#مؤيد عبد الستار#
ليس غريبا أن يجري ابعاد دخلاء على بلد ما ، ولكن الغريب أن تقوم السلطات الحاكمة باقتلاع مواطنين اصلاء من وطنهم وتهجيرهم الى بلد آخر بحجة أن اجدادهم جاءوا من هناك، فتلك لعمري جريمة لا تغتفر، علما ان تخطيط الحدود بين العراق وجيرانه خضع لتعديلات عديدة والكثير من القرى والبلدات تغير وضعها حسب القرارات المختلفة التي اتخذت بموجب المعاهدات الدولية التي عقدت بعد حروب أعطت الحق للمنتصر برسم الحدود وأشهرها معاهدة سايكس بيكو التي قسمت الشرق الاوسط بين بريطانيا وفرنسا .
مارست السلطات الحاكمة في العراق سياسة تهجير الكورد الفيليين منذ الخمسينات أبان الحكم الملكي ، وحدث ذلك بعد انتفاضة مدينة الحي ، المدينة الصغيرة التي تبعد نحو 45 كيلومترا عن مدينة الكوت ، وهي قضاء تابع للواء الكوت انذاك ( حاليا محافظة واسط ) .
ترسخ النشاط الثوري في مدينة الحي منذ أربعينات القرن الماضي وأصبحت بؤرة لنشاط الحزب الشيوعي ، وامتد تأثيرها الى القرى المحيطة بمدينة الحي. وقد صور الكاتب شمران الياسري النشاط السياسي الثوري في ريف واسط تصويرا شيقا في رباعيته (بلابوش دنيا ).
شهدت مدينة الحي عدة تظاهرات واشتباكات مع الشرطة في الخمسينات من القرن الماضي . وحين حدث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حدثت اضطرابات في مدينة الحي واشتبكت الشرطة مع المواطنين فقتلت البعض واعتقلت آخرين فاضربت المدينة .
شارك في حصارها نحو 1500 شرطي وضابط . ثم هاجموها بسيل من النيران . فاستبسلت الجماهير في الدفاع عن المدينة ومواجهة الشرطة التي استباحت المدينة واعتقلت وعذبت حتى النساء والاطفال ، وشوهد البوليس وهو يجهز على الجرحى احيانا ( وأنذرت الحكومة 250 عائلة كردية فيلية بوجوب مغادرة المدينة . وسفرت 11 عائلة منها الى ايران . وهرع المجلس العرفي العسكري الى الكوت ليصدر احكامه بالجملة على المواطنين من أهل المدينة وحكم على قائدي الدفاع عنها الشيوعيين علي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس بالاعدام ونفذ الحكم في الحال )*
* ينظر كتاب عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ص 206-209 .
و رواية شمران الياسري الرباعية بلابوش دنيا .[1]