سوريا: الحرب والسلام والكرد
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6000 - #21-09-2018# - 12:05
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
وقف الحرب والدمار بسوريا نفهمه بتوقف النظام وحلفاؤه وأعوانه من المحتلين والميليشيات عن قتل وتهجير السوريين وهو أمر مطلوب بالحاح أما تسييس ذلك واظهاره وكأنه انتصار لنظام الاستبداد ونجاح لروسيا وايران وحزب الله وتخطئة لأهداف الثورة السورية الوطنية بالتغيير الديموقراطي ونهاية للأزمة فهو باطل ولن ينطلي على أحد فسوريا مازالت تحت ظل الاستبداد ورحمة المحتلين فاقدة السيادة ونصف شعبها خارج البلاد وجروحها لم تلتئم والانقسام سائد بين الغالبية والحكام وكل ما تعقد من اتفاقيات وصفقات لن تكون شرعية وهكذا الحال بساحتنا الكردية فكل اتفاق بالسر والعلن بين كل من أحزاب سلطة الأمر الواقع و – الانكسي – وبين النظام أو أي طرف دولي – اقليمي لن يكون شرعيا ولامقبولا فقط المصدر الوحيد للشرعيتين القومية والوطنية وتقرير مصيرنا ومستقبلنا هو المؤتمر الوطني الكردي السوري الجامع .
معظم الأطراف تستند الى ذرائع واهية الى درجة أن وجود – داعش – و – القاعدة - في سوريا أصبح ضرورة حتمية حيوية للأطراف التالية : لنظام الاستبداد حتى يبرر استمراريته أمام العالم لروسيا حتى – تشرعن – احتلالها وتوسع نفوذها وتقضي على خصوم النظام لايران حتى تمضي في مخططها التوسعي المذهبي واضعاف السعودية لتركيا حتى تعزز نفوذها وتواصل احتلال عفرين وتواصل ابتزاز أوروبا للولايات المتحدة الأمريكية حتى تكون شريكة في القرار الى جانب الآخرين ولها حصة في الكعكة خصوصا في استحقاق اعادة الاعمار لأوروبا حتى تقنع النفس أن مواجهة – الارهاب – مستمرة في ساحة بعيدة عنها لاسرائيل حتى ( تبعد عن الشر وتغنيلو ) لقطر حتى يشتبك الآخرون وتنشغل دول الخليج ( فخار يكسر بعضو ) لجماعات - ب ك ك - حتى تواصل عسكرة المجتمع وتبرر سطوتها والجميع سيعملون على اعادة انتاج – داعش – حتى لو لم يبقى داعشي واحد أما الشعب السوري فليس له مصلحة لا في بقاء داعش ولا في وجود كل الأطراف السالفة الذكر .
والسؤال الآن هو : هل سيشكل الاتفاق الروسي – التركي حول ادلب بداية مرحلة جديدة في سوريا ؟ وحتى من دون معرفة التفاصيل الدقيقة للاتفاق وبنودها السرية فان السوريين جميعا تنفسوا الصعداء بعد وقف الخطر الداهم على الملايين من مواطنينا - الأدالبة – والمقيمين الوافدين وعندما تستحوز الاتفاقية على رضا الجميع من ( محتلين وأمريكان وأوروبيين ومعارضة وموالاة ) فذلك يعني أن هناك مراهنة على مستقبل حل يتقبله كل طرف حسب تفسيره ( ماعدا الطرف صاحب القضية وهو الشعب السوري ) فقد أعلن الرئيس الأمريكي على الفور عن قرب مغادرة قواته سوريا بعد انجاز القضاء على داعش وسيتخذ القرار بسرعة وقبل ذلك وافق الغرب على الخطوط العامة للحل الروسي بما في ذلك – اللامركزية - ولاشك أن موسكو وأنقرة هما المستفيدان الرئيسيان في الاتفاقية الأول لتأمين الدعم الدولي – الغربي لاحتلاله ومشاركته في الاعمار والثاني لضمان أمن حدوده خاصة وأن المنطقة العازلة والتي سيتولى جنوده أمنها تبدأ من خطوط تماس منطقة عفرين – نبل والزهرا .
فهناك وثيقة ( اميركية – فرنسية – بريطانية – سعودية – اردنية ) تقع في صفحتين، تحدد مستقبل الحل بسوريا سلمت الى المبعوث الدولي بجنيف قبل يومين وتتضمن : تخلي النظام عن الارهاب – ازالة اسلحة الدمار – قطع العلاقة مع طهران وميليشياتها – عدم تهديد الدول المجاورة – توفير اسباب عودة اللاجئين – وتستند على مبادىء : رعاية الامم المتحدة حسب القرار 2254 – اصلاحات دستورية – محاسبة وعدالة انتقالية – مصالحة وطنية جدية – حرمان مناطق النظام من الاعمار اذا لم يتحقق السلام – عملية سياسية وانتخابات – واعتبار اللجنة الدستورية هي المنوطة عبر الأمم المتحدة –ومشاركة كل السوريين بمافي ذلك السورييون في شمال سوريا – انهاء داعش- اصلاح القضاء – اشراف المدنيين على اصلاح قطاع الامن – اعتماد اللامركزية – انتخابات باشراف دولي .
ومافهمته بايجاز وقد أكون مخطئا ومع وجود بنود ايجابية صعبة التحقيق هناك سلبيات وهي : الابقاء على النظام وجميع مؤسساته الرئاسية والعسكرية والأمنية والحزبية والادارية واجراء تعديل على الدستور الراهن وليس صياغة دستور جديد وقبول اللامركزية كماهي في دستور النظام وعدم التطرق الى حقوق الكرد والمكونات القومية الأخرى وتجاهل مصير ادلب
المؤتمر الوطني السوري الجامع
يبدو هناك أكثر من مفهوم لموضوعة ( المؤتمر الوطني ) وكمثال يضع البعض جملة من الشروط والعوامل أقل مايقال عنها تعجيزية – مستحيلة لعقده فهناك فرق أن يسعى الوطنييون السورييون بأنفسهم لوضع اللبنة تلو الأخرى لانجاز البناء أو ننتظر لتوفر الأسباب وتقدم الينا على طبق من ذهب دون عناء وشتان بين الارادتين والنهجين والرؤيتين فالصديق يضع شروط موضوعية ! من ( رعاية دولية والفصل السابع ومخرجات جنيف وعقده بدولة لم تنخرط في القضية السورية وعدم التدخل في تفاصيله وتوفر ارادة دولية لعقده بالاضافة الى ارادة داخلية من وقف النار واطلاق سراح السجناء وصندوق مالي ومحكمة جنائية والاتفاق على شكل النظام السياسي والقواعد القانونية مع تفاصيل الدعوات والعدد الخ .......) مايطرحه صديقنا سبق وتبنته ( المعارضة ) السورية منذ ثمانية أعوام وبالرغم من كل أوجه الدعم من جانب أكثر من سبعين دولة ( أصدقاء الشعب السوري ) وماأنفقت من أموال فاقت الخمسة مليارات من الدولارات لم تتحقق خطوة واحدة نحو الأمام ثم اذا توفرت تلك الشروط وهي جميعها ستكون بفضل دعم خارجي فما الحاجة الى ( مؤتمر وطني ) بل لن يكون له دور أو كلمة هناك في الحالة السورية المشخصة حقيقة تؤكد على اندلاع ثورة وطنية سلمية تنشد الحرية والكرامة والتغيير الديموقراطي وبسبب تسلل وهيمنة الاسلام السياسي على المقاليد أجهضت الثورة وانقسمت وتلاشت ( المعارضة ) والآن الأنظار تتوجه الى ضرورة اجراء مراجعة بالعمق من جانب الوطنيين بمختلف ألوانهم وأطيافهم وخاصة الشباب والمستقلون والتوافق على اعادة بناء حركة نضالية جديدة تبدأ من الصفر وقد تدوم سنينا وعقودا وتواصل مسيرة الكفاح الوطني والمدخل الوحيد لذلك هو مؤتمر وطني جامع وانقاذي بمن حضر من ممثلي كل المكونات الوطنية لاستعادة الشرعية الوطنية ووضع البرامج والخططوانتخاب مجلس قيادي لمواجهة التحديات الماثلة .
أما انتظار نضوج العوامل الخارجية لصالح الشعب السوري حتى ينعقد ( المؤتمر الوطني ) والاستناد الى قوة وشرعية الخارج لبناء الداخل فنوع من الجنون لن ينتج المراهنة عليه سوى الندامة كما حصل مع قيادات – المعارضة – البائسة التي تتحمل المسؤولية الكاملة فيما حصل لشعبنا ووطننا وثورتنا وقضيتنا
من السهل جدا على أي فرد التهرب من المسؤولية كما يفعله مسؤولوا ( المعارضة ) الذين يرفضون الاعتراف بالأخطاء والاعتذار للشعب والنأي بالنفس عن المخاطر ( كما مارسه الكثيرون في الأعوام الأخيرة ) والتحجج بالأعذار الموضوعية منها والخيالية ووضع ( حزم ) من الشروط غير القابلة للتحقيق ولكن قضية الحرية واعادة بناء الأوطان أحوج ماتكون الى بذل الغالي والرخيص وتحمل المشقات ومواجهة حتى المستحيلات كما نفهمه من تاريخ نضال شعوب المنطقة والعالم وقد أكون شخصيا عاجزا عن تحمل مسؤوليات المواجهة في الحالة الراهنة حتى لاأتهم بالمزايدة أو شيئا من هذا القبيل فلدينا طاقات خلاقة وجيلا كاملا مستعدا لمواصلة النضال ولكن هذا هو السبيل الصحيح لانجاز مهام عقد المؤتمر الوطني المنشود .
في الحالة الكردية الخاصة
عودة الى حالتنا الكردية السورية وموقف الآخر( الوطني – الاقليمي – الدولي ) من قضيتنا القومية وحقوقنا المشروعة صحيح أنه خاضع لجملة من مبادىء الديموقراطية وحقوق الانسان والشعوب الاأنه وفي معظم الأحيان يتأثر بمدى صدقية وطبيعة وتاريخ القوى الكردية التي تتصدر المشهد ( كأمر واقع ) فعلى سبيل المثال عندما توضع جماعات – ب ك ك – السورية ( وجودا وآيديولوجيا وأصولا ) تحت مجهر ذلك الآخر فلن تكون النتيجة سوى الخذلان والتردد تجاه الحق الكردي وهكذا الحال وبشكل آخر تجاه أحزاب ( الأنكسي ) الفاشلة – الميتة سريريا والحل هو تصدر من يمثل حقا وحقيقة الغالبية الشعبية من الوطنيين المستقلين والشباب ومن هو كفؤ لقيادة المرحلة بصورة جماعية ( أصولا وطاقات ومشاريعا ) والمنتخب ديموقراطيا عبر المؤتمر الوطني الكردي السوري المصدر الوحيد للشرعيتين القومية والوطنية .
بكل اسف مازال الكثيرون من – كردنا السوريين - ينشرون وقائع الحدث وفق تمنياتهم ( الحزبوية ) وليس بشكل موضوعي حول الموقف الأمريكي بشأن الكرد السوريين أتحدث هؤلاء فسروا لقاء أحد القادة باقليم كردستان العراق مع مسؤول عسكري أمريكي معني بملفات محددة بالعراق وسورية ( وهو استمرار التنسيق بين الجانبين منذ عقود ) على أنه من أجل نقل ( بيشمةركة روز ) الى سوريا مضيفين : ان ( الأنكيسي ) سيلعب دورا هاما قريبا ويكاد يغيب عن أذهان هؤلاء أن الاتفاق السياسي يسبق العسكري والأول معدوم وأن الأمريكان على علم أن الحركة الكردية السورية متشرزمة ومتعددة الولاءات وهم يتعاملون هناك فقط مع من هم على الأرض أي جماعات – ب ك ك – من دون أن يتخلوا عن موقفهم السوري التقليدي ( تفاهم مع الروس وخطوط مع بعض المعارضة ورغبة في اعادة الجسور مع تركيا والحفاظ على أمن اسرائيل ومشاركة في الاعمار وتمسك باللامركزية ) ثم أن ( بيشمةركة روز ) لايتبع لأي حزب أو مجلس كردي سوري انه جزء من من منظومة بيشمةركة كردستان العراق وأحد أعمدة استراتيجية الأمن القومي هناك وحتى لو اندرج موضوعهم بالمحادثات فهو دليل على أن الأشقاء هم المعنييون بهم وليس مايسمى با ( الأنكسي ) نكرر مجددا أن كل الأطراف الوطنية والاقليمية والدولية وحتى الكردستانية ستستمر في استثمار ورقة كرد سوريا ماداموا على هذه الحالة ولذلك نعتقد أن ضرورات عقد المؤتمر الكردي السوري الانقاذي الجامع تتضاعف يوما بعد يوم .
وكمثال آخر في مجال مبالغات وأضاليل الأحزاب قالت السيدة مسؤولة – ب ي د - : قدمنا آلاف الشهداء من أجل وحدة الأراضي السورية والجواب : منذ ظهوركم على الساحة السورية حاربتم : 1 – الثورة والمعارضة وهم لم يكونوا بصدد تقسيم الأرض والشعب بل تغيير النظام 2 – واجهتم كل الأطراف الكردية السورية المخالفة لكم والجميع لم يكونوا مع التقسيم 3 – حاربتم بيشمةركة اقليم كردستان العراق في شنكال ومناطق أخرى والاقليم لم يهدد يوما وحدة الأراضي السورية 4 – حاربتم – داعش – مثل الآخرين : ( المعارضة السورية – النظام السوري – روسيا – أمريكا – تركيا – العراق – اقليم كردستان – التحالف الدولي وحتى ايران ) ليس من أجل وحدة الأر اضي السورية فداعش كانت تسعى الى حكم البلد موحدا وتطبيق شريعتها “ ناوشتم “ تركيا وهي من أشد المدافعين عن وحدة سوريا حتى لايكون تقسيم سوريا سابقة …..شهادة للتاريخ قدمتم التضحيات من أجل سوريا الأسد .
في الظروف الراهنة وحتى على المدى المتوسط والأبعد لن تتحقق الشروط التي تطرح من جانب البعض من أجل عقد ( المؤتمر الوطني الكردي ) وانني شخصيا لست في عجلة من أمري ولكن نحن أمام خيارين : اما الانتظار وهو أسهل الطرق أو التصدي حسب الإمكان أي محاولة العمل على توفير أسباب عقد مؤتمر وطني كردي سوري يشارك فيه اضافة الى الوطنيين المستقلين والشباب من يؤمن بضرورة المراجعة وبالحقوق الكردية المشروعة وبأهداف الثورة في التغيير وقد تتمخض عن ذلك المؤتمر حركة سياسية تبدأ رحلة الألف ميل بخطوة على الطريق الصحيح طبعا لابد من التمهيد بمناقشة بالعمق لمشروع– بزاف - ولاشك من الأفضل والأنجح مشاركة الجميع وان تعذر فقسم من الجميع وهذه سنة الحياة السياسية في جواز تحقيق الممكن.
[1]