عنوان الكتاب: مستقبل المشروع الكردي في سورية
اسم الكاتب: عبد الرحيم سعيد تخوبي
مؤسسة النشر: مركز جسور للدراسات
تأريخ الأصدار: 2020
مرّت القضية الكردية في سورية بعدّة محطات تبدأ بمرحلة ما بعد الانسحاب العثماني وبدء مرحلة الانتداب الفرنسي. حينها لم تكن القضية الكردية في سورية متبلورة بشكلها القومي الحالي، باستثناء مطالبات بعض وجهاء العشائر الكردية للفرنسيين بمنح مناطقهم حكماً ذاتياً، ما لاقى رفضاً من وجهاء آخرين والذين أصرّوا على إبقاء الارتباط مع دمشق.
لم تتغير الأمور كثيراً بعد الانسحاب الفرنسي من سورية، نظراً لطبيعة الحياة السياسية ذات الشكل الديموقراطي آنذاك، فقد شهدت تلك الفترة استلام عدد من الكرد رئاسة الجمهورية دون أن يشكل انتماؤهم القومي أي مشكلة لدى السوريين، أمثال حسني الزعيم (1949)، وفوزي السلو (1951-1953)، إضافة إلى محسن البرازي الذي كان رئيساً للوزراء أثناء حكم حسني الزعيم.
في عام 1957 تأسس أول حزب سياسي كردي، تحت اسم الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن بعد إعلان الوحدة بين سورية ومصر عام 1958 تم إجباره على حلّ نفسه كحال جميع الأحزاب حينها، إلّا أنّه رفض الالتزام بالقرار ما أدّى لاعتقال الكثير من قياداته بين عامي 1959 و1961 .
في الواقع، كانت سيطرة حزب البعث على السلطة في سورية هي المحطّة الأبرز في القضية الكرديّة، حيث تم تغيير اسم الجمهورية السوريّة إلى الجمهوريّة العربيّة السوريّة، والبدء بتنفيذ مشاريع عنصرية بحق الكرد أبرزها الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة ، الحزام العربي عام 1974. لقد كانت ممارسات حزب البعث العامل الأكبر في تنامي الشعور القومي الكردي في سورية، وتفكير الكرد بالحصول على حالة سياسية استثنائية في البلاد تحميهم من ممارسات السلطة.
لم تكن المطالب الكردية بين عامي 1957 و2011 تتعدى الاعتراف بالقومية الكردية وإزالة المشاريع الاستثنائية، ومعالجة الآثار التي نجمت عنها، باستثناء حزب يكيتي الكردي في سورية الذي تبنّى مشروع الحكم الذاتي للكرد.
لكن، بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية عام 2011، تأثّرت المطالب الكردية بعدد من العوامل أبرزها، المخاوف من طبيعة النظام السياسي القادم في البلاد سواءً كان من الموالاة أو المعارضة، والإعجاب بتجربة إقليم كردستان العراق، مع ارتفاع في سقف المطالب وصل لدى معظم الأحزاب بضرورة تطبيق الفدرالية في مناطق التواجد الكردي.
وبطبيعة الحال، كان حزب الاتّحاد الديمقراطي –الذي تعتبره تركيا الفرع السوري لحزب العمّال الكردستاني– أحد تلك الأحزاب التي رفعت من سقف مطالبها حتى قام بتحويلها إلى واقع سياسي وعسكري على الأرض، مستفيداً من الدعم الذي تلقّاه منذ عام 2011، من قبل النظام السوري وإيران، ولاحقاً الدعم والغطاء الذي تم تقديمه له من الولايات المتّحدة ودول أوروبية وأخرى عربية.
تتناول هذه الدراسة المشروع الكردي في سورية في إطار ما قام به حزب الاتّحاد الديمقراطي من إنشاء الإدارة الذاتية وثم الفيدرالية، مقارنة مع غيره من الأحزاب التي بقي المشروع الكردي مجرد شعارات ومطالب في برامج عملها السياسية. كما ستناقش هذه الدراسة مستقبل القضية الكردية في سورية لا سيما مشروع المجلس الوطني الكردي وحزب الاتّحاد الديمقراطي. [1]