الكرد في مواجهة ارهاب أنظمة الاسلام السياسي
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 5665 - #10-10-2017# - 15:54
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
صدر لي كتاب نشرته مؤسسة – كاوا للثقافة الكردية - في أربيل قبل نحو اثني عشر عاما تحت عنوان الكرد بين ارهاب : الدولة القومية والاسلام السياسي تضمن طرحا مفصلا للمواقف الشوفينية القومية تجاه الحقوق المشروعة للشعب الكردي من نظام كمال أتاتورك وظهور الدولة القومية التركية والأنطمة القومية الفارسية في ايران خلال عهود الشاهنشاهية المستندة الى أمجاد فارس والبان ايرانيزم وانتهاء بنظامي حزب البعث الشمولي في كل من العراق وسوريا القائم على نظرية التفوق العنصري من المحيط الى الخليج والرسالة الخالدة ومقولة كل من يتكلم العربية فهو عربي كما جاء في الكتاب أيضا تشخيص لرؤا جماعات الاسلام السياسي في الحكم وخارجه وسياساتها المتسمة بالعنصرية والانكار تجاه حق تقرير مصير الشعب الكردي وكان من جملة الاستنتاجات التي خلص اليه الكاتب الجذور المشتركة الفكرية والثقافية ذات الطابع الشمولي لكل من الحركات القومية الشوفينية وجماعات الاسلام السياسي وقد أثبتت الأحداث والمجريات خلال العقد الأخير في معمعة الصراع باسم الحضارات والأديان صحة تلك الاستنتاجات عندما أضاف صدام حسين عبارة ألله أكبر الى علمه البعثي وتحالف الأسد البعثي ( العلماني ! ) مع اسلاميي ( ولاية الفقيه ) وارتماء أردوغان الاخواني في حضن الخميني والروسي وظهر أن الطرفين المتمظهرين زورا بالدين والدنيا لايختلفان حول التلون بأية أشكال عندما يتعلق الأمر بضرب الديموقراطية وانتهاك حقوق الانسان والتمسك القسري بالسلطة ورفض الآخر المختلف قوميا ودينيا ومذهبيا خاصة اذا كان ذلك المختلف كرديا موزعا من دون ارادته أرضا وشعبا وقضية بين دول تركيا وايران والعراق وسوريا .
عندما انتزع قائد ثورة ايلول الزعيم مصطفى بارزاني الحكم الذاتي في آذار 1970 كانت الدول المجاورة للعراق تقودها قوى وأحزاب قومية يمينية لم تكن راضية عن ذلك الحدث الكبير ولكنها قبلت على مضض حيث الظروف الدولية كانت مختلفة وموازين القوى بين الشرق والغرب لم تكن تسمح لأية حماقات عدوانية حصل ذلك في أواخر القرن العشرين والآن ونحن على وشك توديع مرور عقدين من القرن الواحد والعشرين الجديد من الملفت تزامن اجراء استفتاء تقرير المصير بكردستان العراق مع وجود نظامي حكم في كل من تركيا وايران يتبعان لجماعات الاسلام السياسي السني والشيعي وحكومتين في كل من العراق وسوريا تحت نفوذ نظام ولاية الفقيه بشكل عام مما يضع الحركة الوطنية الكردية في العراق والمنطقة وجها لوجه أمام عناد وارهاب الاسلام السياسي بشقيه وفكره الشمولي وآيديولوجيته القومية العنصرية المغلفة بالدين والمذهب وليس سرا أن المتشددين من النخبة العراقية الآن الذين يدقون طبول الحرب ويستحضرون القوى الأجنبية ويحرضونها على شعب كردستان هم بغالبيتهم الساحقة من بقايا بعثيي نظام البعث المقبور .
ليس من باب التباهي القول أنه وبالرغم من كل النواقص والمآخذ على أداء الحركة التحررية الوطنية في المنطقة فانها تكاد تكون الوحيدة بين حركات شعوب المنطقة الوطنية والديموقراطية التي مازات تتمتع بنوع من التماسك والالتزام بالمبادىء والأهداف التحررية الأصيلة في حق تقرير مصائر الشعوب واحترام الآخر القومي والديني والمذهبي ومواجهة الارهاب بكل قوة والتمسك بالتعايش القومي والتسامح واحترام حقوق المرأة وهي الحركة الوحيدة بالمنطقة التي تخلو مراكز القرار فيها من جماعات الاسلام السياسي وتبعاتها الآيديولوجية وسمومها المثيرة للفتن والصراعات الجانبية والمشهد الراهن في اقليم كردستان العراق يؤكد على ماذهبنا اليه فهو المكان الوحيد للتعايش في العراق الذي احتضن نازحي ومهجري الأقوام والأديان والمذاهب من شمال ووسط وجنوب العراق وقبل ذلك كان قد شهد ممارسة التركمان والمسيحيين ( الكلدان – السريان – الآشوريين ) والأرمن والعرب حقوقهم التي صانها مشروع دستور الاقليم وقوانينه بما في ذلك المشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية وعند انتهاء عملية الاستفتاء التي شارك فيه الجميع صدرت وثيقة تاريخية تؤكد على أن دولة كردستان المنشودة ستكون فدرالية والمقصود مكونات الاقليم القومية والأثنية وبالأخص التركمان والمسيحيين أي أن المكان الوحيد في الشرق الأوسط المبتلية بالحروب والارهاب الديني والصراعات والشوفينية لحل القضايا القومية ديموقراطيا وحماية الأديان والمذاهب على الأقل في المديين الراهن والمنظور هو كردستان العراق .
تؤكد مواقف النخب الحاكمة في الدول الأربع وفي أنظمتها وحكوماتها ( الولي الفقيه – حزب العدالة الاخواني – حزب الدعوة المذهبي – بعث الأسد لصاحبه الايراني ) الأخيرة التصعيدية تجاه شعب كردستان العراق على أنها بصدد التراخي تجاه داعش وأخواته خصوصا في العراق والتشديد تجاه من كان له فضل السبق لدحر داعش وأقصد بيشمركة كردستان وهذا يعني أمرين : الأول أن الاستمرار في مواجهة داعش ليس من الأولويات والثاني صحة الدلائل والقرائن في مشاركة تلك النخب الحاكمة في خلق واستحضار داعش خصوصا نظاما ايران وسوريا وزعيم حزب الدعوة نوري المالكي الذي سلم الموصل وأسلحة وذخائر أربعة فرق عسكرية من دون قتال وكذلك الاتهامات الموجهة الى تركيا كممر لقدوم مسلحي التنظيمات الارهابية .
ماتجري من تطورات وماتتراءى من تبدلات في التحالفات على الصعيدين المحلي والاقليمي وما تظهر من مخاطر جدية ضد الشعب الكردي في سائر أرجاء المنطقة تتطلب اعادة النظر ومراجعة المواقف والسياسات من جانب كل القوى الوطنية الكردية والتيارات والأطياف في كل مكان وخصوصا في العراق وسوريا التي تبدو ساحتيهما مكانا للصراعات القادمة وليس سورييو الثورة والتغيير بمعزل عن ضرورات المراجعة خاصة وأن أعداء الحركة الوطنية الكردية بالمنطقة هم نفسهم أعداء الثورة السورية ومؤيدون لنظام الاستبداد فنحن السورييون كردا وعربا ومكونات أخرى بأمس الحاجة الى التهيء لماهو قادم بتعميق الحوار والتواصل واعادة النظر في كل السياسات الراهنة ومازال الحل يكمن في ماطرحناه منذ أعوام وهو اللجوء الى الشعب عبر عقد المؤتمرات الوطنية الجامعة لوضع البرامج الجديدة واختيار القيادات الكفوءة وسلوك السياسات الصائبة .
ولاشك أن المدخل الى كل ذلك هو الوقوف مسبقا من دون تردد و( ولكن ) الى جانب ارادة شعب كردستان العراق في حقه بتقرير مصيره بنفسه والتنديد بكل تهديدات وارهاب منظومات الاسلام السياسي الحاكمة منها والميليشياوية .
[1]