ادعاءات النساطرة (الآثوريون) بين وهم الانتساب إلى الأشوريين وخيال الانتماء إلى العراق 3-9
محمد مندلاوي
لم يذكر لنا الأستاذ كيف ساند (الآثوريون) الكورد في تلك الفترة، ائتي لنا بدليل واحد بدليل واحد يدعم زعمك. هل خرجتم في مظاهرة في أوروبا حيث الجاليات المسيحية؟، لنصرة القضية الكوردية، وما عاناه الشعب الكوردي، من عمليات الأنفال وضربه بالسلاح الكيماوي. بل خلاف ما يدعي الكاتب كانوا على مدى تاريخ هذه الطوائف النصرانية النسطورية، يلفقون في دول الغربية أقاصيص و حكاوي كاذبة عن الأمة الكوردية، و نفاقكم هذا، جاري في الغرب إلى يومنا هذا، حيث أن النصراني، عندما يأتي إلى الغرب، لطلب اللجوء، ليس لديه شيء يقدمه، حتى يحصل على اللجوء وحق الإقامة، فيرى في اتهام الكورد وسيلة سهلة لكي يحصل على الإقامة، ويزعم أن الكورد يضطهدونهم و يخطفوا بناتهم الخ. لكن هذه المودة أيضاً انتهت، على الأقل بنسبة لجنوب كوردستان، لأن دول الغربية رأت بأم عينيها، أن المسيحيين يُضطهدون في بقية أنحاء العراق، و يهربون إلى إقليم كوردستان لطلب النجدة و الأمان. و حكومة كوردستان تفتح لهم ذراعيها، وتقدم لهم جميع أنواع المساعدات السخية، التي لا تُقدم مثلها إلى مواطنيها الكورد، أضف إلى هذا، الرعاية التي تقدمها حكومة إقليم كوردستان للأقلية النصرانية التي تقطن كوردستان. هذه ليست ادعاءات، بل هي شهادات، من المسيحيين أنفسهم، و من كنائسهم. ثم ماذا قدم النساطرة السوريون للكورد وأنت منهم يا أستاذ الكاتب عندما أصدر النظام السوري المرسوم الجمهوري، رقم (93) في سنة (1962) القاضي بإجراء إحصاء سكاني استثنائي و خاص بمحافظة الجزيرة، من دون المحافظات السورية الأخرى، والهدف منه كان هو سحب الجنسية السورية من (200,000) ألف كوردي في غرب كوردستان (سوريا). كان من ضمنهم، رئيس أركان الجيش السوري (توفيق نظام الدين)، الذي سحبت جنسيته. لم تعاد لهم جنسياتهم إلى الآن. ماذا عملتم من أجل الكورد، عندما أقدم النظام السوري، بتغيير أسماء مئات المدن و القرى الكوردية، على سبيل المثال و ليس الحصر، ديريك التي استعربت إلى المالكية و باخوس إلى غزة و كاني مترب إلى كاظميه و بليسة إلى كربلاء و سيمكا إلى تونسية و قلدومان إلى النجف و جبل الأكراد إلى جبل حلب الخ. تلاحظ جل هذه الأسماء، التي فرضها النظام، هي أسماء، لمدن غير سورية، عراقية، فلسطينية، و غيرها من الأسماء العربية. هذه هي التي تسمى، السياسة العنصرية الا لغائية النتنة، التي تتبعها منذ سنين طويلة، النظام العروبي ضد الكورد. ماذا قدمتم أيها النساطرة للكورد، عندما أقدم العروبيون القتلة في مدن غرب كوردستان في قامشلو و غيرها بإحراق المئات من محلات الكورد. أنا لا أقول اعملوا شيء في سوريا، لأن نوع نظامها معروف، لا يسمح بعمل أي شيء، لأنه نظام دموي. لكن أنا أتحدث عن جالياتكم الكبيرة في أوروبا و أمريكا و استراليا، بالطبع لم تقدموا شيئاً، لأنكم لو قمتم بعمل إيجابي ما للكورد لذكرته وسائل الإعلام الكوردية، بل عكس ذلك أنكم تحسون بالارتياح، عندما يضطهد الكوردي على أيدي تلك الأنظمة المجرمة، التي تحتل كوردستان. الشيء بالشيء يذكر لقد كان في صفوف الثورة أيلول الكوردية عدد من هؤلاء النساطرة كانوا لا يدعون أنهم (آشوريين) بل كانوا يقولون أنهم نصارى و قوميتهم كوردية.
ويستطرد الكاتب النسطوري: ولكن ما لبثت شهية الأكراد القومية أن تفتّحت، بنهم، بعد سقوط نظام صدام حسين على يد الأمريكان، وبمؤازرة مدروسة و مهيأة، سلفا، من قبل الأحزاب الكردية. فبدأت، بعد ذلك التاريخ، كتابات أغلب مثقفيهم، وتصريحات جميع سياسييهم تنحو منحى مختلفا ومغايرا، كليا، عن ذي قبل. وغالوا في شوفينيتهم حتى فاقوا، بذلك، كل العنصريين العرب والأتراك الذين نعتوهم، سابقا، بأبشع صفات التعصب والعنصرية و الشوفينية، حتى بات التطرف الكردي يدعو إلى الاشمئزاز والمقت لدى جميع الحكومات والأفراد في المنطقة، وعلى وجه الخصوص في العراق وسوريا وتركيا. انتهى كلام الكاتب النسطوري.
يتضح جلياً من خلال كلامه أعلاه أنه إنسان مهوس، حيث يتهم الآخرين دون تقديم أدلة. لم يقل لنا الكاتب النسطوري، ما هي هذه الشهية الكوردية، التي تفتحت بعد تحرير العراق من قبضة المجرم اللعين صدام حسين، و حزبه الدموي. الكورد يا هذا، لم يطلبوا يوما ما، غير حقوقهم التي تنص عليها جميع الشرائع السماوية و النظريات الوضعية، ورغم هذه، دائماً طلب الكورد، هو أقل مما تمنحها تلك الشرائع السماوية و القوانين الأممية لهم. أنهم كشعب، لهم الحق، بتأسيس دولة، أسوة بدول العالم. ألم تقول أنت في مقالك، بأن قضيتهم العادلة. بالله عليك، شعب تقول عنه صاحب قضية عادلة، ما هي هذه القضية، التي توصفها بالعادلة، أليست هذه القضية العادلة، تعني تأسيس دولة قومية، على كامل أرضه، التي تمتد من البحر إلى البحر. ما الذي تغير يا أستاذ، بعد سقوط صدام، الذي ذهب إلى مكانه الطبيعي، في مزبلة التأريخ. تقول تغير كتابات أغلب مثقفيهم و تصريحات جميع سياسيهم،و تنحوا منحى مختلفا ومغايراً عن ذي قبل. الذي نلمسه من خلال كلامك، أنك لا تفهم بصورة صحيحة، مضمون الخطاب السياسي الكوردستاني، لذا لا تستطيع تقييمه تقيماً صحيحاً. ثم لماذا تخلط اسم العراق مع سوريا و تركيا، ألا تعرف، أن الكورد مشاركون في الحكومة الاتحادية، وليس هناك أية مشكلة بين حكومة كوردستان و الحكومة الاتحادية. أما حكومتا سوريا و (تركيا) وسياستهما الدنيئة تجاه الكورد فاضحة، تشهد عليها تقارير منظمة العفو الدولية، و الاتحاد الأوربي، ألم تعرف أن أصغر سجين في العالم، هو طفل كوردي في سوريا. أما بنسبة للأتراك، فحدث ولا حرج، أناس متوحشون لا يعرفون معنى للحرية و حقوق الإنسان.
ويضيف الأستاذ قائلاً: وزادوا في غلوائهم حين صاروا يروّجون لنظريتهم المقيتة (المسيحيون الأكراد). يا أستاذ، لسنا نحن فقط، نقول أنكم كورد مسيحيون، العرب أيضاً يسمونكم بهذه التسمية منهم المؤرخ العربي الشهير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي الكوفي المتوفى سنة (346) للهجرة حيث يقول اليعاقبة الكرد أو النصارى الكرد. و ينقل لنا الدكتور فرست مرعي نقلاً عن المؤرخ الدانيماركي (كريستنسن – Kristensen )حيث يصف الاضطهاد الذي تعرض له النصارى الكورد، يستطرد: لقد وقع الاضطهاد خاصة في ولايات الشمال الشرقي في المناطق المتاخمة للإمبراطورية الرومانية، كانت هناك مقاتل و مذابح، كما كان هناك تشريد. وذكر المسعودي أيضاً أخباراً عن الكورد المسيحيين اليعقوبية و الجورقان وأن ديارهم تقع مما يلي الموصل و جبل جودي يسمون بالأكراد بعضهم مسيحيون من النساطرة و اليعاقبة و بعضهم الآخر من المسلمين. هناك العشرات من المؤرخين القدامى و المعاصرين أكدوا و يؤكدون على كوردية اليعاقبة و النساطرة في كوردستان. عن وجود الكورد في الموصل ينقل لنا محمد أمين زكي في كتابه (تاريخ الكرد وكردستان) صفحة (2) نقلاً من كتاب ((بلدان الخلافة الشرقية)) لمؤلفه لوسترنج ص (88) يقول: كانت أهالي الموصل في القرن الرابع الهجري بصورة عامة أكرادا. يا أستاذ دعنا نلجأ إلى العقل و المنطق. على سبيل المثال، عندما توجهت جحافل المسلمين العرب نحو بلاد الرافدين وعبروا نهر الفرات، ثم واصلوا غزواتهم، بدأً من هذا النهر وإلى حدود الصين. وبعدها مباشرة بدأ عصر التدوين، حيث ألف المؤرخون الكتب الكثيرة وذكروا في كتبهم، جميع الشعوب التي خضعت للغزو العربي. نشاهد و نقرأ اسم الكورد في هذه المنطقة التي تسمى اليوم العراق و كوردستان، في كتب المسعودي المتوفي سنة (346) هجرية. و كذلك عند الطبري، المتوفي في سنة (310) هجرية. و كذلك عند ابن أثير. و أيضاً عند ياقوت الحموي. و البلاذري في كتابه فتوح البلدان، وغيرهم كثيرون من المؤرخين حيث ذكروا اسم الكورد و بلادهم. سؤالي هو، هل ذكروا هؤلاء الكتاب في كتبهم وجود شعب (آشوري أو آثوري) أو (سرياني) في العراق أو في كوردستان في تلك الحقبة، قطعاً لم يأتي ذكرهم في أي كتاب لا في تلك الحقبة ولا بعدها. الذي ذكره المؤرخون هو وجود مسيحيين كورد، وغير الكورد يسمون بالنساطرة واليعاقبة نسبة لنسطورس و يعقوب البردعي ولا يحملوا كنية أو أسماء مثل (آشوري) وغيرها. حتى الأتراك و التركمان لم يذكروا إبان الغزو العربي في هذه المنطقة أعني العراق و كوردستان، لأنهم لم يكونوا موجودين في هذه المناطق، لقد نزحوا إليها من تركستان التي تقع جزء منها في الصين و الجزء الآخر في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي السابق، لقد جاءوا إلى مناطقنا بعد انتشار الإسلام بزمن طويل. لنعود إلى أصل الموضوع، بعد القضاء على الدولة الفاسدة، التي سميت بالدولة الآشورية في سنة (612) ق.م على أيدي أبناء الكورد من الميديين، لم يبقى في الوجود شعب بهذا الاسم (آشوري). هناك دليل آخر بأن الآشوريين لم يعد لهم وجود بعد سنة (612) ق.م. ولم يذكروا في أية وثيقة تاريخية أو دينية لنقرأ الوثيقة التي أعطاها النبي محمد (ص)، لابن الحارث بن كعب وملته اليهود، ثم للنصارى، هل فيها ذكر لقومية (آشورية) أو (سريانية). جاء ت فيها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، رسول الله إلى الناس كافة، بشيراً ونذيراً، ومؤتمناً على وديعة الله في خلقه، ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والبيان، وكان عزيزاً حكيماً. للسيد ابن الحارث بن كعب، ولأهل ملته، ولجميع من ينتمي دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها و أعجمها، معروفها و مجهولها ). الخ و بعد النبي محمد، هناك عهدة أخرى، أعطاها عمر بن الخطاب، في سنة (15) للهجرة لمسيحي إيليا (قدس)، حيث كانت مدينة القدس، في ذلك العصر تسمى مدينة إيليا. من المرجح تكون هذه التسمية، هي نسبة إلى نبي اليهود إيليا، الذي عاش في سنة (890) قبل الميلاد، فلذا جاءت العهدة العمرية باسم أهل إيليا، لاحظ لم يأتي ذكر لا (لآشور) ولا (سريان). جاءت في العهدة: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين، أهل إيليا من أمان. ثم تأتي نقاط العهدة واحدة بعد الأخرى كشروط على أهل إيليا يجب عليهم الالتزام و التقييد بها وإلا.... أكرر للأستاذ هل هناك ذكر (لآشور أو آثور) أو (سريان). هناك عهدة أخرى في زمن خلافة عمر بن الخطاب ذكرها ابن القيم الجوزية: عن عبد الرحمان بن غنم كتبتُ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام، وشرط عليهم فيه. ثم تأتي نقاط العهدة وهي في الحقيقة مذلة. لكن ليس هذا موضوعنا، أن الذي يخصنا فيها، هو عدم ذكر قومية باسم (آشوريين) بل ذكر فقط ديانتهم بأنهم نصارى الشام، وهم كانوا في تلك الحقبة من الملل المختلفة ليس لديهم هوية معروفة وغالبيتهم من الروم. أما فيما يخص الكورد و الشعوب الأخرى، ذكرهم العرب بالاسم، بإضافة ذكر لدينهم، مثلاً يقولون الفرس المجوس. الكورد المجوس. المؤرخون أيضاً ذكروا اسم الكورد مرادف مع اسم دينهم الكورد المجوس، الكورد النساطرة، الكورد اليعاقبة. نقول للكاتب و لغيره من النساطرة التائهين، أليس لكل شعب زيه الخاص به، إذاً قل لنا، ما هو الزي الذي يرتديه نصارى كوردستان؟ أليس جميعهم، رجالهم و نسائهم، يرتدون الزي الكوردي.؟ أليس في المناطق العربية، في سوريا مثلاً يرتدون الزي العربي.؟ أليس في بعض الدول التي يتواجد فيها، يرتدون أزياء تلك الدول.؟ يا عزيزي أن دل هذا على شيء، أنما يدل على أن هؤلاء أبناء تلك الشعوب، لكنهم يعتنقون الدين المسيحي ليس ألا. ثم أليس الآشوريون القدامى، كانوا يتكلمون اللغة الأكدية، طيب لماذا ما يسمون أنفسهم اليوم ب(الآشوريين) يتكلمون الكلدانية، كيف يغير شعب ما لغته، ولم يذكر في التاريخ. يا أستاذ، ألم تفكروا يوماً ما، لماذا، عندما تحسبون وتصلون إلى العشرات، لأن الآحاد تعد عند جميع الشعوب على نمط واحد، لكن عندما تصلون في عدكم إلى العشرات، تحسبون على الطريقة الكوردية، إذا أنت (آشوري) كما تزعم، أي من العنصر السامي، يجب أن يكون طريقة حسابك في العد، يكون مثل العربي أو مثل أي شعب سامي آخر. يجب إن يعد هكذا، واحد وعشرون، اثنين و عشرون الخ، بينما انتم تحسبون، مثلما يحسب ويعد الكوردي و الشعوب الآرية، حيث نقول عشرون و واحد (Twenty-first) عشرون و اثنين (Twenty-two) الخ. هناك دليل آخر على أنكم في كوردستان أصلكم من الكورد وفي بلاد الأخرى أصلكم من شعوب تلك البلاد و دينكم فقط هو الدين المسيحي،ولغتكم هي لغة الكنيسة، بدليل لو أحدكم ترك الدين المسيحي إلى دين آخر سيترك في نفس الوقت لغته التي هي لغة الكنيسة و الطقوس الدينية، و يصبح أحد أبناء ذلك الشعب، الذي اعتنق دينهم. بينما الشعب الأصيل، لا يترك لغته و قوميته مهما حدث له، أو حتى غير دينه، بدليل الآن يوجد في العالم كوردي يهودي كوردي إزيدي كوردي شبك كوردي كاكائي كوردي مسلم كوردي زرادشتي. كوردي علوي الخ. لاحظ دائماً يأتي اسما قوميته ثم انتمائه الديني. نتساءل ماذا يؤكد لك هذا يا أستاذ؟؟ هذه بكل بساطة، تسمى الأصالة و العراقة القومية، لو هذا الكوردي الذي تتهمه أنت بمجموعة تهم باطلة، وتقول أنه لا يملك تاريخ و لغة و أصالة و حضارة، لأصبح في خبر كان منذ زمن بعيد جداً. بما أنه أصيل و عريق تتحطم على صخرة أصالته كل المحاولات اليائسة للنيل منه و من تاريخه وحضارته. في نهاية ردي على هذه الفقرة، أود أن أقول لكم شيء في غاية الأهمية وهو من وحي كتابكم المقدس العهد القديم (التوراة) سفر النبي ناحوم. الذي كان نبي اليهود في القرن السابع ق.م. بوحي من الله، تنبأ بدمار نينوى عاصمة مملكة آشور. يصف ناحوم بقسوة أسباب دمار نينوى فيشير إلى عبادتها للأصنام، فظاظتها، جرائمها، أكاذيبها، خيانتها،خرافاتها، و مظالمها. كانت مدينة مليئة بالدم ( 1:3) ومثل هذه المدينة لا يحق لها البقاء. يقول ناحوم في سفره في فصل نهاية العقاب ما يلي: وهذا ما يقوله الرب: مع أنكم أقوياء و كثيرون فإنكم تُستأصلون و تفنون. أما أنتم يا شعبي (يقصد اليهود) فقد عاقبتكم أشد عقاب ولن أنزل بكم الويلات ثانية. بل أحطم الآن نير آشور عنكم وأكسر أغلالكم. وها الرب قد أصدر قضاءه بشأنك يا أشور: لن تبقى لك ذرية تحمل اسمك. وأستأصل من هيكل آلهتك منحوتاتك و مسبوكاتك، وأجعله قبرك، لأنك صرت نجساً. هوذا على الجبل (تسير) قدما المبشر حامل الأخبار السارة، الذي يعلن السلام فيا يهوذا واظب على الاحتفال بأعيادك وأوف نذورك لأنه لن يهاجمك الشرير من بعد، إذ قد انقرض تماماً. ماذا تقول الآن يا أستاذ، أتخالف دينك و كتاب ربك، الذي يقول أن الآشوريين انتهوا من الوجود و إلى الأبد. يا ترى ماذا سيكون ردك على هذا؟. لكي لا أطيل أنا نقلت جزء من سفر النبي ناحوم لمن يريد الاستزادة عليه الرجوع إلى الكتاب المقدس العهد القديم (التوراة) سفر ناحوم صفحات ( 1099- 1100- 1101).
يسترسل الأستاذ في هذيانه ويقول: بل اشتطّ بهم الهذيان الفكري إلى درجة أنهم صاروا يّدعون، بكل بلاهة، بأن أصلهم من السومريين، وأن أنليل و إينانا إلهين كرديين، و جلجامش و أنكيدو بطلين كرديين، ونينوى وبابل مدينتين كرديتين أيضا. ولم يكتفوا بذلك بل نقّب مؤرخوهم في بطون الكتب التأريخية و الدينية، وانكبّ آثاريوهم على دراسة كل الملاحم والرقم الأثرية المكتشفة في كردستان، والمكتوية باللغة المسمارية الكردية حتى توصلوا عن طريق الدراسات والمكتشفات (الكردولوجية) بأن ابراهيم الخليل كرديا أصيلا، لا تشوب كرديته أية شائبة.
يا هذا لسنا نحن الكورد، قلنا أن السومريين، كانوا كورداً، بل هناك الكثير، من أصحاب الاختصاص، من الأكاديميين أثبتوا بالدليل و البرهان، انتماء السومريين للأمة الكوردية.إن هؤلاء المختصون قارنوا بين الكلمات السومرية و الكوردية، التي تتطابق في نطقها ومعناها، في كلتا اللغتين. يقول العلامة طه باقر أن السومريين هم من الأقوام التي نزحت من شمال شرق العراق إلى جنوب العراق. لم تسكن في شمال شرق العراق منذ فجر التاريخ إلى الآن غير القومية الكوردية. يا أستاذ إذا عندك شيء تفند به تلك الإثباتات قدمه لنا، دون أن تكتب كلام مبهم، لا يقدم ولا يؤخر. يقول الدكتور مؤيد عبد الستار في إحدى مقالاته بهذا الصدد نقلاً عن العلامة (ويديل) أن أكثر من خمسين في المائة من الكلمات الشائعة المستخدمة في الانجليزية اليوم هي من أصل سومري، وبنفس خصائص الكلمة الأصلية، أي بصوتها ومعناها. ويبين انه استنادا إلى نتائج تحليلاته التفصيلية والمقارنة بين السومرية وعائلة اللغات الآرية، توصل إلى أن اللغة السومرية هي لغة آرية بكلماتها، وبُنيتها، وكتابتها، وان جميع لغات العائلة الآرية مع حروفها المكتوبة أخذت من السومرية. ويضيف الدكتور هذه هي الخلاصة التي ذكرها في مقدمة مؤلفه القاموس السومري- الآري، الذي صدر أول طبعة منه سنة (1927) في لندن. من المعروف جيداً أن اللغة الكوردية من أعرق اللغات الآرية و أقدمها و أقربها إلى السومرية نطقاً و جغرافياً. وأن السهل الرسوبي لجنوب العراق، ما هو ألا امتداد لجبال كوردستان، من جهة محافظة إيلام (عيلام)، و نقرأ في كتب التاريخ أن نهر دجلة كان يفصل بين إيلام و سومر.
عن إيلام (عيلام) ينقل لنا الدكتور سيد محمود ألقمني في كتابه (النبي إبراهيم و التاريخ المجهول) صفحة (30) ما يلي: تعرضت دولة (أور) في أواسط القرن العشرين قبل الميلاد لغزو شرقي من العيلاميين الآريين، و غزو غربي من الأموريين الساميين، واقتسموا مجدها، ولكن ظلت الحروب بينهما سجالاً فترة طويلة، واحتضن الأموريون الحضارة السومرية الأكدية في العاصمة (إيسن)، واتخذ العيلاميون خطوة مماثلة فتركوا للعاصمة (لارسا) استقلالها الذاتي واكتفوا بتولية الأمراء عليها، إلى أن ساد الأموريون بسيادة بابل، وأسسوا دولة بابل الأولى حوالي عام (1880) ق.م. نعود و نتساءل، عن الايلاميين (العيلاميين) الذين تطرق إليهم الكاتب بأنهم شعب (آري)؟ هنا البيت القصيد، هل سكن منذ بدء التاريخ وإلى اليوم في إيلام (عيلام) شعب آري غير الكورد. إذا وجد فليخبرنا الأستاذ، أنا على يقين أن الوجود الكوردي في سومر، يرجع إلى زمن أقدم بكثير من التاريخ الذي جاء في المصدر أعلاه. لا أريد الخوض في هذا كثيراً لأني نشرت قبل عدة اشهر مقالاً حول علاقة السومر والسومريين بالكورد و الذي كتب الأستاذ مقاله كرد على ذلك المقال، لكنه لم يرد على كلمة واحدة من ذلك المقال، مجرد أشار إلى عنوان المقال، وهذا أيضاً حرفه كما يحلو له.
ثم يقولني الأستاذ، بأني قلت في مقالي، أن نينوى مدينة كوردية، و لم يشير الكاتب أين ومتى قلت أنا هذا الكلام، أن نينوى الآشورية كانت مدينة كوردية، نحن قلنا و نقول أن موصل مدينة كوردية، ولنا مقال عنها تحت عنوان (موصل مدينة كوردستانية عبر التأريخ) إذا عندك نقد عن ذلك المقال يستحسن بك أن تكتبه لنرى ماذا عندك في هذا المضمار، وإلا إطلاق الكلام على عواهنه يرجع سلباً على قائله. ثم من قال بأني قلت بابل كوردية، نحن نقول سومر كوردية، التي كانت قبل بابل بقرون عديدة، و البابليون اقتبسوا جميع مفردات حضارتهم من السومر و السومريين.
يعترض الأستاذ النسطوري بأسلوب تهكمي، لماذا نقول أن النبي إبراهيم كوردي، و كان في بلاد الكورد، سأنقل لك شيء عن النبي إبراهيم (إبرام) نقلاً عن كتًاب و مفكرين من غير الكورد، لأن الرأي الكوردي، قد يكون مشكوك فيه عند حضرتك. ذكر المؤرخ أبو الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي البغدادي، المعروف بالمسعودي، المولود في بغداد عام (287) هجرية و المتوفى في مصر عام (346) للهجرة، في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر ص (85 – 86) شيئاً عن أنساب (الفرس): وقد كانت أسلاف (الفرس) تقصد البيت الحرام،(مكه) وتطوف به، ولجدَها إبراهيم عليه السلام، وتمسكاً بهديه،وحفظاً لأنسابها، وكان آخر من حج منهم ساسان بن بابك وهو جد أردشير بن بابك، وهو أول ملوك ساسان وأبوهم الذي يرجعون إليه كرجوع المروانية إلى مروان بن حكم،وخلفاء العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب،ولم يل (الفرس) الثانية أحد إلا من ولد أردشير بن بابك هذا، فكان ساسان إذا أتى البيت (مكه)طاف به وزمزم على بئر إسماعيل، فقيل: إنما سميت زمزم لزمزمته عليها،هو وغيره من (فارس)، وهذا يدل على ترادف كثرة هذا الفعل منهم على هذه البئر، وفي ذلك قول الشاعر في قديم الزمان: زمزمت الفرس على زمزم ... وذاك من سالفها الأقدم. وقد افتخر بعض شعرائهم بعد ظهور الإسلام بذلك الفعل القديم فقال:
وما زلنا نحج البيت قِدماً ... و نُلْقَي بالأباطيح آمنينا
وساسان بن بابك سار حتي ... أتى البيت العتيق يطوف دينا
فطاف به، وزمزم عند بئر ... لإسماعيل تُرْوي الشاربينا.
وكان ساسان بن بابك هذا أهدى غزالَيْن من ذهب وجوهراً وسيوفاً وذهباً كثيراً فقذفه في بئر زمزم. انتهى كلام المسعودي.
لكي نثبت للأستاذ الكاتب وللآخرين، أصل و انتماء هؤلاء الساسانيين للكورد. يجب علينا أن نرجع إلى أهم المصادر الموثوق بها، وغير كوردية، و على وجه الخصوص نرجع إلى أهم مصدر فارسي،وهو (دائرة المعرف الإيرانية- الفارسية)، وبعض المصادر العربية المعتبرة. لنقرأ معاً ماذا تقول هذه المصادر عن ساسان و الساسانيين. جاء في الطبري طبع مصر ص (57) المجلد الثاني، وأيضاً في الكامل في التاريخ لابن الأثير ص (133) المجلد الأول فقد جاء في هذان المصدران، رسالة موجهة من الملك الاشكاني، أردوان الخامس، إلى (أردشير بن ساسان بن بابك) يقول فيها: أنك قد عدوت طورك واجتلبت حتفك أيها الكوردي المربى في خيام الأكراد من أذن لك في التاج الذي لبسته. الطعن في أصل وانتماء الساسانيين للأمة الكوردية لم يأتي فقط على لسان (أردوان الخامس الإشكاني) بل جاء هذا (الطعن) على لسان (بهرام چوبین) سليل السلالة الاشكانية التي حكمت إيران قبل الساسانيين. عندما حدث بينه وبين الملك الساساني ( خسرو الثاني – پرويز) مواجهة حاول فيها (بهرام چوبین) اغتصاب الحكم من الملك (خسرو الثاني – برويز) حيث قال له: يا ابن ..... المربى في خيام الأكراد. ذكر هذا (دهخدا) في موسوعته الشهيرة (لغتنامه) نقلاً عن كتاب (الطبري) (المجلد الثاني) (صفحة 138) طبع مصر. ذكر (ابن منظور) في قاموس (لسان العرب) أن (ساسان كسرى) لم يشحذ وإنما رعى الغنم و قيل له (ساسان الكردي) و كان ممن يعره برعي الغنم الشاعر (امرؤ قيس) قال فيه شعراً :
لستُ براعي اِبلِ ولا غنم ... ولا بجَزارِ على ظهري وَ ضَم .
جاءت في أضخم معاجم اللغة العربية، قديمها و حديثها وهو معجم تاج العروس، شرح القاموس في مادة (س و س) لمرتضى الزبيري الولادة (1144) هجرية الوفاة (1204) هجرية (المجلد الأول) صفحة (134). إن لقب ساسان الأكبر أعطاه كتاب المعاجم و المؤرخون المسلمون( لساسان بن يهمن) (ساسان الأول). و جاءت أيضاً في دائرة المعارف الإيرانية للعلامة علي أكبر دهخدا (المجلد التاسع) (صفحة 13287). ساسان الأصغر لقب ساسان والد بابك والد أردشير بن بابك. ساسان الأصغر بن بابك بن مهرمس بن ساسان الأكبر أبو الأكاسرة و هو حفيد ساسان الأكبر بن يهمن بن أسفنديار. الرجوع إلى (تاج العروس) (منتهى الأرب) و (الطبري) طبع ليدن (المجلد الثاني) (صفحة 813) و (حبيب السير) طبع الخيام (المجلد الأول) (صفحة 222) و(مجمل التواريخ و القصص) (صفحة 33). الرجوع إلى (ساسان الرابع) في لغتنامه دهخدا (دائرة المعارف الإيرانية- الفارسية) لعلي أكبر دهخدا (المجلد التاسع) (صفحة 13286) و أيضاً المجلد التاسع صفحة ( 13248) أن والد (أردشير) هو الراعي (بابك الكردي). جاء في (ألمطرزي) ( شرح مقامات الحريري) الطبع الحجري (إيران) (1273 هجرية) صفحة (39) و في لغتنامه دهخدا ( المجلد التاسع) صفحة ( 13282) : إن ساسان جد الساسانيين كان يقال له: ساسان الكوردي. وجاء في شرح مقامات الحريري مطرزي طبع سنة (1273)هجرية صفحة (39)، و في لغتنامه دهخدا المجلد التاسع صفحة 13287): إن ساسان كورد هو لقب (ساسان بن يهمن). بهذا الصدد يقول العلامة (دهخدا) في موسوعته الشهيرة وفي مادة الباء (المجلد الثالث) (صفحة 3843) أن والد (أردشير) هو الراعي (بابك الكردي). أعتقد الآن أصبحت الصورة واضحة لا لبس فيها إلى من يرجع نسب هؤلاء الساسانيين ولأية أمة ينتمون ،بصورة لا لبس فيها بأن هؤلاء الساسانيين من عائلة كوردية أصيلة أسست إمبراطورية الساسانية، التي حكمت بين (224م- 652م) وسماها بهذا الاسم، مؤسسها أردشير بن بابك بن ساسان، نسبة لجده ساسان.
[1]