنٍ واحد، حيث أن الطائفة السُنية في العالم بشكل عام والعرب السُنة في المنطقة بشكل خاص، مُمثلة بِالمنظمة الإرهابية داعش التي هي الجناح العسكري للطائفة السُنية، تحارب كلاً من الكورد والمجتمعات غير الإسلامية والشيعة في المنطقة.
إن السُنة العرب يعملون عن طريق داعش عسكرياً وعن طريق الإدعاء بالمشاركة في الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، دبلوماسياً وسياسياً لتأسيس دولة عربية سُنيّة تشمل المناطق السُنية في كل من العراق وسوريا وغربي وجنوبي كوردستان.
من خلال الهجمة الداعشية على غربي كوردستان وعدم جدّية قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بِقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والدعم التركي والعربي لإرهابيي داعش، يستنتج المرء بأن واضعي الخارطة الجديدة للشرق الأوسط الكبير يريدون جعل غربي كوردستان جزءً من الكيان السياسي السُنّي العربي المُراد تأسيسه على الأراضي السورية والعراقية ذات الأغلبية السُنّية. كما أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل وحدات عسكرية في كل محافظة عراقية ومن ضمنها محافظة كركوك الكوردستانية و أن تكون نسبة القوات المقترَح تشكيلها في كركوك 32% لكلٍ من الكورد والعرب والتركمان و أن تكون نسبة المسيحيين 4% من هذه القوات العسكرية، يدل على أن الإدارة الأمريكية تخطط أن تقتصر دولة كوردستان، التي سيتم تأسيسها، على محافظات أربيل ودهوك والسليمانية وقد تشمل قضاء خانقين وبعض المناطق الكوردستانية في محافظة الموصل وسلخ كركوك من كوردستان وضمها الى الدولة العربية السُنيّة التي من المتوقع إنشاؤها.
نرى أن العرب السُنة فرضوا أنفسهم على أصحاب القرار في العالم عن طريق إستخدام الإرهاب والعنف، من ضمنها خلق المنظمة الإرهابية، داعش في كوردستان والعراق وسوريا وغيرها من الدول وتقديم الدعم العسكري والمادي والدبلوماسي والسياسي والإعلامي لهذه الجماعات الإرهابية من قِبل الحكومات السُنّية في المنطقة، وفي مقدمتها حكام تركيا والسعودية والأردن و الحكومات الأخرى لدول الخليج الفارسي. من جهة أخرى نرى أن القيادات والأحزاب الكوردستانية تعيش حالة من التشتت والتخاصم والفوضى، حيث إنقسمتْ الى فصيلَين رئيسيين متعاديين، يتحالف أحد الفصيلَين الكوردستانيين مع الِمحور السُنّي (التركي – السعودي) والفصيل الثاني أصبح حليفاً للمحور الشيعي (الإيراني) ويقوم كل من هذين المحورَين بإستغلال شعب كوردستان من أجل فرض سيطرته على المنطقة و الإستحواذ على ثرواتها.
في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، حيث الصراع الطائفي المحتدم يفرض نفسه على شعوب المنطقة وسيطرة داعش، الجناح العسكري للعرب السُنّة، على مساحات واسعة من كوردستان والعراق وسورية، فأن شعب كوردستان تتعرض لمؤامرة خطيرة تُحيكها الدول المحتلة لكوردستان و الحكومات الإقليمية الأخرى في المنطقة، عن طريق إستخدام إرهابيي داعش للقضاء على الإدارة الكوردستانية في غربي و جنوبي كوردستان و إحتلال هذين الإقليمَين من قِبل داعش وجعلهما جزء من الدولة العربية السُنيّة التي يتم التخطيط لتأسيسها في المنطقة على أجزاءٍ من الأراضي الكوردستانية و العراقية والسورية.
لمواجهة هذه التحديات المصيرية، يجب على القيادات الكوردستانية في كل إقليم ترتيب البيت الكوردستاني و تأسيس مرجعية سياسية وجيش موحد يتم تأسيسه من خلال تطوّع المواطنين وفرض الخدمة الإجبارية للدفاع عن شعب كوردستان. يجب أن يكون هذا الجيش جيشاً محترفاً، بعيداً عن الأيديولوجيا والمبادئ الحزبية، بل يكون جيشاً وطنياً كوردستانياً. يمكن أن تكون مدة الخدمة الإجبارية 6 أشهر، حيث يتدرب المقاتل خلالها على مختلف صنوف الأسلحة ويتلقى دروساً نظرية في العلوم العسكرية. على القيادات الكوردستانية وضع مصلحة كوردستان فوق المصالح الشخصية والحزبية وأن يعلموا بأن مصير ووجود شعبهم يتعرض لتهديد خطير و أن مصيرهم مرتبط بمصير شعب كوردستان وأيّ خطر يواجهه شعبهم سيكون خطراً عليهم أجمعين. بعد تأسيس القيادة السياسية في كل إقليم، يجب الإسراع في تشكيل قيادة سياسية كوردستانية عامة من ممثلي قيادات الأقاليم الأربع. كما يجب تأسيس قيادة مسلحة مشتركة لجيوش الأقاليم لتوحيد القوات الكوردستانية لتكون مؤهلة لمواجهة الأخطار الجسيمة التي يواجهها شعب كوردستان. كوردستان في خطر! يتعرض غربي وجنوبي كوردستان لهجمة إرهابية شرسة ترمي الى إحتلال هذين الإقليمَين من كوردستان و ضمهما للدولة السُنّية المزمع تأسيسسها. لذلك فأن كوردستان تُنادي كافة الأحزاب و التنظيمات السياسية الكوردستانية الى تدارك الخطر المحدق بِشعب كوردستان والذي يُلزِم التخلّي عن المصالح الشخصية والحزبية والآيديولوجية و العمل بِقلبٍ و عقلٍ واحد وإلا سيغرق مركب كوردستان ويغرق جميع مَن فيه، حيث أن القوى الإرهابية الظلامية لا تفرّق بين حزب وآخر، بل يستهدف الوجود الكوردستاني، دون مراعاة الإنتماءات الحزبية و الدينية والمذهبية.
القيام بتوحيد القوى السياسية والعسكرية الكوردستانية ينتج عنه ظهور قوة كوردستانية إقليمية كبرى لا يمكن الإستهانة بها من قِبل الدول الكبرى والدول الإقليمية و بذلك يفرض شعب كوردستان نفسه على العالم والمنطقة كقوة لا بد أن يتم إشراكه في رسم الخارطة الجديدة للشرق الأوسط وتأسيس دولة كوردستان في قلب هذه المنطقة. الوسيلة الوحيدة للكوردستانيين في التحرر والإستقلال هو الوحدة والإعتماد على النفس، على القوة الذاتية. لِتعلم جميع التنظيمات السياسية الكوردستانية بأن الإعتماد على الحكومات المحتلة لكوردستان هو إنتحار ويقود الى الهزائم والكوارث وأن المساعدات المقدمة من قِبل محتلي كوردستان والجهات المعادية الأخرى، ما هي إلا لخدمة مصالح تلك الدول والجهات، حيث تستغل هذه الجهات شعب كوردستان في تنافسها على النفوذ والثروة في منطقة الشرق الأوسط.
على شعب كوردستان القيام بالضغط على القيادات الكوردستانية لتوحيد صفوفها وتشكيل مرجعية سياسية وعسكرية موحدة، من خلال تنظيم فعاليات شعبية مختلفة كالتظاهرات والتجمعات والإحتجاجات والمسيرات وجمع التواقيع والمحاضرات وعن طريق الإعلام وغيرها. يجب أن يكون شعب كوردستان شعباً حيّاً، يصبح يداً واحدة وصوتاً واحداً وقوةً عملاقة، يهيئ كل مقومات النصر لمواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها والتغلب عليها وإفشال مؤامرات الدول المحتلة لكوردستان والدول المعادية لِحق شعب كوردستان في الحرية والإستقلال و إعطاء درسٍ لن ينسوه، لأعداء الكوردستانيين، لكي لا يتجرأون مرة أخرى بالتفكير في الإعتداء على كوردستان. تحية حب وإعجاب الى حاميات وحُماة غربي كوردستان والى أرواح الذين وهبوا حياتهم لكوردستان وجعلوا مدينة كوباني أسطورة للبسالة والفداء ونكران الذات وحب الوطن، التي أدهشت العالم وأصبحوا موضع حب وإهتمام العالم أجمع ومفخرةً لشعب كوردستان وسيسجل التاريخ بطولاتهم ومقاومتهم وعشقهم للحرية وللوطن بحروف من نور. تحية حب وثناء لقوات الپێشمەرگە الأبطال في جنوبي كوردستان في تضحياتهم ودفاعهم المستميت عن وجود وحرية شعب كوردستان.
mahdi_kakei@hotmail.com
[1]