شمال شرق سوريا: الاستهداف المتكرر للبنية التحتية يفاقم خطر التهجير القسري
تضع الحروب والنزاعات وهذه الأنواع من الاستهدافات وجود المكونات القومية والدينية في سوريا على المحك
نظّمت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بالتعاون مع رابطة “تآزر” للضحايا، ومنظمة “الصليب السرياني”، ومنظمة “بيل – الأمواج المدنية“، ووكالة “نورث برس“، بتاريخ #06-04-2024# ، جلسة افتراضية بعنوان: “سوريا: الاستهداف المتكرر للبنية التحتية يفاقم خطر التهجير القسري”.
سلّط النقاش الضوء على التصعيد العسكري التركي ضد المرافق حيوية والبنية التحتية الأساسية التي يعتمد عليها السكان للحياة في شمال وشرق سوريا، إذ شمل الصعيد العسكري التركي المدمٌر استهدافاً متعمّداً لمصادر النفط والطاقة، والمنشآت التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة من الكُرد والعرب والسريان/الاَشوريين ومئات اَلاف النازحين داخلياً خلال أشهر تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2023 وكانون الثاني/يناير 2024. وقد بثّت هذه الهجمات الذعر في نفوس السكان وقتلت وجرحت مدنيين.
كما أشار المتحدثون/ات إلى مخاطر التهجير القسري الناجمة عن الضربات التركية، الأمر الذي يعرض التنوع الثقافي والديني في المنطقة لتهديد وجودي حقيقي، فلطالما عانى سكان المنطقة، وخاصة الأقليات منهم، مثل الكرد والسريان والآشور والأرمن والايزديين، من تهديدات عرّضت وجودهم التاريخي في المنطقة للخطر، وشددوا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف استهداف البنى التحتية والمرافق الحيوية في شمال شرق سوريا من قبل تركيا، وحماية المدنيين.
شارك في الجلسة الافتراضية التي عُقدت عبر منصة زووم، مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية: كبرئيل موشي كورية. وعضو اتحاد المرأة الايزدية: سعاد حسو. وعضو الهيئة التنفيذية للحزب الآشوري الديمقراطي: وائل ميرزا.
محاور الجلسة:
أشار مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية، كبرئيل موشي كورية إلى أن الضربات التركية الأخيرة ضد البنى التحتية والمرافق الحيوية في شمال وشرق سوريا تضافرت مع عدة عوامل أخرى منها “الاستبداد المتمثل بالنظام الحالي في سوريا والإرهاب المتمثل بداعش والمنظمات الإرهابية المحسوبة على الإسلام السياسي” وأثرت على الوجود التاريخي للمكونات الدينية والعرقية والقومية المتنوعة في المنطقة. وخصص السيد كورية بالذكر المكون السرياني الأشوري الذي تم استهدافه من الناحية القومية والدينية عند اجتياح “داعش” لقرى الخابور.
وقال كورية أنه من غير المستغرب أن يتأثر وجود المكونات الدينية والقومية بالحرب الدائرة في البلاد بل “تضع الحروب والنزاعات وهذه الأنواع من الاستهدافات الوجود الإنساني للمكونات القومية والدينية في سوريا على المحك” على حد تعبيره.
“مشروع العودة يحتاج لاستقرار”
تحدث السيد وائل ميرزا، عضو الهيئة التنفيذية للحزب الآشوري الديمقراطي عن التهديد المتربص بالمكونات التي تعيش في المناطق المحاذية لتركيا، قائلا أن “تركيا منذ البداية كانت ممراً للمتطرفين”، مضيفاً أن قرى الخابور التي كانت مأهولة تاريخياً بالآشوريين، أفرغت من سكانها نتيجة هجمات تنظيم “داعش” عام 2015. وأشار إلى أن أكثر من 90% من سكان قرى الخابور الذين كان يقدر عددهم ب 35 ألف آشوري/آشورية، قد هُجّروا من مناطقهم لتتحول هذه المناطق إلى ملاذ لنازحين من عفرين ورأس العين/سري كانيه.
وأشار السيد ميرزا إلى “مشروع العودة” الذي كان يهدف عام 2016، إلى إعادة الآشوريين المهجرين من قراهم لم يتم بسبب “استمرار الضربات التركية والاجتياح الذي حصل في عام 2018 بعفرين ومجدداً في 2019 ب #سري كانيه# /رأس العين وتل أبيض، وتحول القرى الأشورية بعد عملية “نبع السلام” إلى خط للجبهة مؤكداً أن العامل الأساسي لضمان المضي ب “مشروع العودة” هو توفر الاستقرار.
“الايزديون لا يُدفنون في مسقط رأسهم”
من جانبها تطرقت السيدة سعاد حسو، عضو اتحاد المرأة الايزدية للانتهاكات المرتكبة في #عفرين# بحق الايزديين بسبب انتمائهم الديني، من تهجير قسري وانتهاكات للملكية وتدمير للمزارات الدينية وتتريك، مشيرة إلى تخوف الايزديين المهجرين من عفرين من أي توغل بري جديد مؤكدة استمرار تعرضهم في القرى التي نزحوا إليها بمحيط منطقة #الشهباء# إلى قصف تركي مستمر.
وعلق الناشط المدني: نسيم شمو قائلاً أن نسبة الايزديين في مناطق شمال وشرق سوريا عام 2023 قد تضائلت 85% بالمقارنة مع عام 2000. مؤكداً أن التهديدات المستمرة، منذ سياسة حزب البعث سواء عبر التجريد من الجنسية أو مصادرة الأراضي الزراعية، والجرائم المرتكبة بحق الايزديين في رأس العين/سري كانيه وعفرين، من قبل فصائل الجيش الوطني السوري المعارض التابع لتركيا، هي الأسباب المباشرة وراء الهجرة الايزدية.
وقال شمو “كأيزديين في المنطقة الشرقية، حاليا نسكن في منطقتي عامودا والقحطانية/تربسبية، وهما منطقتان محاذيتان للحدود التركية، لذلك يكون خطر التهجير قائماً دوماً”، مضيفاً “نظراً للتهجير المستمر الذي يتعرض له الأيزديون، لا يُدفنون في مسقط رأسهم”.
التوصيات:
طرح المتحدثون في نهاية الجلسة عدة توصيات من شأنها ان تسهم في إرساء الأمن والاستقرار وحماية الأقليات الدينية والعرقية من التهجير القسري على إثر الضربات التركية الأخيرة ضد المرافق الحيوية والبنى التحتية، وهي:
دعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والجهات الضامنة للتدخل لوقف استهداف البنى التحتية والمرافق الحيوية في شمال شرق سوريا من قبل تركيا.
تحييد المدنيين عن الصراعات الدائرة في المنطقة من قبل كافة الأطراف، سواء الخارجية منها المتورطة في النزاع السوري أو القوى المسلحة الموجودة على الأراضي السورية.
الخروج من مرحلة الاستعصاء الموجودة في العملية السياسية والضغط على الحكومة السورية والأطراف الداعمة لها من أجل المضي قدماً بالعملية السياسية وإعادة الحياة إلى اللجنة الدستورية وعدم ربط الملف السوري بالملفات الأخرى بالمنطقة وتطبيق القرار 2245.
وقف الخطاب الأيديولوجي من قبل الإدارة الذاتية والأطراف المرتبطة بها وعدم تقديم الذرائع للأطراف الخارجية لشن الهجمات ضد شمال وشرق سوريا.
توسيع هامش الحريات من قبل الإدارة الذاتية وإعطاء الأولوية لعمليات التغيير السياسي في المنطقة بغض النظر عن اتفاق القوى السياسية المتواجدة في مناطق الإدارة الذاتية معها أو عدم اتفاقها.
إطلاق حوار معمق وايجابي داخل كل مكون وبين المكونات تفضي إلى تفاهمات وتوافقات تعيد هيكلة الإدارة الذاتية وصولاً نحو الحوكمة الرشيد وحكم تشاركي.
بناء علاقات مبنية على الحوار مع دول الجوار وخاصة تركيا وإقليم كردستان العراق من قبل الإدارة الذاتية.[1]