الكرد.... والتهديد التركي المستمر 8
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7297 - #2022-07-02# - 23:08
المحور: القضية الكردية
هناك فئات أو أفراد .. او جماعات كانها فرغت نفسها للهجوم على الكورد وجملة قضاياهم ...نود أن نذكر الأخ معقل بأنه صحيحٌ كان هناك تعايش بين هذين المكونين وغيرهم من الإثنيات والأعراق في ظل الدولة الإسلامية ولكن ضمن حامل ثقافي عربي؛ أي بهوية وثقافة عربية وهذا بحد ذاته هو الاضطهاد، بل هو إلغاء وتذويب للآخر ونعتقد بأن الأخ معقل يتفق معنا بأن هذه (أي تذويب الآخر) هي أشد من الاضطهاد بكثير. ولكنه - وللأسف - لا يكتفي بذاك الإجحاف بحق التاريخ وشعوب المنطقة، بل يحاول أن يشوه الحاضر أيضاً وذلك عندما يتعرض لتجربة إقليم كوردستان (العراق) ويكتب في سياق المقال نفسه ما يلي: حيث لم يكن في ذلك الوقت لحسن الحظ مكان للمتعصبين الأكراد الذين ظهروا ( لسوء الحظ ) في عصرنا أمثال الذين يحاولون في كردستان العراق اليوم محو كل ما هو عربي بدءا من الأبجدية وليس انتهاء بغسل التاريخ من كل ما هو مشترك وثمين بين العرب والأكراد، وفبركة تاريخ آخر يشطب أكثر من ألف عام ليعود لفضاء الألف الثاني قبل الميلاد في رحلة اسطورية على خطى بعض المارونيين المتعصبين.
حيث نلاحظ أنه يتجنى على تجربة الكورد في الإقليم من عدة نقاط ومواقف: أولها، عندما يحاول أن يوحي للقارئ بأن الكورد يحاولون أن يغيروا معالم ثقافتهم - مع العلم أن الواقع في كوردستان العراق يكذب هذه الافتراءات - وذلك جراء طرح ثلة من النخب الكوردية ونتيجةً لاجتهادات لغوية وليس سياسية بحتة (وإن كان هناك البعض منه) بتغيير الحرف العربي - الآرامي الأصل - إلى الحرف اللاتيني، وهكذا يستبان لنا الموقف السابق والجاهز لديه تجاه غيره وقضاياهم؛ ألا وهو التخوين و(التنكر للأصل) وكأن الكورد قبيلة عربية أو فخذٌ من قبيلة وبالتالي ثقافتهم ولغتهم وأبجديتهم هي عربية بحتة وبأن هذه الثقافة والأبجدية ومن خلال الإسلام لم تقم بعملية الاحتلال والسلب والإقصاء لثقافة الأصل الكوردية والأمازيغية كنماذج حية.
ثانياً نحن من يجب أن يحاسب الثقافة والتاريخ العربي الإسلامي بأنها ثقافة غزو واحتلال وهي قامت بمحو كل ما هو (أصيل وأصلي) بدءا من الأبجدية وليس انتهاء بغسل التاريخ وليس هذه الثقافات وشعوبها التي تعرضت للنهب والسلب واليوم تناضل في سبيل حريتها واستقلالها وبالطرق السلمية الديمقراطية وليس على الطريقة الإسلامية بالإكراه وقطع الرؤوس. ونعتقد بأن هذه – الإبقاء على ما هو قائم وبالتالي هيمنة العنصر العربي على كل المكونات الأخرى- هي بؤرة القلق والأرق لدى السيد معقل زهور عدي، وليس خوفه على الأخوة العربية الكوردية أو مسألة التعايش والجوار وسوف نتأكد من ذلك في الفقرات اللاحقة والتي سنقف عندها من مقاله المشار إليه.
حيث يكتب بصدد المسألة الكوردية في سوريا ومجموعة المشاكل والقضايا العالقة والتي لم تعالج رغم كل هذه السنوات والأنظمة المتعاقبة وبعض الوعود بين الحين والآخر، ما يلي: باستثناء مسألة تجنيس الأكراد غير المجنسين (وقد كان عدم تجنيسهم بالطبع خطأ غير مبرر)، والسماح للأكراد بالتمتع بلغتهم وثقافتهم، لا توجد في سورية مشكلة كردية حقيقية سوى ما تريد بعض النخب النفخ فيه متشجعة بالحالة الكردية في العراق دون ادراك للفرق الكبير بين وضع الأكراد في العراق ووضعهم في سورية، ومتشجعة – ولنكن صريحين – بالحملة الأمريكية على العراق والمنطقة، معتبرة ان الفرصة قد لاحت للاستقواء بالأمريكان وحلفائهم لانتزاع حقوق غير حقيقية والانقلاب على التعايش العربي – الكردي.
لاحظ بدايةً مفهوم حقوق غير حقيقية والالتباس الذي يقع فيه الكاتب وذلك عندما يكون مأخوذاً بفكر مغلق وقمعي وكيف يلتبس عليه الأمور والحقائق؛ وإننا نسأله هنا: كيف هي حقوق من جهة ومن الجهة الأخرى هي غير حقيقية، فإما هناك حقوق أو لا حقوق.. وهكذا وبجرة قلم – ولن نقول بإيحاء من جهات معينة حتى لا نقع في مصيدة تخوين الآخر، ولكن بالتأكيد نابعة من عقلية عروبية متشددة – يريد أن يشطب على مسألة تعتبر من أعقد وأهم المسائل السياسية والحقوقية والإنسانية في سوريا، بل لهي مسألة جيوسياسية بامتياز ألا وهي القضية الكردية.
وليس كما يدعي بأنه باستثناء مسألة تجنيس الأكراد غير المجنسين (وقد كان عدم تجنيسهم بالطبع خطأ غير مبرر)، والسماح للأكراد بالتمتع بلغتهم وثقافتهم لا توجد في سورية مشكلة كردية حقيقية. وهكذا فهو يحصر المسألة الكردية في حقوق ثقافية لغوية وبأنها ليست قضية أرض وشعب وكأنهم جالية يعيشون في بلدٍ هاجروا إليه لظروف أمنية سياسية أو اقتصادية معيشية وبالتالي فهم ليسوا على أرضهم التاريخية ليطالبوا بحقوق سياسية، وحتى مسألة عدم تجنيس الأكراد غير المجنسين فهو بنظر السيد معقل عبارة عن خطأ ولو أنه غير مبرر وينسى أو يتناسى بأنها كانت ضمن مشروع قومي عروبي وبعثي أمني وعلى جانبي الحدود ومن قبل النظامين البعثيين في كل من سوريا والعراق.
المسألة الأخرى والتي نود أن نقف عندها وبشيء من الصراحة – كما يطلبها السيد معقل نفسه – هي مسألة الاستقواء بالأمريكان. فالرجل يحاول أن يؤلب الرأي العام العربي على الكورد وقضيتهم وذلك بربطها بالمشاريع الغربية الأمريكية وينسى مرة أخرى بأن كياناتهم السياسية العربية - الاثنان والعشرون - ما هي إلا حصيلة المشروع الغربي الاستعماري نفسه؛ اتفاقية سايكس-بيكو وملحقاتها. وبالتالي فهم قد سبقونا إلى هذه المسألة منذ أكثر ما يقارب القرن، هذه من طرف. ومن الطرف الآخر إننا نسأل الأستاذ معقل وبكل هدوء ودون تشنج؛ ما الذي دفع بكورد (العراق) لأن يتحالفوا مع الغرب والأمريكان متناسينا التاريخ المشترك والأخوة الكردية العربية، وبالتالي لأن يقتدي بهم كورد (سوريا) وعلى خطى إخوتهم العرب لما انقلبوا على الدولة العثمانية وسلاطينهم وجورهم، أليس السبب نفسه أم يجب أن نكيل بمكيالين وفي كل القضايا.
وأخيراً نقول للسيد معقل زهور عدي بأن الذي يقول أنه لا يمكن تأسيس التعايش سوى على الوضوح، والعقلانية، والتسامح . فالأجدر به أن يطبق مبدأه أولاً على مقولاته ولا يطلقها جزافاً في الهواء ويدين بها الضحية؛ فأي عقلانية وتسامح هذا الذي تدعو إليه وأنت تتنكر لكل ما هو صريح وعقلاني وبالتالي لا تنسف مسألة التسامح فقط وإنما تريد أن تنسف الحقائق التاريخية أيضاً وذلك عندما تريد أن تنفي حقيقة كوردستان كجغرافية كوردية وذلك عندما تكتب: من وجهة النظر العربية لا يمكن القبول بفكرة كردستان الغربية بأية طريقة فأي روحٍ تسامحية تحمل وأنت لا تستطيع أن تقبل الفكر (الفكرة) بحد ذاتها وليس واقعاً جيوسياسياً كإقليم كوردي (كوردستاني) في هذا الجزء الغربي.
أما مسألة التاريخ فنتركها للمؤرخين والتاريخ – وهنا نعمل بحكمة الأخ والصديق العزيز جورج كتن – وذلك بأن يجيبوا على السيد معقل ونظريته التي تقول: .. ان كان في نظرية الحوريين والميتانيين كأصول للأكراد شيء من الحقيقة وهو أمر غير مؤكد علميا حتى الآن. وأيضاً في مسألة الوجود التاريخي للكورد في هذه المنطقة ونسبهم لأولئك وغيرهم من (الشعوب) والقبائل القديمة وإننا سوف نكتفي بالواقع الراهن كدليل واثبات على الواقع الجيوسياسي في منطقة الشرق المبتلي بنا وبثقافتنا الاقصائية والمبنية على الحقد والكراهية. حيث يريد السيد معقل أن يقلب الوقائع إلى مضاداتها وذلك عندما يدعي بأن الأغلبية السكانية الديموغرافية في الجزيرة ليست بكوردية ونحن ندعوه بدورنا إلى الانتخابات لتكون الفيصل بيننا وعندها ليتم تقرير كل المسائل على ضوء نتائجها وليس فقط حقيقة كوردستان (الغربية).
وآخراً نود أن نقول لكل الذين يريدون حلاً حقيقياً لمشاكلنا العالقة؛ بأن من يريد السير على هذا الدرب؛ درب الحوار للوصول إلى صيغ توافقية تلبي الحد الأعلى الممكن لكل الأطراف فعليه أن يتخلى عن جملة حقائق وهمية – على مبدأ حقائق غير حقيقية – أو تخيلية وأن يتمتع بنوع من المرونة السياسية وبالتالي ننسى قليلاً عصبياتنا القبلية القومية العرقية والدينية الطائفية وأخيراً الأيديولوجية السياسية لنصل إلى تفاهمات عامة. فالذي يجمعني بالآخر العربي المسيحي - الإسلامي العلوي الدرزي.. الخ هو إنسانيتي أولاً وسوريتي تالياً.
أما مسألة حقيقة الجغرافية الكوردية والمسمى بكوردستان (أرض الكورد) – وعلى غرار أفغانستان وباكستان وتركمنستان وعربستان و.. غيرها من أرض البشر – فيجب أن لا يكون بعبعاً للأخوة العرب؛ فهؤلاء الكورد لم يهبطوا من المريخ ليستقروا (ويحتلوا) الأرض العربية في الجزيرة – كما يزعم بعض المغالين – وغيرها من المناطق الكوردية وإنما ونتيجة لاتفاقيات استعمارية غربية تم تقسيم كوردستان كباقي جغرافيات المنطقة وألحق جزء منها بالدولة السورية الحديثة، وبالتالي فمن حق الكورد وغيرهم أن يقروا بهذه الحقيقة والتي لا تعني في حال من الأحوال بأنه وبالضرورة سيؤدي إلى تقسيم سوريا إلى دويلات كما يروج لها أصحاب الأقلام الصفراوية، بل كما هناك في سوريا جبل الدروز وجبل العلويين والساحل السوري هناك منطقة يجب أن يعترف بها على أنها كوردستان (سوريا). بما معناه الإقرار بالحقائق والوقائع التاريخية والجغرافية شيء ومسألة الحقوق وشكل العلاقة بين الأطراف والمركز شيء آخر ولا نريد الإطالة أكثر حيث نعتقد بأن الرسالة قد وصلت.[1]