رفع شعار إستقلال كوردستان (2)
د. مهدي كاكه يي
في الحلقة السابقة تم الحديث عن ثلاث حقائق و التي ينبغي على شعب كوردستان أخذها في الإعتبار في مسيرة نضاله، وهي كون كوردستان بلد مُغتصَب من قِبل عدة دول و أنّ الدول المُغتصِبة لكوردستان تدّعي بأن شعب كوردستان هو جزء من شعوبها و أن كوردستان هي جزء لا يتجزأ من أراضي الدول المُغتصِبة لكوردستان. أي بكلامٍ آخر فأن الدول المُغتصِبة لكوردستان تعتبر كوردستان مُلكاً لها و بذلك تُجرّد شعب كوردستان من هويته و تُلغي وجود كوردستان كوطن للكوردستانيين. كما تم الحديث عن حشو أدمغة شعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان بالفكر القومي العنصري الإستعلائي. في هذه الحلقة نستمر في سرد الحقائق الأخرى.
الحقيقة الرابعة: إن الدول المُغتصِبة لكوردستان يتم حكمها من قِبل حكومات شمولية عنصرية متخلفة، حاولت و تحاول إلغاء وجود الشعب الكوردي و إلغاء هويته و لغته و تأريخه و ثقافته و تراثه. إن هذه الحكومات العنصرية تستخدم العنف و كل الوسائل الأخرى للقضاء على شعب كوردستان و إعاقة نضاله من أجل التحرر و إستقلال بلاده، بما فيها القيام بالإبادة الجماعية و إستخدام الأسلحة الكيميائية و فرض الحصار الإقتصادي و إتباع سياسة الأرض المحروقة و هدم عشرات الآلاف من القرى و المدن الكوردستانية و تشريد سكانها و حرق غابات كوردستان و تدمير بيئتها و العمل على إلغاء الهوية و اللغة الكوردية و التأريخ الكوردي العريق و محو و إزالة ثقافة و تراث شعب كوردستان.
الحقيقة الخامسة: إن شعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان هي شعوب متخلفة نتيجة أسباب عديدة لا مجال هنا في الخوض فيها و لذلك فهي غير مؤهلةٍ لبناء أنظمة حُكمٍ ديمقراطية و قبول التعددية و الرأي المختلف و الإعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، بما فيها تحرر شعب كوردستان.
نظراً لتأخر شعوب الدول المحتلة لكوردستان و عدم أهليتها لبناء أنظمة سياسية ديمقراطية في بلدانها في الوقت الحاضر و في المستقبل المنظور و قد يستغرق تأهيل هذه الشعوب و تطورها أجيالاً عديدة و لهذا السبب على الكوردستانيين أن يعرفوا هذه الحقيقة و على ضوئها يجب أن يُحددوا أهدافهم و يضعوا إستراتيجياتهم و وسائل نضالهم.
الحقيقة السادسة: تتعاون و تُنسّق الدول المُغتصِبة لكوردستان فيما بينها للوقوف بوجه تطلعات شعب كوردستان و منعه من أن يتحرر من الإستعمار الإستيطاني و الإحتلال و العبودية. رغم الخلافات السياسية و الثقافية و المذهبية و الإقتصادية و التأريخية القائمة بين الدول المُغتصِبة لكوردستان، فأنها تتعاون معاً للإستمرار في إستعباد شعب كوردستان و الإستمرار في إغتصاب بلاده و نهب ثروات كوردستان.
هذه الحقائق السالفة الذكر تؤكد على إستحالة بناء أنظمة سياسية ديمقراطية في الدول المُغتصِبة لكوردستان على الأقل خلال المستقبل المنظور، بحيث تعترف أنظمة الدول المُغتصِبة لكوردستان بحق الشعب الكوردستاني في تقرير مصيره بنفسه و أن يكون ندّاً متكافئاً لهذه الشعوب.
لا تزال القضية القومية تلعب دوراً كبيراً في دول ديمقراطية متقدمة و متطورة، حيث أنه من المتوقع أن تنال شعوبٍ كثيرة في الدول الغربية المتقدمة التي تعيش ضمن كيانات سياسية مشتركة، حريتها و إستقلال بلدانها. القوميون الاسكتلنديون يناضلون من أجل إستقلال بلدهم عن بريطانيا وينظمون إستفتاء بعد آخر لتحقيق هذا الهدف. الشعب الكتالوني و الباسك في إسبانيا يعملان بدورهما من أجل إستقلال بلدَيهما عن إسبانيا. في بلجيكا، شعب الفلامان (الفلامنج) الناطق باللغة الهولندية و شعب الوالون (الوالس) الناطق باللغة الفرنسية، لا ينسجمان معاً في العيش المشترك في بلجيكا و من المحتمل جداً أن يستقل هذان الشعبان في المستقبل المنظور و يؤسسان دولتَين مستقلتَين على أنقاض مملكة بلجيكا الحالية. شعب كيوبك الناطق بالفرنسية يناضل من أجل الإستقلال عن بقية سكان كندا الناطقين باللغة الإنكليزية. إذا كانت الدول الغربية الديمقراطية التي قد تسبق الشعوب المتأخرة، مثل الشعوب التركية و الفارسية و العربية، في التقدم و التطور بمئات السنين، لا تستطيع حل التعدد الإثني في بلدانها فكيف يستطيع شعب كوردستان العيش مع الشعوب المتأخرة للدول المُغتصِبة لكوردستان ضمن كياناتها السياسية الحالية؟!!
[1]