محمد يوسف
أصبحت جرائم الاحتلال التركي واضحة وليست بحاجة إلى دليل، ولفجاجة ما يقترفه النظام التركي أو مرتزقته، تتوالى الانتقادات الدولية الداعية إلى ضرورة أن يكون هناك تحرك لوقفها.
ويأتي هذا تزامناً مع الذكرى السادسة على الاحتلال التركي لمنطقة عفرين – زهرة الشمال السوري – والتي كانت شاهدة على جرائم ضد الإنسانية، كان أبرز صورها تهجير نصف سكانها، والتلاعب بتركيبتها الديمغرافية، وفرض الهوية التركية عليها، وسلب ونهب ثرواتها، وغيرها من اعتقالات تعسفية وخطف وطلب فُدى، والتنكيل بالسكات الأصليين.
في هذا السياق، تحدثت وكالة فرات للأنباء (ANF)، مع السيد كريج كاتز وهو مستشار الحزب الديمقراطي الأمريكي، والذي حمل تركيا مسؤولية كبيرة لما يجري في شمال سوريا من قتل للمدنيين لا سيما في صفوف النساء والأطفال، مشدداً على أنه للأسف هناك تجاهل لما يجري في هذه المنطقة نتيجة الانشغال بالأزمة الروسية – الأوكرانية وبالحرب في قطاع غزة.
هجمات تركيا منذ 2016
وقال كاتز إن الصراع العسكري التركي مع الكرد في شمال سوريا يستمر منذ آب 2016 على الأقل، وقد أطلقت عليه أنقرة على عملياتها اسم نبع السلام، موضحا أنه منذ بداية الصراع، قتلت القوات التركية أكثر من 40 ألف مدني، كثير منهم نساء وأطفال، ويأتي هذا على الرغم من الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة عام 2019، والذي دعا تركيا إلى وقف عملياتها في سوريا.
وأضاف السياسي الديمقراطي أن الغارات الجوية والطائرات بدون طيار التركية كانت مستمرة، مشيراً إلى أن القوات البرية التركية قد لا تكون بعيدة عن الركب، منوهاً إلى أنه بطبيعة الحال، يلقي الجانبان اللوم على الآخر في تصعيد الصراع، لكن أنقرة تتحمل المسؤولية الأساسية، وبينما يبدو أن هذا الصراع لا نهاية له في الأفق، فإن السؤال الحقيقي حول ما إذا كان هناك من ينتبه له.
بايدن يسير على حبل مشدود
ويقول السيد كريج كاتز إنه نظراً لتركيز الاهتمام الدولي أولاً على الغزو الروسي لأوكرانيا، ثم الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة، فإن الأزمة المستمرة بين تركيا والكرد في سوريا يتم تجاهلها إلى حد كبير.
وأوضح أن الكرد فقدوا أرواحاً أكثر من تلك التي فقدها الفلسطينيون في غزة، وإن كان ذلك على مدى فترة زمنية أطول بكثير، ومع ذلك، فقد استثمرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون مليارات الدولارات في الدعم العسكري لأوكرانيا وإسرائيل، فضلاً عن المزيد من المساعدات الإنسانية، في حين لم تفعل الكثير للكرد.
ويرى كاتز أنه لا ينبغي أن يضيع في هذا الأمر أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكن يبدو أنها تتجاهل رفض أعضاء الحلف الآخرين وجهودهم لإقناع أنقرة بالانسحاب من سوريا.
ويقول السياسي الأمريكي البارز إن موقف إدارة الرئيس جو بايدن من هذا الأمر يعادل المشي على حبل مشدود، فمن ناحية، باعتبار تركيا عضواً زميلاً في حلف الناتو، وملتزمة بدعم عضو آخر والدفاع عنه، تمضي واشنطن قدماً في بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى الجانب التركي، مشيراً إلى أن ذلك قوبل ببعض المقاومة في الكونغرس بسبب الهجمات التركية على الكرد.
قوات قسد أفضل حليف ل واشنطن في محاربة الإرهاب
وتحدث السيد كريج كاتز، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن تداعيات الضربات التركية على جهود مكافحة الإرهاب لا سيما مرتزقة تنظيم داعش الإرهابي، إذ قال إنه لطالما دعمت الولايات المتحدة فصيل قوات سوريا الديمقراطية الكردية قسد، في حربها ضد تنظيم داعش.
وأضاف أن قوات سوريا الديمقراطية هي أفضل حليف للولايات المتحدة في محاولة هزيمة داعش في المنطقة، مشيراً إلى أن الهجمات التركية على مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية نقطة خلاف بين واشنطن وأنقرة، وتسببت في فتور بين الرئيس بايدن والرئيس أردوغان.
ويقول كاتز إنه من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة من أشد المؤيدين لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، وكانت تركيا في المقابل بمثابة عقبة أمام ذلك، ولم يكن من المستبعد أن تكون الإدارة الأمريكية حرصت على عدم الضغط على تركيا بشأن توغلاتها في سوريا كوسيلة للحصول على موافقة أردوغان بشأن عضوية السويد وفنلندا.
إعادة تقييم الموقف الأمريكي
وحول حسابات الولايات المتحدة مستقبلاً بشأن ممارسات تركيا، يقول كريج كاتز إنه الآن وبعد أن تم الترحيب بالسويد وفنلندا بشكل رسمي في حلف شمال الأطلسي، فقد يكون من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بإعادة تقييم موقفها، لافتاً إلى أنه هذا الأمر قد احتل الأولوية الثانية أو الثالثة بسبب الصراعات في أوكرانيا وغزة.
ويقول كاتز، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تنظيم داعش استغل غياب الاهتمام من جانب المجتمع الدولي لمحاولة تعزيز موقعه في سوريا وملء الفراغ المتروك، مشدداً على أنه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، المملكة العربية السعودية والأردن ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة، ألا ينشغلوا بالكامل بإسرائيل وغزة بحيث يغيب عنهم تهديد داعش.
وشدد على أن هذا الانشغال من شأنه أن يشكل تهديداً خطيراً للأمن في جميع أنحاء المنطقة، وبالتالي فهناك سؤال حول ما إذا كان هناك من ينتبه لذلك أيضاً، وإذا لم يكن كذلك فيجب الانتباه.[1]