عنوان الكتاب: تقديس القائد في الحركة السياسية الكردية
مؤسسة النشر: مركز “جسور للدراسات
تأريخ الأصدار: 2017
رقم الطبعة:قداسة وتأليه الزعماء عادةٌ قديمة قِدم التاريخ البشري، وهي متجذّرة في الشرق عموماً لاعتبارت عديدة. واستُخدم التقديس عبر آلاف السنين كأسلوب لتحفيز الأتباع وكسب ولائهم ودفعهم للتضحية. وشكّلت صناعة التقديس أولوية مطلقة لدى العديد من الأنظمة الشمولية عبر التاريخ.
وقد قدّمت التجربة الشيوعية والاشتراكية في القرن العشرين نماذج متطرفة في تقديس الفرد، وأثّرت هذه النماذج في معظم دول الجنوب. ومن أبرز هذه النماذج: لينين (1870-1924)، وستالين (1878-1953) [الاتحاد السوفييتي]، وماو تسي تونغ (1893-1976) [الصين]، وفيدل كاسترو 1926-
2016 [كوبا]، وكم إيل سونغ (1912-1994)، وكم جونغ إيل (1941-2011) [كوريا الشمالية].
وشهدت منطقة الشرق الأوسط نماذج تقديسها الخاصة، والتي استوحت من النماذج الدولية، وطوّرتها وأضفت عليها لمساتها الخاصة. وأبرز هذه النماذج: حافظ الأسد (1930-2000)، وصدام حسين (1937-2006)، ومعمر القذافي (1942-2011).. إلخ. وكان نقد هؤلاء الزعماء أو التحدث عنهم بطريقة غير لائقة يعرّض الشخص لأقسى عقوبة في تلك الدول، إن لم يكن التعذيب والقتل في ظلمات السجون، عدا عن تحويل كلمات الزعيم إلى مصدرٍ للحكمة، وصوره رمزاً للولاء، وإجبار الناس على تعليقها في المؤسسات الحكومية والخاصة، ونشر صوره الضخمة وتماثيله في الشوارع، ومنحه الألقاب الكبيرة كالقائد العظيم والخالد والملهم.. إلخ، ونسبة كل إنجاز إليه، باعتباره منحة ونعيماً من نِعم القائد(1) .
ولكن ما يستحق النظر والدراسة هو تأثر بعض الحركات والأحزاب الثورية التي وقفت ضد تلك الأنظمة بهذا المفهوم وتطبيقها لمبدأ تقديس وتأليه الزعيم، ، متأثرة بالحالة الشرقية العامة التي يغلب عليها تقديس الأشخاص.
ويُلاحظ أن تقديس القائد في الحركات السياسية ارتبط بشكل أساسي بالحركات المسلحة، وقلّما يظهر بشكل واضح المعالم في حركة سياسية غير مسلّحة، وهي إشارة إلى أنّ التقديس يرتبط بالقوة القادرة على فرضه، وكسب احترامه حتى من غير المؤمنين به.
ولم يكن الواقع الكردي استثناءاً من هذه الظاهرة. ووصل الحال في الحركة الكردية إلى نسبة أتباع الحزب إلى اسم قائد الحزب بدلاً من اسم الحزب، فإن كان الشخص من أنصار حزب العمال الكردستاني فهو (آبوجي Apoçî) نسبة إلى شخص قائد الحزب الذي يلقب ب (آبو Apo)، وإن كان من أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني فهو (برزاني Berzanî) نسبة إلى قائد الحزب السابق (مصطفى البرزاني) والقائد الحالي (مسعود البرزاني)، وإن كان من أنصار حزب الاتحاد الوطني الكردستاني فهو (جلالي Celalî) نسبة إلى شخص قائد الحزب (جلال الطالباني).
[1]