عنوان الكتاب: عفرين: خمس سنين حاجة ظلم ! دراسة استقصائية عن الانتهاكات ضد الكرد والايزيديين في شمال سوريا:
مؤسسة النشر: “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بالاشتراك مع منظمات “رابطة تآزر للضحايا” و“بيل- الأمواج المدنية” و “جمعية ليلون للضحايا“
تأريخ الأصدار: 2023
يستند هذا التقرير المشترك إلى تحليل 40 إفادة وشهادة جُمِعَت خلال أشهر آذار/مارس ونيسان/أبريل وأيار/مايو من عام 2023، حول انتهاكات جسمية لحقوق الإنسان وقعت في منطقة عفرين في أقصى شمال غربي البلاد.
تزامنت عمليات جمع الإفادات والشهادات من ضحايا وناجين/ات ومتضررين/ات من زلزال شباط/فبراير 2023، مع مرور خمس سنوات على خضوع المنطقة لسيطرة عسكرية مباشرة من قبل الجيش التركي إلى جانب فصائل سوريّة معارضة، وحدوث زلزال مدمّر، شهدت الاستجابة له انتهاكات واسعة ومتكررة أثناء وعقب تلك التدخلات.
بحسب الإفادات التي تمّ الحصول عليها لغرض هذا التقرير الموسع، فقد تورطت عدد من فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها تركيا، في الانتهاكات التي تم توثيقها، لكن أسماء فصائل معينة تكررت بشكل أكبر عن بقية الفصائل، منها؛ “فرقة الحمزة/الحمزات” و”فرقة السلطان مراد” و”فيلق الشام” و”الجبهة الشامية” و”جيش الشرقية” و”أحرار الشرقية” و”جيش النخبة – قطاع الشمال” و”فصيل نورالدين الزنكي” وجهاز “الشرطة العسكرية”. بالإضافة إلى جهاز “الاستخبارات التركية” المسؤول عن حالات تعذيب وسوء معاملة وإهانة.
وكشفت الإفادات والشهادات التي ينحدر أصحابها من معظم نواحي عفرين،[1] أن تهمة العمل مع مؤسسات “الإدارة الذاتية” التي كانت مسيطرة على المنطقة حتى عام 2018، والانتماء ل”حزب العمال الكردستاني”، كانتا ذريعتان أساسيتان لاعتقال وتعذيب العديد من السكان الكرد في المنطقة، إضافة إلى استخدامها حجّة للاستيلاء على ممتلكات بعضهم الآخر ومنعهم من العودة إلى منازلهم وأراضيهم.
من الأهمية بمكان الإشارة هنا، إلى أن تهمة العمل ضمن مؤسسات “الإدارة الذاتية”، أثناء فترة سيطرتها على المنطقة، قد تنسحب على نسبة كبيرة من سكان عفرين، ذلك أن الإدارة السابقة وعلى مدى سنوات سيطرتها، كانت سلطة أمر واقع، وكانت الخيار الوحيد للسكان للتعامل معها لتسيير مناحي وأمور حياتهم اليومية، سواء من أجل استحصال تراخيص أو أوراق ثبوتية أو الحصول على طبابة أو الدراسة والتدريس في المدارس والجامعات التي كانت موجودة في المنطقة أو الحصول على فرصة عمل ضمن مؤسساتها.
كما بينت إفادات أخرى، أن الاستيلاء على ممتلكات السكان الكرد إضافة إلى الاعتقال والتعذيب، لم ينحصر في الأشخاص الذين تمّ اتهامهم بالارتباط أو العمل مع الإدارة الذاتية، بل طال آخرين، كان بعضهم من المعارضين السياسيين للإدارة الذاتية نفسها. وبدا أن فصائل من “الجيش الوطني السوري” المعارض استخدمت أساليب تعذيب لإجبار المعتقلين على الإدلاء باعترافات عن أنفسهم أو أقاربهم وجيرانهم، وفق إفادات ضحايا اعتقال ومتضررين من الاستيلاء.
كان من جملة الشهادات التي تمّ جمعها لغرض إعداد هذا التقرير: 10 إفادات عن عمليات استيلاء فصائل من “الجيش الوطني” على مساكن وعقاراتٍ تعود ملكيتها لمدنيين في مدينة جنديرس وريفها، من بينها حالات تمّ فيها إسكان عوائل مقاتلين من الفصائل، أو تأجيرها لنازحين سوريين من مناطق أخرى، لكن زلزال ال6 من شباط/فبراير 2023 ألحق خسائر فادحة بالمدينة، وتسبب بأضرار لبعض هذه المساكن، إمّا بشكل كلي أو جزئي، لتتحول المتضررة جزئياً منها إلى مساكن شاغرة، بعد خمس سنوات من الاستيلاء عليها، فيما أزيل ركام المساكن المهدمة كلياً ولم يتبق منها غير محاضرها السكنية، وقد عبّر مهجرون قسراً من أصحاب هذه المساكن في إفاداتهم، عن خشيتهم من عملية إعادة استيلاء، قد تحدث هذه المرة، على محاضر عقاراتهم المتبقية بعد الزلزال بحجة التعافي المبكّر أو إعادة الإعمار، ما قد يفقدهم حقوق الملكية فيها إلى الأبد.
من جانب آخر، يوثق التقرير، عمليات استيلاء واسعة على ممتلكات من أتباع الديانة الايزيدية في المنطقة، شملت استيلاء على منازل وبساتين زيتون ومحال تجارية، جرى تحويل بعضها إلى مقار أو قواعد عسكرية، فيما تمّ إسكان بعضها بعوائل مقاتلين من الفصائل إلى جانب عوائل نازحة من مناطق سورية أخرى.[1]