قراءة في أزمة الحركة الكردية السورية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6658 - #26-08-2020# - 18:29
المحور: القضية الكردية
من الواضح لنا أن القضية الكردية السورية لن ترى الحل بالمدى المنظور مادامت القضية السورية العامة تسير نحو المجهول ولكن مايمكن العمل فيه في هذه المرحلة هو معاجة أزمة الحركة الكردية داخليا ومعروف أنها تتركز في إعادة بنائها ديموقراطيا واستعادة شرعيتها وصياغة مشروعها القومي والوطني وتعزيز بنيتها التنظيمية التحتية واختيار قيادة جماعية لمواجهة التحديات الماثلة .
( توالت التصريحات بالاونة الأخيرة من عدد من قياديي ومسؤولي الهيئة التنفيذية في ( مجلس سوريا الديمقراطية ) وهم في الوقت ذاته يشغلون مواقع مسؤولة في ( ب ي د والمسميات الأخرى العسكرية منها والمدنية التي تتبع لمنظومة ب ك ك – والعاملة بسوريا ، تؤكد على توجههم نحو عقد ملتقى حواري أو مؤتمر يجمع بين كافة أبناء إقليمي الجزيرة والفرات ، هدفه تعزيز الإدارة الذاتية .. .
والبدء بعقد ندوات حوارية لممثلي الشعب وأبنائه من المثقفين والأكاديميين ورؤساء وشيوخ العشائر من أجل تعزيز العيش المشترك وأخوة الشعوب ووحدة مصيرها, في خطوة جديدة لتعزيز وترسيخ الحوار السوري بين أبناء المنطقة بعد ما شهدته من تطورات سياسية مؤخراً أجل الدعوة إلى مؤتمر حواري موسع سيعقد في الفترة المقبلة بين أبناء منطقة شمال وشرق سوريا. .. .
الإدارة الذاتية عندما تشكلت كان لها داعمون ومؤيدون كثر ولا تزال, لكن هناك فئة غير منضوية ضمن هذه الإدارات, أي أنها غير ممثلة, سواء كانت قسم من العشائر, أو شخصيات تكنوقراطية, أو أحزاب وكتل سياسية, منها موالية للنظام السوري, ومنها للائتلاف, أو مستقلون غير مرتبطين بأية أحزاب وتكتلات سياسية .. .
بعد هذه الملتقيات والندوات المصغرة سنعمل على تنظيم اجتماع موسع على مستوى إقليمي الفرات والجزيرة, ....ستصدر عن هذا الاجتماع الكبير وهو المؤتمر الذي سيتجاوز الآلاف وسيكونون من ممثلي المنطقة ) .
بداية ليس هناك أي وطني سوري محب لشعبه ووطنه ومخلص لمبادئ ثورته وملتزم باهداف الحركة الوطنية الديموقراطية السورية والكردية يقف ضد مساعي التفاهم والتحاور السلمي والتعاون والعيش المشترك بين كل المكونات والاطياف ان كان على الصعيد الوطني العام أو في المحافظات والمناطق والمدن والارياف أي من أصغر قرية وحتى العاصمة ولكن علينا بالوقت ذاته الإحاطة بكل حالة في هذا المجال وبكل الدعوات التي تطلقها جهات عديدة ومن منطلقات مختلفة بين الحين والآخر ، وسبر أغوارها ومناقشة الدوافع والاهداف القريبة والبعيدة ، ومدى فائدتها من المنظورين القومي والوطني ، حتى يكون التقييم سليما والحكم عادلا على المقدمات والنتائج المترتبة .
الأمر الآخر وكنصيحة أقولها لحاملي المسؤوليات المزدوجة وأكثر من قيادات كل المسميات المؤطرة واحدة وواحد في منظومة ( ب ك ك ) بسوريا أن يزيلوا الأقنعة ويكتفوا فقط بكمامات ( الكورونا ) ويحدد من مسؤوليته الحقيقية كما هي حتى لاتختلط الأمور وحتى نتمكن من مناقشة مايذاع ويطرح ويصرح به وهل ماينشر بأسماء تحت تعريفات غريبة يمثل السياسة الرسمية أم لا ؟ فمثلا قائد أو مسؤول في – ب ي د – وفي الإدارة الذاتية وفي القوات العسكرية والاسايش والمجالس والهيئات التي تعد بالعشرات يصدر تصريح باسم – قوات سوريا الديموقراطية – فكيف يمكن للمتابع أن يحسبه ؟ انه امر يدعو للدهشة سلطة تحكم علنا وقادتها يوحون انهم في ظروف السرية !؟ .
مناقشة لأهم البنود الواردة في هذه التصريحات المنشورة بوسائل الاعلام :
أولا – التوجه لعقد الندوات واللقاءات التي ستختتم بمؤتمر يضم ( الآلاف ) هدفه واضح وصريح ومعلن وهو – تعزيز الإدارة الذاتية – وبعبارة أوضح توجيه مواطني تلك المناطق المحددة للسير وراء سياسات سلطة الامر الواقع ومن يقودها أي – ب ي د – الذي يأتمر بتوجيهات مركز قنديل والقيادة العسكرية ل ب ك ك حتى هذه اللحظة بالرغم من تسرب أخبار غير مؤكدة عن النية في فك الارتباط أو الافتراق .
وهكذا فان التوجه الأخير كماذكرنا يتعلق خصوصا بتعزيز مواقع المنظومة الحزبية المستولية على المقدرات وليس من أجل توحيد الحركة الكردية السورية أو اسقاط نظام الاستبداد أو إعادة بناء جسور بين الحركة الكردية والحركة الديموقراطية السورية المعارضة أو إزالة أسباب التوتر وتحسين العلاقات مع مؤسسات إقليم كردستان العراق الشرعية ، هذه الأهداف والطموحات هي مايسعى شعبنا من الكرد والسوريين عموما لتحقيقها وبالنهاية مايتم الدعوة اليه عبارة عن أجندة حزبية صرفة كاستمرارية واستكمال لمقترح القائد العام - لقسد -عندما طرح مقترحه العتيد الغامض حول – وحدة الصف – من خلال اتفاق ألأحزاب الثلاثين المعروفة بضعفها وعدم تمثيلها حتى بالحد الأدنى للشارع الوطني الكردي السوري .
ثانيا – اذا كانت – الإدارة الذاتية – لاتعبر عن رؤا وطموحات ومواقف جميع الاطياف الكردية وخصوصا الوطنييون المستقلون وهم الغالبية في الساحة الكردية السورية – هذه الحقيقة تتجاهلها الأحزاب جمعاء - وكذلك المعارضون لنهجها من تيارات سياسية وفئات مثقفة من الشباب والمرأة ، واذا كانت لم تحقق حتى الآن مقترح – القائد العام - بابرام نوع من الاتفاق بين الأحزاب وهو من اسهل الأمور ، واذا كانت لاتمثل أهلنا بمنطقة عفرين بأكملها ( وهي متهمة من أوساط عديدة بخسارتها ) وكذلك تجمعات المهجرين والنازحين في كردستان العراق وتركيا وهؤلاء قد يبلغون أكثر من مليون ، فكيف يمكنها التحاور باسم الكرد السوريين مع مكونات المنطقة في الرقة ودير الزور والطبقة وهم من العرب ؟ أو مواصلة التواصل مع النظام باسم الكرد ؟ اذا كانت – الإدارة الذاتية – تسعى فعلا الى الاتفاق والمصالحة والعمل الوطني فالأولوية للاتفاق الكردي – الكردي ولا أقصد اتفاق الأحزاب والتنظيمات ( الفضائية ) لأغراض دعائية عابرة واستجابة لمصالح خارجية معروفة بل العمل على إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية بتشكيل لجنة تحضيرية نزيهة من غالبية مستقلة للاعداد لعقد المؤتمر الكردي السوري أولا الذي سيمثل الشعب الكردي المنتمي الى المنطقة المتعارفة عليها في وثائق الحركة الكردية منذ نشوئها بجزء من كردستان التاريخية الذي أصبح ضمن سوريا الراهنة من دون إرادة لا السوريين ولا الكرد بعد اتفاقيات ومعاهدات وقرارات دولية وبينها اتفاقية سايكس – بيكو 1916 با الدولة السورية أو المناطق الكردية وليست التسميات الغريبة والفضفاضة المخترعة حديثا والتي يمكن ان تفسر بالشئ ونقيضه بآن واحد والمستخدمة باعلام – ب ك ك – فقط مثل – روزآفا – أو – شمال شرق سوريا – التي تثير الارتياب ليس كرديا فحسب بل من جانب المكونات العربية والمسيحية بتلك المحافظات .
ثالثا – اذا كانت – الإدارة الذاتية – طامحة ( وهي حق مشروع ) في علم السياسة في تطويع أو جلب أو اغراء أطراف ومجموعات سياسية كردية وعربية مناوئة لها فلا أعتقد أن وسائلها المتبعة أو المنشودة ستكون مساعدة لذلك وقد أشرنا الطريقة الاسلم كرديا وهو المؤتمر الجامع بالآليات الديموقراطية ، أما على الصعيد الوطني فعليها مخاطبة الآخر السوري المقابل بلغة النقد الذاتي والاعتراف بخطيئة قيادتها الحزبية عندما اتفقت مع نظام الاستبداد منذ بداية الثورة السورية وجلبت مسلحيها عبر عملية التسليم والاستلام وأصبحت جزء عسكريا أمنيا سياسيا في صف النظام وضد الثورة السورية بحسب الوقائع والقرائن المتوفرة ، كما عليها الاعتذار ان شاءت وقطع الصلة كليا مع النظام وإزالة كل الآثار المترتبة ، أو أن تعلن بكل شفافية انها تراهن على هذا النظام وترى أنه مؤهل للاستمرار ولحل القضايا الوطنية ومن ضمنها القضية الكردية .
رابعا – أما طموحات – الإدارة الذاتية – المبالغ فيها الى درجة التمنيات الخيالية بالتحول الى مركز استقطاب للقوى السياسية السورية باجتماعها حولها والاستفادة من تجربتها الفذة !؟ واختيارها قدوة لبناء سوريا الجديدة !؟ فلاشك انها نوع من المزاح الثقيل ، فنحن بالحركة الكردية ومعظم الوطنيين السوريين المعارضين لم ننس بعد من استقبل السيد أوجلان في منزله منذ نحو ثلاثة عقود ، ومن منحه المكان والامكانيات والأمن والأمان وحرية الحركة ، ومن أخضع له ولحزبه مجموعة من الكرد السوريين وتوجيههم نحو خارج الحدود على حساب نسيان قضيتهم الأساسية في الداخل السوري ، ألم تكن عائلة الأسد وحزب البعث ونظام الاستبداد ؟ .
وبسياق متصل في سبيل المقارنة : في كردستان العراق تحولت الحركة الكردية الى مركز استقطاب كل المعارضة العراقية بكل أطيافها لأنها واجهت وقاومت الحكومات والأنظمة القمعية الدكتاتورية منذ قيام الدولة العراقية وقبلها الاستعمار البريطاني ورفعت شعار الديموقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان منذ ثورة أيلول 1961 وخاضت تجارب جبهوية على المستوين الكردستاني والعراقي وشاركت بكل قوة وفعالية بثلاث مؤتمرات للمعارضة قبل اسقاط النظام وهي مؤتمرات : لندن وبيروت ومصيف صلاح الدين .
خامسا – نعم باستطاعة – الإدارة الذاتية – أن تجمع الالاف وقد جمعتهم في مناسبات عديدة ، وتصدر باسمهم بيانا ختاميا جاهزا بعبارات منمقة ، يذاع عبر الفضائيات ، ويعقد بارقى الصالات وبالمال الامريكي وحراسة طائراته في هذا الوقت الضائع الأمريكي عشية الانتخابات الرئاسية وخدمة للإدارة الحالية وهو امر مفهوم ، ولكن ماذا لو تغيرت الأحوال والسياسات في أمريكا والمنطقة ؟ من سيتابع التوصيات والقرارات ؟ ومن سيؤمن الغطاء الجوي والمالي ؟ اعتقد أن العودة الى الشعب هو الخيار الاسلم عبر مسار المؤتمر الكردي السوري الجامع ومن الان وهو الطريق الوحيد لإنقاذ كل من تورط أو مارس اعمالا غير مستحبة ضد وطنه وشعبه وقضيته ومن ثم تحقيق المصالحة العامة قوميا ووطنيا حتى يتم انقاذ مايمكن إنقاذه قبل فوات الأوان .
وفي هذا السياق أتوجه للمرة الالف الى الحريصين والعقلاء بين كل الجماعات الى اختيار اللحظة الراهنة المناسبة التي قد لاتتكرر وأن يقطعوا الطريق على أصحاب المصالح الخاصة والمواقف المترددة الذين يتوزعون في صفوف الإدارة الذاتية و – ب ي د – وأحزاب – الانكسي – وباقي – حزيبات – التهريج وتكملة العدد ، وكذلك أيتام – منصورة – ، وذلك بالتجاوب مع نداءات المخلصين في إعادة بناء حركتنا خدمة لشعبنا وحرصا على الجيل الناشئ الجديد ومستقبله خاصة وأننا مع بقية شعوب العالم نعيش مرحلة انتقالية غير معلومة العواقب على الصعد الصحية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية.
[1]