- دستور - مابعد تصفية الثورة
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6364 - #29-09-2019# - 20:56
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بعد سنوات من دعم واسناد نظام الاستبداد الأسدي واختراق الثورة والمعارضة والالتفاف عليها وتحريف وجهتها عبر تمويل واحتضان وكلاء من فصائل مسلحة وجماعات إسلامية سياسية وفئات وافدة من أجهزة السلطة تسللت الى الصفوف وبعد المماطلات ووضع العراقيل أمام تحقيق السلام في سوريا وبعد افراغ أهداف وآمال السوريين من مضامينها الحقيقية عبر الضغوط العسكرية من قصف وتدمير وابادة والإجراءات القمعية بهدف التهجير القسري للسكان الأصليين وتغيير التركيب الديموغرافي لغالبية المناطق والمدن والبلدات وأخيرا بعد تبديل أولويات الشعب السوري من أجل إعادة بناء بلاده واجراء التغيير الديموقراطي وعقد مؤتمراته الوطنية الجامعة وصولا الى احياء واستمرارية الحياة السياسية من خلال انتخابات حرة شاملة لممثليه تحت قبة البرلمان وإقامة سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية ومحاسبة المجرمين وتطبيق العدالة ومن ثم وضع دستوره التوافقي الذي يقر ويضمن حقوق جميع المكونات ويثبت إرادة الكرد في تقرير مصيره السياسي والإداري ضمن سوريا الجديدة الموحدة .
نعم لقد انتصر ( المجتمع الدولي ) على الشعب السوري المقهور المهجر وقرر ماأراد من اليوم الأول لاندلاع الثورة بالاجهاز عليها بالقوتين النارية الغاشمة و الناعمة وتوافق المحتلون وكل القوى والأنظمة المعنية بالملف السوري من إقليمية ودولية وتوابعها من الميليشيات ( الأممية ) والمعارضة المنحرفة عن خط الثورة على انتهاج مسار باسم الدستور أي احضار الحصان حتى قبل تصنيع العربة اسوة بكل ممارساتهم السابقة المعكوسة وسياساتهم المتناقضة بشأن القضية السورية منذ أكثر من ثمانية أعوام .
وقد رافق ذلك بل سبقه حملة من التضليل الإعلامي من جانب ضامني – أستانا – وممثلي الأمم المتحدة وأمريكا باعتبار أن تشكيل ( لجنة الدستور ) يعد – فتحا مبينا – ومن شأنه تحقيق السلام الأبدي وقد لوحظ ذلك الاهتمام الزائد بمسألة لجنة الدستور من جانب فئات واسعة بين مندد بعدم مشاركة – ب ي د أو – قسد - ومطالب بزيادة عدد ممثلي – الانكسي – في حين أن معظم هؤلاء – ولاأقول جميعهم - لايعترف لا بشرعية الطرفين في تمثيل الكرد ولا بشرعية الائتلاف بتمثيل معارضي النظام ولا بنزاهة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف السوري بل اعتبارها تدير الأزمة ولاتعالجها ولا بشرعية النظام في تمثيل الشعب السوري وله حصة ( الأسد ! ) حيث يحظى بموالاة غالبية أعضاء اللجنة ( 50 من حصته الأصلية + 25 من قائمة المحتلين + 20 من قائمة ( الائتلاف ) بحسب المعلومات المتطابقة من أكثر من مصدر مطلع أوليس الأفضل بهذه الحالة الاهتمام بقضايا ترتيب البيت الداخلي سوريا وكرديا ؟ .
فقبل نحو خمسين عاما كان مشروعنا القومي المتجسد في برنامجنا آنذاك يتضمن بوضوع انتزاع حق تقرير مصير الشعب الكردي في اطار سوريا ديموقراطية موحدة ويكون التمثيل الكردي في كل مؤسسات الدولة ( السلطتان التشريعية والتنفيذية والقضاء والجيش والإدارة والسلك الخارجي ..الخ ) 15٪ وادراج ذلك بدستور البلاد وكان مشروعنا الوطني ينطلق من وجوب قيام نظام ديموقراطي بالاستناد الى التحالف الكردي العربي وكل ذلك كان شعارا مقررا يتصدر صحيفتنا المركزية اتحاد الشعب وكانت تلك المبادئ والآهداف والسياسات الموضوع االرئيسي الذي كنا نبحثه مع الشركاء الديموقراطيين السوريين والأشقاء الكردستانيين والأصدقاء العرب والحلفاء الأمميين والآن وبعد مرور نصف قرن نرى قيادات أحزاب ( المجلسين ) بالرغم من امكانياتها المادية ودعم المانحين التي لاتقاس لماكان الوضع عليه سابقا تستجدي المشاركة ولو شكليا بلجنة لالون ولاطعم لها من أجل صياغة دستور على مقاس النظام ورغبات المحتلين .
فقط الوطنييون السورييون الصادقون من كل المكونات يستشعرون خطورة المخطط الذي ينفذ باسم لجنة صياغة الدستور باعتباره المعول الأخير لدفن طموحات مرحلة بأكملها أما أطراف المخطط من الكبار والصغار فيجمعها الهدف الرئيسي ولكل رغبته الخاصة فالنظام وهو الرابح الأول سيسوق لشرعيته ومرجعيته ولعدم حصول أية ثورة في سوريا وأن المتمردين جاؤوا اليه تائبين والائتلاف وأصحاب المنصات ( من جماعات الاسلام السياسي وصنوف القومويين واليسراويين وتجار الحرب وأزلام الأنظمة ) سيجدون في لعبة لجنة الدستور منفذا للهروب الى أمام والتهرب من أية مساءلة ومراجعة واعتذار على مااقترفوه من جريمة حرف الثورة وتصفيتها والمحتلون الذين هم من وضعوا المخطط سيعتبرون هذه اللعبة ضمن اطار إدارة الأزمة والتي ستطول فصولها بمثابة اعتراف بمصالحها السورية ومواقع نفوذها ووصايتها وسلامة وكلائها المعتمدين على الأرض .
وبهذا الشأن نشر الصديق الكاتب المبدع : حسن خالد شاتيلا مقالة في ( الحوار المتمدن ) تحت عنوان : ( السياسة التاريخية تدحض فلسفة اللجنة الدستورية ) وجاء في مقدمتها :
الدستوريُّون يبرِّرون الأمر الواقع إيديولويجا، ويرفضون سياسة التغيير الثوري التاريخية: المؤيِّدون للجنة الدستورية التي تجمع بين الإمبريالية وعملائها في الائتلاف والمجلس الوطني سيعلمون، هم وبعض الرفاق في اليسار القومي والشيوعي، أن هذا الدستور الذي يأتينا من الدول الأجنبية بمشاركة معارضة مزيَّفة لا علاقة لها بالمجتمع وطبقاته الشعبية، لن يلقى الموافقة الشعبية، وسيثور المجتمع في سورية ضد مؤلِّفيه من مثقفين يَعتبرون أنفسهم، باعتبارهم نخبة، ما فوق الآخرين، وسياسيين يبرِّرون عملياتهم السلطوية بالإيديولوجيات التي لا عمل لها سوى الخنوع للأمر الواقع. كلاهما يعتقد عن يقين ثابت أنه وحده كفرد هو الذي يملك الحقيقة، وأن عليه أن يدفن سياسة الرفض والتغيير التاريخية، ويخضع لسياسات إيديولوجية تبرر نظرية الأمر الواقع الليبرالية التي تناهض التغيير. هكذا دستور يخرج من سراديب الدبلوماسية الليبرالية باسم الأمر الواقع سيكرس للأمر الواقع على امتداد طويل من الفاشية السابقة على الدستور ومن ثم اللاحقة به. هذا الدستور سيهمِّش مرة أخرى مؤيِّديه طالما ينبذون التغيير الثوري، وذلك بعدما رمت بهم ثورة 15 آذار للمرة الأوى إلى الهامش عندما ركبهم الخوف والارتياب من هذه الثورة ..... .[1]