الكرد.... والتهديد التركي المستمر 2
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7289 - #2022-06-24# - 14:18
المحور: القضية الكردية
صدق من قال أن لكل حربٍ لابد من نهاية وسلام تنتهي به. مع أنني كردي الاصل . ولي كامل الاعتزاز والفخر بأصولي الكوردية لكنني أحاول أن أكتب بحيادية يغلب عليها لغة المنطق والواقع سندخل في هذه الحلقة وما يتلوها في تفاصيل مهمة وهامة لنتعرف على حقيقة الصراع خلفيّاته وحوامله، ودوافع وتبعات استمراره، والعوائد السياسيّة والاقتصاديّة الناجمة عن توقّفه. الصراع الكردي – التركي، يمتدّ بجذوره إلى نهايات الدولة العثمانيّة، مع انتفاضة عبيدالله النهري سنة 1880، ثم تلتها انتفاضات البدرخانيين في جزيرة بوطان. وتفاقم الصراع مع ولادة الجمهوريّة التركيّة على يد مصطفى كمال أتاتورك (1881 – 1938)، وتعمّق واتسع نطاقه مع انطلاقة حزب العمال الكردستاني PKK نهاية عام 1978. ما يعني أن الصراع الكردي – التركي هو الأطول من نوعه ليس في الشرق الأوسط وحسب، بل في العالم.
وخلال فترة الصراع هذه، عاش كرد تركيا فترة مظلمة وقاتمة، قوامها القمع والترهيب والصهر والانكار والتذويب العرقي في بوتقة القوميّة التركيّة، وصلت بالكرد إلى التنكّر لأصلهم ولغتهم وثقافتهم وهويّتهم القوميّة.
وفي هذه الأيّام، تجري أنقرة مفاوضات مع زعيم العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، المسجون في تركيا إثر اختطافه من العاصمة الكينيّة نيروبي في 15-02-1999. والإعلام التركي مطبول بهذه المفاوضات وما يمكن أن يتمخّض عنها.
أثناء ذلك، اغتيل ثلاث ناشطات كرديّات في العاصمة الفرنسيّة باريس ليلة 09-01-2013، هنّ ليلى سويلمز وفيدان دوغان وسكينة جانسيز. والأخيرة، إحدى القيادات النسائيّة البارزة في الكردستاني، ومن مؤسسه. هذا الحدث، ألقى بظلال الخوف والقلق على التفاوض بين أنقرة وأوجلان، فازدادت التحليلات والتكهّنات حول عملية السلام، وهل ستتكلل بالنجاح؟
هذه الدراسة، تدور حول جذور وخلفيّات الصراع الكردي – التركي، والعوائد السياسيّة والاقتصاديّة التي ستحصدها تركيا وحكومتها، في حال تكللت المفاوضات بالنجاح.
توطئة ....يعيد الكثير من المؤرّخين جذور الكرد إلى العرق الآري، ويعتبرونهم أحفاد شعوب سكنت جبال زاعروس وطوروس والمناطق المحاذية لها، منذ الألف الثالثة قبل الميلاد. ويرى الباحث والمؤرّخ الكردي محمد أمين زكي (1880 - 1948) في مؤلّفه & خلاصة تاريخ الكرد وكردستان& أن أصول الكرد تشكّلت من طبقتين، الأولى سكنت جبال زاغروس وطوروس وهي: لولو، كوتي، كورتي، جوتي، جودي، كاسي، سوباري، خالدي، هوري، ميتاني. والطبقة الثانية، هي الشعوب الهندو – اوروبيّة التي أتت فيما بعد واستقرّت في المنطقة، كالميديين والكاردوخيين، واندمجت بشعوبها ليتشكّل منها فيما بعد الكرد.
كما أتى المؤرّخون اليونانيون على ذكر الكرد، بخاصة أثناء الحروب اليونانيّة – الفارسيّة وتقهقر جيش اسكندر في جبال زاغروس. ومن ذلك، المؤرّخ اليوناني زينفون (427 - 355) الذي أشار الى شعب وصفهم & بالمحاربين الأشداء ساكني الجبال& ، وسمّاهم ب& كاردوخ& الذين هاجموا الجيش اليوناني أثناء عبوره للمنطقة عام 400 قبل الميلاد. كما اتى هيرودوت (484 – 425) على ذكر الكرد في مؤلفاته. وجاء المسعودي (896 – 975) في كتابه & مروج الذهب& على ذكرهم أيضاً. ما يعني انهم من أقدم شعوب المنطقة وليسوا طارئين او وافدين.
كلمة كردستان (وطن الكرد) كاصلاح جغرافي – إداري ذي دلالة قوميّة وديموغرافيّة، لم يبتدعها الكرد، بل جاءت على عهد السلطان سنجار السلجوقي (1118 – 1157) حين فصل القسم الغربي من إقليم الجبال وجعله ولاية تحت حكم قريبه سليمان شاه وأطلق عليه اسم كردستان. وشملت هذه الولاية الأراضي الممتدة بين أذربيجان ولورستان (مناطق سناه، دينور، همدان، كرمنشاه.. في ايران) والمناطق الواقعة غرب جبال زاغروس، كشهرزور وكوي سنجق في كردستان العراق. كما جاء ذكر الكرد وكردستان في الوثائق والمراسلات الرسميّة العثمانيّة ايضاً. ومؤسس الجمهوريّة التركيّة مصطفى كمال اتاتورك نفسه، واثناء خدمته في المناطق الكرديّة، كان يشير الى انه في كردستان!
نتيجة مشاريع الصهر القومي التي مارستها الانظمة المتعاقبة على الحكم في تركيا وايران والعراق سورية، وانكارها لوجود القوميّة الكرديّة، لا يوجد احصاء دقيق لعدد الكرد، بشكل علمي ومحايد. وبحسب الموقع الالكتروني لمشروع جوشوا للمجموعات الإثنيّة (JOSHUA PROJECT) يصل عدد الكرد الى 27,380,000 نسمة، 56% في تركيا، و%16 في إيران، و%15 في العراق، و6% في سورية.
بينما يرى الباحثون والساسة والمثقفون الكرد ان عددهم يتجاوز ذلك بكثير، ليصل الى اربعين مليون نسمة، نصفهم في تركيا. كما يقدّر هؤلاء مساحة كردستان ب550000 كيلو متر مربّع، تتوزّع على تركيا وايران والعراق وسورية ومساحة صغيرة في منطقة & لاجين& باقليم ناغورنو كراباخ المتنازع عليه بين ارمينيا واذربيجان. وبحسب احصاء اجرته وزارة الداخليّة التركيّة سنة 2011، بلغ عدد سكّان تركيا 74.724.269، منهم 15,016,000 كردي، ما نسبته 20% من عدد سكّان تركيا، و56% من اجمالي عدد الكرد في العالم. لكن الكرد لا يثقون بهذه الاحصائيّات كونها صادرة من جهات رسميّة تركيّة، لا تريد ابراز الارقام الحقيقيّة، لغايات سياسيّة. ويؤكدون ان عددهم في تركيا يتجاوز 20 مليون نسمة، يشكّلون الاكثريّة في 21 محافظة من المحافظات التركيّة التسعين.
والمحافظات ذات الغالبيّة الكرديّة، تقع في شرق وجنوب شرق تركيا ويطلق عليها الكرد اسم كردستان تركيا، او كردستان الشماليّة، اعتماداً على ان اتفاقيّة سايكس – بيكو، قسّمت كردستان الى اربعة اجزاء. والمحافظات التركيّة ذات الغالبيّة الكرديّة هي: أرزنجان، أرضروم، قارص، ملاطية، ديرسم (تونجَلي)، آلعزيز (ألازغ)، جَولك (بينغول)، موش، آغري، باطمان آدييَمان، آمد (ديار بكر) سيرت، بدليس، وان، أورفا، عنتاب، مرعش، ماردين، جولامريك، (هكّاري)، شرناخ.
كما يوجد عدد كبير من الكرد في محافظات سيواس، أنقرة، قونية كايسري، أزمير، ميرسين، اسكندرون. في حين يقدّر النشطاء الكرد عدد القاطنين في اسطنبول من الكرد بأربعة ملايين نسمة، بخاصة بعد حملات التهجير التي قام بها الجيش التركي اثناء صراعه مع الكردستاني.ومع أنني كردي الاصل . ولي كامل الاعزاز والفخر لكنني أحاول أن أكتب بحيادية يغلب عليها لغة المنطق والواقع.[1]