أمريكا .. تركيا .. والكرد 2
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7704 - 2023-08-15 - 23:02
المحور: القضية الكردية
في الحلقة الاولى كنت قد تكلمت بما معناه , أنه إما أن الولايات المتحدة تراوغ في سياساتها الشرق أوسطية, ومن خلال تعاملها بالملفات الايرانية والتركية والسورية والداعشية.. وإما أننا نحن كنا ولانزال مصنفون بخانة المهابيل والمساطيل لأننا نصدق مثل هذه السياسات.. وهذا ما يدعوني للقول بأن .سياسة التأرجحات التي تعتمدها الولايات المتحدة في مختلف الملفات العالقة يؤدي الى سوء الفهم وعدم الارتياح اقليميا ودوليا.. مما ينتج عن ذلك قلق وتوتر وصراعات خفية ....واليوم اتابع الحديث عن العلاقة المتينة والتجذرة كانت العلاقات بالولايات المتحدة من أهم العلاقات الدولية لتركيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة. بأنه كلما زاد انخراط تركيا في ملفات الشرق الأوسط، كلما ازداد الطلب الأمريكي عليها وارتفعت أسهمها كحليف يجب استرضاؤه والاعتماد عليه. بدأ ارتباط تركيا بالولايات المتحدة عام 1947 عندما أصدر الكونگرس الأمريكي، بموجب بنود مبدأ ترومان، قراره بأن تكون تركيا، مستقبل للمساعدات الاقتصادية والعسكرية الخاصة من أجل مساعدتها في مقاومة تهديدات الاتحاد السوڤيتي. لقد كان الاهتمام المتبادل في احتواء التوسع السوڤيتي بمثابة أساس للعلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا خلال العقود الأربعة التالية. نتيجة للتهديدات السوڤيتية والمساعدات الأمريكية لمواجهتها، انتقلت تركيا من الحكومة المنتخبة بنظام الحزب الواحد إلى النظام الانتخابي متعدد الأحزاب؛ كما حدث فعلياً في الانتخابات التعددية التي عُقدت عام 1946. عام 1950، هُزم الرئيس عصمت إنونو أمام الحزب المعارض الرئيسي بزعامة عدنان مندريس، الذي أُنتخب بالتصويت الشعبي. دعماً لاستراتيجية الولايات المتحدة لحرب باردة شاملة، ساهمت تركيا بأفراد في قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية (1950-53)، انضمت إلى الناتو عام 1952، وأصبحت عضوياً مؤسساً في منظمة المعاهدة المركزية، حلف دفاعي مشترك تأسس عام 1955، وتبنت مبادئ مذهب أيزنهاور 1957. في الخمسينيات والستينيات، تعاون تركيا مع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في الشرق الأوسط (إيران، إسرائيل، والأردن) لاحتواء نفوذ الدول التي اعتبرت عميلة للسوڤييت (مصر، العراق، وسوريا). أثناء الحرب الباردة، كانت تركيا حصناً للجناح الجنوبي الشرقي للناتو، بوجودها على الحدود المباشرة لبلدان حلف وارسو ومعرضة لخطر الحرب النووية على أراضيها أثناء أزمة الصواريخ الكوبية. منذ عام 1954، استضافت تركيا قاعدة إنجرليك الجوية، قاعدة عمليات هامة للقوات الجوية الأمريكية، والتي لعبت دوراً حيوياً أثناء الحرب الباردة، حرب الخليج، ومؤخراً حرب العراق.اكتب التفاصيل من المصادر والمراجع فقط لكي أوضح للقارىء العزيز اهمية العلاقة الامريكية التركية وأتابع بالقول :ي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، زادت أهمية تركيا كلاعب رئيسي في إطار ما عُرف إبان إدارة الرئيس بوش الابن بالحرب علي الإرهاب. فعلي سبيل المثال تجاوبت تركيا بأريحية مع تفعيل المادة من معاهدة الدفاع الخاصة بحلف الناتو والتي تفرض علي جميع الأعضاء في الحلف تقديم جميع أشكال المساعدة لأية دولة تواجه عدواناً خارجياً. وخلال أقل من 24 ساعة قامت تركيا بتسهيل استخدام أراضيها ومجالها الجوي للقوات الأمريكية لبدء الحرب علي أفغانستان في أكتوبر/ تشرين الأول 2001.
وكان هذا الدور محل تقدير وإعجاب الولايات المتحدة التي استفادت معنوياً ورمزياً من مشاركة دولة مسلمة في إطار حربها علي أفغانستان. فضلاً عن إرسال تركيا لما يقرب من حوالي 1200 جندي لتقديم العون لقوات الدعم والإسناد (إيساف) التابعة لحلف الناتو ولا تزال تركيا تقوم بدور مهم في إطار تقديم العون اللوجستي والتدريبي لقوات الجيش الأفغانية، ومن المتوقع أن تلعب تركياً دوراً محورياً في إطار الإستراتيجية الجديدة التي وضعها الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لمعالجة الوضع في أفغانستان.
وفضلا عن هذا المحدد الإستراتيجي فقد لعبت عدة ملفات أخرى في الشرق الأوسط دورا مهما في رسم طبيعة العلاقات التركية الأميركية منها الملف الكردي والموقف من حزب العمال الكردستاني PKKحيث لعب هذا الموقف دوراً مهما في توثيق العلاقات بين واشنطن وأنقرة. فالولايات المتحدة تدعم الموقف التركي من الحزب وتعتبره منظمة إرهابية. ويتأسس الموقف الأميركي من هذا الحزب على تفهم مخاوف تركيا من أن تؤدي الحرب الأمريكية على العراق التي نجحت في الإطاحة بصدام حسين إلي تشجيع الأكراد علي الانفصال عن العراق وتكوين دولتهم المستقلة في الشمال، وهو ما قد يشجع أكراد تركيا والذين يتراوح عددهم ما بين 15 – 20 % من عدد سكان تركيا البالغ حوالي 70 مليون نسمة، على القيام بالشيء نفسه والانضمام للدولة الوليدة.وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية السعي التركي للانضمام للاتحاد الأوروبي، حيث اعتبرت واشنطن أن التحاق تركيا بأوروبا هدفاً أميركياًً، ليس فقط بسبب المزايا التي قد تعود علي حليف مهم وإستراتيجي لها من وراء ذلك، وإنما أيضا بهدف أولاً بناء جسر قوى بين الشرق والغرب عبر البوابة التركية، وثانياً محاولة إحداث توازن إستراتيجي داخل الاتحاد الأوروبي بين القوى التقليدية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا والقوى الجديدة الأقرب للحليف الأمريكي مثل تركيا وبعض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا.وإذا كانت العلاقات الأمريكية – التركية قد شهدت توتراً طيلة فترتي الرئيس بوش، إلا أن ذلك لم يمنع الإدارة الأمريكية من أن تستمر في النظر لتركيا كحليف إستراتيجي مهم لا يمكن التفريط فيه مهما وصلت درجة الخلافات معه. وقد زاد من ذلك، التحول الذكي الذي مارسته حكومة العدالة والتنمية في سياساتها الخارجية بإعطاء مزيد من الاهتمام للشرق الأوسط ليس فقط باعتباره مجرد حديقة خلفية، وإنما باعتباره أحد المنافذ المهمة لتركيا في حال رفض الاتحاد الأوروبي عضويتها به.وقد بدا واضحاً وهذه ملاحظة مهمة وقيمة وهي أنه كلما زاد انخراط تركيا في ملفات الشرق الأوسط، اكرر القول ..كلما ازداد الطلب الأمريكي عليها وارتفعت أسهمها كحليف يجب استرضاؤه والاعتماد عليه. ..يتبع ...[1]