عنوان الكتاب: سورية في برنامج #حزب الاتحاد الديمقراطي#
مؤسسة النشر: مركز جسور للدراسات
تأريخ الأصدار: 2018
تأسس حزب الاتحاد الديمقراطي في 2003. ويعدّ الحزب امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تأسس في 1978، وعقد مؤتمره التأسيسي في جبال قنديل، المعقل الرئيسي لحزب العمال الكردستاني.
وجاء تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي في إطار عدة خطوات من قبل حزب العمال الكردستاني لتغيير سياساته، وبرنامجه السياسي، حيث تم تغيير اسم الحزب عام 2000 إلى (مؤتمر الحرية والديمقراطية الكردستاني KADEK)، وتم تغييره عام 2003 إلى (مؤتمر الشعب الكردستاني KONGIRA GEL)، وفي عام 2005 تم تغييره إلى (منظومة الجمعيات الكردستانية KKK) مع الإبقاء على (مؤتمر الشعب الكردستاني) كجهة تشريعية للمنظمات التابعة له، واستعاد الحزب في العام نفسه اسمه القديم (حزب العمال الكردستاني) على أن يكون هو مع الأحزاب التي أسسها مثل (حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية، وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني في العراق، وحزب الحياة الحرة الكردستاني في إيران) أعضاء في (منظومة الجمعيات الكردستانية KKK)، التي تغيّر اسمها عام 2007 إلى (منظومة المجتمع الكردستاني KCK).
وكان تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي كحزب كردي سوري جزءاً من هذه الخطوات الإصلاحية إن صح التعبير، في محاولة للالتفاف على قرار إدراج حزب العمال الكردستاني على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا. كما غيّر الحزب مطالبته بتأسيس دولة كردية إلى المطالبة بإدارة ذاتية وحكم ذاتي كردي في تركيا وإيران والعراق وسورية، وتوجه نحو إلغاء منظوره القومي السابق للدولة الكردية التي طالب بها الحزب على مدى أكثر من ربع قرن.
وعلى الرغم من تنصيب قياداتٍ سوريةٍ لحزب الاتحاد الديمقراطي؛ فإن الحزب بقي مُرتبطاً عملياً بحزب العمال الكردستاني بشكل عضوي، ولم يكن للكرد السوريين حتى قبل تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي تأثير بارز في قيادة حزب العمال الكردستاني، رغم وجود قيادات منهم ضمن حزب العمال، لكن تأثيرهم على القرار كان ضعيفاً. ومن أبرزهم (باهوز أردال) قائد الجناح العسكري السابق للحزب، و(نور الدين صوفي) القائد الحالي للجناح العسكري، و(رستم جودي) عضو اللجنة السياسية في الحزب، الذي قُتل عام 2011 بغارة تركية.
وربما يعود ضعف تأثير كرد سورية في بنية حزب العمال إلى تأخر مشاركتهم في الحزب لأربع سنوات تقريباً، الأمر الذي غيّبهم عن الصفوف الأولى للحزب حالياً، حيث يُسيطر عليها اليوم الأعضاء المؤسسون أو أوائل الملتحقين. كما يمكن أن يُعزى هذا الغياب إلى رغبة كُرد تركيا باستبعاد الكرد السوريين عن مركز القرار؛ بالأخص في تسعينيات القرن الماضي، بغية عدم استفزاز النظام السوري، الحليف الأساسي للحزب آنذاك، لاسيما أن معظم القيادات الكردية السورية لم تكن على علاقة ودية مع النظام السوري.
موقع سورية في أدبيات الحزب منذ التأسيس حتى الآن
عقد حزب الاتحاد الديمقراطي منذ تأسيسه حتى اليوم (7) مؤتمرات، ثلاثة منهم في قامشلو/القامشلي (في عامي 2012 و2016 و2017) والبقية في جبال (قنديل) بإقليم كردستان العراق. ولم تشهد هذه المؤتمرات تغييرات جوهرية في البرنامج السياسي والنظام الداخلي إلا في المؤتمر الاستثنائي الذي عُقد في مدينة القامشلي بتاريخ 16-06 -2012. أما المؤتمرات الأخرى فقد شهدت تغييرات أقل جوهرية، وهو ما سنناقشه بالتفصيل لاحقاً في هذه الدراسة.
وقد أصدر الحزب بعد المؤتمر التأسيسي الذي عُقد في 20-09-2003 كُتيّبين، الأول بعنوان (برنامج حزب الاتحاد الديمقراطي)، والثاني بعنوان (قرارات المؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الديمقراطي).
برنامج حزب الاتحاد الديمقراطي
يبدو الكتاب الأول (برنامج حزب الاتحاد الديمقراطي) ككتابٍ تاريخي فلسفي أكثر من كونه برنامجاً لحزب سياسي، ويسرد فيه تاريخ سورية والشرق الأوسط منذ ما قبل الميلاد وحتى العصر الحديث، مروراً بالعصر الإسلامي وغيره من العصور(1) .
ويلاحظ في هذا الكتيب أنّه يبدأ من الصفحة الأولى بذكر حزب العمال الكردستاني ودوره في النضال من أجل حقوق الشعب الكردي(2) . وفي الصفحة السابعة من الكتاب نجد اعترافاً شبه صريح من الحزب بأنّه فرع لحزب العمال الكردستاني، حيث جاء فيه: ثمة قيم معنوية وسياسية واجتماعية وتاريخية وقيادية عظيمة يرتكز عليها بناؤنا الحزبي، فهو ليس بحزب جديد ولو كان يتأسس لتوه، له ماضٍ نضالي يمتد إلى ثلاثين عاماً أو أكثر يُمكّنه من تحقيق نجاحات باهرة (3). فخبرة الحزب التي تزيد عن ثلاثين عاماً هي تاريخ حزب العمال الكردستاني.
وفي الصفحة (34) من الكتاب وفي أثناء الحديث عن سورية، نجد أنّ الحزب يصف ما حدث في الثامن من آذار من انقلاب حزب البعث ب الثورة، ويتحدث بإيجابية عن الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد عام 1970، حيث يقول: ولكي تتمكن الدولة من تلبية متطلباتها الاقتصادية والوظيفية في سائر المجالات، خطت سورية خاصةً بعد ثورة الثامن من آذار، بالتحديد اعتباراً من بداية السبعينات، خطوات مهمة أحدثت تطوراً كبيراً في المجتمع السوري، فمجانية التعليم فتحت المجال أمام آلاف الأسر لتدريس أبنائها، في حين أسهم الضمان الصحي والاجتماعي وقوانين العمل والتعويضات العائلية وغيرها من المراسيم الخاصة بالعمل في تحسين مستوى العمل والموظفين، والشعور بأمان نسبي، كما شهد القطاع الخدمي تطوراً ملحوظاً لاسيما فتح الطرق وتعبيدها، ومد شبكات الكهرباء والمياه، وبناء المدارس والمستوصفات والمشافي بشكل أوسع ....
ويلاحظ في هذا الوصف الخطاب الإيجابي من قبل حزب معارضٍ للقومية، ومطالبٍ بحقوق الكرد عن حزب آخر قومي متطرف كحزب البعث، ووصف ما قام به ب الثورة، وهي ما يقوله حزب البعث نفسه.
لم يتوقف الحزب في برنامجه عند حد تقريظ ما قام به حزب البعث من انقلاب ووصفه بالثورة، بل تجاوز ذلك إلى الحديث عن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بأسلوب تقريظي أيضاً، وتبرير عدم قيامه بإصلاحات في سورية خلال سنين حكمه التي دامت (31) عاماً! حيث قال: إن الرئيس الراحل حافظ الأسد بحنكته السياسية كان قد أدرك حقيقة وخطورة الموقف، لكن السنين وحجم المشاكل الداخلية لم تسعفه، وهكذا.
وفي الصفحة (61)، يُفرد الحزب فقرةً خاصة للحديث عن (مرحلة pkk والتحرر الديمقراطي)، وتحدث فيه عما قام به حزب العمال الكردستاني من أجل القضية الكردية، والتضحيات التي بذلها في سبيل ذلك، وتبرير وجوده في سورية ولبنان . كما يمدح علاقة عبد الله أوجلان مع حافظ الأسد، ويضعها ضمن خانة المواقف الحكيمة، حيث يقول: إن مواقف pkk وقيادتها الحكيمة في إطار التصدي لتلك الهجمات، حثت القوى الأخرى والدول المجاورة على إعادة النظر في مواقفها من هذه الحركة، ونخص بالذكر مواقف الرئيس حافظ الأسد في السعي لإحياء تلك العلاقات الوديّة التاريخية، والعمل على خوض نضال مشترك ضد عدو تاريخي مشترك يتمثل في النظام الأوليغارشي التركي، وتقوية الجبهة المضادة للفاشية والإمبريالية .
وفي الفصل الثالث والأخير من الكتاب، يشرح الحزب رؤيته للحل في سورية، والقضية الكردية فيها، التي يذكرها الحزب بعدة نقاط، منها: سنُّ دستور جديد، وتطوير النظام البرلماني، وإجراء إصلاح قضائي، وتعديل التقسيم الإداري بما يتناسب مع التوزع السكاني، ووضع نهاية لحالة الطوارئ، وصياغة قانون الأحزاب السياسية، وصياغة قانون الإعلام بحيث يضمن حرية الصحافة، وتعديل النظام التعليمي على أن يضمن حق التعلم باللغة الأم، وإلغاء جميع الاتفاقيات الإقليمية والدولية الجائرة، ومن بينها اتفاقية أضنة ، والاعتراف بالهوية الكردية دستورياً .
وضمن شرحه للتحالفات والعلاقات التي يجب أن يقيمها الحزب لنيل الدعم ولمساندة اللازمة، يدعو إلى توطيد العلاقة مع الشعب العربي، بل يدعم الوحدة العربية على أساس اتحاد ديمقراطي شرق أوسطي، ومراعاة واقع شعوب المنطقة.
من الملاحظ أنّ الحزب عندما يتحدث عن المناطق الكردية في سورية يستخدم مصطلح (جنوب غرب كردستان Başor Roajava yê Kurdistan) على خلاف ما يستخدمه الآن، حيث استخدم مصطلح (غرب كردستان Rojava). كما يلاحظ أنّ كلمة (Pkk) تكررت ما يقارب (15) مرة في البرنامج الأول الذي أصدره الحزب.[1]