دول الجوار والمسألة الكوردية
محمود الوندي
لا شك ان إقليم كوردستان العراق محاط بدول الجوار التي تتواجد فيها الامة الكوردية باعداد كبيرة من خلال تقسيم الأرض الكردستانية بعد الحرب العالمية الاولى ، والتي لها موقفها الخاص من اقليم كوردستان والفيدرالية في العراق لا تريد الاستقرار للعراق بعامة واقليم كوردستان بخاصة ، وهذه الدول تتجاهل الحقوق المشروعة للامة الكوردية تحت حجج واهية ، وتحاول تهميشها وإلغاء هويتها وانتماءتها القومية ، كما تحاول صهرها قسرا في بوتقة واحدة أي بودقة اكثرية بذريعة الحفاظ على الوحدة الوطنية ، إضافة الى استعبادها وتمزيق أوصالها وإبقائها في مستوى من الفقر والبئس والعيش البهيمي .
هذه الدول ما زالت مواقفها الغير مشرفة والسليمة من حقوق الامة الكوردية المشروعة ، ومحاولاتها إجهاض تجربة الفيدرالية في العراق ، ونجاحها الأخير بانجاز تجربتها الديمقراطية والتي أفرزت حالة جديدة وطبيعية في المشهد السياسي الكوردستاني وذلك خوفاً من ان تتكرر التجربة فيها ..
أن التجربة الفيدرالية الكوردية في العراق التي تشهد نسبة كبيرة من الحرية والديمقراطية ، وهي تجربة واعدة وتجربة مهمة في المنطقة .. ان من يحكم اقليم كوردستان هم اهلها والقرارات تكون بيدهم وبما ينفعهم ، ومن ناحية اخرى هذه التجربة تعطي الأمل لشعوب المنطقة بالقدرة على الوصول إلى مجتمع التعددية السياسية بكل آلياته القائمة على أسس سلمية وديمقراطية ، لقد استفاد الكورد إيما استفادة من تجاربهم المريرة المغمسة بالدم ، وهذا كله يتضح من حجم البناء والتطورات الاقتصادية الكبيرة والهامة التي أنجزها إقليم كردستان في زمن قياسي .
بدلا ان يستفيدوا هذه الدول من تجربة العراق وتكون لهم المواقف السليمة من التجربة الراهنة لصالح الشعب الكردي والشعب العراقي برمته ، ورفع مخاطر العمليات الحربية عن ارضهم وتجنب الكوارث على جميع الاطراف والوصول إلى بر الأمان بوضعهم الأسس الصحيحة لحياة سياسية حقيقية وسلمية واجتماعية مستقرة واقتصادية متطورة ، وبالعكس وقفوا موقفا صارما ومعاديا لها ، بل اخذت تحارب هذه التجربة بكل ما أوتيت من قوة مستخدمين كل الوسائل المتاحة (العلنية والخفية) إزاء الأمة المضطهدة التي حصلت على حقوقها وعلى ارضها الكوردستانية ، ويغذي هذه المحاولات زعيق عملاءهم من داخل العراق للعرقلة هذه المسألة الحيوية التي تعز العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن ، كما لاحظنا كبف تعرقل المادة 140 من تطبيقها وتقلل من شأنها او تنفيها ومن قبل موالين لهم من خلال وجودهم داخل قبة البرلمان وفي هياكل الدولة ، واستغلالهم الإعلام المعادي للكورد لتسيقط المادة المذكورة . ومن ناحية أخرى إلا أننا شهدنا ونشهد بين آونة وأخرى قصفا عنيفا لقرى كوردستان العراق من إيران تارة ، واجتياحا عسكريا من تركيا تارة اخرى .
كان يستوجب على هذه الدول كي يفهمون الحقيقية في إطارها الصحيحة ، بان الفيدرالية لم تقسم العراق ، بل رسخت وحدته الوطنية ، وهي ايضا مدعاة للفخر والتآخي والوحدة في بوتقة الولاء للوطن وسلامة ترابه ، وعليهم الرؤيا إلى التجربة الفيدرالية في العراق والتقدم الاجتماعي في كوردستان العراق بنظرة شفافية لما فيه من مواقف سليمة ورؤية إنسانية صحيحة لمصلحة الشعوب المنطقة برمتها ومنها الشعوب الكردستانية ، لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتكرر الأخطاء التي ارتكبت ، بل يجب اعادة النظر في السياسات السابقة واستخلاص الدروس والعبر من أخطاء الماضي التي ارتكبت بحق الامة باكملها ويجب تصحيحها بكل اصرار من خلال العملية السلمية والديمقراطية دون ان تراجع عن موقفهم لحل الأزمة الكوردية .
وممكن القول تستفيد الدول المذكورة من تجربة هذه الفيدرالية وتنمية تجربة كوردستان من الديمقراطية والعادلة الاجتماعية داخل حدودهم ودون الحاجة إلى اللجوء للعنف بكل ما يحمله من أخطار على شعوبهم ،،، وتنظر اليها وقد قطعت خلال السنوات المنصرمة شوطا كبيرا في إقامة مشاريع البنية التحتية وفي مجال البناء والعمران بشكل عام ، ووضع الحلول الناجحة لمعالجة القضية الكوردية وحل مشاكلها بشكل سلمي ودبمقراطي ضمن حدودهم الدولية وانهاء الصراع من خلال لغة الحوار مع ممثلي الشعب الكوردي لمنع تكرار التفاقم بين الطرفين في المستقبل وتنظيم العلاقات السياسية والانسانية بين الشعب الكوردي وبقية الشعوب في المنطقة .
لان من الحق الشعب الكوردي ان يعيش على ارضه المغتصبة بالسلام والامان ، شأنه شأن معظم الشعوب الأخرى في العالم ، ويجب الاعتراف الدول المذكورة بحقوقه المشروعة والتعامل معه بالتساوي مع المواطن الاخر في الحقوق والواجبات بدون التمييز بينهما ، وأحسن التعامل معه بعقلانية وعدالة ، بحيث يشعر المواطن الكوردي بأنه مواطن من الدرجة الأولى ، لان حل الإزمة الكوردية حلا سلميا هو إنقاذ المنطقة من الحروب واستتباب الأمن والسلام بين شعوبهم وتحقيق التضامن والتعايش والمحبة فيما بينهم . وبالتالي تحقيق الأهداف النبيلة وتبني سياسة علمية واضحة وصريحة في كل منها .
ومن الخطأ والخطر في آن ، إهمال المشكلة الكردية وعدم محاولة حلها بطرق السلمية وتعميم أفكار شوفينية تطعن بحقوق الكورد حيث يترتب على ذلك من آثار سلبية على الجميع ، واسستمرار الحروب في الحلقات المفرغة من الدموية المهلكة إلى ما لا نهاية بين الشعب المضطهد والحكومات الشوفينية ، وهذه الحروب العبثية لم يحصد منها سوى الدمار والخراب وهدر المال العام وتدمير البنية التحتية بالإضافة الى الاف بل ملايين الضحايا بين قتيل وجريح ومعوق ، الى جانب مجموعة من الاسرى والايتام والارامل .
كلما ازدادت سياسة الإنكار والقمع ضد الكورد وعلى ممارسة المزيد من الظلم والإجحاف بحقه ، وتم إبعاده عن مراكز القرار والوظائف الهامة ، لم يستسلم الكورد لتلك السياسات القمعية بل تنتعش أكثر الروح القومية عنده ، وازداد تمسكهم بهويتهم القومية ويستمرون للكفاح ومسيرتهم النضالية بإرادة أقوى وعظيمة اشد في المضي قدما على طريق الحرية والديمقراطية والكرامة ودفاعا عن حقوقه المشروعة .[1]