حقائق مُهمّة عن الواقع الكوردستاني (2)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5501 - 2017-04-24 - 22:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
في الحلقة السابقة تم ذكر ثلاث حقائق عن الواقع الكوردستاني التي تضمنت كون كوردستان بلد مُغتصَب من قِبل عدة دول وأنها مُستعمَرة إستيطانياً وقيام الدول المُغتصِبة لكوردستان بترسيخ الفكر القومي العنصري الإستعلائي في نفوس شعوبها وتلقينها بمعلومات كاذبة مشوّهة عن الشعب الكوردي وأصله وتأريخه وحضارته. في هذه الحلقة نواصل ذكر حقائق أخرى يعكسها الواقع الكوردستاني.
الحقيقة الرابعة: إن الدول المُغتصِبة لكوردستان يتم حكمها من قِبل حكومات شمولية عنصرية متخلفة، حاولت و تحاول إلغاء وجود الشعب الكوردي وإلغاء هويته ولغته وتأريخه وثقافته وتراثه. إن هذه الحكومات العنصرية تستخدم العنف وكل الوسائل الأخرى للقضاء على شعب كوردستان وإعاقة نضاله من أجل التحرر وإستقلال بلاده، بما فيها القيام بالإبادة الجماعية وإستخدام الأسلحة الكيميائية وفرض الحصار الإقتصادي وإتباع سياسة الأرض المحروقة وهدم عشرات الآلاف من القرى والمدن الكوردستانية وتشريد سكانها وحرق غابات كوردستان وتدمير بيئتها والعمل على إلغاء الهوية واللغة الكوردية والتأريخ الكوردي العريق ومحو وإزالة هوية وثقافة وتراث شعب كوردستان.
الحقيقة الخامسة: إن شعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان هي شعوب متخلفة نتيجة أسباب عديدة ولذلك فهي غير مؤهلةٍ لبناء أنظمة حُكمٍ ديمقراطية وقبول التعددية والرأي المختلف والإعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، بما فيها تحرر شعب كوردستان. قد
يستغرق تأهيل هذه الشعوب وتطورها أجيالاً عديدة. لذلك ينبغي على الكوردستانيين أن يعرفوا هذه الحقيقة وعلى ضوئها يجب أن يُحددوا أهدافهم ويضعوا إستراتيجياتهم ووسائل نضالهم.
كمثالٍ، لِنأخذ النظام الفيدرالي في بلجيكا والتي هي دولة متطورة. لقد إجتاز المجتمع البلجيكي المراحل الإقطاعية والعشائرية ويعيش في المرحلة الرأسمالية وله نظام علماني، لا يتدخل الدين في شئوون الدولة والحكم وأنها عضوة في الإتحاد الأوروبي. بلجيكا مملكة صغيرة تقع في شمال غرب أوروبا وتبلغ نفوسها حوالي عشرة ملايين نسمة ومساحتها 33990 (89.8% منها يابسة و10.2% مياه). البلجيكيون يتألفون من الشعب الفلمنكي (Flanders)، الناطقون باللغة الهولندية ويُشكّلون 58% من سكان بلجيكا ويعيشون في شمال البلاد، ومن الشعب الوَلوني الناطق باللغة الفرنسية والذي يعيش في جنوب البلاد في مقاطعة (Wallonia)، ويُشكّلون 32% من مجموع سكان بلجيكا. هناك أيضاً مجموعة سكانية صغيرة ناطقة باللغة الألمانية تعيش في بلجيكا. الشعوب البلجيكية تُدين بالمذهب الكاثوليكي. الدستور البلجيكي ينص على حق الحكومات الفيدرالية في نقض قرارات الحكومة المركزية. قال الجنرال ديگول مرة الفلمنكيون البلجيكيون يجعلون حياة الوَلونيين مزعجة لدرجة أنّ الوَلونيين يرمون أنفسهم في أحضاننا. قد يحدث هذا ما قاله الجنرال ديگول ويختار الشعب الوَلوني الإنفصال عن بلجيكا و الإنضمام الى فرنسا، حيث تمر الحكومة البلجيكية بإستمرار بأزمات سياسية حادة بسبب الخلاف المستمر بين الناطقين بالهولندية والفرنسية وصعوبة عيشهم معاً ضمن دولة واحدة. يُظهِر إستفتاء أجرته صحيفة (La Voix du Nord) الفرنسية و(Le Soir) البلجيكية، أنّ 49% من الوَلونيين يؤيدون إنضمام مقاطعتهم الى فرنسا، بينما يؤيد 60% من الفرنسيين هذا الإنضمام.
هكذا نرى أن الشعب البلجيكي المتحضر الذي يتقدم شعوب منطقة الشرق الأوسط بمئات السنين في التطور الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والفكري، لا تستطيع القومية الفلمنكية و الوَلونية العيش معاً في دولة فيدرالية وكلتا القوميتين تشتركان في المذهب الكاثولوكي وتختلفان في اللغة فقط. إذن كيف تستطيع الشعوب المتخلفة في منطقة الشرق الأوسط أن تعيش في كيانات سياسية موحدة؟![1]