دراما الحركة الثقافية الكردية - 2/2
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 5195 - #16-06-2016# - 20:49
المحور: القضية الكردية
من المؤسف أن الحركة الثقافية، ليس فقط لم تستطع أن تحرر رؤساء الأحزاب من القيود، الذاتية والموضوعية، بل بعضها سقطت معهم في المصيدة، وأصبحت تعكس صراعات الطفولة بمواهب الكبار، وتصعد من الخلافات الاجتماعية والسياسية بوعي أو دونه، لكنه يظل تحت منطق الحكم على المذنب، والمذنب يتواجد خارج قاعات الحكم، وأبعد من أن تطاله الأيدي الكردية، وهو الذي يخلق الخلاف ويعقد المحاكم، ويجبرنا والأطراف السياسية الكردية بطريقة وأخرى بإصدار الأحكام على بعضنا، والفعل ليست جهالة بقدر ما هي سذاجة في أساليب البحث عن الحلول لقضايا مصيرية أضخم من مجرد خلافات أحزاب كردية مقهورة، ومحاكم آنية لرؤساء أحزاب أغلبهم لا يقلون عن الجميع وطنية.
معرفة شريحة من الكتاب ضمن الحركة الثقافية بما يجول في الأطراف، وإطلاق الأحكام، حتى ولو كانت صحيحة ليس بكاف، ولا تؤدي إلى حل القضية، وتعرية المذنب فقط، ليس بأبداع، فهي لن تغير من الواقع المفروض خارجيا، والمجتمع الكردي سيبقى يعاني، ومعه رؤساء تلك الأحزاب المسخرة إقليميا، بل الأبداع هو أن نتمكن من خلق الأدوات التي ستحرر الأحزاب من زنزانات القدر الضائع، ومعرفة كيفية وضع الحلول المنطقية لتحرير أطراف الحركة من الأزمة الخانقة وجعلهم يفكرون ويقررون بحرية قدرهم ومصيرهم، وكيفية حل خلافاتهم بدون تدخلات خارجية.
الإشكاليات المهيمنة على المجتمع الكردي، تغرق منظمات الحركة الثقافية في غربي كردستان، بعضها تقمصت عباءة الأحزاب، رغبة أو كرهاً، وتقلدهم في بعضه، بدراية أو دونه، فبحثوا ومنذ بدايات النشوء عن الكم وتركوا النوعية، فتناسوا أو لم يدركوا أن كثرة الأقلام الباحثة عن اللذة الأنية والمتعة العينية، ومثلهم المنتمون إلى نزعة أو أخرى، أضرارها أكثر من فوائدها، تعمق الخلافات، وتفاقم من التعتيم لأفاق العمل الجدي، وتحت خيمة خلافاتهم، غاب عن معظمهم المجرم الحقيقي، وتاهوا في النقاشات السفسطائية، وساد منطق تنقية الداخل كأفضل الحلول، في الوقت الذي يستمر منابع القوى الإقليمية بتسريب القذارات تباعاً إلى أحواضنا.
لنكن واقعيين، ونسأل من يحمل تبعات التيه الكامن في المجتمع الكردي، في غربي كردستان على الأقل؟ وقبلها لا بد أن نخرج من الجزئيات ونتجاوز بساطة الأحكام الاعتباطية. ولنتمهل قليلا قبل توجيه أصابع الاتهام لبعضنا، مثلما فعلته قبل قليل وهاجمت شرائح من الحركة الثقافية، ولنقرأ لوحنا الكردي المحفوظ، ونطلع على السطور الباحثة في مصير الكرد، ونسأل: هل الإله متهم في هذا التاريخ المشؤوم؟ أم نحن جميعا كحركة سياسية وثقافية كردية، أم القوى الإقليمية والدولية؟ وكيف سنتمكن من تعديل كلمات اللوح؟ لماذا تمكن الأخرون من الحصول على قدرنا وعطف الألهة، وعزلونا عن لذة الوطن؟ وهل مصير الكرد يكمن ضمن جدلية القدر؟ أم أن الجبرية الإلهية فارضة ذاتها، ولا حول للكرد في تقدير القادم؟
أيا كانت الحقيقة، فهو صراع بين الإنسان والقدر، أو تحكمها الجبرية الإلهية، ضمن ساحة يسيطر عليها أخبث السلطات، وهو ما يتطلب من الشريحة الثقافية والكتاب أصحاب القدرة النوعية والذين يرفضون الميلان مع هبوب النسيم، خلق الأساليب العصرية لمواجهة هذه السلطات، أصحاب الجريمة أو مخططيها. فالكل الكردي يعاني، ويشعر بعمقها وأبعادها وثقلها، وهي تكمن ما بين العدمية وضياع الثقة بالذات وتأنيب الضمير أمام الأجيال اللاحقة. والمجتمع الكردي بأشد الحاجة لشريحة نوعية من الكتاب، تعمل معا، وتحمل رسالة تتضمن مهمة تحرير رؤساء الأحزاب من القيود الإقليمية، وتعيد المجتمع إلى جادة الصواب وواقع قبول الطرف الأخر، وعدم الانجرار أكثر إلى الصراعات والعداوة بين البعض، وتوقظ أقلام البيوت الحزبية، والسادية، وتنبههم إلى أن الخلافات الداخلية ستزول من تلقاء ذاتها إذا استطعنا تعرية المجرم الحقيقي.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]