ادعاءات النساطرة (الآثوريون) بين وهم الانتساب إلى الأشوريين وخيال الانتماء إلى العراق 4-9
محمد مندلاوي
لنقرأ بموضوعية، و بذهنية حيادية، بعيداً عن التعصب، كلام عدد من ذوي الاختصاص، للتعرف على جانب مهم من تاريخ المنطقة و الكورد. منهم العلامة الدكتور (لويس عوض) في كتابه الشهير ( مقدمة في فقه اللغة العربية) صفحة (26) عن جذور وانتماء النبي أبراهم : وربما كان براهما Brahma هو الإيپو Eponym القومي لموجة هندية إيرانية استقرت في أور عبر لورستان Luristan في إيران – لورستان هي مقاطعة كوردية في شرق كوردستان (إيران) و اسم مركز المقاطعة شهر كورد أي مدينة الأكراد- ثم هاجرت إلى حران في عهد الكاسيين Kassites (نحو 1800 ق.م.) لتعيش في ظل هذه الأرستقراطية العسكرية التي نزلت على حران من القوقاز Caucasus أو سيكذيا Scythia وخرج منها الإشكينازى Ashkinazi. كذلك يقول مفكر مصري آخر وهو الدكتور (محمود القمني) في كتابه (النبي إبراهيم و التاريخ المجهول) في صفحة (26-27) نقلاً عن أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي ولد سنة (962) ميلادية: لقد اختلف العلماء في موضع الذي ولد فيه إبراهيم فقال بعضهم كان مولده بالسوس – سوس (شوش) هذه مدينة في لورستان تابعة لمحافظة إيلام (عيلام) سكانها من الكورد- و قال بعضهم مولده ببابل بناحية اسمها كوثا و قال أهل السلف من أهل العلم ولد إبراهيم زمن نمرود. و ينقل لنا الدكتور السيد القمني في صفحة (37) إن والدة إبراهيم لما أتاها المخاض توجهت إلى المغارة في الجبل حيث وضعت و ليدها هناك. نقرأ في كتب التراث أن النبي إبراهيم ذات يوم سأل الله كيف تحيي الموتى فأجابه الله تعالى أولم تؤمن بالميعاد؟ فقال بلى ولكن ليطمئن قلبي. فأمره الله أن يأخذ أربعة طيور و يذبحها و يخلط لحمها، ثم يقسمها عدة أقسام و يضع على كل جبل قسماً منها. إلى آخر القصة وكُتب التاريخ تذكر أن عدد الجبال التي وضع عليها لحم الطيور، هي عشرة جبال. القصد من سردنا لهذه القصة، و أيضاً قصة ولادة إبراهيم في الجبل، هو، أين توجد جبال بهذه الكثرة، غير في موطن الكورد كوردستان، لأن أرض بابل منبسطة و خالية من الجبال. ويقال أن الطيور الأربعة التي ذبحها إبراهيم، كانت من طيور القبج وهذا الطير ليس له وجود في شرق الأوسط، إلا في بلاد الكورد، لأنه طير جبلي، لا يعيش في الأراضي المنخفضة، وحتى اسمه العربي قبج ما هو إلا تعريب لاسمه الكوردي، كبك أو كوك. إن موطن الحوريين (خوريين) كان في جبال كوردستان. يقول الدكتور ألقمني في صفحة (53) من كتابه المذكور أن ضغطا قد حدث دفع شعب هذه المنطقة الحورية (خورية) للخروج في موجات متتابعة من الهجرات، وربما تمثل هذا الضغط في كارثة طبيعية أو مجموعة كوارث متتابعة تفسر الهجرات المتتابعة التي هبطت على المنطقة، منهم النبي إبراهيم أو قبيلة الكاسيين، الهكسوس. يضيف الدكتور ألقمني في صفحة (54)، إذا كانت التوراة قد وصفت النبي إبراهيم بأنه رجل آرامي، فقد انتهينا إلى أنه رجل (حوري) – هوري- أيضاً. ويستطرد قائلاً ولا يغيب عن الخاطر أنه في المنطقة الحدودية بين المنطقة الكاسية الهندو أوربية (آرية) و المنطقة العراقية الكنعانية و هي سامية، كان سهلاً أن تتبادل حرف (ح) مع حرف (أ) أو مع الهمزة، و من هنا كان ممكناً أيضاً أن تنطق حور الواقعة في منطقة الكاسيين أو (حور الكاسيين) بالنطق (أور- كاسيين) و التي يجب نطقها عبرياً (أور- كسديم). ثم يقول الدكتور ألقمني في صفحة (60) إن موطن الأصلي للهكسوس (كاسي) هو براري غرب آسيا، و اتجاه يشمل منطقة آرارات.
كان يحتوي جبل أرارات في قديم الزمان، على المئات البراكين الناشطة، وآخر نشاط لهذه البراكين، حدث سنة (1840) ميلادية، و خمد فيما بعد، ولم تسجل لها بعد هذا التاريخ أية نشاطات. فلذا سمي منذ قديم الزمان بجبل البراكين، وتسميته جاءت من جذر آر أي النار في اللغة الكوردية. وللنار أسماء عديدة في اللغة الكوردية منها: آر، آگر، آتر، آتش، آير الخ حسب علمي لا وجود لمثل هذه الكلمة - آرارات- في اللغة الأرمنية. بل اسم هذا الجبل في اللغة الأرمنية هو (ماسيس – مسيس - مازيك). وعند الأتراك ( آگريداغ) أي جبل النار مأخوذة من الكوردية و العرب أيضاً كانوا يشيرون إليه في كتبهم القديمة باسم (جبل النار) أو جبل الحارث و اسم الحارث في اللغة العربية له عدة معاني منها النار أو أداة لتحريك النار. جاء في الكتاب المقدس أن اسم (أراراط) هو اسم أكدي، ولم يقل لنا الكتاب المقدس ماذا يعني هذا الاسم، يقول أنه مجرد اسم أطلق على بلاد جبلية. من المعروف، أن الكتاب المقدس، يذكر الأشياء بالتفصيل، بخلاف القرآن، لكنه في تطرقه لاسم آرارات، نراه لا يفسر لنا معناه، كما في ذكره وشرحه لأسماء أخرى التي وردة فيه. ذكر المؤرخون، بأن الأكديين اقتبسوا واستعاروا، جل الحضارة السومرية الكوردية، وأن الكثير من الكلمات الأكدية أصلها سومرية. ثم لاحظ بين اسم حوري و حاران بالطبع حرف الاسم عبر الزمن وإلا هو هوري أو خوري - في جنوب كوردستان توجد مدينة كوردية اسمها خورمال من المرجح أنها تعني بيت الخوريين أو منطقة الخوريين، فيها قلعة أثرية قديمة - قارنه مع حران المنطقة التي كانت تسمى قديماً هاران. يقول الدكتور سيد محمود ألقمني في صفحة (17) في كتابه المذكور بخصوص النبي إبراهيم: إن أسطورة باسم (براما) كانت واسعة الانتشار قبل ظهور العبرانيين، وعرفت في بلاد إيران و الهند وما حولهما، وأنها أصل عقيدة (براهما) الهندية، وأن العبرانيين بدورهم قد تبنوا هذه الأسطورة وحولوها إلى شخصية إنسانية، واحتسبوا (براما) جدهم البعيد، تأسيساً على منهج التدين القديم القائم على تقديس الأسلاف. قبل فترة وجيزة أتحفنا الدكتور أحمد الخليل بسلسلة دراسات عن التاريخ الكوردي القديم، و في إحدى المقالات من تلك السلسلة والتي كانت عن حرق النبي إبراهيم، نقل لنا الدكتور عن المفسر و العلامة الطبري ولادته (310) هجرية، عن مُجاهد في قوله (حرقوه وانصروا آلهتكم) قال: قالها رجل من أعراب فارس يعني الأكراد. (جامع البيان،ج10،ص43). ثم ينقل عن الشنقيطي: وفي القصة أنهم ألقوه من ذلك البنيان العالي بالمنجنيق، بإشارة رجل من أعراب فارس يعدون الأكراد، وأن الله خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة (أضواء البيان،ج4،ص588). وقال الطبري أيضاً: عن مجاهد قال:تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقال:أتدري- يا مجاهد- من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار، فقال: قلت: لا. قال: رجل من أعراب فارس. قلت:يا أبا عبد الرحمن، أوَ هل للفرس أعراب، قال نعم، الكرد هم أعراب فارس، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار.(جامع البيان،ج10،ص43). جاء أيضاً في تفسير الآلوسي: إن الذي أشار بحرق إبراهيم رجل من بني جلدته من الأكراد. لو خضعنا هذه الحادثة للعقل و المنطق يؤكد لنا أن النبي إبراهيم كان كوردياً و وجود إنسان كوردي في هذه الحادثة التاريخية يثبت هذا نحن هنا لا نتدخل في جانب الإيماني أن كان هذا الكوردي كافرا أو مؤمنا لأنه ليس موضوعنا الذي يهمنا هنا هو وجود شخص ينتمي إلى الأمة الكوردية هل هناك ذكر لاسم شعب آخر في هذه الحادثة؟. ثم اسم الملك الذي يدعي الربوبية و الخلود و يقول أنا الخالق فلما قال له النبي إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت. واسمه (نمرود) وهذا الاسم إلى اليوم عند الكورد كما هو يعني الخالد الذي لا يموت حيث أن حرف (نه) باللغة الكوردية أداة نفي و (مرد) يعني الموت وبذا يعني اسم نمرود الخالد الذي لا يموت.إن دل هذا على شيء إنما يدل على أن ذلك المجتمع هو مجتمع كوردي لا غير لان الأفراد من الكورد و الملك كوردي و الواقعة حصلت في بلاد الكورد في كوردستان. ثم يتبارى إلى الذهن سؤال، كيف عرف هذا الكوردي صناعة المنجنيق أن هو من البدو كما يقول المصدر، ألم تكن صناعة المنجنيق في ذلك العصر توازي صناعة الصواريخ في عصرنا الراهن. يعني هذا الكوردي كان صاحب حضارة راقية ولم يكن بدوياً لقد قضى على حضارته الفرس الإيرانيون والأوباش القادمون من شمال الجزيرة العربية.
في مقال بحثي للأستاذ (أحمد ملا خليل مشختي) يشير إلى اليهود والمسلمون وربطهم بين نمرود و إبراهيم في (الرها- اورفه) حيث هناك أمكنة في (اورفه) مقرونة باسم إبراهيم و نمرود بحيث إن القلعة القريبة منها سميت (عرش نمرود) وسمي التل (تل نمرود) وثمة حوض (بركة) ماء باسم (بركة إبراهيم) و (سمك إبراهيم) في المكان المعروف ب(مقام إبراهيم) و ثمة مدينة حدودية بالقرب من مدينة زاخو باسم (إبراهيم الخليل) كل هذه الأدلة تشير وبقوة إن إبراهيم الخليل و نمرود كانا في كوردستان في منطقة لورستان أو منطقة (اورفه). و يضيف الأستاذ أحمد ملا خليل في بحثه أن (أورا) الوارد ذكرها في النصوص المكتشفة هي نفس (اورفه – اورفا). ثم يقدم نبذة تاريخية حول اورفه – الرها: التي مرت بعدة مراح وتسميات و تدعى اليوم (اورفا) كانت تسمى في السابق (اورسروهوني) وتبلور الاسم في العهد السلوقي (اورهوني) وعرفت اسماً مركباً هو (كاليرهوي) أي التبغ الحسن حيث تنتشر في المنطقة نحو (25) عين ماء تستخدم في السقي إضافة إلى أنهر (البليخ) والخابور و الفرات الغربية. وحول أصل التسمية (اورفه) ينقل الأستاذ أحمد نقلاً عن يوسف حبي: والأصح إرجاع التسمية إلى أصل مشرقي قديم وعلى الأكثر من لفظة مكونة من (وره) بمعنى السحاب و المطر، إشارة إلى غزارة المياه في المنطقة ثم يقول الأستاذ أحمد ملا خليل ولكنه لم يشر إلى أية لغة تنتسب إلى تلك اللفظة علماً إن اللفظة كوردية بحتة. حيث إن (آوره) يعني السحاب واللفظة بالأصل مشتق من (آو- الماء) كما إن كلمة (وران) تعني (المطر) وينطبق هذا الاسم مع التسمية (اورفا) وغزارتها بالمياه و الأنهار وبهذا فأن كلمة (اورفه) تسمية كوردية الأصل والاشتقاق.
ويستمر الكاتب النسطوري في استهزائه الذي يدل على إفلاسه وأنه لا يملك رداً منطقياً على كلامنا حيث يقول: وقد تأكد الكرد، أيضا، بأن النبي نوح كرديا أصيلا من خلال تشريح جثته التي عثروا عليها تحت أنقاض الفلك الذي رسا على قمة جبل جودي الكردي، وهي كاملة الأوصاف. لقد حذفت جانباً من كلامه، لأنه كلام بذيء، لا يليق إلا بقائله. بهذا الأسلوب التهكمي رد على مقالنا السابق، واستهزأ بكتابنا ومؤرخينا، وهم في غاية الأدب والاحترام، عندما يذكروا الآخرين، لكنهم ليس لهم حيلة عندما يشيرون إلى إحدى المصادر، الأمانة الأدبية تحتم عليهم إن ينقلوها إلى القارئ كما هي، مثال هذه المعلومة التي جاءت في كتاب محمد أمين زكي المشار إليه في حلقات مقالنا، جاءت في حاشية ص (121):ورد في كتاب ((المسألة الكوردستانية و الترك)) بحاشية ص (25) أن النساطرة (الأشوريين)الحاليين في الأصل – على ما يظهر- أكراد اعتنقوا الديانة المسيحية أخيراً). ماذا يفعل الكاتب ليتجنب استيائكم، المصدر وهو غير كوردي، يقول هذا إذا توجد عندكم مصادر معتبرة لرد على هذه المصادر، فأتوا بها و انشروها لكي يطلع عليها القارئ، حتى أن جانباً من الكلام الذي نقوله نأتي به من كتبكم المقدسة، مثال نبوءة النبي ناحوم التي اشرنا إليها سابقاً و التي موجودة في الكتاب المقدس (التوراة) تغمضون عنها عيونكم وتصمون آذانكم وكأنها لا تتعلق بكم، مع أنها نص مقدس مصدره السماء،جاء على فم نبي حيث تنبأ: وها الرب قد أصدر قضاءه بشأنك يا أشور: لن تبقى لك ذرية تحمل اسمك. وأستأصل من هيكل آلهتك منحوتاتك و مسبوكاتك، وأجعله قبرك، لأنك صرت نجساً. وفق هذا النص الذي مصدره الله، نقول للأخوة النساطرة أنتم الآن أمام خيارين لا ثالث لهما أما الاعتراف بما جاء في الكتاب المقدس بأنه عين الصواب و الحقيقة، وأما أن تشككوا بكتابكم المقدس بأنه.... الأمر متروك لكم، نحن ننتظر منكم التوضيح، على هذه الحقيقة السماوية. من دون التهجم على الآخر واستخدام ألفاض نابيه ضده، خلافاً لوصايا بولص الرسول : نشتم فنبارك نضطهد فنحتمل. للأسف أنتم قلبتم الآية، حيث أصبحتم أنتم الشتامين، و نحن الكورد نبارك.
سألعق تعليق مقتضب على جزئية النبي نوح، التي أشار إليها الكاتب النسطوري، بأسلوب هجومي، خارج عن قيم الأخلاق، و السلوك المهذب. ذكر في كتب التأريخ، عدد من الأسماء لجبل (أرارات) منها جبل الحارث و جبل آگريداغ وجبل ماسيس و جبل نوح الخ. لكن اشهر هذه الأسماء هو اسم آرارات. ينبغي على المرء أن لا يخلط بين اسم آرارات الجبل، و اسم أورارتو إحدى الأقوام الكوردية القديمة. لقد تطرقنا إلى قسم من هذه الأسماء، والآن نشير، إلى ما لم نشر إليه في سياق المقال، وهو اسم جودي فقد جاء في القرآن سورة هود، آية (44) ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء و قضي الأمر و استوت على الجودي، وقيل بعداً للقوم الظالمين). يقول المؤرخون أن اسم جودي ما هو الا اسم گوتی إحدى الأقوام الكوردية فسمي بجودي، لأن اللغة العربية ليست فيها حرف (گ- گاف) الكوردية، فلذا يُبدل هذا الحرف في اللغة العربية، إلى حرف ال(جيم) و من ثم (التاء) إلى (الدال)لأن حرفا الجيم و التاء لا يجتمعا في الاسم العربي، فلذا تتغير الكلمة بالطريقة التي ذكرناها، حتى تتناسب مع اللفظ و النطق العربي السليم، وهذه الطريقة متبعة عند جميع شعوب العالم،حيث تغيير الأسماء والكلمات الأجنبية التي تستعيضها لكي تحافظ على بهائها و استقلاليتها أيضاً. يؤكد هذا الرأي السير كينغ مؤلف كتاب (تاريخ بابل) إلى أن لفظي (جودي) و (نيپور) يدلان على جبل واحد يظهر أنه محرف من كلمة گوتي لأن ناقليها وهم العرب الذين ينطقون الگاف جيماً كما في كلمة انگلترا يقولون انجلترا إلى آخره. جاء في كتاب محمد أمين زكي تاريخ الكرد و كردستان ص (88) نقلاً عن المستر (م.سترك) في دائرة المعارف الإسلامية (ج-1ص106) أن المؤلفين المسيحيين أطلقوا على جبل جودي اسم جبل (كوردوئين). وفي الواقع أن جبل نيسير يقع في بلاد (كوردوئين). اكتشف سفينة نوح، فوق جبل جودي، في بلاد الكورد، سنة (1948) الفلاح الكوردي (رشيد سرحان). جاءت في مجلة التراث العربي – مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب – دمشق العدد الرابعة و العشرون- آذار 2005 نقلاً عن ابن الأثير(انتهت السفينة إلى الجودي، وهو جبل بناحية قردي قرب الموصل) فجودي جبل يقع شمال العراق. لكن بعد الحرب العالمية الأولى (1914)، و بعد تقطيع أوصال كوردستان، أصبح جودي داخل حدود ما تسمى ب(تركيا). لنأتي على الاسم قردى الذي يقع عنده جبل جودي، ما هذا الاسم ألا اسم كردي، حيث أن، جميع الشعوب السامية، و خاصة الطوائف المسيحية، التي تتحدث لغة الكنيسة، لغة الساميين، تقلب الكاف قافاً، إلى يومنا هذا يقولون للبنك، بَنق و للكارت، قارت الخ. جاء في كتاب (عرب وأكراد خصام أم وئام) ص (23) للكاتبة (درية عوني) كريمة العلامة (محمد علي عوني) مترجم كتاب (محمد أمين زكي) الذي أشرنا إليه سابقا.ً إن المؤرخ اليوناني ((گسيفون)) (400-401) ق.م. يذكر أمة ذات جلادة، تسمى (كاردوخ) اعترضوا سبيل جيشه وقاوموهم أشد مقاومة. وتضيف أن اسم الكورد أو تحريفه، يطلق على هذه الأمة، وهو حسب لغة الغازي أو المؤرخ، من آشوريين،وإغريق، وأرمن، ورومان- وعرب الخ. وقد عرفت هذه المنطقة، بين المسلمين العرب، مثل الطبري و البلاذري و غيرهما باسم بقردى. ويقول ياقوت الحموي، نقلاً عن ابن الأثير، إن بلاد بقردى، قسم من بلاد الجزيرة. هذا وقد اندثر أخيراً اسم ((باكاردا – بقردى))، وحل محله في الكتب الإسلامية و العربية، أسماء مثل ((جزيرة ابن عمر)) أو ((بوتان))، كما ورد في الأخبار الطوال، لأبي حنيفة الدينوري، ما نصه: ((كان جنوح سفينة نوح واستقرارها على رأس جودي، جبل بقردى و بازبدى)). جاء أيضاً في كتاب ياقوت الحموي (معجم البلدان) (ج4 ص 322) قردى قرية قريبة من (جبل جودي) بالجزيرة و بقربها (قرية الثمانين) وعندها رست سفينة نوح. جاءت في التوراة الآرامية المعروفة ب (ترجوم أونقيلوس) سفر التكوين الإصحاح (8) الفقرة (4) باسم: (كاردو). وفي التوراة السريانية المعروفة ب (البشيطا) سفر التكوين (8) الفقرة (4) (قردو). هذا الاسم، مطابق لاسم الجبل الذي ذكرته التوراة العبرية، (أراراط)، المكان الذي استقرت عليه، سفينة نوح. وقد ذكر مفسروا التوراة القدامى و المحدثون، من اليهود والنصارى، أن جبل (أراراط) (قردو) يقع اليوم جنوب (تركيا)، (شمال كوردستان). قارن الاسم (قردو)، مع الاسم الذي أشرنا إليه في سياق المقال، والذي دونه بيروسوس البابلي ثلاثة قرون ق.م. وهو جبل كردوئين الذي رست عليه سفينة نوح. جاءت أيضاً في مجلة التراث العربي المشار إليها، يقول الكتاب المقدس: أن الفلك استقر على جبل أرارات،هذا الجبل يعرف ب(ماسيس) في أرمينيا، وتذهب بعض التفاسير الدينية إلى أن الجبل المعروف بجبل الجودي هو بالأرمينية كردخ كما تقول المصادر النصرانية،وهو المكان الذي استقر عليه فُلك نوح. جاء في كتاب (كرمانشاهان – كوردستان) ل(مسعود گلزاري) ص (63) نقلاً عن (دائرة المعارف الإسلامية) إن الأرامنة يقولون لمنطقة التي يسكنها الكورد ب((كردوخ)) و أشار إليه گزنفون باسم (كردك) ويضيف الكاتب أن الكاف الثاني في الاسم هو علامة الجمع في اللغة الأرمنية، ويقول لربما سمع گزينفون الاسم من شخص أرمني و دونها كما سمعه هكذا (كردك) تنقل لنا كتب التاريخ، أن السفينة، بعد أن استقرت على جبل جودي، و هبط منها الرجال و النساء، الذين رافقوا النبي نوح، بدءوا ببناء المساكن لأنفسهم. حسب المصادر، كان عدد الذين رافقوا النبي نوح، ثمانين شخصا،ً بنوا لأنفسهم ثمانون مسكناًً، و تلك القرية تُسمى إلى اليوم بقرية (هشتايان)،وتعني بالغة الكردية (ثمانين)، أي قرية الثمانين دار. أكد هذا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ولادته (828 م) وفاته (899 م) في كتابه الشهير (عيون الأخبار) يقول: أول قرية بنيت بعد الطوفان قرية بقردي تسمى سوق الثمانين كان نوح لما خرج من السفينة بناها و بنى فيها لكل رجل آمن معه بيتاً و كانوا ثمانين فهي اليوم تسمى الثمانين. في سفح جبل (جودي)، توجد في العصر الراهن مدينة كردية اسمها (شرنخ) و التي تعني في اللغة الكردية (مدينة نوح). كذلك يوجد هناك (دشت نوخ) أي (سهل نوح). جاءت في المصادر العبرية و الآرامية قبل الميلاد ذكراً لمدينة (بيت قوردو)، حيث ذكر اسم هذه المنطقة مؤرخوا العصر الإسلامي، كابن أثير و ياقوت الحموي و المسعودي وغيرهم باسم (بقردى). هنا يستوجب الوقوف قليلاً لتوضيح هذا الاسم المكوّن من مقطعين، هما (بيت) و (قوردو). إلى يومنا هذا يستعمل اليهود و المسيحيون بكل طوائفهم اسم (بيت) للدلالة على منطقة مثال: (بيت لحم )، (بيت لاهيا)،(بيت الدين) (بيت ساحور) (بيت نهرين). أما كلمة (قوردو) فهي في الأصل (كردو) أي (الشعب الكردي)، إن الآراميين والعبرانيين والعرب، كانوا يقلبون الكاف قافاً مثال: (گريك) أي (يونان) يقولون (إغريق) و (كرمنشاه) – (قرمسين) إلى آخره وهذه الطريقة في قلب الكاف قافاً باقية إلى اليوم عند بعض الطوائف المسيحية حيث يقولون ل(البنك) (بنق) و يقولون ل(الكارت) (قارت) وهلم جرى.
[1]