الكردي السوري - 1 -
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024-04-06 - 21:10
المحور: القضية الكردية
الاستاذ وائل سواح كتب عن القضية #الكردية كلمات مهمة وجديرة بالتمعن..قال:
ماذا يقابل #الكردي السوري؟
في تعقيدات القضية الكردية السورية ومنطقيتها
يشغلني دائماً سؤال مهمّ، كلّما شاركت في مؤتمر للحوار بين كرد سوريا وباقي أطياف السوريين، مفاده: ماذا يقابل الكرد السوريين؟. فإذا كان الكرد هم الطرف الأول في الحوار أو النقاش أو المفاوضات، فمن يكون الطرف الثاني؟. الإجابة السريعة هي قبل كل شيء: العرب السوريون. ولكنّ في ذلك إرغاماً للطرف الثاني بإلصاق هوية به قد لا يرغب بها، وقد لا تكون صحيحة أساساً.
من هم السوريون؟. لست باحثاً في التاريخ، ولكن ثمة ألوف من السنوات تعود وراءً قبل دخول العرب إلى سوريا. وقد أسست هذه الألفيات سوريا كوطن لمزيج جميل من الشعوب التي مرّت عليها، من آشوريين وكنعانيين وآراميين وفينيقيين وحثيين وأكراد. ولم يدخل العرب سوريا إلا في ربع الساعة الأخيرة من التاريخ. ولئن صبغ العرب سوريا بلغتهم ودينهم، فإنهم لم يصبغوها بعاداتهم وثقافتهم ومطبخهم، فبقي لسوريا ثقافتها المستقلة وفنها وموسيقاها ومطبخها وعاداتها في الحزن والفرح والحصاد والأعياد والجنائز والولادة والموت والغناء والرسم وغيرها.
ثمة مسألة رمزية يعتدُّ بها السوريون، وهي حصولهم على شجرة للعائلة غالبا ما ترجع إلى النبي. بيد أن هذه القصة، إن ابتعدت عن بعدها الرمزي وطلبت أن تعامل كحقيقة تاريخية، فإنها تغدو مزحة ثقيلة. لا شكّ أن العرب جزء من السوريين، ولكن من يستطيع أن يقول: إنه يعود بنسبه فعلا إلى قريش أو تميم أو كنانة أو ربيعة؟. لا تزال تجربة حمض ال”دي ان أي” التي خضع لها عدد من الشباب يحسبون أنهم بريطانيون والمان وفرنسيون صافون قريبة العهد، حيث وجدوا جميعاً أن أصولهم تعود إلى أعراق غير العرق الذي يشتهون.
بالنسبة لي، بينما أحترم العرب وتاريخهم، فأنا أعتبر نفسي سوريا فقط، مزيجاً من كل الحضارات السابقة التي مرت ببلادنا. وبالتالي، فأنا عربي وآرامي وآشوري وكنعاني وكردي بنفس القدر. ثقافتي سورية وموسيقاي سورية ومطبخي سوري وحزني سوري.
ولنعد إلى السؤال الرئيسي: من يقابل الكرد في طرف المعادلة الأخرى؟ في شهر آب من العام الماضي، عقد مركز “حرمون” للدراسات ملتقى في برلين اسماه “ملتقى هنانو للحوار العربي-الكردي”. ويومها سألت نفس السؤال. وللأسف، بعد يومين كاملين من الحوار والنقاش، لم يؤدِ الملتقى إلى أي نتيجة حقيقية على الأرض. والسبب أن بعض المشاركين جاؤوا وهم متمترسون وراء أفكار مسبقة لا يريدون عنها حياداً. ومثل هذه العقلية لا تؤدي إلى حلول. ما يؤدي إلى الحل هو أن نأتي إلى الحوار خالي البال ومستعدين لسماع الآخر ومحاولة فهم ما يريد من دون مواقف مسبقة غير قابلة للتغيير، وإلا فما فائدة الحوار أساسا؟.
لا جدال في أن ثمة في سوريا قضية كردية، وهي قد تكون وليدة أو مسببا لمشكل في العلاقات بين الكرد السوريين والأطياف الأخرى. وسيكون من العبث أن نتحايل على هذه القضية/المشكل بعيارات من مثل “السوريون أخوة” و”الديمقراطية أو مبدأ المواطنة هما الحل”. صحيح أن الديمقراطية ومبدأ المواطنة هما خطوة على طريق الحل، ولكن جوهر القضية أن ثمة في سوريا جماعة بشرية أصيلة لها مرتكزات إثنية وثقافية ولديها طموحات سياسية ومجتمعية لا بد من مواجهتها. وهنالك، برأيي، قواعد أساسية لمواجهة هذه الاستحقاقات:...يتبع[1]