أبو مسلم الخراساني و صلاح الدين الأيوبي في خدمة الإحتلال العربي - الإسلامي
د. مهدي كاكه يي
ساهم الكورد بشكل كبير في الحفاظ على الدين الإسلامي وخدموه وبهذا الإخلاص والخدمة أضاعوا وطنهم وكرّسوا الإحتلال الإستيطاني لبلادهم وجعلوا أنفسهم عبيداً للأجانب. نأخذ هنا كلاً من القائدَين الكوردييَن (أبو مسلم الخراساني) و (صلاح الدين الأيوبي) كمثالَين بارزَين لِدور الكورد في الحفاظ على الدين الإسلامي ودعم الحُكام الإسلاميين في الإحتفاظ بِكراسيهم وسلطتهم. لقد تمّ إستغلال هذَين القائدَين الكوردييَن من أجل بقاء الدين الإسلامي وترسيخ وإدامة إحتلال على كوردستان وإذلال شعبها ونهب ثرواتها.
كان أبو مسلم الخراساني قائداً كوردياً عظيماً ومحنكاً، حيث يقول الخليفة العباسي (المأمون) الذي هو سابع خلفاء بني العباس وإبن هارون الرشيد: أجل ملوك الأرض ثلاثة، الذين قاموا بنقل الدول، وهم : الإسكندر، وأردشير، وأبو مسلم. قام أبو مسلم الخراساني بإسقاط الدولة الأموية و تسليم الحكم الى العباسيين، حيث تمّ تأسيس الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية.
بدلاً من تكريم أبي مسلم الخراساني على إسقاطه الدولة الأموية وتسليم الحكم للعباسيين، تآمر عليه الخليفة العباسي الثاني، أبو جعفر المنصور، فقتله. هجا الشاعر أبو قتادة، أبا مسلم الخراساني بعد مقتله قائلا :
أبا مجرمٍ ما غيّر الله نعمتهُ على عبدٍ حتى يُغيّره العبدُ
ففي دولة المهدي أردتَ غدرها إلا أنّ أهل الغدرِ من آبائِك الكورد
لولا إعتناقه الدين الإسلامي، لَربما كان أبو مسلم الخراساني يقوم بتأسيس دولة كوردية على أنقاض الدولة الأموية بدلاً من الدولة العباسية ولًكانت الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط مختلفة عما نراها اليوم، أو على أقل تقدير، كان أبو مسلم يؤسس مملكة خاصة به في منطقة خراسان.
صلاح الدين الأيوبي معروف في التاريخ عن دوره البارز في الحفاظ على الدين الإسلامي والدولة الإسلامية. لولا صلاح الدين الأيوبي لربما كان الدين الإسلامي اليوم لا وجود له على كوكبنا الأرضي، أو في أحسن الأحوال لَكان اليوم عبارة عن دين يعتنقه عدد محدود من الناس و لَكان العرب اليوم عبارة عن شعب صغير معزول، يعيش في شبه الجزيرة العربية. هذا يعني بأنه لولا صلاح الدين الأيوبي لّكانت خارطة الشرق الأوسط السياسية مختلفة تماماً عما نراها اليوم و لَإزدهرت و إنتشرت الأديان الأصيلة في المنطقة و بذلك كانت الشعوب غير العربية في المنطقة تحتفظ بأوطانها و هوياتها و ثقافاتها و لغاتها و معتقداتها و أديانها و تمارس طقوسها و شعائرها الدينية بِحُرّية. بدون صلاح الدين الأيوبي لَكان أحفاده اليوم لهم دولتهم المستقلة و كانوا لا يتعرضون الى الإبادة الجماعية و الأنفالات و التعريب و التتريك و التفريس و لا يكونون أهدافاً للأسلحة الكيميائية.
وضع صلاح الدين الأيوبي نفسه في خدمة العرب، فحارب الأورو پيين، دفاعاً عن الدولة العباسية، و قام بإجبار سكان مصر و دول شمال أفريقيا الحالية على التخلّي عن المذهب الشيعي و إعتناق المذهب السُنّي تحت تهديد السلاح و العنف، بدلاً من القيام بِتحرير وطنه، كوردستان وتأسيس دولة كوردستان. هكذا قام بِتكريس الإحتلال العربي لِكوردستان. لولا حروب صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، لَكان اليوم الكثير من سكان منطقة الشرق الأوسط يُدينون بالديانة المسيحية ولَكانت منطقة الشرق الأوسط الآن تُشكّل جزءً من العالم الغربي المتحضر ولَتفادت شعوب المنطقة الحروب والدمار والإبادات الجماعية وحملات الأنفال ولَكانت بلدان الشرق الأوسط الآن من المرجح أن تكون أكثر تقدماً وتحضراً من البلدان الغربية التي نراها اليوم، حيث تتمتع شعوب منطقة الشرق الأوسط بنعمة الشمس المستديمة التي هي مصدر إدامة الحياة وبوفرة المياه فيها ولِكون بواطن أرضها تزخر بالبترول والمعادن التي هي عصب الحياة. فى مثل هذه الظروف، لَكان الشعب الكوردي له اليوم دولته المستقلة على الأرجح ولكانت بغداد والبصرة والموصل وهمدان وحلب وغيرها من المدن التاريخية الكوردستانية الآن جزءً من كوردستان ولَحافظ كورد وسط و جنوب العراق والكورد الذين تمّ تفريسهم وتتريكهم، على قوميتهم الكوردية وَلَكان الشعب الكوردي ينجو من التعريب والتفريس والتتريك والقتل والتشريد و الإذلال ولَكانت كوردستان تنجو من الدمار والخراب.
لِنإخذ إسپانيا التي رزحت تحت الإحتلال العربي – الإسلامي ردحاً من الزمن وثم تحررت، كمثال على مصداقية ما أقوله. لو بقيت إسبانيا تحت الإحتلال العربي - الإسلامي الى الوقت الحاضر، لَكانت اليوم دولة متأخرة فقيرة، ذات نظام شمولي متخلف كَجاراتها المغرب وتونس والجزائر وليبيا، بينما نراها لِنإخذ إسپانيا اليوم دولة متقدمة ذات نظام ديمقراطي، يتمتع شعبها بالحرية والكرامة والرفاهية، بعكس دول الشرق الأوسط التي بقيت تحت الحكم العربي - الإسلامي.
هكذا تم ويتم إستغلال الدين الإسلامي من قِبل مُغتصِبي كوردستان، منذ ظهور هذا الدين مروراً بالأمويين والعباسيين والعثمانيين والصفويين وإنتهاءً بالمحتلين الإسلاميين من أمثال أردوغان والإخوان المسلمين والإسلاميين الشيعة. من هنا نرى أن المسلمين مُدينون للأمة الكوردية وكان من المفترض أن يدافعوا عن هذا الشعب العريق المظلوم والمضطهَد، الذي يتعرض وجوده ولغته وثقافته الى الإلغاء ويتعرض تاريخه الى التشويه والتزوير والسرقة، إلا أن غالبيتهم المطلقة تقف ضد تطلعات الشعب الكوردستاني في الحرية والإستقلال.
[1]