مستقبل كوردستان في المدى المنظور
د. مهدي كاكه يي
مستقبل كوردستان يعتمد على الظروف الداخلية لكوردستان والظروف الإقليمية والدولية. الظروف الدولية جيدة بالنسبة للقضية الكوردستانية، حيث تلتقي المصالح الغربية في الوقت الحاضر مع المصالح الكوردستانية في المنطقة. منطقة الشرق الأوسط تمرّ الآن بمخاض ولادة خارطة سياسية جديدة لها وأن المصالح الكوردستانية والإسرائيلية تلتقيان في المنطقة وبهذا فأن الظروف الإقليمية متاحة لقيام دولة كوردستان مع مواجهة مشروع الإستقلال لبعض التحديات والتهديدات من الجانب التركي والإيراني والتي يمكن التغلب عليها من خلال ضغوط إسرائيلية وغربية أو تحسين الأداء الكوردستاني.
الظروف الذاتية الكوردستانية سيئة، حيث أن القوى السياسية الكوردستانية مشتتة ومعادية لبعضها ومقسّمة بين التبعية لكل من تركيا وإيران. كان بإستطاعة المسئولين في جنوب كوردستان بناء مرتكزات دولة كوردستان من خلال الإهتمام بالبُنى التحتية والإهتمام بالصناعة والزراعة لتحقيق الإكتفاء الذاتي في هذين المجالَين وبناء مصافي تكرير النفط والسدود لتحقيق الإستقلالية في مجال المياه والطاقة من كهرباء ومشتقات بترولية وبناء جيش كوردستاني مهني والتعاون والتنسيق مع غرب كوردستان لتحرير الأراضي الكوردستانية الممتدة الى البحر الأبيض المتوسط التي توفر منفذاً بحرياً لكوردستان وتكسر الحصار الذي تفرضه كل من تركيا وإيران والعراق على كوردستان، إلا أن أفراداً جهلة ومتخلفين وفاسدين وجشعين يحتكرون السلطة في جنوب كوردستان، همّهم السلطة وجمع الثروة وإرتهنوا بترول كوردستان لدى تركيا لمدة 50 عاماً وبعد هذه المدة سينضب بترول كوردستان أو ينخفض مستواه الى مستويات أرضية عميقة بحيث يصبح إستخراجه غير إقتصادي أي تصبح كلفة إستخراجه أعلى من وارداته وحينئذ سيصبح جنوب كوردستان بلداً فقيراً كالصومال، تنتشر فيه المجاعة والفقر والمرض.
الوضع في غرب كوردسستان ليس أحسن من جنوبها، حيث أن أصحاب السلطة هناك إبتكروا نظام الكانتونات التي تشتت القوة الكوردستانية وأنهم لا يؤمنون بإستقلال كوردستان، بل يعادونه، بالإضافة الى تفرّد جهة شمولية بالحكم، لا تسمح لغيرها بالمساهمة في العمل السياسي والعسكري. نفس الحالة تنطبق على شمال كوردستان، حيث تراجع حزب العمال الكوردستاني عن رفع شعار إستقلال كوردستان ويرفع الآن شعار الكونفدرالية بين شعوب المنطقة والذي هو شعار غير واقعي وغير ممكن تحقيقه. الحركة الكوردستانية في شرق كوردستان ضعيفة ومتفرقة.
هناك شرطان أساسيان لتقديم التضحيات الكوردستانية من أرواحٍ وممتلكات وهما: 1. أن تكون هذه التضحيات في سبيل تحرير شعب كوردستان و إستقلال كوردستان. 2. أن يضمن النضال الكوردستاني تحقيق حرية شعب كوردستان وإستقلال وطنه، وإلا فأن تقديم التضحيات هو جريمة بِحق شعب كوردستان، يرتكبها قادته وأحزابه السياسية.
للأسباب آنفة الذكر فأن العوامل الدولية والإقليمية قد تساهم في تحرير كوردستان وإستقلالها إذا تطلبت المصالح الغربية والإسرائيلية ذلك، وإلا فأن إستقلال كوردستان لن يحصل في المستقبل المنظور وسيتم ذلك على أيدي الجيل الجديد من الكوردستانيين الذين يحملون الفكر الوطني الكوردستاني ويتصفون بالنزاهة والوطنية ويستوعبون المتغيرات والتطورات العالمية والإقليمية والكوردستانية.
[1]