المعوقات الراهنة لحل القضية الكردية في تركيا
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 4910 - #30-08-2015# - 22:18
المحور: القضية الكردية
منذ عدة سنوات وفي ظل حكومة حزب العدالة والتنمية بدأت عملية سياسية لتحقيق السلام التركي – الكردي ووضع النهاية للمواجهات العسكرية التي راحت ضحيتها عشرات الآلاف من الأرواح واذا كان الحوار بدأ سرا بين مندوبي جهاز الأمن التركي – ميت – وممثلي حزب العمال الكردستاني – ب ك ك - في البداية ببلدان أوروبية ثم انتقل مباشرة مع رئيس الحزب – عبدالله أوجلان – وهو في سجنه وتمخض عن كل ذلك ماسمي بوثيقة ( هاكان– أوجلان ) نسبة الى رئيسي – الميت – و ب ك ك - التي وضعت المبادىء الأساسية للاتفاق المتضمنة لوقف القتال وترك السلاح وعودة المقاتلين الى ديارهم وأعمالهم المعتادة ماعدا الذين عليهم دعاوى جرمية سيحالون الى القضاء واستمرار الحوار السلمي لحل مختلف القضايا بما في ذلك تحسين ظروف وأحوال المناطق الشرقية ( كردستان ) وتحقيق الديموقراطية والمشاركة .
هناك حقائق لابد ذكرها وأولها الدور البارز لحكومة اقليم كردستان العراق في حض الطرفين على الحوار والتوسط بين الجانبين أكثر من مرة وتقديم التسهيلات اللازمة لتواصل الوفود وتبادل الرسائل بين كل من أنقرة و- ايمرلي - ومركز – قنديل – وذلك من منطلق الحرص على قضية الشعب الكردي في تركيا وصيانة مصالح الأطراف بما فيها مصالح شعب اقليم كردستان العراق خاصة بما يتعلق بمسألة عودة آلاف المسلحين المقيمين في مناطق شاسعة زراعية وجبلية واستراتيجية من أراضي الاقليم الى ديارهم واعادة الحياة المدنية الاعتيادية الى مئات القرى والبلدات التي نزح منها أهلها من الفلاحين والقرويين بصورة اضطرارية ومواصلة العلاقات التجارية المزدهرة مع تركيا كممر أساسي للتبادل التجاري مع أوروبا وانتقال الأفراد .
وثانيها أن تحقيق السلام التركي – الكردي من شأنه ابعاد – ب ك ك – عن التورط بصراعات داخلية محلية وزج نفسه في قضايا داخلية تمس أمن وسلامة اقليم كردستان حيث هو المركز الكردي القومي الوحيد الذي تحقق فيه شيء على الأرض من انجازات الفدرالية والتنمية والبناء وخوض تجربة ديموقراطية فتية وانفتاح على العالم الخارجي الى جانب محاذير استخدام – ب ك ك خاصة قيادته في – قنديل – المقربة الى نظام ايران الى حدود الموالاة كمخلب قط من جانب أعداء الكرد في الجوار للاجهاز على المكتسبات وضرب التجربة الوليدة .
وثالثها كان ومازال تحقيق السلام الحقيقي بمثابة انتصار للشعبين التركي والكردي وكل شعوب تركيا ورغبة جامحة لدى الطبقات الرأسمالية الصناعية للانخراط في عملية اعادة بناء البنية التحتية من جديد في مناطق كردستان عبر المشاريع الاستثمارية الضخمة بعد عقود من حرمان المنطقة وقبل هذا وذاك فان ذلك كان سيحسب نصرا مؤزرا لحزب أردوغان الذي كان أول المبادرين في كل تاريخ تركيا الحديث لايجاد حلول سلمية عبر الحوار ولاشك أن – ب ك ك – كان سيحصد كل الانتصارات في الجانب الكردي .
وهنا لابد من التميز بين أمرين حول التعامل مع القضايا الكبرى بوزن القضية الكردية في تركيا : الأول بالتعامل التكتيكي الوقتي في اطار ادارة الأزمة وليس حلها والثاني باتخاذ الخطوات الكفيلة للحل الجذري والتهيئة الفكرية والثقافية والسياسية ووضع البرنامج الاستراتيجي لايجاد الحل الحاسم التاريخي بما في ذلك قبول التنازلات المتبادلة على قاعدة التوافق الوطني .
بنظرة سريعة الى وثيقة ( هاكان – أوجلان ) بالرغم من اختراقها لقواعد اللعبة والمسلمات في تركيا لايمكن اعتبارها أساسا سليما لحل القضية الكردية في تركيا بل أنها لاتتطرق من قريب أو بعيد الى جوهر المسألة ناهيك عن تعريف الحقوق القومية وحدودها وشكلها وكما أرى فان اللغط هنا يعود الى طبيعة الطرفين المتحاورين وقصورهما في فهم وتفهم القضية وبالتالي عجزهما عن تمثيل كل من الارادة الشعبية الكردية والرأي العام التركي والمصالح العليا لتركيا تعددية تشاركية ديموقراطية .
الطرف التركي يمثل حزبا من أحزاب الاسلام السياسي وبالرغم من تقدمه على منطق حركات الاخوان المسلمين في المنطقة خاصة وأنه يتقبل العمل كحكومة في ظل الالتزام بمبادىء الدولة العلمانية الا أن الاسلام السياسي لايحمل ارثا تاريخيا ولاتجربة مشجعة في حل المسألة القومية أما الطرف الكردي المتمثل في – ب ك ك – فهو حزب ذو نزعة فاشية عسكريتارية مدان من الولايات المتحدة وأوروبا بالارهاب قريب الى حدود الموالاة لمحور طهران – دمشق والأخطر من كل ذلك أنه لايحمل برنامجا واضحا في حل القضية الكردية الى درجة أنه يرفض مقولة ( حق تقرير مصير الشعوب ) ويستعيض عنها بمصطلح لالون ولاطعم له وهي ( الأمة الديموقراطية ) المبهمة .
لذلك لايمكن انتظار نتائج ايجابية في حوار هذين الحزبين بشأن قضية كرد تركيا حتى الخطوة الأولى أي وقف اطلاق النار لم تتحقق ولن تكون مضمونة في ظل عدم حسم الحزب الحاكم التركي موقفه المناسب حول القضية والرفض القاطع لحزبي المعارضة الرئيسيين ( MHP ) و ( CHP ) لأي حوار مع الكرد أو اعتراف بحقوقهم الى جانب التناقض الحاصل بين مراكز (ايمرلي ودياربكر وقنديل ) حيث الأخير الذي يقود المسلحين يأتمر بأوامر ايران ونظام الأسد في ضرب أي توجه للسلام في خضم الصراع الاقليمي المذهبي والسياسي.[1]