ادعاءات النساطرة (الآثوريون) بين وهم الانتساب إلى الأشوريين وخيال الانتماء إلى العراق 8-9
محمد مندلاوي
ذكر الكاتب النسطوري في مقاله... الذي كتبه للرد على مقالنا السابق شيئاً مهماً، وهو الانتماء للعراق. نحن في مقالات سابقة، قلنا ونكرره الآن، أن العراق كان وما يزال موطن الكورد قبل مجيء الشعوب و الأقليات و الطوائف التي تقطنه الآن بعشرات القرون. فالكورد لا يحتاجون إلى من يزكيهم في عراقتهم و أصالتهم. أننا نعرف جيداً، أنكم كنصارى حاقدين على الكورد بسبب السلطان (صلاح الدين الأيوبي) الذي حطم خطط الصليبيين قبل ثمانية قرون للاحتلال و السيطرة على شرق الأوسط. وزائد في حقدكم للكورد هو مشاركة أحفاد صلاح الدين و على رأسهم الملك محمود الأول في ثورة العشرين مع عرب الجنوب ضد قوات الاحتلال البريطاني. و كذلك الثورة التي أشعلها القائد الكوردي البطل (إبراهيم هنانو) في سوريا ضد قوات الاحتلال الفرنسي، و مقاومة البطل الشهيد (يوسف العظمة) للدفاع عن دمشق العاصمة. لكنكم أنتم (الآثوريين النساطرة) الذين تزايدون الآن على الكورد بالوطنية، نسألكم ماذا قدمتم للعراق وسوريا ودول أخرى التي تتواجدون فيها في أيام المحن و النكبات؟ غير الارتماء في أحضان المحتلين الغاصبين وتنفيذ خططهم العدائية ضد شعوب شرق الأوسط. كتواجدكم في مقدمة قوات الغازي المجرم (هولاكو) ومن ثم مع القوات (روسية القيصرية) و بعده انضمامكم في قوات (الليفي الآثوري) التي شكلها القوات البريطانية الغازية بعد احتلاله العراق سنة (1917)، لقتل واضطهاد العرب و الكورد الثائرون على سياساته العدائية و القمعية.
في مقال للدكتور علي محمد محمد الصلابي ينقل عن (ألعريني) في كتابه (المغول) ص (248) يقول: لقد مال المغول منذ اللحظة الأولى لغزوهم للشرق الأدنى إلى العنصر المسيحي النسطوري،ولعل وصية منكوخان لأخيه هولاكو التي نصت على استشارة هولاكو لزوجته دوقوز خاتون التي كانت مسيحية نسطورية خير دليل على ذلك، وقد أدى وجودها في ركاب زوجها هولاكو إلى التفاف المسيحيين الشرقيين حول المغول، إذ المعروف أن النساطرة ازداد عددهم في الجيش المغولي و وصلوا إلى حد قيادة الجيوش المغولية، فكيتوبوقا كان من عنصر النايمان النساطرة. ويضيف الدكتور في كتابه آنف الذكر، و كان من الطبيعي أن يآخى هؤلاء النساطرة مع الجماعات الأرمنية و اليعاقبة (السريان) و غيرهم التي تكاثر عددها في كبرى مدن الشام، وقد أدى هذا التلاحم إلى مشاركة العنصر المسيحي على مستوى قيادة الجيوش في اقتحام مدن الشام. و يصح أن نؤكد أن غزو المغول لبلاد المسلمين في الشام اتخذ طابعا صليبياً. الواقع أن سقوط المدن الثلاث الكبرى، بغداد وحلب ودمشق في أيدي المغول يعتبر من الكوارث الفاجعة التي هزت العالم الإسلامي في ذلك الوقت. وترتب على سقوط دمشق في أيدي المغول أن أعلن المسيحيون بها التمرد و الشموخ، ولم يخفوا فرحتهم بما حل بالمسلمين من نكبة، فحصل النساطرة من هولاكو على فرمان – أمر- ينص على الاعتناء بأمرهم وبعدها دخلوا البلد و صلبانهم مرتفعة وهم ينادون حولها بارتفاع دينهم و انتصاع دين الإسلام، ورشوا الخمر على ثياب المسلمين و أبواب المساجد وألزموا المسلمين في حوانيتهم بالقيام للصليب، و من لم يفعل ذلك أهانوه وأقاموه غصباً، وحدثت إهانات كثيرة بحق المسلمين لذا اشتدت ثائرتهم للانتقام لمقدساتهم. يقول ابن الأثير في كتابه البداية والنهاية ص (17-398). لقد ذكر أحمد بن علي المقريزي (1364- 1442) ميلادية في كتابه(السلوك لمعرفة دول الملوك) و غيره من المؤرخين أن المغول عند غزوهم للشام والعراق أظهروا اهتماماً خاصاً بالنصرانية، وعطفاً شديداً على النصارى. في الوقت الذي قتل المغول الخليفة العباسي، وأحرقوا مسجد الجامع أنعم هولاكو على البطريق النسطوري في بغداد بالهدايا الثمينة، وخصص أحد قصورها مقراً له. لذلك لا عجب إذا هلل النصارى الشرقيون بوجه خاص لما قام به المغول من أعمال في العراق والشام، واعتبروهم حماة النصرانية الذائدين عنها، الآخذين بثأرها فحرص بعض بطارقتهم وأمرائهم على ملازمة المغول في زحفهم و مشاركتهم في احتلالهم، بل على تحريضهم ضد المسلمين للتشفي فيهم و القضاء عليهم؛ وبعبارة أخرى:إن المعاصرين من النصارى وجدوا في غزو المغول لبلاد الشام والعراق فرصة طيبة للثأر من الإسلام والنيل من المسلمين، واعتبروا تلك الغزوة بمثابة حملة صليبية جديدة أتت لنصرة النصارى. إن زوجة هولاكو كما أشرنا سابقاً كانت نسطورية نصرانية، كما أن بطانته و مستشاريه و مؤيديه كانوا من النساطرة. و يذكر المقريزي في كتابه الأعمال الاستفزازية الكثيرة التي قام بها النصارى ضد المسلمين. أود أذكر هذا للتاريخ فقط، ولا أحبذ اضطهاد كائن من كان من بني البشر، مسيحي أو يهودي أو مسلم، أتمنى من صميم قلبي، أن يعم الأرض السلام و يعيش بني البشر في أخوة و وئام. أما الإشارة إلى كتب التاريخ، وبعض الذي قلناه، ليس إلا رداً على ذلك الذي لفق وزور الكلام على الأمة الكوردية بأسلوب سافر.
نقول للكاتب النسطوري، أن ذاكرة العراقيين و الكوردستانيين لا تزال طرية وتتذكر الجرائم التي ارتكبتها قوات (الليفي الآثوري)، التي شكلتها قوات الاحتلال البريطاني من الطائفة النسطورية، و كانت المهمة الأساسية الموكلة إليها، هي مشاركتها مع قوات البريطانية في عملياتها العسكرية ضد مملكة جنوب كوردستان التي تأسست سنة (1918) ومن ثم ضرب الانتفاضة العراقية، المعروفة بثورة العشرين، التي اندلعت في جنوب العراق. وأبناء الكورد يتذكرون جيداً كيف قامت قوات الاحتلال البريطاني بفترات متعاقبة باستيطان الآثوريين في مناطق كوردستان مثل دهوك و عقره و ديانا و ترحيل الكورد منها، لقد أشرنا في مقال سابق حول هذه العملية الاستيطانية لا بأس أن نكررها. يقول المؤرخ العراقي ( عبد الرزاق الحسني) في كتابه المعروف (تاريخ الوزارات العراقية) المجلد الثالث صفحة (256): إن الكولونيل الإنكليزي (ليچمان) جاءت له فكرة إسكان هؤلاء النساطرة في القرى الكوردية الواقعة على الشريط الحدودي ل(تركيا) عقاباً للأكراد الذين أعلنوا العصيان عليهم مرتين، وقد نال الاقتراح تأييد (ولسن) الحاكم البريطاني في شهر آب سنة (1920) وقد استهل رسالته البرقية كما يلي: ستتوفر لدينا فرصة تتيح لنا إنصاف الطائفة الآثورية بشكل يرضيها ويرضي الأفكار الأوروبية من حيث الحق و العدل، و تساعدنا على إيجاد حل لأعسر مشكلة تخص الأقلية الدينية و العرقية في كردستان، و تجعلنا في مأمن من خطر قد يهدد السلم في شمال الفرات، وفي ذات الوقت نكون قد عاقبنا مثيري اضطرابات العمادية، إنها فرصة لن تعود ثانية، وقد تم تكليف المبشر (وليم ويگرام) ذي الخبرة الواسعة بشؤون هؤلاء النساطرة للإشراف على تنفيذ هذه الخطة. لاحظ حتى القائد الإنكليزي (ليجمان) عدو الكورد، لم يستطع أن ينكر وجود كوردستان، وأن هؤلاء النصارى، استوطنوا فيها من قبل قوات الاحتلال البريطاني. وجاء في المصدر المذكور في حاشية الصفحة (257) المجلد الثالث أيضاً ورد نقلاً عن التقرير البريطاني ما يلي: قام الإنكليز بتجنيد ما يقارب ألفي فرد من هؤلاء النساطرة،استعانوا بهم في قمع ثورة العشرين(1920) أطلقوا عليهم (الجيش الليفي).
ولم يكتفوا بهذا العمل المشين بل قامت قوات (الليفي الآثوري) بارتكاب مذبحة في مدينة كركوك سنة (1924). وقبل هذه المذبحة قامت هذه القوات بمذبحة في مدينة الموصل سنة (1923) راحت ضحية هذين المجزرتين العشرات من الأبرياء الكورد. يأتي الآن شخص نسطوري نزيل استراليا يزايد على الشعب الكوردي بالوطنية. هؤلاء الكورد الذين ظلمهم الدول الاستعمارية نتيجة وقفتهم التاريخية الشجاعة مع شعوب شرق الأوسط عندما رفضوا الباطل واستصرخوا الحق و وقفوا ضد الهجمة الصليبية على المنطقة. بسبب ذلك الموقف البطولي الشهم ضد الغرب المستعمر لا تزال دول الغربية متخذة موقف سلبي من الشعب الكوردي. وإلا بماذا نفسر موقف الغرب المعادي للكورد بعد الحرب العالمية الأولى حيث حرموا الشعب الكوردي من تأسيس دولته القومية أسوة بدول التي تأسست حينذاك. أليس تآمر الغرب على الكورد هو انتقام لذلك الحقد التاريخي الذي سيبقى يأكل أكبادهم مادام هناك ذكراً لصلاح الدين الأيوبي في التاريخ، أليس هذا الحقد المرضي هو الذي دفع جنرال (غورو) بعد معركة ميسلون (1920) و استشهاد وزير الحربية السورية البطل الكوردي (يوسف العظمة). و دخوله دمشق يذهب إلى قبر صلاح الدين و يرفسه بقدمه ويقول (ها لقد عدنا يا صلاح الدين وانتهت الحروب الصليبية). هل لا زال العراق عندك كأيقونة من صنع يد الله، بعد أن وضحنا جانب بسيط جداً من خياناتكم له ولشعبه و لبلاد الشام؟ كفاكم نفاق و دجل. مساكين هؤلاء النساطرة بما أنهم غرباء عن أرض الرافدين كما ذكرناه أعلاه لديهم هاجس الانتماء للوطن لا يفرق أن كان هذا الوطن سوريا أو العراق، لذا يحاولون دائما الانتماء إلى التاريخ القديم لكي يكونوا مقبولين عند أهل البلاد الحقيقيين فلم يعثروا على متكئ يرتكنوا إليه في دعواهم هذا غير أنهم يزعموا بأنهم امتداد للآشوريين،إن هؤلاء المساكين يجدون في ادعاء انتمائهم للآشوريين نسباً يتفاخرون به بين شعوب المنطقة لعله يصبح بمرور الزمن هذا النسب هوية يُعرفوا بها. نحن وضحنا في سياق المقال أن كتابهم المقدس العهد القديم يقول أن الآشوريين قبروا و انتهوا إلى الأبد. حيث يظهر هذا في تنبؤ النبي ناحوم الذي يتنبأ في سفره وهذا ما يقوله الرب: مع أنكم أقوياء و كثيرون فأنكم تستأصلون و تفنون. نص صريح أكثر من هذا الذي قاله النبي ناحوم، أليس الله هو مصدر تنبؤ الأنبياء أليس هو الموحي بهذا الكلام في الكتاب المقدس: وها الرب قد أصدر قضاءه بشأنك يا أشور: لن تبقى لك ذرية تحمل اسمك.وأستأصل من هيكل آلهتك منحوتاتك و مسبوكاتك،وأجعله قبرك،لأنك صرت نجساً. كإنسان لا أعتقد يوجد كلام أوضح من هذا، بأن الآشوريين انتهوا سنة (612) ق.م. وإلى الأبد. الجيش الميدي الكوردي الذي أبادهم وفق نبوءات النبي ناحوم، هو جيش الرب، لأن الكتاب المقدس قال عن آشور أثيم و نجس و معدي و و الخ، إذاً الرب خلص شعوب الشرق من هذا الداء السرطاني، الذي كان يسمى آشور على أيدي الميديين الكورد.
لنقرأ بعض من ادعاءات الكاتب النسطوري وجملة جديدة من اتهاماته المزيفة الباطلة: الفرق بين الآشوري والكردي أن الآشوري يقف على أرض صلدة تمتد جذوره في أعماقها آلاف السنين. ويدرك بعمق أصالته أن العراق قد ولد من رحم الحضارة الآشورية لهذا فهو يفديه بروحه ودمه، ويقدسه كأيقونة من صنع يد الله. أما الكردي فيقف على أرض هشّة وعلى حافة الوهم والخيال وليس له أي إيمان بالعراق لا أرضا ولا شعبا لذلك فهو على كامل وأتم استعداد للتضحية به والمساومة عليه، مع أعداء الشعب والوطن ، في أي لحظة يداهمه اليأس والخطر.
يزعم الكاتب كالعادة، أن الكوردي يقف على أرض هشة و على حافة الوهم والخيال وليس له إيمان بالعراق لا أرضاً ولا شعباً لذلك فهو على كامل وأتم الاستعداد للتضحية به والمساومة عليه، مع أعداء الشعب والوطن، في أي لحظة يداهمه اليأس و الخطر. يا أستاذ ردينا على هذه الاتهامات الباطلة.و وضحنا في سياق المقال ومن خلال المصادر المعتبرة خياناتكم ليس بحق العراق فقط بل بحق شرق الأوسط وسائر البلاد الإسلامية.
يا أستاذ النسطوري أنا قلت سابقاً و أكرر، لكي لا نذهب بعيداً يستحسن أن نرجع إلى تاريخ صدر الإسلام، لأن الكاتب قال في مقاله، أن الكورد لم يمضي على وجودهم في شمال العراق، أكثر من مائة عام إلا قليلا. أنا أيضاً أكرر، أن هناك العشرات، بل المئات من المؤرخين العرب و الأجانب، عند مجيء الإسلام إلى المنطقة، دونوا الكتب و ذكروا شعوب هذه المنطقة بأسمائها الصريحة، لقد ذكرت أعلاه أسماء عدد من هؤلاء المؤرخين، جميعهم ذكروا اسم الكورد، كما يكتب اليوم، وهؤلاء المؤرخون زاروا بلاد الكورد وجلسوا معهم وتحادثوا معهم، و وضعوا فيما بعد الخرائط لهذه البلاد، التي (فتحها) العرب المسلمون، و توجد في هذه الخرائط بشكل صريح و واضح، بلاد الأكراد، بجانب بلاد الشام، وبلاد مصر، و بلدان أخرى. سؤالي يا ترى هل يستطيع الكاتب يبرز لنا وثيقة محايدة واحدة من ذلك العصر، مذكور فيها شعب باسم الشعب الآشوري أو بلاد آشور أو بلاد السريان؟!، مثلما توجد في هذه الكتب وهذه الخرائط اسم، أرض الأكراد. نحن ننتظر.
في خاتمة مقاله الذي لا يحمل غير الشتم والسباب للكورد. بعد أن أدرك أنه لا يستطع أن يقدم شيء يفند به كلامنا الذي قلناه في مقالنا السابق. لجأ إلى التملق لكاتبين مساومين يجهلان ألف باء التاريخ الكوردي، يقول أنهما كورديان. و يمجدهما قائلاً: على أي حال، هناك بصيص أمل يلوح في نهاية النفق الكردي. ويتمثّل ذلك البصيص ببعض المثقفين الأكراد الشرفاء الذين يعرفون موضع أقدامهم، ويدركون الحقيقة المطلقة وينطلقون منها. وفي طليعة هؤلاء يقف اثنان من أنبل كتّاب الكرد قاطبة وهما: شهيد كلمة الحق المرحوم الدكتور (عمر ميران) والأستاذ (نزار أغري) أطال الله في عمره. ولو اقتدى بهما جميع الكتاب والأدباء والساسة االكرد لاستطاع الآشوريون، قبل غيرهم، أن يفتحوا، معهم، باب الحوار الموضوعي والمجدي على مصراعيه، وإسدال ستار النسيان على مآسي وويلات الماضي. على أمل أن يرعوي الأكراد، ويستفيقوا من هذا الهذيان و الهيجان الفكري، ويعودوا إلى رشدهم وصوابهم. وينظروا إلى العالم، من حولهم، بعيون أكثر دقة وتمعّنا واتساعا من أجل الانطلاق إلى رحاب المستقبل تحت مظلة التعايش الأخوي فوق أرض الرافدين المقدّسة، والواحدة الموحّدة التي تتّسع، برحابة صدرها، لجميع أبنائها بغض النظر عن المعتقد القومي، أو الديني، أو السياسي. كلام كبير اكبر من حجمك و حجم طائفتك النسطورية. يا هذا أن القافلة الكوردية رغم الصعاب التي تواجهها تسير نحو هدفها السامي ولا يوقفها...؟ يا أستاذ أرض الرافدين لم تعد لا واحدة ولا موحدة بل هي متحدة وفق دستورها الدائم، بين إقليمين إقليم عربي وإقليم كوردي. فلذا تُسمى بجمهورية العراق الاتحادية.
أنا على يقين أن (عمر ميران) و (نزار أغري) ليسوا من الكورد الأصلاء، الأول برغم أنه متوفى لكن أوراقه مفضوحة، بما كان يحملها في داخله من الضغينة على الكورد و كوردستان. من خلال كتاباته التي كانت تندرج في خانة أعداء الكورد. لقد قرأت بعض ما يكتبان، وجدت حتى أن العروبي العنصري لا يكتب بهذا الأسلوب التهكمي عن الكورد. إن (عمر ميران) كان يحمل لقب الدكتور، لا أعلم في أي اختصاص حمل شهادة الدكتوراه، لربما كان طبيباً، جرت العادة عند الناس يقولون للطبيب دكتور،على كل حال أنه متوفى نقول عليه ما يستحق، لا نرحمه ولا نذمه، لأنه إنسان غير موجود، فلا يجوز نتكلم عنه كما نتكلم عن الأحياء. لكن هذا الدكتور الكوردي النبيل، كما يسميه الكاتب النسطوري، لا يذكر في مقالاته حتى اسم كوردستان، ويكتب بدلاً عنه شمال العراق ،حقيقة أنه كوردي نبيل و نبيل جداً. بينما شخص عنصري عروبي مثل المقبور صدام حسين كان يذكر في تصريحاته اسم كوردستان، بل جاء اسم كوردستان عدة مرات حتى في دستوره المؤقت. لكن الدكتور الكوردي الأصيل و النبيل، كما يسميه النسطوري يقفز فوق الحقائق ولا يذكر إقليم كوردستان يستعيض عنه بشمال العراق. الحقيقة عرفت الآن لماذا الكاتب النسطوري يستشهد بهما، يريدنا نكون مثلهما مساومين و نتبرأ من كورديتنا و كوردستاننا من أجل حفنة من النساطرة....
الشخص الآخر المدعو (نزار أغري) يقال أنه كوردي على شاكلة الدكتور (عمر ميران). قرأت له مقالاً تحت عنوان (عندما يستكرد الأكراد السريان و الكلدان و الأشوريين) أعتقد تاريخ نشره قديم. لكني أتعجب من هذا الشخص الذي يدعو نفسه كردياً، كيف يرضى لذاته أن يلفق كلام غير صحيح على حكومة إقليم كوردستان و بهذه الصورة المفضوحة، أن القاصي والداني يعرف، أن برلمان الإقليم في سنة (1992) منح الطوائف النصرانية خمسة مقاعد في برلمان كوردستان، وهذه المقاعد أكثر من حقوق هذه الطوائف، لأن نفوسهم أقل كثيراً من النسبة التي تحتاجها هذه الطوائف للحصول على المقاعد الخمسة. ثم منحوا منصبين نائب الرئيس الوزراء في حكومة الإقليم و منصب وزير. في إحدى جلساتها، قررت حكومة إقليم كوردستان، منح المسيحيين الحكم الذاتي في كوردستان. بينما نفوس المسيحيين في بغداد فقط، أضعاف نفوسهم في كوردستان ولم تمنحهم الحكومة الاتحادية شيئاً يذكر. أضف أنهم في كوردستان عرفوا في دستورها الذي لم يرى النور بعد، باسمهم الذي يبغونه وهو (السريان الكلدان الآشور)، بينما الحكومة الفيدرالية في بغداد ترفض أن تطلق عليهم هذه التسمية. أنا كمواطن كوردستاني أرفض هذه التسمية، لكن الحكومة الكوردية التي منحناها أصواتنا وثقتنا نحترم قراراتها. لكننا نقول ونشدد على قولنا أن تثبيت و إقرار هذا الاسم الثلاثي (السريان الكلدان الآشور) في دستورنا هو خطر على كوردستان و مستقبل الكورد، ويشكل خطورة كبيرة في المستقبل... على الأمن القومي الكوردي. في حقل انجازات حكومة إقليم كوردستان، فقد منحت قبل ما يقارب عقدين، الطائفتين (النساطرة) و (اليعاقبة)، حق التعليم كما تبتغيا. أسست حكومة الإقليم لهذا الغرض (المديرية العامة للثقافة السريانية) لا أعرف هل يعرف الأستاذ النسطوري ماذا تعني تسمية المديرية العامة أي أنها غير مرتبطة بأية وزارة، و مستقلة في إدارة شئونها، فيما تتخذ من قرارات في عملها. أتذكر عند تأسيس هذه المديرية، في بداية التسعينات من القرن الماضي، كانت سبباً بإصدار صدام حسين في حينه، بياناً شديد اللهجة تهجم فيه على حكومة إقليم كوردستان، و قال بالحرف الواحد، أن الأكراد بهذا العمل يمزقون العراق، كان يقصد منح (السريان) الحرية المطلقة بإدارة مديريتهم. لا أعلم في أية بقعة في العالم طائفة تحصل على هذه الحقوق و الامتيازات، في الوقت الذي نحن لسنا دولة، مجرد إقليم ضمن دولة اتحادية، و نمنح الآخرين حكم ذاتي ومديرية عامة ووو. الأستاذ نزار أغري يغالط نفسه، حيث يقول أن هؤلاء – يقصد النساطرة- أحفاد ذلك القوم المتعدد الذي أقام حضارة عريقة نهضت على أيديهم في العراق من آلاف السنين. أين مصدرك يا أستاذ ألم تعرف لا تاريخ من دون وثيقة، حتى تزعم أن هؤلاء أحفاد الآشوريين، هل كنت موجوداً في ذلك العصر حتى تشهد لهم بأنهم أحفاد الآشوريين، لا تطلق الكلام على عواهنه، الحديث عن التاريخ لا يكون بدون ذكر مصدر. ثم لا تتبجح وأنت تذكر بعض الأشياء التي تركها الآشوريون وهي حسب المصادر مقتبسة في الأصل من السومريين. لو نفترض جدلاً أنهم خدموا البشرية عشرة بالمائة لكنهم عاثوا في الأرض فساداً، وخلفوا دمارا تسعون بالمائة، من القتل والدمار وتشريد الشعوب من أوطانها، واستعباد الآخرين دون وجه حق، كما جاء في الكتاب المقدس العهد القديم و كتب التاريخ. يسرد الأستاذ (نزار أغري) في مقاله جملة من الأخطاء عن عمد أو غير عمد ينسبه إلى الآشوريين و للفرس بينما الفرس أنفسهم لا يقولون هذا الكلام، أليس هذا هو الجهل بالتاريخ، و يضيف ثم أكمل العرب الإجهاز على ميراثهم، هات لنا مصدر واحد أن العرب في غزوهم للعراق ذكروا اسم (آشور) أو واجهوا قوماً بهذا الاسم. ثم يضيف وشارك الأكراد في التنكيل بهم. أنا أرى العكس أن هؤلاء المسيحيين، هم الذين كانوا في مقدمة الجيوش التي تحرق وتدمر كوردستان و تقتل أبناءها، ألم يكونوا مع جيش المغول كما أشرنا إليه أعلاه، ألم يكونوا في مقدمة جيش القيصري الروسي لتقتيل الكورد و سفك دماءهم و حرق قراهم، ألم تشكل قوات الاحتلال البريطاني منهم قوات كانت تدعى ب(الليفي الآثوري)؟ لغرض التنكيل بالكورد والعرب الخ. يقول الأستاذ أغري أنهم شاركوا الكورد في الثورة البارزانية، - لا تصبغ الثورة باسم قائدها، كان الخالد مصطفى البارزاني قائد تلك الثورة ومفجرها، لكن لم تكن الثورة باسمه أنها كانت ثورة شعب كوردستان شارك فيها عموم الشعب الكوردي من بدره و جصان إلى زاخو وشنگال (سنجار)- وعند حصول الكورد على حكم ذاتي لم يكن نصيبهم شيء، لا نعلم عن ماذا حصل الكورد في زمن صدام وحزب البعث العروبي العنصري، وأي حكم ذاتي، كان مجرد حبر على الورق، لم ينفذ منه شيء، لكن البنود التي كانت ضمن اتفاق آذار عن المسيحيين، لقد نفذ من جانب نظام البعث وحصلوا بعض الوقت على بعض المكاسب. في الحقيقة أنا اشك أن يكون هذا الآغري كوردياً، وهو يكرر للمرة الثانية أن السريان يستكردون على أيدي الكورد. الأستاذ الآغري يقفز فوق الحقائق، ويتهم الكورد بالعنصرية، لأنهم يقولون (هولير) وليس (أربيل) طمساً لماضيها السرياني الآشوري . لأنها بالسريانية حسب رأي الأستاذ أغري (أربا إيلو) أي الآلهة الأربعة. يا أستاذ مدينة أربيل في العصر السومري كانت اسمها أربل قبل مجيء العنصر السامي من شمال الجزيرة العربية إلى بلادنا وقبل استيطان الآشوريون في سهل موصل، ليس لهذا الاسم أي علاقة بهؤلاء. ثم يلفق الأستاذ بأن ليس في دفة الحكومة الكوردستانية (سرياني) أو (كلداني) أو (آشوري) هذا افتراء منذ اليوم الأول لتحرير جنوب كوردستان في (1991) دعت القيادة الكوردستانية جميع المكونات في كوردستان للمشاركة بإدارة إقليم جنوب كوردستان. و يقول الأمر لا يتوقف عند الإهمال، بل يتعرضون لهجمات الرعاع عليهم في قراهم. أعتقد الأستاذ الآغري يتحدث عن الأقباط في صعيد مصر، وليس عن نصارى كوردستان، أترك القسم المتبقي من كلام الأستاذ أغري لأنه لا يستحق حتى القراءة لأن هدفه التشويه فقط لا غير. الآن أدركت تماماً لماذا الكاتب النسطوري يستشهد بهذين الشخصين (ميران) و(آغري) ليس من أجل سواد عيونهم بل لأنهم يآزرون النصارى على الباطل دون وجه حق، ولسردهم أشياء ملفقة ضد الكورد لم تحصل قط على أرض كوردستاننا. إن مقال الأستاذ نزار أغري قديم لكنه يبقى كلامه الملفق الذي قاله عن الكورد موضع رد وتوضيح فلذا وضعته تحت المجهر لأن الكاتب النسطوري استشهد به لذر الرماد في العيون.
[1]