جدل حول الأطراف الكوردستانية-الجزء الثاني
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 6978 - #04-08-2021# - 11:50
المحور: القضية الكردية
غياب الرشد:
باستثناء الذين أجهدوا ذاتهم وساهموا في توسيع الخلافات الكوردستانية، فإن أغلبية حراكنا الكوردي والكوردستاني تدرك، أن الوطنية هي أن نوقف الخلافات، وننقد بعيداً عن الأذية؛ والطعن؛ والانتقاص من بعضنا؛ أو تقزيم إداراتنا الكوردية، ونتأفف عن تجريح رموزنا الوطنية.
من أبسط مهمات المثقف الكوردي الوطني دراسة تاريخنا، وخلفيات صراعات أمتنا الماضية لغاية إنجاح المسيرة، وتصحيح الأخطاء الجارية، قدر الإمكان، وعدم التغاضي عن معاناة شعبنا، والتي هي نتيجة الصراع الحالي المدمر بين أطراف حراكنا. والغريب أنه لكل منهم حججه الدامغة بالنسبة له، ومطعونة للطرف الأخر، وكل حزب على قناعة مطلقة بصحة وجهة نظره، وعلى هذا المنطق، أصبحنا ومجتمعنا، وشارعنا، أمام معارك داخلية لا نهاية لها، مدمرة للذات، وعادة تبدأ بتقزيم وتخوين البعض.
ومن شبه المستحيل في حاضرنا وحيث القوى المتربصة بكوردستان، السماح لجهة بالنجاح والتفوق على الطرف الكوردي الأخر، بل النتيجة وكما التاريخ يشهد، أن كل الأطراف منتهية إلى الضعف، إن لم يكن إلى الزوال. والمسبب الأول ليست القوى المحتلة لكوردستان، بل الحراك الكوردي والكوردستاني، حتى ولو كانت بعض الأطراف تحمل الذنب الأكبر، لكن من شبه المستحيل تبرئة الأخر، وعلى مر التاريخ مثلما الأن، شريحة من المتسلقين على القيادة ولمصالح ذاتية، أو لجهالة مجموعات بلغت مراكز القرار، يثيرون هذه المعارك.
ففي الواقع المؤلم، والكارثي هذا، لا بد من تكون كلماتنا وأعمالنا على سوية عالية من الوعي لنتمكن من خدمة قادمنا، ونصحح أخطاء القوى الكوردستانية المذكورة، وننور مسيرتهم ونعدل منهجيتهم، والأهم أن نقلص هوة الصراع، المتصاعد إما على: خلفية السيادة، أو لتفاقم المشاكل الداخلية، أو لجهالة بعض المسؤولين. ومن المؤسف لم يعالج أي من كتاب اللونين الأبيض والأسود، في الحراك الكوردي هذه القضايا، بل دافعوا عن الخطأ وحاولوا الطعن في الأخر، مع تقديم المبررات المتداولة والتي تم أبداعها على خلفية أخطاءهم تجاه البعض والأمة، وكرروا السلسلة المشروخة من التخوين والاتهامات بين الأطراف الحزبية.
المذمة من الجاهل مدح، لا تؤثر إلا في أمثالهم، وليت حراكنا وقف على مذمة البعض، لكن النزعة التاريخية الكوردية المتراكمة على مدى القرون، ترى في التخوين بوابة أوسع للتنفيس والترفيه من الأولى، ولهذا ومن البعد الوطني، ولدراستنا لماضينا، وحاضرنا وما سنؤول إليه فيما لو استمرينا على هذه الدروب المرعبة، سنظل نكرر نقدنا وسنسلط الضوء على ما نراه خطأً، إلى أن يتم تصحيحه، لأننا على قناعة تامة أن إداراتنا وقوى الحراك الكوردستاني الحزبية، ليست مثالية، ولا أستثني منهم أحداً، وبعيدا عن الشمولية في القول، لا تزال في طور البناء، تعاني من كم هائل من الأخطاء والمشاكل، تنقصها الكثير من مفاهيم العصر والديمقراطية، والعمق الوطني؛ المثار نظريا والمغيب عمليا، بعضها من قبل الانتهازيين الذين تسلقوا المراتب، وبعضها عن سذاجة بعض المسؤولين الذين استلموا بعض الإدارات في حكومة الإقليم، وأخرى عن عدم الخبرة وضعف التراكم المعرفي، وبعضهم أصبحوا قادة الأمر الواقع في الإدارة الذاتية. وعليه سنعرض ملاحظاتنا عند كل قصور، أو إهمال، أو تهميش أو حدث يؤذي المجتمع الكوردي من قبل أي كان، إن كان سهوا أو بتخطيط ساذج، أو لكناية بالكوردي الأخر، مثلما نقف وبالمقابل في مواجهة الأعداء في كل آن وحين.
النقد بالوعي والحس الوطني:
رسائلنا ستستمر للمعنيين بالأمر، أملين أن تقرأ، وتبحث في الإشكاليات المعانية منها شعبنا الكوردي، والشارع الكوردستاني، والمهجرون والمهاجرون الكورد، ليتم معالجتها قدر المستطاع، فغياتنا هي غاية أمتنا، وليست غاية الأحزاب ولا الإدارات المتصارعة، وهي العيش بكرامة وحرية في وطن وجغرافية كوردستانية مثالية، وتحويل الأمل بالعودة كمهاجرين أو مهجرين إلى الديار المسيطرة ذكرياتها على أحلامنا، إلى حقيقة، تحت ظل إدارات وحكومات كوردستانية نأمل منها ألا تكرر ماهية الأنظمة الدكتاتورية المحتلة لأرضنا وشعبنا، لأننا جميعا نحلم بوطن كوردستاني يكون للمواطن فيها كرامة وللإنسان حقوق محفوظة حسب الدساتير الحضارية، وإلا فيما لو تغاضينا عن الأخطاء الحالية، فالقادم المبني على الخطأ سيؤدي إلى دولة لا تختلف عن المجاورة، حيث تكرار الأنظمة التي لا قيمة فيها للإنسان.
ليس رد، بقدر ما هو لفت الأنظار، للذين لم يعيروا الاهتمام بفحوى مقالنا، وعلى الأغلب ليس لبعضهم اطلاع على ما كتبناه من حلقات طويلة من النقد في السابق، وعلى مدى عقد وأكثر في مجال السياسة والخلافات الحزبية، وبعضهم تناسوا لغاية الرد، بل ولا نستبعد أنه تم تجنيد بعض المعدومين معرفة برؤيتنا؛ وكتاباتنا السابقة، في الوقت الذي هم ذاتهم على دراية واسعة بما نقف عليه من المنهجية الفكرية، والبعد القومي، ورؤيتنا لأساليب الصراع مع الأعداء وطرق التعامل مع الأطراف الوطنية.
ومنهجيتنا الوطنية المنافية لتفضيل الحزب على الوطن، والتي تنخر في مسيرة ارتزاقهم، أو أساليب جهالتهم في التعامل مع قضيتنا الكوردستانية، فاستخدموا الأساليب الرخيصة في المواجهة، وهي ذاتها التي يستخدمونها ضد بعضهم البعض، حيث يبدؤون بالتشهير بالبعض، ومن ثم التنقيب عن سلبيات يضخمونها، ويستندون عليها للتهجم، فعلى هذا الأساس كانت انتقاداتهم للكتاب والمثقفين الذين لم ينحازوا إلى صراع اللونين بنفس السوية لبعضهم البعض، لغايتين خسيستين: محاولة كسبهم إلى جانبهم في معاركهم السادية، أو إسكات صوتهم الوطني. وفي معظم الحالات يتم تسخير كتاب سذج من السهل التلاعب بعقولهم، فيسقطون بسهولة في حوض العصبية وبيع الوطنيات، والتهم والتلفيق، وتتبين من أن بعضها أتت بثمارها المطلوبة لهم، وتم شرخ المجتمع الكوردستاني وأغلبية الحراك الثقافي، وتصاعدت أنواع المصطلحات والتعابير المؤذية والمؤدية إلى تقزيم الأمة، وتمييع القضية، وفتح الأبواب للقوى الخارجية لتستمر بالسيادة على كردستاننا.
وللعلم، لم نكن بمعزل عن هذه الفوضى الخلاقة، فكان نصيبنا وبعض الكتاب الذين لم يتنازلوا عن البعد الوطني، خلال العقد الأخير، الكثير من البذاءات والتهجم السافر، خاصة في الحالات التي تعمقنا في استخدام النقد البناء، لتعرية الأخطاء، أو دعم إيجابيات جهة قدمت الجميل للشعب أو للقضية، ولم يتم فيها استخدام الرتوش والمواربة.
وكانت آخرها على خلفية مقالنا الذي نخرنا فيه مصالح بعض المسؤولين، وقادة الأحزاب، ورؤساء إدارات، ونوهنا إلى أخطاء أطراف الحراك المقسم لمجتمعنا الكوردي إلى معسكرين متصارعين. وكان العنوان والكلمة الأولى من النص وبعض الجمل من متن المقال المادة المعتمدة لخلق التهجم، دون إجهاد الذات والتمعن في كليته، لتحليل المعروض، حتى ولو كنا على خلاف.
وبالتالي تم الخلط ما بين المواضيع، فألغيت بعض القضايا؛ ورسخت ما يناسبهم، متملقين أمام أسيادهم المتأذين من البعد الوطني، ونحن على دراية تامة من هم وما هي غايتهم وإلى أي مدى يستفيدون من تجارة الارتزاق على حساب ألام الشعب. وجهة لم تتطرق حتى إلى العنوان، بل تفاخرت بأن طوطمهم سيبني شرق مثالي حضاري، والممتع الثالث الذين وصفوا منظومتهم الحزبية بمنبع الوطنية والحامل الأوحد لقضايا الشعب...
يتبع...
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]