بعض القضايا المطلوبة من (الحركة الكوردية) معالجتها في هذه المرحلة 2
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 7020 - #15-09-2021# - 00:21
المحور: القضية الكردية
ثانياً:
2/2
لم نحصر هذه المادة في الإدارة الذاتية لأنها آفة مبتلية بها كلية حراكنا الكوردي والكوردستاني، مثلما كانت القضية الأولى من هذه السلسلة تخصنا جميعا.
في الفترة الأخيرة دخل على خط الجدال والنقاش على بعض القضايا القومية التي نطرحها، طرف خارجي، بعضها التي أزعجت أطراف من الحراك الكوردي والكوردستاني، ودفعت بهم لتصعيد اللغة السوقية. تبين لنا انتماء البعض السياسي، هي المنهجية النورسية، مثلما كان عليه الطرف العروبي الإسلامي السني، قبل سنوات، عن طريق بعض الكتاب البعثيين، الذين وظفوا في (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات-القطري) وعلى أثرها كتبنا العديد من المقالات النقدية، والدراسات، ومن بينها (مصداقية الباحث العربي) و (الأساليب الحديثة للمراكز الأمنية في محاربة الكرد) وغيرها. والأغرب، أن الطرف الحديث هذا؛ استخدموا لغة عصرية وجادلوا بعمق، ولم يتطرقوا إلى المنهجية العنصرية، ودون ابتذال أو الشخصنة، كما سقطت فيه شريحة من كتابنا ومثقفينا الكورد، رغم عداوتهم الظاهرة للقضية الكوردية، تحت منطق نقد أساليب الحركة الكوردية والكوردستانية، وما نقدمه من طروحات قومية ووطنية.
بعضهم طالبوا بالعودة إلى الحكم الإسلامي العثماني، أبرزهم كان تحت أسم (Azad Azda) ناقش بأسلوب عصري، رغم الغاية الخبيثة، الطعن في مدارك الحراك الكوردي، حتى عندما هاجم قبل أيام، وبكلام فيه انتقاص، قيادة الإتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا من على صفحتي، دون أن يبتذل، وانتقد أحد مقالات الكاتب عباس عباس المنشورة على صفحتي أيضا، ظل يحاور مع لغة التهجم أحيانا، كما في الحالتين الأخيرتين، لكنه لم يتطرق كالأخوة الكورد المثقفين، إلى الشخصنة، والطعن في ذاتنا، حاورته مثلما حاورت وبشكل مختصر الأخرين من منهجيته، وقد شاركني بعض الأخوة من المثقفين الكورد في هذا وجادلوهم، حافظت على ردود بعض الإخوة، من على صفحتي باستثناء ما لحقت بكتاباتهم وكتابات المذكور أسمه، والتي تمسح عادة مع الأولى، وتم إلغائهم ومسح نقاشاتنا معهم، خاصة عندما تعرض الأخير إلى قيادة الاتحاد والكاتب عباس، بعكس سابقية الذين حصروا نقدهم على منطق الدولة الإسلامية وأحدهم كان لا يتوانى عرض مثال حزب العدالة والتنمية والتي بينهم قرابة 50 نائبا كورديا مسلما، وأن حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي لا يعادي حقوق الشعوب الإسلامية ومن بينهم حق الشعب الكوردي.
فالمحاور آزاد آزادا، والذي شككت في كورديته، ونوهته إليها، رغم عمقه المعرفي بتاريخ والشخصيات والحراك الكوردي والكوردستاني. ففي حواره على البعد التاريخي، وبعدما لاحظ فشله، ألغى حوارنا ونقده، ولم يتطرق إليها ثانية، لكنه أستمر في نقد حراكنا الثقافي، وللمصداقية كان بأسلوب منطقي بشكل عام، لكنه سخر تحليله لصالح البعد الإسلامي النورسي التركي، أي لحزب العدالة والتنمية دون ذكر الاسم، إلى درجة نقد فيها المدارس الصوفية الكوردية، ومن بينها النقشبندية والعلوية، رابطا إقليم كوردستان وثورة برزاني بالأولى وحزب العمال الكوردستاني بالثانية. كما وأراد أن يبرز قادة الثورات الكوردية ذاكرا بالأسماء، الشيخ محمود الحفيد، والشيخ سعيد النورسي، والقاضي محمد، والخالد مصطفى برزاني، إلى أن وصل إلى الشهيد معشوق الخزنوي، على أنهم قادة حركات وهم مسلمون ويجب الاقتداء بهم لإقامة الدولة الإسلامية المشتركة، وعندما طلبت منه أن يسير على خطاهم من حيث منهجيتهم التي يرون أن الإسلام لا يتعارض وحق الكورد في إقامة دولتهم القومية، عاد وبتحليلات معمقة حقا، لكنه في الاستنتاج سقط ثانية إلى حيث الهدف هي الدولة الإسلامية على منهجية النورسي، وحينها طلبت منه أي تيار من النورسية، التركية أم الكوردية، تبين من خلال رده، دون ذكرها، أنها النورسية التركية، لأن النورسية أنشقت على ذاتها في التسعينات من القرن الماضي كما أظن، وهناك خلاف واسع بين تابعية من الكورد والترك، والأخير يمثلهم كولان والعدالة والتنمية دون ذكرها، فعلى سبيل المثال، كان عراب المدارس المنتشرة في ولاية تكساس تحت أسم (هرموني Harmony school-) حزب العدالة والتنمية تحت شخصية گولان، لكنها اليوم وبعد أن هاجمها أردوغان وبقسوة، أصبحت تتبع هيئة مستقلة في العلن، وتابعة للنورسية الگولانية في الحقيقة.
الأوائل من المهاجمين، وبعد مسيرة طويلة، لم أجد بداً، من بعد تهميش بعضهم وعدم الرد، تحت منطق، جواب الأحمق السكوت، اضطررت إلى ما ذكرته. أما الجماعة الطورانية وتحت غطاء النورسية، استمريت معهم طويلا، قاطعتهم بعد أن طلبت منهم، تعريف الذات، جغرافية وبالأسماء الصحيحة، ومن ثم رأيهم في إقامة الفيدراليات الكوردستانية ضمن الدول المحتلة لكوردستان ومن ضمنها تركيا أو الدولة العثمانية المعنية، بدأت مسيرة الالتواء على الجواب بعرض تحليلات فكرية وسياسية طويلة، جلها كانت تعكس خلفية معرفية واسعة، وهو ما دفعني إلى الدخول معهم في الأبحاث المذهبية، ومفاهيم المفكرين الإسلاميين أمثال الغزالي وأبن رشد، والسهروردي، وغيرهم، وغايتهم حسب الادعاء، على أن نورسيتهم تحيي القيم من المذاهب الإسلامية، التي تزيل الخلافات القومية.
بغض النظر عما كانوا عليه، وما يبتغونه، تحت غطاء الإسلام النورسي، أي التركية الأردوغانية على الأغلب، لكنهم كانوا: يحاورون بعقلانية، وفكر متفتح إلى درجة توقعت أن تكون مؤسسة وليسوا أشخاص أو كتاب عاديين، لتمرير غاية خطيرة وخبيثة، بعكس الشريحة المبتلية بها مجتمعنا، وحيث آفة الكلمات البذيئة والتخوين، والابتعاد عن الحوارات القيمة، واستخدام الأساليب الرخيصة، متناسين أنه مهما كانت الغايات متضاربة، والخلافات الداخلية مرعبة، فهي لن تكون مدمرة فيما لو ظلت محصورة ضمن مجال الحوارات الواعية وتبادل الآراء المختلفة، ومحاولات إقناع البعض، ولن تسقط، وتدنى الأهداف، فيما لو ابتعدنا عن التخوين والكلمات البذيئة، والاختطافات والاغتيالات كما تمت، عندما تمكنت بعض القوى الحزبية من الهيمنة على السلطة.
ففيما لو أستمرينا بالرد على بعضنا بهذه الضحالة اللغوية، ودون توعية الشريحة الضائعة، والتي تملك القدرات، سننتهي كحركة وقضية إلى مصير كارثي.
منهجية تعميق الخلافات بين المجتمع الكوردي، والتي لمعظم أطراف الحراك الكوردي دور فيه، وفي مقدمتهم الإدارة الذاتية والطرف المعارض، إلى جانب بعض الجهات الكوردستانية، وبالأساليب التي تتم، حيث تزايد انتشار اللغة السوقية والمبتذلة، ليس فقط ستؤدي بهم إلى نهاية مأساوية، بل وستضع أمتنا أمام مصير مئة عام أخرى من الصراع مع أعداء يسبقوننا في كل شيء.
لا بد من إعادة النظر في مداركنا، وكيفية تسخير معارفنا، ومحاولة التحرر من الثقافة السوقية ولغة الشارع، والعمل على توعية الذات، وتنبيه الشريحة المعنية هنا من المثقفين والكتاب، على أن منطق المعارضة الوطنية والسلطة الديمقراطية بالأساليب العصرية، يزيد الأمل في تكون الدولة الكوردية القادمة، دونها، وعلى ما هم عليه، عليهم وعلى القضية في هذه المرحلة، وليس على الأمة، السلام.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]