إقليم غرب كوردستان و الإنتفاضة السورية - 9 – (القسم الأخير).. مقومات تحرر شعب كردستان
د. مهدي كاكه يي
هناك عناصر و شروط أساسية يجب توفرها ليتمكن شعب كوردستان أن يُحقق أهدافه في الحرية و الإستقلال. من أهم هذه العناصر هي:
1. كوردستان قوية هي الضمانة الأكيدة لتحقيق الإستقلال: الحياة تكون دوماً للأقوى و الأصلح. القوة تشمل الجوانب الإقتصادية و السياسية و الإجتماعية و الثقافية و العلمية و التكنولوجية و الإعلامية. كلما كان الشعب الكوردستاني قوياً كلما تزداد فرص تحقيق حريته و إستقلاله و كلما يكون له ثقل أكبر في التوازنات و التحالفات الدولية و الإقليمية. كلما كان مواطنو غرب كوردستان موحدين و لهم حُسن التنظيم و وضوح الهدف و صواب الإستراتيجية و صحة وسائل و أساليب النضال، كلما يتكلل نضالهم بالنجاح و يتم إختصار فترة الوصول الى تحقيق حريتهم و إستقلال كوردستانهم.
2. الإعتماد على النفس: السياسة مبنية على المصالح فقط، قد تلتقي اليوم مصالح طرفَين و تتقاطع غداً، فليس هناك علاقات ثابتة بين الدول و الشعوب، حيث تتبع العلاقات دائماً المصالح. عليه فأنه ينبغي أن يعتمد مواطنو غرب كوردستان على أنفسهم و يضعون إستراتيجياتهم و خططهم و برامجهم على هذا الأساس، و في نفس الوقت أن يعملوا على التنسيق و التعاون مع الشعوب و الدول و الأحزاب السياسية و المنظمات المختلفة التي تلتقي مصالحها مع مصالح شعب كوردستان. أما التعاون مع الدول المحتلة لكوردستان و الإعتماد عليها، فأنه سيكون كارثة كبرى للشعب الكوردستاني و الذي يؤدي الى المآسي و الفشل و الإنتكاسات. التأريخ الكوردستاني ملئ بالتراجيديا الناتجة عن التعاون مع الدول المحتلة لكوردستان و الإعتماد عليها.
3. رفع شعار الإستقلال أو الكونفيدرالية: رفع شعار الإدارة اللامركزية أو الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية من قِبل الغالبية العظمى من الحركات و الأحزاب السياسية الكوردستانية هو كارثة كبرى لشعب كوردستان لأنه إعلان صريح من قِبل الجهات التي تنادي بهذه الشعارات بقبول الإحتلال الإستيطاني لكوردستان من قِبل كل من سوريا و (تركيا) و إيران و العراق و قبولها بتجزئة كوردستان و تشتت شعبها، بالإضافة الى أن رفع شعار الإدارة اللامركزية أو الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية، يجعل القضية الكوردستانية قضية داخلية للدول المحتلة لكوردستان و التي تمنع أن تصبح القضية الكوردستانية قضية شعب مستعبَد و بلاد محتلة. كما أن أصحاب هذه الشعارات يجهلون أو يتجاهلون الواقع الكوردستاني، حيث تخلف الشعوب المحتلة لكوردستان و التربية العنصرية و الإستعلائية التي تلقتها هذه الشعوب و الموقع الجيوسياسي المهم لكوردستان و كوْن كوردستان مصدر مياه المنطقة و إحتواء باطن أرضها على إحتياطي ضخم من البترول و المعادن، و الأهم من كل هذا هو كوْن الشعب الكوردي شعباً أصيلاً عريقاً، يعيش على أرضه منذ ما قبل التأريخ، و بذلك فأن جذوره ممتدة الى أعماق الأرض الكوردستانية، بينما المحتلون هم غزاة لا يزالون يعيشون في قلق و خوف و كابوس لعدم إرتباطهم بأرض كوردستان و شعورهم بأنهم غرباء و محتلون لكوردستان، و لهذا السبب نراهم يحاولون إلغاء وجود الأمة الكوردية و لغتها و ثقافتها و تراثها و تشويه تأريخها و تعريب و تتريك و تفريس أسماء آثارها و قراها و بلداتها و مدنها و مناطقها و كل شئ كوردي. النظام الفيدرالي ماهو إلا نظام إداري لتوزيع الصلاحيات الإدارية بين الحكومة الفيدرالية و الحكومات المحلية و أن الحكومة المركزية تكون مسئولة عن قضايا السياسة الخارجية و المالية و القوات المسلحة. الأقاليم تكون تحت سيطرة الحكومة المركزية في النظام الفيدرالي من خلال سيطرتها على القوات المسلحة و السياسة المالية و الخارجية. يفشل النظام الفيدرالي في مجتمعات متقدمة مثل المجتمعات البلجيكية و الإسبانية و البريطانية و الكندية و غيرها فماذا ننتظر من مجتمعات متخلفة مثل المجتمعات السورية في تطبيقها للنظام الفيدرالي؟ تجربة إقليم جنوب كوردستان مع الفيدرالية و مع الحكومة العراقية ماثلة أمامنا اليوم و التي يجب أن تكون درساً بليغاً لمواطني إقليم غرب كوردستان، حيث كان يجب على القيادة السياسية لإقليم جنوب كوردستان، بعد إنشاء المنطقة الآمنة في عام 1991، أن تجري إستفتاءً شعبياً ليقرر من خلاله مواطنو الإقليم تقرير مصيرهم و تحديد علاقتهم مع دولة العراق، إلا أن هذه القيادة لم تقم بهذا الأمر، بل قرر الحزبان الحاكمان، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني بتبنّي النظام الفيدرالي من خلال البرلمان الكوردستاني و بذلك أضاعت هذه القيادة فرصة تأريخية لإعلان إستقلال كوردستان أو تبنّي النظام الكونفيدرالي في تحديد علاقة الإقليم مع الدولة العراقية، نتيجة الثقافة التبعية لهذه القيادة لمحتلي كوردستان و المتجذرة فيها، حيث أن هذه القيادة قررت بمحض إرادتها أن يستمر العراق في إحتلال إقليم جنوب كوردستان، دون العودة الى رأي الشعب الكوردستاني في مثل هذا القرار المصيري. و ها هو اليوم يجنون نتائج قرارهم الكارثي و يتحمل شعب كوردستان آثاره المدمرة. من هنا ينبغي أن يرفع مواطنو غرب كوردستان شعار الكونفيدرالية كنظام سياسي للإتحاد مع المكونات القومية السورية ليتخلصوا من التبعية للمحتلين و ليكونوا سادة أحراراً في وطنهم.
تأسيس نظام سياسي ديمقراطي: إننا نعيش اليوم في عالم يتجه الى تبنّي النظام الديمقراطي نتيجة التطورات الكبرى الجارية في العالم، حيث أنه عصر إرادة الشعوب في إختيار أنظمتها السياسية و ممثليها من خلال إنتخابات حرة نزيهة و إنه عصر التعددية الحزبية و إحترام حقوق الإنسان و المرأة و الطفل و كبار السن و قبول الآخر المختلف و عصر المؤسسات، بعيداً عن التدخلات الحزبية و العشائرية و الشخصية، و عصر فصل السلطات التشريعية و القانونية و التنفيذية و فصل الدين عن السياسة. لذلك فأن أهم مقومات تحقيق حرية مواطني الإقليم هي التمسك بالنظام العلماني الديمقراطي و منع تدخل الأحزاب السياسية و رجال الدين في شؤون الدولة و إحترام القانون و بناء إدارة موحدة و جيش موحد لحماية مواطني الإقليم و الإبتعاد كلياً عن عقلية الحزب القائد أو الأوحد أو تفرد حزب واحد بالحكم، حيث أن نظام الحزب الأوحد أصبح خارج العصر الذي نحن فيه. الكوردستانيون يمرون في الوقت الحاضر بمرحلة التحرر الوطني، لذلك هم بحاجة الى توحيد صفوفهم و ترك الآيديولوجيا و الخلافات الحزبية جانباً الى أن تستقل كوردستان، حينذاك تبدأ المنافسة بين الآيديولوجيات و الأحزاب و الأفكار و يختار الشعب الطرف أو الأطراف الحاكمة من خلال إنتخابات حرة نزيهة. كما أنه ينبغي على مواطني غرب كوردستان القيام بأسرع وقت ممكن بوضع دستور متحضر، ينص على العلمانية و الديمقراطية و إحترام حقوق الإنسان و حرية التعبير و الرأي و المعتقد و التملك، ليكون مصدر القوانين و لتتم إدارة الإقليم إستناداً الى نصوصه.
4. المرجعية السياسية الكوردستانية الموحدة: إن إفتقار الكوردستانيين لمرجعية سياسية موحدة، تحدد أهداف شعب كوردستان و تخطط و ترسم إستراتيجيته و تحدد وسائل و أساليب نضاله، يُعتبر أحد الأسباب الرئيسة لفشل شعب كوردستان في التمتع بحق تقرير المصير و إستقلال بلاده. لو نعود الى التأريخ الكوردستاني، نرى بأن سكان كل إقليم أو منطقة معينة قاموا بالنضال المسلح بشكل منفرد، بينما محتلو كوردستان قاموا بالتنسيق و التعاون فيما بينهم لقمع شعب كوردستان و الإبقاء على إحتلالهم الإستيطاني لكوردستان رغم الخلافات السياسية و الطائفية و التأريخية بينهم و رغم تقاطع مصالحهم. يجب على الكوردستانيين أن ينتهزوا الظروف الراهنة التي يمر بها العالم و الدول الإقليمية في المنطقة لتأسيس قيادة مشتركة تجمع كافة أجزاء كوردستان لقيادة النضال التحرري الكوردستاني الى حيث الإستقلال و الحرية. مواطنو إقليم غرب كوردستان بدورهم مدعوون الى تأسيس إئتلاف وطني يضم الأحزاب السياسية الكوردستانية و منظمات المجتمع المدني و ممثلي كافة القوميات و الطوائف التي يتألف منها الكوردستانيون في الإقليم الغربي و الشخصيات الوطنية و ممثلو مختلف الطبقات و الشرائح في الإقليم.
الإتفاق المبرم بين مجلس شعب غرب كوردستان و المجلس الوطني الكوردستاني الذي حصل مؤخراً، هو خطوة تأريخية لتوحيد القوى السياسية في غرب كوردستان و نأمل أن يكون إتفاقاً إستراتيجياً، يضع مصلحة شعب كوردستان فوق المصالح الحزبية و يكون نواةً لمرجعية كوردستانية شاملة تضم كل القوى و الأطراف و الشخصيات الوطنية في الإقليم. ينبغي على القوى السياسية في هذا الجزء من كوردستان أن يعرف بأن مصير كل الأحزاب و التنظيمات الكوردستانية مرتبط مع البعض و أن سياسة محتلي كوردستان هي تشتيت القوى الكوردستانية و خلق حرب بينها لضمان إستمرار إستعباد الشعب الكوردستاني و أن أية إنتكاسة أو فشل لأي تنظيم سياسي في الإقليم ستكون إنتكاسة و فشلاً لجميع مواطني الإقليم بشكل خاص و لشعب كوردستان بأكمله بشكل عام و تعمل على ضياع الفرصة النادرة السانحة أمام شعب كوردستان لكسر قيود الذل و العبودية و إشراقة شمس الحرية في سماء كوردستان. ينبغي أن تتحول الثورة في غرب كوردستان من ثورة الأحزاب و ثورة الكورد الى ثورة الشعب الكوردستاني بمختلف قومياته و طوائفه. لِيتّم رفع العلَم الكوردستاني و رفع لافتات تُعبّر عن طموحات شعب كوردستان و ترديد الشعارات التي تجسّد أهدافه و الإبتعاد عن الشعارات الحزبية.
5. خلق شعب كوردستاني متجانس: التنظيمات الكوردستانية لم تعمل على توحيد المكونات الكوردستانية القومية و الدينية و الطائفية لخلق ثقافة و أهداف و مصالح مشتركة بينها. تحتاج القوى السياسية الكوردستانية في غرب كوردستان، بل في كافة أجزاء كوردستان الى إحتضان كافة القوميات و الأديان و الطوائف ليلتحم التركماني و الكلداني و السرياني و الآشوري و العربي و الكوردي و المسلم و المسيحي و الإيزيدي و الشبكي و الكاكائي و الدروزي و العلوي و السُنّي و الشيعي و الإسماعيلي مع البعض و لتحتضن كوردستان بناتها و أبناءها و تُحقّق المساواة و العدالة بينهم، بغضّ النظر عن القومية و الدين و الطائفة و الجنس و العمر. إن هذا الأمر مهم جداً لتوحيد الكوردستانيين و ربطهم بأرض كوردستان و ذودهم عنها. من هذا المنطلق أرى أنه يتحتم على الأحزاب السياسية في الإقليم أن تمثل كافة سكان الإقليم بمختلف قومياته و طوائفه و أن تكون أحزاباً كوردستانية، بدلاً من أحزاب كوردية و هذا يتطلب تغيير أسماء الأحزاب من الكوردية الى الكوردستانية و فسح المجال أمام القوميات غير الكوردية في الإقليم و تشجيعها على الإنضمام الى الأحزاب الكوردستانية و أن تلعب دوراً أساسياً في النضال الكوردستاني.
6. بناء مؤسسة إعلامية مهنية: تعاظم دور الإعلام في السنين الأخيرة بعد ظهور العولمة و نشوء الثورة المعلوماتية و الإتصالاتية الكبرى، حيث بدأ الإنترنت و الفضائيات و الموبايل بإزالة الحدود الدولية و تعاشر الإنسان في بيته و عمله و في أسفاره و أماكن قضاء أوقاته. نظراً لهذا الدور الهام للإعلام في العصر الراهن، فأن النضال الكوردستاني في الإقليم الغربي بحاجة الى تأسيس مؤسسة إعلامية متكاملة، تشرف عليها و تديرها نخبة من الإعلاميين المهنيين الكفوئين، بعيداً عن الإعتبارات الشخصية و الحزبية. يمكن أن تتضمن هذه المؤسسة قناةً تلفزيونية فضائية و بثاً إذاعياً و مواقعاً إلكترونية و صحف و مجلات ورقية و لجنة تنظيم التوعية و المحاضرات المتعلقة بشعب كوردستان.
7. وسائل و أساليب النضال: لو نتصفح تأريخ النضال التحرري الكوردستاني، نرى أنه تم إستخدام أساليب و وسائل سياسية و إعلامية و ثقافية و عسكرية لا ترقى الى الشروط التي يتطلبها تحرر الكوردستانيين و إستقلال بلادهم و إلا فأن كوردستان كانت اليوم دولة مستقلة. في مجال النضال المسلح، إتبعت القيادات الكوردستانية أسلوب حرب عصابات كلاسيكية متخلفة، حيث إلتجأت الى الجبال و جعلت من كوردستان ساحة للقتال و الدمار و الخراب، تتعرض للتعريب و التتريك و التفريس، بينما تركت مدن و قصبات و قرى الدول المحتلة لكوردستان تعيش في أمان و سلام. لذلك ينبغي إتباع إستراتيجية صائبة في النضال الوطني في إقليم غرب كوردستان، تستند على العمل الجماهيري السلمي و في حالة الإضطرار الى حمل السلاح للدفاع عن النفس و عن الأهداف الكوردستانية، يجب نقل الحرب الى المدن السورية، مثل دمشق و حلب و غيرهما التي تسكن فيها أعداد كبيرة من الكوردستانيين و إتباع حرب المدن بالإضافة الى حرب العصابات.
8. إزالة نتائج الحزام العربي: الآن هناك فرصة تأريخية أمام القيادة الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان لإرجاع المستوطنين العرب الذين أتى بهم النظام الى الإقليم لتعريبه، و إعادة الكوردستانيين الذين قام النظام بترحيلهم من مناطق سكناهم، الى مناطقهم و إعادة ممتلكاتهم إليهم و تعويضهم عن الخسائر التي تعرضوا لها. يجب على القيادة الكوردستانية البدء بإزالة آثار الحزام العربي بأسرع وقت ممكن و لتكون الأخطاء التأريخية الكارثية التي إرتكبدتها القيادة السياسية في إقليم جنوب كوردستان في عام 2003 عند تحرير العراق و إنهيار حكم حزب البعث في العراق، درساً بليغاً للقيادة الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان. عند تحرير العراق كانت القوات الكوردستانية هي القوات الوحيدة في الساحة العراقية الى جانب القوات الأمريكية و بعد سقوط النظام هناك، إنهارت المؤسسات الحكومية و تلاشى الجيش و الشرطة. في ذلك الوقت كان بإمكان القوات الكوردستانية تحرير كافة المناطق الكوردستانية التابعة للإقليم، مثل كركوك و الموصل و خانقين و غيرها و في ذلك الوقت كان من المستبعد جداً أن تستطيع تركيا التدخل لمنع تحرير كافة المناطق المستقطعة من إقليم الجنوب بسبب العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة الأمريكية و تركيا آنذاك و حرص أمريكا على إنجاح مهمتها في إزالة حكم صدام حسين دون أية عقبات، إلا أن الحزبَين الرئيسيين في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني إنشغلا بأمور التنافس الحزبي على النفوذ و السيطرة و أضاعا فرصة تأريخية نادرة لتحرير كافة المناطق الكوردستانية المحتلة من قِبل العراق و ها نرى اليوم، بعد مُضي أكثر من تسع سنوات على تحرير العراق أنه لم تتم إعادة المناطق المستقطعة الى حضن الإقليم الكوردستاني و من الصعب جداًعودتها الى كوردستان في ظل الظروف العراقية و الإقليمية و الدولية الحالية.
9. الفراغ السياسي في غرب كوردستان بعد زوال النظام السوري: زوال النظام يترك فراغاً سياسياً في إقليم غرب كوردستان ,حيث نتيجة الضغوط العسكرية التي يتعرض لها النظام السوري، بدأ النظام بترك الإقليم. نأمل أن تتوفق الهيئة الكوردية العليا في سد هذا الفراغ من خلال تأسيس المؤسسات السياسية و الإدارية و الإقتصادية و الإجتماعية و العسكرية و الأمنية لإدارة الإقليم و ضمان الدفاع عن مواطني الإقليم و تقديم الخدمات الضرورية لهم. المفروض تغيير تسمية الهيئة الكوردية العليا الى الهيئة الكوردستانية العليا لأن الكوردستانية تعني الأرض و كافة الأطياف التي يتألف منها مواطنو الإقليم، بينما الكوردية تعني القومية الكوردية فقط و تُلغي القوميات الأخرى التي هي جزء أساس من النسيج الكوردستاني في الإقليم، بالإضافة الى إهمالها لإرتباط شعب كوردستان بأرضه و وطنه.
10. إحياء الهوية و الذات الكوردية: وضعتُ هذا العامل في آخر قائمة شروط تحقيق الهدف الكوردستاني بناءً على التسلسل الزمني للشروط، إلا أن هذا الشرط يُعتبر أهم و أساس الشروط التي تقود شعب كوردستان نحو التحرر و الإستقلال. نتيجة إحتلال كوردستان منذ حوالي 25 قرناً و عيش الشعب الكوردي في ظل حُكم شمولي إستيطاني خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة، فأن الهوية و الثقافة الكوردية تعرضتا للإلغاء و التشويه و تم زرع ثقافة الشعوب المحتلة لكوردستان في نفوس الشعب الكوردي و خلْق الشعور بالدونية و التبعية رغم عراقة و أصالة هذا الشعب. كما أن الشعب الكوردي مُنع من أن تكون له لغة موحدة و تعرضّ تأريخه العريق الى الإلغاء و التشويه و قام المحتلون بسرقة تراثه الثري. يذكر التأريخ بأن الشعب الكوردي هو من أقدم شعوب الأرض و أن كوردستان الحالية هي مهد الحضارة الإنسانية الثانية و أن أسلاف الكورد هم الذين إكتشفوا النار و الزراعة و إبتكروا الكتابة و الأرقام و الصناعة و الفنون المختلفة و من أرض كوردستان إنتقلت كل هذه الإكتشافات و الإبتكارات و العلوم و المعارف و الفنون الى مختلف أنحاء العالم. يطلق قسم من المؤرخين و الباحثين على الشعب الكوردي إسم نبلاء الآريين و أن الشعب الكوردي جدير بحمل هذا اللقب، حيث يشهد التأريخ على ذلك و أنّ كلمة الآري هي كلمة كوردية أصيلة تعني النار و كما أننا لو رجعنا الى اللغات الهندوأوروبية، مثل الإنكليزية و الفرنسية و الألمانية و غيرها، سنكتشف بأن قسماً كبيراً من مفردات هذه اللغات مأخوذة من لغة أسلاف الكورد، و خاصة من السومريين و الإيلاميين و أن إستخدام الأرقام إنتقل من إيلام و سومر الى بقية شعوب العالم. من هنا يجب تعريف الإنسان الكوردي بهويته و نفسه و بتأريخه و إيجاد لغة كتابة موحدة للشعب الكوردي لتشكيل هويته الأصيلة و بعث ثقافته و إحياء تراثه و التعرف على تأريخه المجيد و دوره المحوري في بناء الحضارات الإنسانية، ليصبح شعباً مستقلاً و مميّزاً في هويته و ثقافته و تفكيره و يعثر على ذاته و يطلّع على أمجاد أسلافه و يفتخر بقوميته و يعتز بنفسه. لتحقيق هذا الهدف، يجب تأسيس مؤسسات تربوية و إعلامية و مراكز بحوث و الإسراع في توحيد الكتابة الكوردية. إن تحقيق هذا العمل الجبار يعيد الحس القومي و الثقة و الإعتداد بالنفس و عندئذ سيكون الشعب الكوردي مؤهلاً لتوفير كافة الشروط الأخرى المطلوبة لتحرير نفسه و كوردستانه.
mahdi_kakei@hotmail.com
[1]