الكوردي السوري اين هو 5
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7151 - #01-02-2022# - 00:14
المحور: القضية الكردية
سؤال لطالما راودني كثيرا وأغلب الظن أنه كان بمخيلة الكثيرين من الكورد السوريين الذين يعيشون على ارضهم في سوريا ..فمنذ أن وعيت على العمل السياسي وأنا ارى وأسمع عن الكورد في العراق وتركيا وايران وسوريا ..اسمع عن عذاباتهم ومعاناتهم مع الانظمة المستبدة الطاغية وبالطبع انني كنت اتلمس واحس بشكل مباشر عن عذابات ومعاناة الكوردي السوري وإن كانت لاتظهر للعيان بشكل واضح بسبب التعتيم وكمية التهميش الكبيرة التي كانت الانظمة تفرضها على الكورد بشكل عام وعلى الكورد في سوريا والعراق على وجه الخصوص ...وكان تنظيم البعث في العراق وبلاد الشام بلا شك ينفذ سياسة العنف والقسوة والتهميش والاقصاء بل وللقتل والنفي ان استطاع الى ذلك سبيلا..وهو لا يقصر في هذا وقرأت كثيرا عن ما يتعرض له الكورد في سوريا.انسحب النظام السوري المحاصَر من المناطق ذات الغالبية الكردية الواقعة في الشمال والشمال الشرقي من البلاد منذ صيف 2012. حتى الآن، يبدو أن المستفيد الأساسي من شبه الحكم الذاتي الذي تتمتّع به حالياً كردستان الغربية (بحسب الجغرافيا السياسية الكردية)، هو حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وهو حزب كردي سوري نافذ أسّسه في العام 2003 مقاتلون سوريّو الأصل ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق. لقد أطلق انسحاب الجيش وقوى الأمن السورية من المناطق الكردية من دون إراقة الكثير من الدماء، فضلاً عن التشنّجات بين حزب الاتحاد الديمقراطي وجهات ثورية أخرى، موجةً من الاتهامات والشكوك حول مخطّطات الحزب على الصعيدَين الوطني والإقليمي وحوافزه.
يُلفَت في هذا السياق إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي نجح، في وقت قصير جداً، في إنشاء جيش مدجّج بالسلاح يتألّف من نحو 10 آلاف مقاتل ويُعرَف بوحدات الحماية الشعبية (YPG)، فضلاً عن هياكل مدنية محلية ذاتية التنظيم تحت مسمّى حركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM). نظرياً، يتقاسم حزب الاتحاد الديمقراطي السلطة مع نحو 15 حزباً كردياً (شكّلت المجلس الوطني الكردي) في إطار المجلس الأعلى الكردي الذي أُسِّس في 12 تموز/يوليو الماضي من خلال جهود الوساطة التي قام بها مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي هو من الأحزاب الكردية الأساسية في العراق. لكن على الأرض، يعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي أن شركاءه في المجلس هم مجرّد عملاء للبرزاني نفسه الذي ينظر الحزب بكثير من الشك والريبة إلى علاقته الوثيقة بتركيا. فضلاً عن ذلك، منع حزب الاتحاد الديمقراطي أيّ وجود كردي مسلّح من خارج دائرة الموالين له في وحدات الحماية الشعبية - وقد تحدّثت تقارير في الآونة الأخيرة عن مناوشات مسلّحة مع حزب الوحدة الكردي في سوريا (يكيتي) في مدينتَي الدرباسية والقامشلي.
وتصادم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية مراراً مع مقاتلين من الجيش السوري الحر المرتبط بالمجلس الوطني الكردي عن طريق الائتلاف السوري المعارض. ووقعت الصدامات في شكل خاص في بلدة رأس العين المختلطة الواقعة مباشرة عند الحدود التركية، ولايزال القتال يشتعل من حين إلى آخر على الرغم من كل محاولات الوساطة. وتصدّى حزب الاتحاد الديمقراطي أيضاً لمحاولات الجيش السوري الحر دخول المناطق الكردية في حلب وحولها، واتّهم تركيا بتحريض العناصر الإسلامية (مثل جبهة النصرة وغرباء الشام) ودعمهم في غزواتهم داخل المناطق الكردية.
أدّى التشنّج بين حزب الاتحاد الديمقراطي والجيش السوري الحر - وجهات ثورية أخرى - إلى توجيه أصابع الاتّهام إلى حزب الاتحاد الديمقراطي بأنه يتصرّف وكأنه ينفّذ أوامر عمليات بالنيابة عن النظام السوري. في أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، هاجمت قبائل عربية مكاتب الحزب في مدينة الحسكة المختلطة رداً على العنف الذي كان النظام قد مارسه سابقاً بحق المحتجّين، واتّهمت حزب الاتحاد الديمقراطي بالتعاون مع النظام. لكن في حين أن موقف الحزب يزيد حكماً من تعقيدات الأمور بالنسبة إلى الجيش السوري الحر وداعميه الأتراك، الأمر الذي يصبّ عملياً في مصلحة النظام السوري، ليست هناك أدلّة فعلية على وجود تعاون ناشط بين الجانبَين. فالنظام يستهدف من حين إلى آخر مناطق يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، ولو بوتيرة أقل بكثير من المناطق التي يتواجد فيها الجيش السوري الحر. إضافةً إلى ذلك، غالب الظن أن هياكل الحكم الذاتي التي طوّرها الأكراد مؤخراً لن تتمكّن من الصمود في حال نجح بشار الأسد في استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية. بيد أن التشنّجات بين حزب الاتحاد الديمقراطي والجيش السوري الحر تحمل خطراً واضحاً بتأزّم العلاقات بين العرب السنّة والأكراد في هذا الجزء من البلاد، فيما تجد جماعات مسيحية كبيرة نفسها عالقة في الوسط.
الاتهام الثاني الأساسي الذي يُوجَّه إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، ولاسيما من جانب تركيا التي تزداد عصبيّةً، هو أن الحزب ليس أكثر من مجرد واجهة لحزب العمّال الكردستاني. رسمياً، ينكر حزب الاتحاد الديمقراطي أن يكون له أيّ ارتباط من هذا القبيل نظراً إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بصورته. لكن حتى لو تجاهلنا أن بعض القادة الكبار في حزب الاتحاد الديمقراطي يتحدّرون من حزب العمّال الكردستاني، تعكس اللغة والرموز (وأكثرها وضوحاً للعيان صورُ زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان)، والهياكل التنظيمية (ولاسيما وجود نساء مقاتلات في الرتب الدنيا)، تلك المستعملة في حزب العمال الكردستاني. فضلاً عن ذلك، ليس واضحاً كيف تمكّن الأكراد السوريون من أن ينشئوا بمفردهم الإطار اللوجستي والبنيوي الضروري لتشكيل قوّة عسكرية فعلية من أكثر من 10 آلاف مقاتل.
[1]