حقائق مُهمّة عن الواقع الكوردستاني (3)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5502 - 2017-04-25 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من خلال العودة الى الحلقة السابقة من هذه السلسلة من المقالات، نرى أنّ القضية القومية لا تزال تلعب دوراً كبيراً في دول ديمقراطية متقدمة ومتطورة، حيث أنه من المتوقع أن تنال شعوبٍ كثيرة في الدول الغربية المتقدمة التي تعيش ضمن كيانات سياسية مشتركة، حريتها وإستقلال بلدانها. القوميون الأسكتلنديون يناضلون من أجل إستقلال بلدهم عن بريطانيا وينظمون إستفتاءً بعد آخر لتحقيق هذا الهدف. الشعب الكتالوني و الباسك في إسپانيا يعملان بدورهما من أجل إستقلال بلدَيهما عن إسپانيا. في بلجيكا، شعب الفلامان (الفلامنج) الناطق باللغة الهولندية و شعب الوالون (الوالس) الناطق باللغة الفرنسية، لا ينسجمان معاً في العيش المشترك في بلجيكا ومن المحتمل جداً أن يستقل هذان الشعبان في المستقبل المنظور ويؤسسان دولتَين مستقلتَين على أنقاض مملكة بلجيكا الحالية. شعب كيوبك الناطق بالفرنسية يناضل من أجل الإستقلال عن بقية سكان كندا الناطقين باللغة الإنكليزية. إذا كانت الدول الغربية الديمقراطية التي قد تسبق الشعوب المتأخرة، مثل الشعوب التركية والفارسية والعربية، في التقدم والتطور بمئات السنين، لا تستطيع حل التعدد القومي في بلدانها فكيف يستطيع شعب كوردستان العيش مع الشعوب المتأخرة للدول المُغتصِبة لكوردستان ضمن كياناتها السياسية الحالية؟!!
فيما يتعلق بحقائق الواقع الكوردستاني، تم الحديث في الحلقتَين السابقتَين عن كون كوردستان بلد مُغتصَب من قِبل عدة دول وأنها مُستعمَرة إستيطانياً وقيام الدول المُغتصِبة لكوردستان بترسيخ الفكر القومي العنصري الإستعلائي في نفوس شعوبها وتلقينها بمعلومات كاذبة مشوّهة عن الشعب الكوردي وأصله وتأريخه وحضارته. كما تم الحديث عن أنّ الدول المُغتصِبة لكوردستان يتم حكمها من قِبل حكومات شمولية عنصرية متخلفة لا تعترف بِحق شعب كوردستان في الحرية والإستقلال وأنّ شعوب هذه الدول هي شعوب متخلفة ولذلك فهي غير مؤهلةٍ لبناء أنظمة حُكمٍ ديمقراطية وقبول التعددية والرأي المختلف والإعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، بما فيها تحرر شعب كوردستان وإستقلال بلاده. في هذه الحلقة نواصل الحديث عن حقائق أخرى عن الواقع الكوردستاني.
الحقيقة السادسة: تتعاون و تُنسّق الدول المُغتصِبة لكوردستان فيما بينها للوقوف بوجه تطلعات شعب كوردستان ومنعه من أن يتحرر من الإستعمار الإستيطاني والإحتلال والعبودية. رغم الخلافات السياسية والثقافية والمذهبية والإقتصادية والتأريخية القائمة بين الدول المُغتصِبة لكوردستان، فأنها تتعاون معاً للإستمرار في إستعباد شعب كوردستان والإستمرار في إغتصاب بلاده ونهب ثروات كوردستان.
الحقيقة السابعة: القضية الكوردستانية غير معنية بجزء مُعيّن من كوردستان وعلاقة ذلك الجزء بِحكومة الدولة المُغتصِبة لكوردستان، بمعزل عن الأجزاء الأخرى، وبكلام آخر فأن القضية الكوردستانية هي قضية واحدة لشعب واحد، مُغتصَب وطنه من قِبل عدة دول، لذلك لا يمكن حل القضية الكوردستانية بتجزئة هذه القضية الى عدة قضايا مستقلة وكل قضية تكون مرتبطة بإحدى الدول المُغتصِبة لكوردستان بحيث يتم عزل الأقاليم الكوردستانية عن بعضها البعض، بل أن القضية هي قضية شعب كوردستان بأسره وحل القضية الكوردستانية يتم فقط على نطاق كوردستان بأكملها لأن القضية الكوردستانية هي قضية الكوردستانيين جميعاً ولا يمكن حلها ضمن نطاق كل دولة مُغتصِبة لجزء من كوردستان بمعزل عن الأجزاء الأخرى.
مما سبق، يتوصل المرء الى ثلاث إستنتاجات مُهمّة، الأول هو إستحالة تمتع الشعب الكوردستاني بحقوقه في المستقبل المنظور والبعيد في ظل الدول المُغتصِبة لكوردستان، حيث لا تعترف حكومات وشعوب الدول المُغتصِبة لكوردستان بحق تقرير المصير لشعب كوردستان.
الإستنتاج الثاني هو إن التطور الإجتماعي للمجتمعات البشرية عبارة عن عملية بطيئة جداً، لذلك فأن تطور شعوب البلدان المحتلة لكوردستان يستغرق أجيالاً عديدة. هذا يعني إستحالة بناء أنظمة سياسية ديمقراطية في الدول المُغتصِبة لكوردستان خلال المستقبل المنظور والبعيد، بحيث تعترف أنظمة الدول المُغتصِبة لكوردستان بحق الشعب الكوردستاني في تقرير مصيره بنفسه وأن يكون ندّاً متكافئاً لهذه الشعوب. بعد مئات السنين، قد يرتفع المستوى الفكري ووعي هذه الشعوب بحيث تتبنى النظام الديمقراطي وتتفاعل مع المفاهيم والأفكار الإنسانية المعاصرة و تعترف بحق شعب كوردستان في تقرير مصيره والتعبير عن إرادته.
الإستنتاج الثالث هو أنه لا يمكن حل القضية الكوردستانية في كل جزء مُغتصَب من كوردستان بمعزل عن الأجزاء الأخرى، حيث أن تجزئة القضية الكوردستانية تعني تجزئة كوردستان وتشتت شعبها ونضاله.[1]