الإيزديون في ظل التنافسات الحزبية الكوردستانية والصراع الطائفي في المنطقة
د. مهدي كاكه يي
كانت قوات إقليم كوردستان أو بالأحرى قوات الحزب الديمقراطي الكوردستاني تحمي شنگال عندما هاجمت إرهابيي داعش المنطقة، لذلك فأن هذا الحزب يتحمل مسئولية وقوع التراجيديا الإيزدية الأخيرة، بينما سكان الإقليم بريئون من التسبب في هذه التراجيديا. كما ينبغي القول بأنّ إنسحاب قوات الپيشمرگة من منطقة شنگال عند هجوم إرهابيي داعش عليها، لم تكن له أية علاقة بِكون سكانها من الإيزديين. بكلام آخر لم يكن للدين أي دور في هذا الإنسحاب وترك سكان المنطقة فرائس للإرهابيين المتوحشين، حيث قد يكون تمّ هذا الإنسحاب لأسباب سياسية أو عسكرية وفي كلتا الحالتَين يتحمل الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسئولية المجازر والسبي التي حصلت للإيزديين.
المأساة التي حصلت للإيزديين لا تُبرر فصل الإيزديين عن سكان الإقليم أو إنكار كورديتهم، حيث أنّ الإيزديين هم شريحة دينية كوردية وجزء من سكان إقليم كوردستان. كما تنبغي الإشارة الى أن الإيزديين وأصحاب الديانات الكوردية الأصيلة الأخرى ضحوا ولا يزالون يُضحّون بأرواحهم وأموالهم ويتعرضون للسبي والعنف والتهديد والإهانة في سبيل الحفاظ على أديانهم وعقائدهم وطقوسهم وكُتبهم الدينية التي تُشكّل جزءاً مهماً من الثقافة الكوردية والتاريخ والتراث الكوردي والتي حافظت على اللغة الكوردية وعملت على تطويرها من خلال كُتبهم الدينية التي أثْرَت اللغة الكوردية والأدب والشعر الكوردي وصانت التاريخ الكوردي، إلا أن الشعب الكوردي هو خالق هذه الأديان وكلها من بُناة أفكار هذا الشعب العريق وهذه العقائد تُبرِز فلسفة الشعب الكوردي وعُمق تصوراته حول الخلق والكون والإنسان والحياة والموت والمجتمع الإنساني والتعايش السلمي بين المجتمعات البشرية.
ينبغي أن يمتنع الإيزديين عن أن يكونوا جزءاً من الخلافات القائمة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب العمال الكوردستاني وتنافس هذين الحزبَين على النفوذ والسلطة في كوردستان وعليه على الإيزديين ان لا يجعلوا من أنفسهم حطباً لحرائق هذين الحزبَين اللذين يسيران في فلك الصراع الإقليمي الجاري في المنطقة المتمثل بالصراع السُنّي – الشيعي بقيادة السعودية وتركيا التي تقودان المحور السُنّي (ينتمي الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى هذا المحور) والمحور الشيعي بقيادة إيران، المتحالفة مع الحكومة العراقية الشيعية والنظام السوري العلوي و حزب الله اللبناني (ينتمي حزب العمال الكوردستاني الى هذا المحور).
الإيزديون في الوقت الحاضر منقسمون في ولاءاتهم بين الحزبَين المذكورَين ولهم وحدات عسكرية متوزعة بين هذين الحزبَين. ينبغي أن لا يجعل الإيزديون من أنفسهم ضحايا الصراع الدائر في المنطقة، بل عليهم التفاعل مع بقية الشرائح الكوردستانية والنضال من أجل تحرير كوردستان، حيث أنه ليس بِمقدور الإيزديين عزل أنفسهم عن شعب كوردستان والعمل لوحدهم في ظل هذه الفوضى التي تعمّ المنطقة، وإلا سيكون عملهم هذا عملاً إنتحارياً.
في الوقت الحاضر، كوردستان محتلة وأن شعب كوردستان بحاجة الى قيادة مركزية موحدة وأنّ أيّ عمل يهدف الى تقسيم كوردستان الى كانتونات وأقاليم، يكون ضد المصالح العليا لشعب كوردستان، حيث يُشتت ويُضعِف شعب كوردستان ويخلق مراكز قوى كوردستانية متنافرة ومتخاصمة ويُعمّق الخلافات العرقية والدينية والمذهبية والمناطقية في المجتمع الكوردستاني ويسنح فرصة جيدة لِمحتلي كوردستان لزرع الشقاق بين المجتمع الكوردستاني والتحريض على خلق حروب أهلية في كوردستان بين المجاميع الكوردستانية المختلفة وبذلك يُعرقل تحرير كوردستان ويُشكّل تهديداً كبيراً على الوجود الكوردستاني كَشعب.
في ظل الفوضى العارمة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، يحتاج شعب كوردستان الى الوحدة والى قيادة سياسية وعسكرية موحدة لتحقيق حرية شعب كوردستان وإستقلال كوردستان. بعد تأسيس كوردستان وبعد أن تصبح كوردستان عضوة في الأمم المتحدة، يمكن بناء نظام لامركزي في كوردستان، تتمتع في ظله جميع الشرائح الدينية والمذهبية والإثنية بحقوقها، حيث أن شعب كوردستان يكون له في ذلك الوقت كياناً سياسياً مُعترفاً به دولياً وأنّ إنشاء أقاليم وتأسيس نظام لامركزي فيها لا يُشكّلان أيّ تهديد لأمنها الوطني.
[1]