في مناقشة مهام انقاذ - عفرين -
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 5824 - #23-03-2018# - 19:56
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
منذ مايقارب العقدين وتحديدا في شهر آذار الدامي من عام 2004 أصبح السيستيم الحزبي في الحركة الوطنية الكردية أمام طريق مسدود في ظل جمود الأحزاب وانهيارها التنظيمي وانقساماتها وتعرضها للاختراقات الأمنية خصوصا في عهد اللواء – محمد منصورة – ( قائد فيلق شق اليسار القومي الديموقراطي ) وبسبب تخلفه عن عملية التجديد والتغيير بدأ – السيستيم - يعاني أزمة بنوية عميقة في الفكر والسياسات والقيادة وفي الحالة المرضية تلك وقبل ظهور البديل الوطني الديموقراطي المدروس بالوسط الشعبي اندلعت الانتفاضة السورية وفاجأت كل الأحزاب الكردية ولأنها كانت عاجزة ذاتيا وفاقدة لارادة القرار سلمت أمرها أو بعبارة أدق ( استسلمت ) للخارج الكردي السوري وتحديدا للعمق الكردستاني في الشمال والشرق .
قيادة – حزب العمال الكردستاني – التركي ب ك ك في قنديل – كانت أسرع في التحرك أولا لفراغ الساحة الكردية السورية وفشل أحزابها كما ذكرنا وثانيا لتجربتها التفاعلية السابقة مع نظام الأسد الأب والذي ساعد في التحاق الآلاف من الشباب الكردي السوري رجالا ونساء الى صفوف حزب – أوجلان – والذين مهدوا السبيل بداية للحضور الأوجلاني وثالثا لعلاقتها الوثيقة مع نظام طهران ورابعا لأنه ( شبه لها ) أنها يمكن أن تسيطر ليس على كل المناطق الكردية بل وصولا الى دمشق وتؤسس في شمال سوريا وشرقها ومن – ديريك الى شواطىء البحر الأبيض المتوسط ( ب ك ك لاند ) وأولا وآخرا وبعد الفشل في مركز عملها الرئيسي المفترض وأقصد كردستان تركيا في كل من كفاحها المسلح المزعوم للتحرير وفي العملية السياسية التفاوضية المعروفة بحوارات هاكان – أوجلان اعتبرت أن الهروب الى أقصى الأمام بمثابة طوق النجاة لها .
المجلس الوطني الكردي السوري أيضا كان حلا من الخارج بموافقة أوساط النظام واشراف مباشر من اللواء ( محمد ناصيف ) ومؤسسه الحقيقي وراعيه ومانحه الأول كان الراحل جلال الطالباني الذي مهد له في – القرداحة – بنفس التوقيت الذي توسط فيه بين نظام الأسد وقيادة قنديل وكان العنوان الأبرز في كل تلك المساعي ( الطلبانية ) عزل الكرد السوريين عن الحركة الوطنية السورية وعن الثورة خاصة وأن المومى اليه لم يكن يأخذ في كل حياته السياسية الشعب الكردي السوري وحركته محمل الجد وكانت علاقاته مع آل الأسد أهم من كل القضية الكردية حيث أعلن عن ( اتحاده الوطني الكردستاني ) عام 1975 من دمشق واتخذها قاعدة لمحاربة نهج البارزاني كما لم يألو جهدا في شق الأحزاب الكردية وشراء الذمم عبر مكتبه بالعاصمة السورية .
وللأمانة التاريخية لم يكن البعد القومي كله وبالا وشرا فقد استقبل اقليم كردستان العراق أكثر من ثلاثمائة ألف مهجر من عوائل الكرد السوريين معززين مكرمين كما بذل الأخ الرئيس مسعود بارزاني جهودا كبيرة من أجل توحيد الصفوف وأشرف شخصيا على اتفاقيات أربيل 1 و 2 ودهوك 1 بين أحزاب ( المجلسين ) والتي لم تر النور وهذا ماأضاف دليلا جوهريا آخر على انتهاء دور – السيستيم – الحزبي وفشله في امتحان حمل المشروع القومي والوطني والحاق الأذى بالكرد وقضاياهم والى جانب قناعتنا الراسخة في حرص رئاسة الاقليم على سلامة ومصالح شعبنا هناك العديد من الملاحظات على ادارة ملف الكرد السوريين وأولها تجاهل الوطنيين المستقليين من الغالبية الساحقة والرهان على الأحزاب التي قال عنها الرئيس مسعود بارزاني ولأكثر من مرة وعبر الفضائيات أنها غير معلومة الأهداف لامع الثورة ولامع النظام والشعب حائر .. .
السبيل الى انقاذ عفرين
كان لابد من تلك المقدمة حتى يكون المشهد أكثر وضوحا من جهة أن الطرفين الحزبيين ( مجلس غرب كردستان والمجلس الوطني ) أخفقا الأول في ادارة سلطة الأمر الواقع بعد السيطرة عليها بقوة السلاح وتشتيت الشمل الكردي وخلق واثارة العداء مع شركاء الوطن من العرب والمكونات الأخرى واضاعة المنطقة الأهم وهي عفرين والثاني في مسؤولية تمهيد الأرضية لتمدد الأول والعجز عن الحلول محله كبديل عندما حاول ذلك والفشل في ممارسة المعارضة الحقيقية وتأليب الجماهير وكسب الوسط الشعبي وبنهاية الأمر خسر الطرفان الرهان لاحكاما جيدين ولامعارضات مبدعة فعالة .
ولايخفى أن النخب الوطنية الكردية المستقلة كانت تخشى على مصيرعفرين ومنطقتها منذ أكثر من عام خاصة بعد انخراط أصحاب القرار في سلطات الأمر الواقع بأكثر من صفقة سرية مع أكثر من جهة اقليمية ودولية اضافة الى النظام واستحضارهم أدوات وأسباب الحرب ضد تركيا الباحثة عن ذريعة والآن وبعد خروج ( ولانقول هزيمة ) كل مسميات – ب ك ك – من ادارات ومسلحين وقيادات وأمن وبقاء المنطقة تحت رحمة الاحتلال التركي لابد من التفكير مليا والبحث عن مخارج من جانب كل الوطنيين الذين يريدون الخير لشعبنا وأهلنا هناك لقد تسبب – ب ك ك – في مأساة عفرين وهو غير قادر على حلها وبالرغم من عدم مسؤولية الآخرين عنها الا أن الواجب يقضي بمساهمة الجميع في معالجتها بالتالي كما أرى:
اولا – العمل الانقاذي من خلال أهل منطقة عفرين في الداخل والخارج وعبر نشطاء المجتمع المدني من النساء والرجال من دون ابعاد أحد لأسباب قومية أو سياسية أو خلافهما وفي اطار المؤتمرات واللقاءات والانتخابات الديموقراطية واختيار ذوي الكفاءة المعروفين بالوطنية الصادقة والنزاهة .
ثانيا – أزمة عفرين بمثابة كارثة ذات شقين : الأول صفته القومية باعتبار الغالبية الساحقة من أهل المنطقة تنتمي الى القومية الكردية ومن أوصلها الى هذه الحالة هم محسوبون على حزب كردي اشكالي له عداوات مع معظم أطراف الحركة الكردية في سوريا وخارجها وهذا يطرح مسؤولية عامة على عاتق الكرد السوريين للمساهمة في دعم واسناد اللجان والهيئات المنتخبة والمنبثقة عن الاجماع والتوافق وجميع أشقائهم في ( جيايي كرمينج ) من دون التدخل في الأمور التفصيلية .
والشق الثاني له الصفة الوطنية فعفرين ومنطقتها جزء من سوريا وساهمت في الثورة والمعارضة وقدمت الشهداء رغم أنها كانت ضحية لسلطات مفروضة مثل غيرها من المناطق لفترات زمنية محدودة ولاتستحق أي مساس بكبريائها من جانب مسلحين تقمصوا وضعية ( الجيش الحر ) والحفاظ على خصوصيتها وأمنها وسلامتها ومساعدة اللجان المنتخبة من أهلها في ادارة شؤونها والعمل سوية حتى لاتعود سلطة نظام الاستبداد وتعاون الجميع في عودة الأهالي وصيانة ممتلكاتهم .
ثالثا – بغض النظر عن وجاهة أسباب تركيا في الاحتلال من عدمها فقد نختلف أو نتفق حولها فانها وسائر الاحتلالات من روسية وايرانية وميليشياوية مذهبية غريبة لايمكنها البقاء وتحمل تبعات احتلال بلد آخر فما عليها الا الانسحاب بعد استتاب الأمن وبعد أن يدير أهل عفرين ومنطقتها شؤونهم بأنفسهم ومن الأجدر بالدولة التركية الانشغال في حل قضية كردها والعودة الى الحوار وعادة الحياة الى العملية السياسية التي بدأت منذ أعوام وتوقفت .
رابعا – أهلنا في عفرين ومنطقتها أدرى بشؤونهم الخاصة المحلية ومن واجبهم وحقهم البحث عن جميع السبل الكفيلة بحمايتهم وأمنهم ومستقبلهم وعودة مهجريهم بأسرع وقت وعدم مغادرة مناطقهم الى أخرى ليست أكثر أمانا اضافة الى مخاطر التفريغ وتغيير التركيب الديموغرافي في زمن بات الاحتراب العنصري والمذهبي سيد الموقف في بلادنا ملاحظة أخيرة حول ضرورة الاستفادة من دروس اخفاقات الأحزاب الكردية وتسببها المآسي والويلات وعدم تكرارها مرة أخرى في الساحة العفرينية خاصة مايتعلق الأمر بسابقة ( التسليم والاستلام ) بكل شروطها المذلة التي تبرم عادة بين أطراف سائدة وأخرى حزبية.
[1]