من مآسي أحزاب غرب كردستان - 1
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4114 - #2013-06-05# - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تفرض الظروف التي يمر بها الشعب الكردي في غرب كردستان ذاتها علينا (في هذه الفترة) بالإبتعاد عن العموميات والنقد الكلي، والبحث في بعض المآسي والويلات التي تجتاح كردستان الغربية والتي هي من نتاج الأحزاب الكردية ومعهم حكومة الأقليم، بشكل مباشر، علماً إن بعدها ومنبعها الأساسي من نتاج سلطة الأسدين - البعثي الشمولية، ومن مخلفات طغيانهما واسلوبهما الممنهج في التدمير وإذلال الشعب السوري عامة والكردي بشكل خاص.
بعد معاناة طويلة مع شتاء قاسٍ في السنة الثانية من عمر الثورة السورية، والتي كادت أن تؤدي إلى كارثة إنسانية، في المنطقة الكردية مشابهة لكارثة مدن سوريا الأخرى، مجاعةً وبرداً، في ظل صمت دولي، وبسبب النداءات المستمرة المتنوعة الجهات، فتحت حكومة الأقليم باب المساعدة لإنقاذ المنطقة من الغرق الاقتصادي، وطورت مع الزمن أساليب الدعم، وكانت بلا شك كأكسير لإعادة الحياة في أجزاء من جسم كرد غرب كردستان، رغم التأخير المتعمد، إلا أن الشكر كان على لسان كل فرد في الداخل والخارج، ولم تتوانى الأقلام عن التقدير لكل غرام من المواد الغذائية أو لتر من المازوت أرسلتها حكومة الأقليم إلى المنطقة، حتى ولو كان البعض يقول بأنه واجب لا شكر فيه، لكننا نقول، ورغم حالات الفساد والتحايل من قبل البعض من المشرفين على مستوى الحصص الحزبية وغيرها، بأنه كان عمل قيم، خرج من بين أنقاض سيطرة الدول المجاورة و تجاوزوا أجندات وضغوط الكثيرين، وعليه فالشكر الكبير للسيد سروك مسعود البرزاني ولحكومة الأقليم، وهذه محددة في إطار المساعدات الإنسانية.
توقف الدعم، وأغلقت المعابر، والمسببون هم الأحزاب الكردية أولاً، وعلى رأسهم ال ب ي د وبمساندة ال ي ب ك، والديمقراطي والآزادي والبعض المشارك للطرفين، والبقية لا وجود يذكر. يتشاجر البعض من سكريترية الأحزاب، مهاترات كلامية، لسيطرة كيانات حزبية، وبمنطق الشخصية الحزبية دون الوطنية أو القومية، يلغون الوجود الكردي، ويرمون بالمجتمع في آتون الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، صراع في الإعلام، على خلفية أجندات القوى المسيرة لهم، وبنية إرتباطاتهم الخارجية، وتنفيذاً لآوامر تفرض من هنا وهناك، جوعوا المئات من العائلات، وسببوا في تخلف العشرات من الطلاب عن اللحاق بإمتحاناتهم، ووسعوا في هوة الهجرة الإقتصادية إلى جانب الهجرة الأمنية.
كان الآولى بسكرتيرية الأحزاب الغارقون في المهاترات، الإستماع إلى أولئك الذين عانوا الويلات على طرفي الحدود الكردي – الكردي، وعلى ظهورهم علبة من حليب طفل، أو دواء لكهل يعاني، علهم يحسون بمآسي أمتنا، وعلى بنيتها يجب أن يتحدثوا ويتعاملوا.
بكاء طفل، آلام كهل، انتظار أم بعودة ابنها بعد توديعه على أمل بمؤونة، وزوجة تتأمل من زوجها تأمين خبز العائلة، شباب يتكاتفون بلا سند أمام قدر قاتم، يتحكم بهم ضمير بني على النزعة الحزبية والشخصية التابعة للغير، وبيع الوطنيات بإسم الشعب وخلف دماء الشهداء، يسيطرون على طرفي حدود فتحها العدو وأغلقها الكرد بين بعضهم، إنها بداية لتكوين المجزء، وخصوصية المناطق الغارقة في مفاهيم التحزب، إنها مقدمة لجغرافية الكردستانات، والحدود المحكمة الإغلاق بجيوش مدربة على مراقبة مميتة، في زمنٍ يتكالب الشعب الكردي على بناء خصوصية جغرافية.
جيوش كردية تكونت، غارقة في الحزب دون الوطن، شعاراتها حزبية، وكذلك اعلامها، ونداءاتها، ومتطلباتها، وإدارتها للشعب والمؤسسات والإعلام، منهم من يفرض الآتاوات في زمن المجاعة، تحت حجة تحديد الفساد، لكن الأساليب مؤذية، تجويع طفل على حساب تحديد حركة بعض التجار قتل للحس الإنساني، وبالمقابل تحشيد كتائب على طرفي الحدود واغلاق المعابر (الإنسانية) كحصار إقتصادي، لخلق ضغط حزبي وليس سياسي، بإسلوب الدول الكبرى الذين يحكمون على الطغاة ولا يهتمون بالشعوب، تهويل لشعب كامل، وترسيخ لزيادة الهجرة الإقتصادية، وهنا يتناسى الطرفين أن هذه الأساليب لا تجدي نفعا، والمستفيدون هم فقط اصحاب الأجندات من خارج جغرافية كردستان، والذي يتآذى هو وحده الشعب الكردي. إنها من أبعاد المفاهيم والمناهج الذي خلق على اسسها الهوة بين الضمير الوطني ونزعة الفكر الحزبي.
التحركات السياسية معروفة، والعلاقات واضحة، والأجندات بينة لكل مثقف وسياسي وحتى لابسط مواطن مطلع، فالتلاعب بمفاهيم الشعب بإسم الشعب، ومستقبل المنطقة، يجب أن لا يكون على حساب حليب طفل جائع، وخبز المواطن، ودواء كهل يتألم، وأن لا تعدم دروب الرزق، والمساعدات الإنسانية الأخرى، يجب أن لا تحرم المرأة الكردية من القدرة على تقديم الوجبة اليومية لأطفالها، وهنا لا نسأل عن الخدمات الأخرى التي يستند عليها شعب غرب كردستان ليستمر في الحياة العادية، إلى أن تزول العتمة ويبان النور.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية
mamokurda@gmail.com
[1]