ادعاءات النساطرة (الآثوريون) بين وهم الانتساب إلى الأشوريين وخيال الانتماء إلى العراق 6-9
محمد مندلاوي
يستمر الكاتب النسطوري بسرد الكثیر من المغالطات واللغو الذي لا طائل فيه، قائلاً: والأدهى من كل هذا وذاك أن العرب المساكين قد أصيبوا بخيبة أمل كبيرة حين اكتشفوا بعد ما ينيف على ألف وسبعمائة عام بأن نبيهم الذي كانوا يظنونه عربيا قحّا خالصا قد أصبح، في غفلة من الزمن، كرديا من أخمص قدمه حتى أعلى شعرة في رأسه. وأن هناك الكثير من آيات القرآن قد أنزلت عليه من أجل سواد عيون الأكراد، ومراعاة لمشاعرهم الرقيقة والحسّاسة. التاريخ الذي ذكره الكاتب أعلاه غير صحيح، لربما حصل عنده خطأ أثناء الكتابة. الصحيح، ألف و أربعمائة عام.
أين وفي أي موضع أو كتاب قال الكورد، أن النبي محمد كوردي. إن الكُتاب المسيحيين و كُتب التاريخ تقول: أن شعوب شبه الجزيرة العربية في زمن النبي إبراهيم وقبله نزحوا من إيران عبر لورستان. أي من مناطق شرق كوردستان (إيران). هذا الكلام جاء في الكتب القيمة التي دونها الكتاب المسيحيون. على سبيل المثال و ليس الحصر، منهم الدكتور الأكاديمي (لويس عوض). استناداً على نظرية الدكتور لويس عوض و غيره من الأكاديميين، تكون أرومة تلك الأقوام في شبه جزيرة العرب، من الجذور الآرية أو الكوردية. للمزيد راجع كتاب الدكتور لويس عوض ( مقدمة في فقه اللغة العربية) أو كتاب الدكتور سيد محمود ألقمني (النبي إبراهيم و التاريخ المجهول). للتأكد من صحة كلام هذين العالمين الجليلين، سنلقي نظرة على جغرافية شبه الجزيرة العربية والتي تقع في جنوب غرب قارة آسيا، التي تحيط بها البحار من ثلاث جهات. من جهة الجنوب الشرقي بحر الخليج الفارسي أو بحر هرمز و من جهة الجنوب المحيط الهندي و بحر العرب و من جهة الشمال الغربي بحر الأحمر. لهذه سميت شبها جزيرة. لأن شعوب العالم ومنها العرب تسمي الأرض المحاطة من ثلاث جهات بالمياه بشبه جزيرة، إذاً الجهة الرابعة و الوحيدة التي تتاخم شبه الجزيرة العربية هي بلاد الكورد، كوردستان. باستثناء ممر أرضي كان موجوداً في شبه جزيرة سيناء، قبل شق قناة السويس في سنة (1859)م وهو طريق صحراوي صعب العبور جداً، في تلك العصور السحيقة، التي كانت وسائل النقل معدومة أو بدائية. تنقل لنا كتب التاريخ، أن بني إسرائيل، بعد خروجهم من مصر والتوجه إلى أرض الميعاد (إسرائيل) عبر هذه الصحراء، تاهوا فيها أربعون (40) سنة، كان يقودهم نبي موسى، رسول مرسل من الله. وجاءت في (التوراة) كان الرب هو دليلهم. وهؤلاء بني إسرائيل، شعب الله المختار، ويقودهم نبي مرسل، و دليلهم الله حسب كتاب المقدس، تاهوا فيها أربعة عقود. فكيف بقبيلة أو شخص تريد أن تقطع مجاهل هذه الصحراء القاحلة؟؟. بكل تأكيد اجتيازها يكون في غاية الصعوبة، أن لم نقل شبه مستحيل في تلك العصور القديمة التي كانت تنقلات الإنسان تتم مشياً على الأقدام أو امتطاء الدواب. إذاً الممر و المنفذ الوحيد إلى شبه جزيرة العربية هي بلاد الكورد. استناداً على آراء بعض هؤلاء الكُتاب الذين اشرنا إليهم، أن القبائل في شبه جزيرة العرب وفدت من بلاد الكورد. إذاً من الممكن جداً أن تكون تلك القبائل جذورها آرية كوردية. نحن هنا لا نجزم برغم ما أشرنا إليه في سياق المقال إلى آراء بعض الأكاديميين ذو اختصاص في هذا الحقل لكن نقول هذه آراء تحتاج إلى دراسة معمقة أكثر من لدن أكبر عدد من العلماء ذو الاختصاص. قد يملك المستقبل جواباً شافياً كافياً لها وليغيرها من الألغاز التاريخية التي لم تحل نهائياً. لو نلقي نظرة على تاريخ شبه جزيرة العربية نرى أنها منذ أن وجدت وإلى يومنا هذا هي أرض جرداء قاحلة، غير ذي زرع، كما وصفها القرآن، يعني لم تكن فيها حياة، لذلك من الممكن جداً أن الناس وفدوا إليها من تلك المناطق التي ذكرناها، بلاد الكورد. نحن نقدم هذه صورة لموقع وجغرافية شبه الجزيرة العربية ليتضح للقارئ بصورة أدق و أوضح صحت كلام العالمين الذين أشرنا إليهما. نقول للمشككين، أليس الذي نقوله هو الأقرب إلى الواقع و المنطق؟. أليس الذي نقوله يستسيغه العقل و المنطق و العلم؟ أفضل ألف مرة من الإدعاءات الهرطوقيه التي تدعي أن الجد الأكبر للسيد المسيح هو النبي إبراهيم. لا نعرف كيف هو الإله الرب وله نسب بشري، كما في المعتقدات المسيحية، وفي أناجيل العهد الجديد. حيث جاءت فيها، أن إبراهيم الخليل جد يسوع المسيح؟!. كما ورد نصاً في إنجيل متى: هذا سجل نسب يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم. أنه ابن داود الذي تمت به نبوءات العهد القديم ،وابن إبراهيم الآتي بالبركة للأمم جميعاً. بالطبع لدى المسيحية بعض التبريرات لهذا النسب البشري للسيد المسيح لكنها ليست منطقية وغير مقنع. لأنه بكل بساطة، ليس للرب أب، إلا عندا أهل الأديان الوثنية. آمل أن لا يتصور أحد من الأخوة المسيحيين أنا بكلامي هذا أعادي الدين المسيحي، أو أعادي المسيحيين أو النصارى. كلما في الأمر أن أحد النصارى سطر بعض المغالطات عن الكورد و تاريخهم بأسلوب تهكمي، هو الذي دفعني إلى قول الحقيقة و كشفها.
ويستمر الكاتب النسطوري المحترم بالشتائم و إلصاق التهم الباطلة بالشعب الكوردي قائلاً : يدّعي الأكراد بأن كل قطعة أرض جغرافية وطأتها أقدامهم في طريقهم إلى القتل والسلب والنهب هي أرض كردية مغتصبة، وجزء لا يتجزأ من كردستان الكبرى. كما حدث معهم في جبال هكاري وطور عبدين وشمال العراق التي كانت حتى بدايات القرن الثامن عشر خالية، كليا، من الوجود الكردي، وباعتراف جميع مؤرخي العالم قديما وحديثا. أو يلتجئون إليها هربا من الظلم والاضطهاد كما حدث معهم إثر نزوحهم إلى سوريا في بدايات ومنتصف القرن الماضي فرارا من البطش التركي.
برغم أن كلامه كله ترهات، لكن نرد عليه لسبب واحد فقط، وهو، لكي نوضح الأمور لمن انخدع وينخدع بهذه الأكاذيب. يزعم الكاتب أن الكورد يدعون ملكية كل قطعة ارض وطأتها أقدامهم في طريقهم إلى النهب و السلب والقتل هي أرض كوردية مغتصبة ، و جزء لا يتجزأ من أرض كوردستان الكبرى. أولاً و قبل كل شيء أن الكورد على مدى تاريخهم القديم و الحديث كانوا يُقتلون وليسوا قتلة، حسب الشواهد التاريخي والتي تزخر بها بواطن كتب التاريخ. حيث لم تقف عمليات القتل و الاضطهاد و التنكيل بهم. بدأً من هجمات الدولة الآشورية عليهم قبل الميلاد، و انتهاءاً بالأنظمة الدموية في العصر الحديث العربية والفارسية و التركية. بهذا الصدد سننقل ما ذكره الكتاب المقدس العهد القديم . عن إمبراطورية (مادي) – قبيلة كوردية أسست إمبراطورية ميديا قبل الميلاد- التي جاءت ذكرها في كتابات شلمنصر الثالث الذي أخضعها سنة (835)ق.م. و دفع له سبعة و عشرین ملكاً من الميديين الجزية له. وقد تعاقبت غزوات الآشوريين بعد ذلك إلى أيام تغلث فلاسر الثالث (737) ق.م. حينما غزاها وضم مقاطعاتها إلى آشور.وحينما استولى سرجون على السامرة (722) ق.م. وضع عدداً من بني إسرائيل المسبيين في مدن مادي (2 مل 17: 6 و 18: 11). وفي (710) ق.م. اخضع الماديين بالكلية و وضع عليهم الجزية بأن يقدموا عدداً من الخيول الممتازة التي اشتهرت بها بلاد مادي. ويفاخر سنحاريب أيضاً بالجزية الموضوعة على مادي. في سلسلة مقالات تحت عنوان ( دراسات في التاريخ الكوردي) ينقل لنا الدكتور (احمد الخليل) عن أشهر مؤرخي العالم، اضطهاد الكورد و قتلهم، على أيدي الآشوريين، إبان حكمهم للمنطقة. يقول (عبد الحكيم الذنون):الذاكرة الأولى،ص75 يمجد بعض ملوك الأكاديين و البابليين و الآشوريين الفظائع التي ارتكبوها في مواطن أجداد الكورد، بدءاً من إيلام (عيلام)، و انتهاءاً بالشمال في أرارات، وامتداداً إلى مشارف الأناضول وسط (تركيا) الحالية و كانوا يعدًون البطش بأجداد الكورد و سفك دمائهم، وتدمير بلادهم، أمراً مشروعاً، تباركه الآلهة، وفيما يلي بعض الشواهد على ذلك. إن الملك الأكادي نارام سين سجل بعض أمجاده في مسلة، تظهر فيها سفوح جبال مشجرة، و الجبال مخروطية الشكل،مرتفعة جداً،يصعد إليها الملك بجواد، وتنشر في وديانها جثث القتلى، والملك يصعد مختالاً وهو مدجج بالسلاح (بلطة، قوس، سهام)، و على رأسه خوذة مروسة لها قرنان؛ دلالة على الربوبية والجبروت، و تحت أقدامه أعداؤه صرعى، أو يلتمسون منه العفو. ذكر عن ويل جيمس ديورانت (William James Durant) (1885- 1981) فيلسوف و مؤرخ أميركي صاحب كتاب الشهير قصة الحضارة جاء في ( مجلد 1، ج2، ص27). جانباً من قسوة ملوك أكاد بأقوام الجبال، فقال: منشتوسو ملك أكاد أعلن في صراحة أنه يغزو بلاد إيلام (عيلام)، ليستولي على ما فيها من مناجم الفضة، و ليحصل منها على حجر الديوريت، لتُصنع منه التماثيل التي تخلد ذكره في الأعقاب... وكان المغلوبون يباعون ليكونوا عبيداً، فإذا لم يكن في بيعهم ربح ذُبحوا ذبحاً في ميدان القتال. و كان يحدث أحياناً أن يُقدم عُشر الأسرى قرباناً إلى الآلهة المتعطشة للدماء، فيُقتلوا بعد أن يوضعوا في شباك لا يستطيعون الإفلات منها.و يضيف الدكتور احمد عن (ألبرت كيرك كريسون: الكتابات الملكية لأشور ناصربال الثاني، ص 22). حيث وصف الملك الآشوري ناصر بال غزوة له إلى منطقة نهر الخابور في كوردستان قائلاً: بتأييد من آشور و الإله أدَد (حَدَد) الإلهين العظيمين اللذين جعلا سيادتي مطلقة، حشدتُ عجلاتي و جندي، وانطلقت إلى نهر الخابور،... و جعلت آزي- إيلي حاكماً يمثلني عليهم، و جعلت كومة من الرؤوس أمام بوابته، وسلخت جلود النبلاء الذين تمردوا علي، ثم نشرتُ جلودهم على كومة، فبعضُها في داخل الكومة، وبعضُها علًقتها على أعواد مغروسة في الكومة، وبعضها و ضعته على أعمدة حول الكومة، وأتيتُ بالعديد منهم إلى بلادي، فسلختُ جلودهم هناك، ونشرتُها على الأسوار.
يصف ويل جيمس ديورانت في مؤلفه المذكور (قصة الحضارة، مجلد 1 ج 2، ص 270) والذي ينقل عنه الدكتور أحمد قائلاً: سجل الملك الآشوري آشور بانيبال هجومه على إيلام (عيلام) قائلاً: لقد خربت من بلاد إيلام (عيلام) ما طوله مسير شهر و خمسة وعشرين يوماً، ونشرت الملح و الحَسَك لأجدب الأرض، و سقت من المغانم إلى آشور أبناء الملوك، وأخوات الملوك، وأعضاء الأسرة المالكة في عيلام صغيرهم و كبيرهم، كما سُقت منها كل من كان فيها من الولاة و الحكام، والأشراف و الصناع، وجميع أهلها الذكور و الإناث كباراً و صغاراً، وما كان فيها من خيل و بغال وحمير وضَأن و ماشية تفوق في كثرتها أسراب الجراد، ونقلت إلى أشور تراب سوسا شوش، و مدكتو، وهلتماش، و غيرها من مدائنهم، وأخضعت في مدة شهر من الأيام بلاد إيلام (عيلام) بأجمعها؛ وأخمدت في حقولها صوت الآدميين،ووقع أقدام الضأن و الماشية، و صراخ الفرح المنبعث من الأهلين، و تركت هذه الحقول مرتعاً للحمير و الغزلان و الحيوانات البرية على اختلاف أنواعها.
وقال ويل جيمس ديورانت في نفس المصدر واصفاً الأهوال التي صبها أشور بانيبال على إيلام (عيلام): وجيء برأس ملك عيلام القتيل إلى أشور بانيبال وهو في وليمة مع زوجته في حديقة القصر، فأمر بأن يُرفع الرأس على عمود بين الضيوف، وظَل المرح يجري في مجراه؛ وعُلق الرأس فيما بعد على باب نينوى، وظل معلقاً عليه حتى تعفن و تفتت. أما دنانو القائد الايلامي (العيلامي) فقد سُلخ جلده حياً، ثم ذُبح كما يُذبح الجمل، وضُرب عنق أخيه، وقُطع جسمه إرباً ووزع هدايا على أهل البلاد تذكاراً لهذا النصر المجيد.
و يستمر الفيلسوف ديورانت في ذات المصدر، وينقل لنا أعمال الملك الأشوري التي تندى لها جبين الإنسانية: لم يخطر قط ببال آشور بانيبال أنه ورجاله وحوش كاسرة أو اشد قسوة من الوحوش؛ بل كانت جرائم التقتيل و التعذيب هذه في نظرهم عمليات جراحية لا بد منها، لمنع الثورات، وتثبيت دعائم الأمن و النظام بين الشعوب المختلفة المشاكسة المنتشرة من حدود الحبشة إلى أرمينيا، ومن سوريا إلى ميديا، و التي أخضعها أسلافه لحكم أشور، لقد كانت هذه الوحشية في رأيه واجباً يفرضه عليه حرصه على أن يبقى التراث سليماً. في هذا الصدد أيضاً، يقول المؤرخ الإيراني (حسن بيرنيا) في كتابه تاريخ إيران صفحة (42) نقلاً عن كتاب العهد القديم (التوراة)، عن النبي حزقيال: ما من شخص في إيلام (عيلام) إلا ومرره الأشوريون تحت حد السيف. أي قطع رقبته.
بعد الأشوريون، جاء دور الفرس، القادمون من جنوب إيران، لغزو الدولة الميدية الكوردية وعاصمتها همدان. لقد قام هؤلاء الفرس، بعمليات القمع و التقتيل ضد الكورد، لا تقل بشاعة عن ما فعله الأشوريون بهم. إن جداريه داريوش الموجود في شرق كوردستان (إيران) على سفح جبل بيستون، قرب مدينة كرمنشاه، خير دليل و شاهد على إتباع الفرس الأسلوب الدموي ضد الكورد، حيث يشاهد في هذه الدارية، مجموعة من أبناء الشعب الكوردي، وهم تحت أقدام الملك الهخامنشي الفارسي داريوش، وهو يدوس على صدورهم بأقدامه. وقبله الملك الهخامنشي الفارسي كورش الذي قضى سنة (514) ق.م. بخدعة و دسيسة على إمبراطورية ميديا. لدى الفرس قصة مشهورة في التاريخ تسمى وصية خدعة كورش، فيها سرد للخدعة التي اتبعها كورش للقضاء على الإمبراطورية الميدية الكوردية. منذ ذلك التاريخ و الكوردي لا يؤمن من مكر الفارسي الغدار. و تلك الوصية بنودها تنفذ في إيران على قدم وساق حيث جاءت فيها: يجب التعامل مع الكورد بكل قسوة و جلادة. وأحفاد كورش أمناء على تنفيذ وصيته كما أمر، رغم مرور عشرات القرون عليها.
ثم جاء دور الرومان، التي كانت كوردستان مسرحاً لحروبهم العديدة و المتواصلة مع الفرس الهخامنشيين. بسبب تلك الحروب العبثية جرى ما جرى للكورد من ويلات ودمار و تشريد، و جرت وقائع إحدى تلك الحروب و أشرسها في مدينة (أيسوس) في آسيا الصغرى في شمال كوردستان سنة (331)ق.م. بين إسكندر المقدوني و داريوش الهخامنشي الفارسي وكان النصر في هذه المعركة حليف إسكندر المقدوني. تعرف هذه المعركة في التاريخ بمعركة أيسوس.
ثم جاء دور العرب المسلمون، الذين غزوا بلاد الكورد سنة (18) للهجرة أي قبل (1413) سنة وفعلوا ما فعلوا بهذا الشعب المسالم الذي كان يعيش في بلاده، بأمن و أمان، وإذا به في ليلة حالكة الظلام، يواجه جيشاً غازياً على أرضه، يحكم السيف في الرجال و يأخذ الأموال و النساء سبايا إلى جزيرة العرب لتمتع بهن كجاريات و ملكات اليمين. إن الهجوم الكاسح الذي قدم من الصحراء العربية خلف ورائه، الدمار والخراب في بلاد الكورد. فقد المجتمع الكوردي نتيجة ذلك الغزو ... الكثير من أبنائه و كثيراً من موارده الاقتصادية، أن فضاعت ذلك الظلم و القتل و الحرق الذي جرى ضد الكورد، دفع الرجل الدين الكوردي الزرادشتي، أن يرفع يديه إلى السماء شاكياً متذرعاً إلى الله، ويناجيه بمقطوعة شعرية دون على جلد الغزال باللغة الپهلوية، - اللغة الكوردية القديمة-، عثر عليها في سنة (1910)م في قرية (هزار ميرد) بمحافظة السليمانية في جنوب كوردستان وهذه نصها:
هورمزگان رمان آتران كژان ... ویشان شاردوه گوره گورگان
زور كار ارب كردنه خاپور ... گنای پاله تا شاره زور
ژن و كنیكان و ديل فشينا ... ميرد آزا تلي و روى هوينا
روشت زردشتره مانوه بيكس ... بزيكا نيكا هورمزو هيوجكس.
ترجمتها:
دمرت المعابد و أخمدت النيران ... العظماء اختفوا عن الأنظار
العرب القتلة دمروا و احرقوا ... القرى و المدن حتى شهرزور
أخذوا النساء و الأطفال سبايا ... أحكموا السيف في الرجال
لم يبقى نصير لدين زردشت ... آهورا مزدا سينتقم ولن يرحم.
جاء في المنجد العربي في الاعلام ص (360) أن سلاجقة كوردستان اسسهم مغيث الدين محمود سنة (1117- 1194)م و جرى خراب و تدمير كوردستان و تقسيمها على أيدي هؤلاء السلاجقة الأتراك. بعد هؤلاء جاء دور المغول، أن هؤلاء الأوباش أغنياء عن التعريف لا يحتاجون إلى من يعرفهم بجرائمهم، لأن الكثير من شعوب العالم ذاقت الأمرين على أيديهم. وبعد هؤلاء جاء الصفيون. ثم نادرشاه الافشاري. ثم الأتراك العثمانيون، الذين لهم براعة اختراع الخازوق، الذين استعملوه ضد معارضيهم بشكل يومي. وبعد الأتراك وفی بداية قرن العشرین جاء البريطانيون، الذين اتخذوا من كوردستان ميداناً لتجارب أسلحتهم الفتاكة، لأول مرة جربوا إلقاء القنابل من طائراتهم الحربية في كوردستان للقضاء على مملكة جنوب كوردستان التي كان ملكها ملك محمود الأول. وهم - أي البريطانيون - أول من استعملوا القنابل ذات (250) كيلو غرام في كوردستان ضد شعبها. وفي ذات الوقت استعمل الأتراك السلاح الكيمياوي في شمال كوردستان ضد الشعب الكوردي. ثم جاء مجدداً دور العرب، أو ما تسمى بالحكومات الوطنية، بدآٌ من العميل المستورد من شبه الجزيرة العربية، (فيصل بن حسين) و انتهاءاٌ باللعين المقبور (صدام حسين) الذي بدأ بتهجير الكورد من العراق إلى إيران. ثم التهجير داخل العراق من مدن كوردستان إلى جنوب العراق. ثم تبعه بسياسة التعريب القذرة. و قبل نهاية حكمه البغيض، ختمه بعمليات الأنفال، التی أودت بحياة (182) ألف إنسان كوردي وأيضاً استخدم السلاح الكيمياوي المحرم دولیاٌ ضد المدنيين فی مدينة حلبجة الشهيدة الذي ذهب ضحيته خمسة آلاف قتیل و عشرة آلاف جريح.
نقول للكاتب النسطوری ولغيره من الذين يغلقون آذانهم و يغمضون عيونهم عندما يسمعون الجرائم التي تنفذ ضد الشعب الكوردي هذا اختصار شديد و شديد جداً للدمار الذي ألحق بالشعب الكوردی. هذا الشعب الذي على مدى تاريخه القديم و الحديث، يُقتل و يُسبى، ولم يلوث صفحات تاريخه الناصع بعمل مشين، ليخجل منه أبنائه فیما بعد. فلذلك أصبح هذا الشعب موضع احترام و تقدير شعوب العالم أجمع. یأتی الأن من لیس لديه الجرأة أن يكتب باسمه الصريح، يتهجم على الكورد ويتفوه بكلام لا يليق إلا به و بطائفته الممسوخة. افتحوا أبصاركم جيداً و إنظروا نظرة فاحصة على وضع الطوائف المسيحية و النصرانية في العراق، و طريقة هروبهم زرافات وآحاد إلى إقليم كوردستان، لطلب الأمان والحماية من الكورد وحكومتهم، ستعرفون حينها أنكم على خطأ، أو تعرفون و تحرفون، لغاية... في نفوسكم. ألا تشاهدون من خلال وسائل الإعلام ليس فقط النصارى يهربون إلى كوردستان، بل الكثیر من العرب یهربون من جحیم الإرهاب العروبی إلى الإقليم الكوردستاني الذي أصبح دار الأمان و الرفاهية لمن يبحث عن الأمن و الأمان، وحكومة الإقليم لا تبخل على هولاء الهاربين من جحیم الإرهاب، حيث تمنحهم كل أنواع المساعدة، و ترعاهم رعاية أبوية. فقليلاً من الانصاف يا ناكري الجميل.
[1]