بيار روباري
الفصل الأول
مقدمة
لا شك إن أي إكتشاف أثري له الغ الأهمية، فما بالكم بإكتشاف مدينة أثرية عريقة في القدم مثل مدينة
“گر-چتل”، الواقعة في شمال غرب كوردستان، والتي تقع بين مدينتي كرمان وكونيا، والتي شكلت الحد الفاصل بين مرحتلين تاريخيتين مهمتين هما:
1- مرحلة العيش على قطف الثمار وصيد الحيوانات البرية.
2- مرحلة الإستيطان وبناء القرى والمدن البدائية، والتحول إلى الزراعة والعيش من الأرض.
ومع كل إكتشاف أثري، نزداد علمآ ومعرفة، وكثيرآ ما غير علماء الأثار والمؤرخين قناعتهم مع ظهور معلومات جديدة عبر السنين، نتيجة الإكتشافات الأثرية الجديدة وخاصة في أرض كوردستان. هذا البلد يمتلك أقدم حضارة عرفتها البشرية على الإطلاق، إضافة إلى إكتشاف الكتابة وإنطلاق عصر التاريخ منها. وكلما زادت معلوماتنا وكانت أقدم، إستطعنا فهم الماضي وأحداثه، وكيفية تطور البشرية عبر ألاف السنين بشكل أفضل وتوصلنا إلى حقائق الإمور.
نشأة علم الآثار:
نشأة علم الآثار (أركيولوجيا) كانت نشأة علمية وإنطلقت في أوروبا خلال عصر النهضة أي (1500م) القرن الخامس عشر، حين بدأ الإهتمام والاعجاب بالعصور القديمة، ولذا بدأ البحث عن الماضي وبدأ حب الآثار القديمة يسيطر على المسرح العام في أوروبا. وبدأ الباحثين والمهتمين بذلك يكتشفون ما عرف بالفن اليوناني والروماني وإستخراج التماثيل ووضعها في المتاحف، ثم مرت العملية بتحولات في عديدة في القرون اللاحقة وذلك حتى أواخر (1800م) القرن الثامن عشر. وفي أوائل القرن التاسع عشر بدأ علم الآثار (أركيولوجيا) الحديث، يأخذ شكلاً جديدآ في مدى رغبة الإنسان بمعرفة تاريخه وتطوره وإكتشاف الحضارات القديمة التي سبقت حضارتي اليونانية والرومانية بألاف السنين، وهذا ما دفع بمؤرخي الحضارات من تغير آرائهم عن أصول التمدن البشري وجذوره فقد كان الباحثون يحصرونها لحد هذا الوقت في تراث الحضارة اليونانية.
الكثير من الحضارات القديمة لم يعرف عنها شيء حتى مجرد أسمائها لم تكن معروفة لكن بفضل ظهور علم الأثار ووجود خبراء في هذا المجال، أمكن الكشف عن العديد من الحضارات البشرية وهذا ما وسع من نظرة الإنسان الحديث إلى الحياة وتطورها، وكيف تطورت البشرية وحضارتها والمراحل المختلفة التي بها هذا التطور. لم يكن علم الأثار (أركيولوجيا) على الصورة الحالية التي نعرفها اليوم، ففي بدايته كان علمآ بسيطآ ويهتم بالآثار الظاهرية من مبانٍ وتماثيل، ومع الزمن تطور ليُصبح أكثر إعتماداً على دراسة الوثائق بأنواعها المختلف، ويلجأ إلى تحليل قطع الأثار وبقايا العظام، وأنواع التربة ومخلفات الإنسان وأدوات معيشته وعظام الحيوانات وترجمة النصوص المدونة.
وأصبح علم الأثار يعتمد على منهجية البحث والتنقيب بشكل رئيسي، وإستفاد علم الآثار من العديد من العلوم الأخرى لمساعدته في منهجيته الجديدة، ومن أهم هذه العلوم: “الجيولوجيا، الجيومورفولوجيا،
وعلم البيئة (إلإيكولوجيا)، الأنتروبولوجيا، الإتنولوجيا وعلم التقويم (الكرونولوجيا)، إضافة لغيرها من العلوم.
وبداية علم الآثار في الواقع بدأت مع اليونانيين وذلك قبل الميلاد، حيث ذكر الشاعر اليوناني المعروف “هوميروس” الذي عاش حوالي (900) القرن التاسع قبل الميلاد، أنه من أقدم الأثريين في التاريخ إلى جانب أخرين من اليونانيون مثل “توقيديدس” الذي عاش في (500) القرن الخامس قبل الميلاد، الذي قام بوصف الآثار اليونانية، هذا إلى جانب الرحالة “هيرودوتس”. وفي فترة ما بعد الميلاد قام كل من: “بوزانياس، كزنوفون، استرابون” بوصف الآثار اليونانية القديمة. وإلى جانب اليونانين برز الرومانيين الذين قاموا بكتابة المُؤلفات عن الآثار القديمة، وفي مقدمة اولئك الكتاب جاء “فيتروفيوس” الذي وضع كتابآ شهيرآ عن فن العمارة، وقام “بلينوس” بتأليف كتاب التاريخ الطبيعي.
أهمية الآثار القديمة:
للأثار القديمة أهمية كبرى، فهي تساعدتنا من الإبحار عبر الزمن الماضي البعيد، في لوحة بانورامية لفهم نمط حياة وثقافة أسلافنا وسبل عيشهم، وكيف تطورت البشرية عبر الزمن من خلال إكتشاف المدن الأثرية، التي تعود تاريخها إلى ألاف السنين قبل الميلاد، وكيف تبلورت الأفكار والعقائد الدينية وظهرت الألهة، الدين، الكتابة، الأداب العلوم، وكيف تمكنت المجتمعات القديمة من تنظيم نفسها، وسبل ممارسة التجارة، كل ذلك بعد أن إكتشاف المرأة الكوردية للزراعة وظهور الملكية الفردية والعامة.
كما أن الإكتشافات الأثرية بينت لنا التسلسل الزمني لعصور ما قبل التاريخ. هذا إضافة أن الأثار القديمة تساعدتنا في معرفة الثقافات البشرية المتعددة والمنقرضة، كما أنها مكنتنا من إكتشاف العديد من الأشياء التي كنا نجهلها ومنها:
نشأة الأديان والطقوس التعبدية التي كان يمارسها الإنسان عبر التاريخ مثل: الصلاة، الحج، الصوم، والزكاة.
نمط الحياة وسبل عيش الإنسان القديم، وكيف تحول من الصيد والإنتقال إلى الإستقرار وزراعة الأرض وبروز القرى والمدن.
تدجين العديد من أنواع الحيوانات والإستفادة منها، لحمآ وحليبآ وجلودآ وعملآ.
إختراع الأدوات الزراعية والمنزلية والقوارب وقنوات الري.
إختراع مواد البناء وإنتقاله من الكهوف إلى بناء البيوت الطينية.
إختراع الأسلحة للدفاع عن نفسه وحماية مدنه من الغزاة.
دفن الموتى والإيمان بالعالم ما بعد الموت.
ظهور المعابد وطبقة الكنهة.
تحول الألهة إلى حكامٍ وملوك.
دور المرأة في المجتمع وتحول المجتمع الإنوثي إلى المجتمع الذكوري.
إختراع الكتابة والخط المسماري وأول أبجدية.
ظهور الألات الموسيقية وتدوين النوتة وظهور طبقة الكتاب (الأدباء).
مصطلح الآثار:
الآثار هو مصطلح نطلقه على كل ما تبقى من أشياء مادية وكتابات من الأجيال القديمة، فلا تكاد توجد منطقة خالية من الآثار من حول العالم. إلا أن هناك مناطق تعج بالأثار القديمة جدآ مثل كوردستان وذلك لعدة أسباب منها: العوامل الطبيعية، وفرة الماء، الطقس المعتدل، التربة الصالحة للزراعة، توفر الغطاء النباتي، وجود الحيوانات. وهناك مناطق حول العالم فقيرة بالأثار القديمة، وذلك لأسباب لها علاقة بنشأة الإنسان وتطوره عبر الزمن.
ولأهمية الآثار وعلى أصعِدة عديدة، برز علِم جديد أطلق عليه تسمية “علم الآثار”، وهذا العِلم يهتم بدراسة أثار وتاريخ المجموعات الإنسانية السابقة، والموروث المادي لها والتي تشمل: “أدواته، مسكنه،
قبوره، عبادته، معابده، العلاقات الإجتماعية، الحيوانات، النباتات، .. إلخ. ولا يمكن فصل التاريخ عن علم الأثار اليوم. ولإثبات أهمية الإكتشافات الأثرية سأضرب عدة أمثلة، كيف أنها غيرت من قناعات علماء الأثار والمؤرخين مرات عديدة عبر السنين:
المثال الأول:
كان هناك إعتقاد، لا بل إيمان راسخ لدى علماء الأثار بأن الحضارة إنتقلت من جنوب كوردستان حيث كان يقطن أسلاف الكورد “السومريين”، لكن بعد إكتشاف مدينتي “گوزانا، وهموكاران” التي تقعان في غرب كوردستان وتحديدآ في منطقة الجزيره الفراتية الكوردية العليا، إكتشفوا بأن ذلك الإعتقاد لم يكن صحيحآ. وإن الحضارة إنتقلت من غرب وشمال كوردستان إلى جنوب وشرق كوردستان. الأمر الذي إنتقل من سومر إلى بقية أجزاء كوردستان كانت الكتابة والخط المسماري.
وما زاد من أهمية هذه المدينة الأثرية “گر-چتل”، هو عثور علماء الأثار فيها على قطعة خبز تعود إلى (8600) ثمانية ألاف وستمئة عام قبل الميلاد، إضافة إلى عثورهم على فرن بدائي لعمل الخبز. وهذا الإكتشاف في غاية الأهمية، من ناحية المعلومات الأثرية القيمة والتاريخية عن تلك المرحلة من تاريخ الإنسانية ومن تاريخ أسلاف الشعب الكوردي.
للإسف الشديد ليس هناك دراسات كثيرة عن تاريخ هذه المدينة وأثارها، لغة سكانها، معتقداتهم، وكيفية إنتهاء هذه المدينة. والأسوأ من ذلك، لم أجد دراسة واحدة كتبت من قبل علماء أثار كورد ولا المؤرخين ولا الباحثين. فما بالكم بوضع كتاب كامل عنها، وهذا ينسحب على جميع المدن الكوردية الأثرية، التي يعج بها أرض كوردستان مهدة الحضارة والتاريخ. حاولت الإطلاع على كل ما نشر حتى الأن مدينة گر-چتل من قبل الباحثين والمنقبين في موقعها، ولكن للأسف الشديد لا توجد معلومات كثيرة منشورة سواءً باللغة التركية أو الإنكليزية أو العربية أو غيرها من اللغات.
المثال الثاني:
إكتشاف مدى زيف رواية “التوارة” والأكاذيب التي سوقها كُتابها حول تاريخ تكوين الكون وظهور بني الإنسان على كوبنا، وحقيقة كل من شخصيتي “أدام وحواء”. كل ذلك علمناه كان بفضل “علم الأثار” والإكتشافات الأثرية السومرية – الكوردية، التي كشفت لنا حقائق الأشياء وبالأدلة الدامغة التي لا تقبل الشك.
المثال الثالث:
تسويق شخصية “موسى” من قبل كتاب التوراة على أنه شخصية حقيقة وكان نبيآ مرسلآ وهذا عاري
عن الصحة تمامآ، حيث لا يملك اليهود لليوم عشرُ دليل أثري على وجود شخص موسى على الإطلاق ولا المعبد أي الهيكل. موسى مجرد شخصية إسطورية خلقها كتاب التوراة، والهدف منه كان خلق تاريخ وموقع لليهود بين الأمم المتحضرة والعظيمة كالإمة الخورية – الكوردية، والإمة المصرية والإمة الهندية واليونانية والصينية، وكونهم لم يملكوا أية حضارة، فإختلقوا تلك الكذبة وسوقوها على أنها حقيقة لا يشوبها شائبة، كما كل سرقوا الأساطير السومرية ومعتقداتهم وحضارتهم.
المثال الرابع:
كشف زيف وأكاذيب “محمد”، الذي سرق كل أفكاره من الديانة اليهودية، واليهودية بدورها سرقها من الديانة السومرية – الخورية، وسرقة كل طقوسه الدينية من الديانة الزرادشتية وشريعته من التشريع الزرادستي “زندا”.
لماذا معرفة التاريخ مهم؟
هل معرفة ودراسة التاريخية مفيد لنا كبشر ولماذا؟ وهل ذلك ضروري للإنسان في العصر الذي نعيش فيه، عصر العلم والذرة وغزو الفضاء والإنترنيت؟ الجواب: نعم.
دراسة التاريخ مفيدة لنا كبشر وضرورة، لأن التاريخ ليس ماضي منفصل، بل هو مرتبط بالحاضر والحاضر مرتبط بالمستقبل، ولا يوجد شيئ من دون جذور، فالأحداث التي تحدث الأن في العالم بأسره،
من تطورات علمية وتغيرات مناخية، وهجرات بشرية، وصدامات دموية، وصراعات دولية، كلها لها
جذور في الزمن الماضي.
بكلام أخر إن التاريخ هو نهر الحياة، فإن هذا النهر متصل السير فيه، هكذا كان من قبلنا وفي زماننا وسيبقى من بعدنا زمننا كذلك. وكتابة التاريخ هو عبارة عن تسجيل التجربة الإنسانية بحلوها ومرها، فإن هذه التجربة متواصلة ومستمرة وستستمر كذلك إلى ما لا نهاية، وهي عبارة عن حلقات متّصلة ومراحل متعددة، وبهذا المعنى التاريخ يشمل الماضي والحاضر والمستقبل معآ. وعندما ندرس الماضي إننا في نفس الوقت ندرس الحاضر والمستقبل، لأنه في الواقع لا شيء في الوجود يتلاشى ويتبخر مع الزمن. ففي علم الطبيعة كما هو معروف فإن المادة لا تفنى، وفي علم التاريخ لا شيء يزول زوالآ تامآ، وإنما الأشياء ذاتها تأخذ مع الأيام صورآ أخرى.
وفي الحالة الكوردية، فإن دراسة تاريخ المنطقة بشكل عام، والكوردي (گوزانا، الخوريين، السومريين، الإيلاميين، الكاشيين، الميتانيين، الهيتيين، السوباريين، الميديين، الساسانيين، الأيوبيين، ..) بشكل خاص
مهم جدآ وضروري للغاية، أكثر مما يتصوره بعض السذج والمغفلين والحمقى من الكورد. وقبل كل ذلك على الكورد كتابة تاريخهم بأيديهم ومن ثم دراسته وفهه، والخروج من ذاك القمقم وإنتاج المعرفة والعلم وعدم قراءة التاريخ الذي كتبه أعدائهم القربيين منهم والبعيدين.
هل تعلمون لا يوجد دراسة كوردية واحدة عن هذه المدينة التي نحن بصددها؟ بينما إكتشفها علماء الأثار قبل (46) عامآ، وتم إكتشافها عن طريق الصدفة وإكتشفها الفلاحين من سكان المنطقة، أثناء الفلاحة في التلتين في العام (1958). وترأس البعثة الأثرية الأولى التي نقبت في المدينة أول مرة العالم الإنكيزي السيد “جيمس ميلارت” وبدأت عمليات التنقيب في العام (1961) وإستمرت عمليات التنقيب حتى العام (1965)، ولكن الحكومة التركية أعتقد أن السيد قام ببيع القطع الأثرية سرآ، فقامت بطرده. وفي العام (1993) إستأنف عالم الآثار البريطاني “إيان هودر” من جامعة كامبريدج عمليات التنقيب في الموقع من جديد.
دعوني أن أبدأ هذا البحث التاريخي عن مدينة گر-جتل الأثرية المهمة، بعدة ملاحظات منها:
الملاحظة الأولى:
إن إكتشاف مدينة “گر-جتل” الأثرية المهمة، مع إكتشاف معبد ” گر-زك” قبل ذلك في مدينة أورفا الذي يعود تاريخه إلى (12.000) إثنى عشر الف عام قبل الميلاد، إضافة لممدينة “گوزانا” عاصمة الدولة الخورية التي تقع في غرب كوردستان، وتحديدآ في منطقة الجزيره الفراتية العليا، أثبتت أن الحضارة إنتقلت من شمال وغرب كوردستان إلى أقصى جنوب كوردستان، حيث موطن الكورد السومريين، الإيلاميين والكاشيين، وليس العكس كما كان يعتقد علماء الأثار قبل إكتشاف مدينة “گوزانا، وهموكاران” مهد الإمة الخورية – الكوردية.
الملاحظة الثانية:
لماذا نعتقد أنها مدينة گر-جتل كوردية؟ حتمآ سيسأل البعض هذا التساؤل وهو في محاله، ولو لم أكن أنا كاتب هذا البحث لطرحت نفس السؤال.
وإجابة على هذا التساؤل، يمكنني القول وعن علمٍ ودراية نتيجة قيامي بعدة دراسات تاريخية عن العديد
من المدن الأثرية في شمال كوردستان (الكيان التركي الحالي) وفي غرب كوردستان (الكينانين السوري
واللبناني)، تأكد لي من خلال الوثائق التاريخية والأثار الكثيرة، لم يكن يعيش في هذه المنطقة التي تشمل كل من: (تركيا، ايران، العراق، سوريا، لبنان، الكويت، أذربيجان، أرمينيا، البحرين، …)، سوى أسلاف الشعب الكوردي وهم:
“التوروسيين، الزگروسيين، الگوتيين، السوباريين، الخوريين، السومريين، الإيلاميين”. لقد وطأت أقدام الإغريق شمال كوردستان قبل الميلاد كغزاة حوالي (1200) قبل الميلاد، وأقاموا أولى مستوطناتهم نحو (700) القرن السابع قبل الميلاد، وفي العام (332) قبل الميلاد، غزا الإلكسندر المقدوني شمال وغرب كوردستان. والكنعانيين من جهتهم غزوا المنطقة قبل الميلاد بحوالي (3500) عام، والأكديين غزوا جنوب كوردستان حوالي (3000) الألف الثالث قبل الميلاد، والأموريين غزوا جنوب غرب كوردستان في بداية الألف الثالث. وهذا ليس أنا ما أقوله، وإنما قاله أقدم المؤرخين في التاريخ ومنهم “هيرودوت”. أما الأرمن والفلسطينيين هم من شعوب البحر (البلقان) وغزوا المنطقة حولي (500) القرن الخامس قبل الميلاد.
من هنا نعلم أن أسلاف الشعب الكوردي الذين ذكرناهم هم أقدم شعب إستوطن هذه الأرض وبنى فيها أول حضارة بشرية ،التي قامت بعد إكتشاف القمح البري في شمال كوردستان، وثم إكتشاف الزراعة في جنوب كوردستان قبل الميلاد بحوالي (10.000) عشرة ألاف عام. لهذا أنا واثق من كوردية هوية هذه المدينة الأثرية، وتفاصيل الدراسة ستأكد ذلك.
الملاحظة الثالثة:
أدعو جميع المؤرخين والباحثين الكورد بعدم إستخدام التسمية التركية الحقيرة والبغيضة لهذه المدينة،
وإنما إستخدام التسمية الكوردية “گر-جتل” وهي التسمية الأصلية والحقيقية لهذه المدينة الأثرية الكوردية المهمة. المحتلين العثمانيين ومن بعدهم ما يسمون أنفسهم الأتراك كذبآ، ترجموا الإسم الكوردي إلى لغتهم بشكل حرفي وكتبوه بالتركي فقط، ولهذا علينا ككتاب وباحثين ومؤرخين كورد، أن نتجب إستخدم تسميتهم، ونستخدم التسمية الحقيقة الكوردية. لماذا؟؟
الأسماء جزء من هوية الإنسان و لشعب والمكان، فإذا إستخدمنا التسميات التركية والعربية والفارسية لمدننا وقرانا وجبالنا وبحيراتنا وبحارنا وأنهارنا، عندها نقر بعروبة وتركية وفارسية كل تلك المناطق والمدن دون أن نقصد ذلك، وهنا سأضرب عدة أمثلة على ذلك لأبين خطورة هذا الأمر:
1- مدينة ديرسم:
الأتراك تركوا إسمها إلى (تونجلي) بعد الثورات التي شهدت المدينة ضد العثمانيين والكماليين الأوغاد، فهل يجوز لنا ككورد أن نستخدم هذه التسمية الحقيرة؟ بالطبع لا. وكل من يفعل ذلك يعتبر خائنآ لإمته الكوردية ووطنه كوردستان ولدماء الشهداء.
2- سريه كانية:
عربها العربان إسمها إلى (رأس العين)، فهل من المقبول أن نستخدم نحن الكورد هذه التسمية المهينة؟ الجواب بالتأكيد لا، وكل من يفعل ذلك مدان أخلاقيآ ووطنيآ ولا ينتمي للشعب الكوردي.
3- مدينة هولير:
التي غير إسمها المحتلين الأكديين الهمج إلى (أربيل)، وتبناه المحتلين العربان بعد غزوهم لكوردستان. هل يجوز للكاتب والمؤرخين الكورد إستخدام تلك التسمية ؟ الجواب بالتأكيد لا.
4- مدينة گريه سپي:
النظام البعثي الفاشي الذي حكم الكيان السوري لسنوات طويلة، قام بتعريب أسماء عشرات المدن والقرى الكوردية، ومنها إسم هذه المدينة وسمها (رأس العين)، وهي ترجمة حرفي للتسمية الكوردية. هل يجوز للكور إستخدام هذه التسمية المهينة وقبول التعريب؟ الجواب لا.
5
5- مدينة آمد:
الغزاة والمحتلين العربان، عندما قاموا بغزوا كوردستان وإحتلوا مدينة “آمد” عاصمة الكورد التاريخية
قاموا بتعريب إسمها وأطلقوا عليها تسمية (ديار بكر)، نسبة قبيلة بكر العربية الوسخة، بهدف تعريب كوردستان، جزءً من اولئك الوحوش البشرية البكرية سكنوا مدينة “آمد” وما حولها من قرى. فهل يجوز للكورد أن يستخدموا تلك التسمية ؟؟ الجواب بالتأكيد لا.
6- مدينة أفرين:
النظام العفلقي العنصري والمجرم، حاول تعريب إسمها إلى (العروبة) لكنه فشل في ذلك، فقام بتعريب الإسم وسماها (عفرين). وكما هو معلوم لا يوجد في اللغة الكوردية حرف (العين). بهدف محو الهودية الكوردية لمنطقة “چيايه كورمينج”. فهل يجوز لنا ككورد إستخدام التسمية البعثية المهينة؟ الجواب لا.
7- مدينة ديريك:
النظام البعثي العفلقي المجرم وفي إطار تعريب أسماء المدن الكوردية عربها وسماها (المالكية). فهل أن نستخدمها كشعب كوردي؟ الجواب لا.
8- مدينة دلبين:
بعد الغزو العربي الإسلامي الهمجي والسرطاني لكوردستان، عربوا إسم المدينة إلى (إدلب). فهل يجوز أخلاقيآ ووطنيآ للكورد إستخدام هذه التسمية العنصرية والبغيضة؟؟ الجواب لا.
9- مدينة گرگاميش:
بعد الغزو العربي الإسلامي الهمجي والسرطاني لغرب كوردستان، عربوا إسم المدينة إلى (جرابلس). فهل يجوز للكورد هذه التسمية المهينة؟؟ الجواب بالتأكيد لا.
10- مدينة گرگام:
المحتلين العثمانيين الهمج، قاموا بتتريك إسم المدينة وحولوها إلى (مراش)، بهدف محو الهوية الكوردية للمدينة. فهل يعقل أن يقوم الكورد بإستخدام التسمية التتارية؟؟ الجواب لا.
هناك مدن كوردية أخرى كثيرة جرى تعريب أو تتريك أو تفريس أسمائها مثل: ديلوك، در-زور، هسك، هلچ، گولان، باخاز، أزاز، أرپاد، أمبار، دو-يلا، تيگريت، بگدا، …).
لذا علينا نكون حذرين جدآ في الأمر، وأن لا نقع في هذه الأخطاء الجسيمة، وسوف نقوم بشرح معنى إسم وأصل تسمية “گر-جتل” في فصل خاص بذلك. وسوف نناقش في البحث التاريخي الموجز الفصول التالية:
1- مقدمة.
2- جغرافية موقع مدينة گر-چتل.
3- أهمية إكتشاف هذه المدينة.
4- أثار مدينة گر-چتل.
5- تاريخ مدينة گر-چتل.
6- أصل ومعنى تسمية گر-چتل.
7- الوجود الكوردي في گر-چتل والمنطقة المحيطة بها.
8- لغة وثقافة سكان مدينة گر-چتل.
9- عقائد سكان المدينة الأصليين.
10- مكانة المرأة في مجتمع گر-چتل.
11- الحياة الإقتصادية في مدينة گر-چتل.
12- الخلاصة.
13- قسم الصور.
14- المصادر والمراجع.[1]