الكرد ومسألة التوازن بين القومي والوطني
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3443 - #31-07-2011# - 11:50
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
وصفت وكالات الأنباء العالمية - رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية وأسيوشيتد برس انترناسيونال –
الحالة في المناطق الكردية السورية يوم - جمعة صمتكم يقتلنا – بالانقسام بين الأكراد وقيام الشباب المشاركين بفض التظاهرات التي قامت في عدد من المدن الكردية بعدما رفع متظاهرون ينتمون الى حزب العمال الكردستاني أعلاما كردية وصورا وشعارات للحزب وزعيمه عبد الله أوجلان وكانت تنسيقيات ومجموعات الشباب الكرد في القامشلي وعامودا والدرباسية وكوباني ومدنا وبلدات أخرى قد أصدرت بيانات وتصريحات صحافية حملت المجموعة التابعة لحزب العمال التي تسمى بالاتحاد الديموقراطي واختصارا ( ب ي د ) المسؤولية الكاملة بفض التظاهرات في غير توقيتها المعهود والخروج على الاجماع القومي والاستعداد باصرار لاثارة الفتنة والانقسام حتى لو أدى الى التصادمات مع المنسقيات الشبابية التي تقوم بواجباتها الوطنية جنبا الى جنب كافة التنسيقيات المحلية في مختلف المناطق السورية بالتعاون والتنسيق والتي ترفض أي احتكاك مع أية مجموعة تختلف معها في الرأي والموقف أو أية اساءة الى وحدة الصف الكردي والوطني مهما بلغت الاستفزازات وتدعو الى تعزيز التعاون والتضامن المشترك بين الطيف الكردي والأطياف الأخرى المتعايشة من عرب وآشوريين وتركمان .
جذور الخلاف بين المعلن والمستور
اذا أخذنا بظواهر الخلاف وعلى أية مسألة كانت أعلاما وشعارات وهتافات وصورا فلابد لجميع الأطراف الالتزام برأي الغالبية التي تجسد موقف شباب الانتفاضة الذين كانوا السباقين ومنذ الشهر الأول في تسيير التظاهرات السلمية في مختلف المناطق الكردية بأداء رفيع المستوى وبشعار رئيسي وطني عام وهو اسقاط النظام أما وأن التحق الآخرون وخاصة – ب ي د – وأحزاب أخرى بعد مرور أشهر على الانتفاضة وفي وضع اشكالي مثير للشكوك تحت ظروف صفقة بين مركز حزب العمال والنظام السوري تعيد المشهد السابق الذي استمر لأكثر من عقدين عندما كان السيد أوجلان بدمشق منخرطا في مشروع نظام حافظ الأسد حول الجوار السوري وبالخصوص تركيا والعراق وايران وفي القلب منه القضية الكردية نقول أن الفرع السوري لحزب العمال لم يحسم أمره تجاه الشعار الوطني : اسقاط النظام ومشاركته بالتظاهرات بدأت بصورة رمزية وبشعارات لاتمت بصلة الى الشعارات المعمولة بها على المستوى الوطني وفي أيام أخرى غير الجمعة ثم بدأ مؤخرا بتجميع أعوانه أيام الجمعة من دون أي اتفاق أو تعاون مع تنسيقيات الشباب بابراز صور واعلام خاصة به وهو أمر بغاية الخطورة عندما يكون موجها ضد ترتيبات وتحضيرات وتكتيكات الشباب في ظروف المواجهة مع أجهزة النظام وشبيحته وأعوانه الباحثين عن أية ثغرة في صفوف المعارضة مهما كانت متواضعة واذا كان الأمر يتعلق باجتهادات سياسية فلابد من القول أن الحركة الكردية تخضع لوقائع ومعادلات تنظم التوازن بين القومي والوطني فالانتفاضة وطنية سورية عامة وليست قومية كردية وستحمل شئنا أم أبينا خطاب العام السوري وتتعامل مع وقائع وحقائق دستورية مازالت سارية ولكن قيد التغيير وغير مقبولة لدى الكثيرين قوى وجماعات وفئات مثل العلم السوري واسم البلاد والدستور وهذا العام معروف بغالبيته العربية الساحقة خاصة اذا علمنا أن هناك توافق على أولوية مهمة اسقاط النظام شعاراتا وخطابا وموقفا كمرحلة أولى مفتاحية تليها مرحلة الصراع السياسي بهدف اعادة بناء الدولة من جديد على أساس تعددي حديث .
ليس مفيدا البتة ومن غير المقبول أبدا رفع صور أناس غير معنيين الآن بالحالة الانتفاضية السورية اذا توفر أدنى درجات الحرص على التوافق الكردي – الكردي فماذا يعني ابراز صور السيد أوجلان وعلم حزبه هل لأنه مرشح لتولي رئاسة سوريا ؟ انني شخصيا أتعاطف معه مادام في قبضة الشوفينيين ولكن هل على شعبنا أن يكافىء من أنكر عليه وجوده التاريخي وطالب برحيله الى الشمال وحارب حركته السياسية بالتعاون مع أجهزة النظام ؟ غالبية شعبنا الكردي السوري يشعر بصلة روحية مع الزعيم الراحل مصطفى البارزاني ولم يرفع أحد صوره في التظاهرات حيث لكل مقام مقال كما يقال فالشباب الكردي السوري المنتفض ضد النظام عبر تنظيماته وتنسيقياته قرر الشهادة من أجل سوريا ديموقراطية حرة تحقق طموحاته وتلبي حقوقه أليس هذا الانسان أغلى من قطعة قماش أليس الأفضل أن يتم ابراز الألوان والشعارات الكردية وباللغة الكردية بالتنسيق مع الشركاء الآخرين من عرب وغيرهم في الانتفاضة السورية الى جانب التزين بألوان الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض من جانب فتيتنا وصبايانا في كل المناسبات القومية في نوروز وغيرها وكذلك في المناسبات الوطنية السورية من المعروف أن الأعلام تخص الدول المستقلة وليس الآن على الساحة السورية دولة كردية مستقلة و ( ب ي د ) لم يطالب بها الآن بل أن حزبهم الأم وطوال فترة اقامة زعيمه في ظل نظام البعث لم تكن قضية كرد سوريا في جدول أعماله فلماذا اذا التشبث برفع علم في غير موضعه ولم تتوفر الموجبات الواقعية لنقله من القلوب الى فضاءات الوطن ومن الأحلام الى الوقع تيمنا بمبدأ حق تقرير المصير الذي يستحقه شعبنا هل مرد ذلك فكر سياسي ثاقب أم حرص على القضية أم تلاعب بالمشاعر ينضح بالمزايدة واللامسؤولية هذا اذا نظرنا الى الموضوع بطيب نية .
كل الدلائل تشير الى وجود نيات مبيتة لدى قادة – ب ك ك – ( ولديها سوابق في هذا المجال ) تجاه انتفاضة الشعب السوري منذ عقد الصفقة مع النظام التي انكشفت تفاصيلها وهناك معلومات أن الضغط العسكري الايراني الذي قد يطال – قنديل – يهدف الى التزام – ب ك ك – بشكل كامل بوعده حول الساحة السورية وهنا أرى أن الاخوة في – ب ي د – من الكرد السوريين غير مجبرين على تنفيذ أجندة الآخرين ومن واجبهم القومي والوطني عدم اثارة القلاقل لانتفاضة الشباب والابتعاد عن مخطط النظام السوري الذي يهدف جزء منه الى استخدام الكرد ضد الكرد حيث وصف ناشطون وحقوقيون سوريون ب «سباق مع الزمن» تخوضه قوى الامن والجيش في سورية لتطويق الاحتجاجات وحصارها قال الناشطون وشهود إن قوى الامن «وسعت بشكل ملحوظ» من الاساليب التي تستخدمها للتضييق على التظاهرات وشق صفوفها في وقت تستعد فيه قطعات النظام العسكرية والأمنية اجتياح مدينة دير الزور الثائرة وهي على قاب قوسين أو أدنى من المناطق الكردية وبأمس الحاجة الى تضامننا واسنادنا وقد كان ماحصل يوم الجمعة الفائت في المناطق الكردية صورة تحمل العديد من التفسيرات والمزيد من الشكوك وتنبىء باحتمال وقوع المحظور اذا لم يتم تفادي الأسباب ولاشك أن المسؤولية في كل مايحصل وماينتج عنه من عواقب تقع على عاتق الخارجين على الاجماع القومي والوطني والذين يحاولون تجاوز شباب الانتفاضة ورفض الآخر وتخوينه ويفرضوا موقفهم بأساليب الاكراه والاذعان وكل هذه الأساليب والوسائل والممارسات باتت مدانة ولن تحقق النجاح كما أن بعض الأحزاب الكردية التي فقدت وزنها وخسرت الشعب والجماهير بدأت تسعر الخلافات في الشارع الكردي وتصدر بيانات تكاد تقتصر على عبارات التشهير والتخوين بحق من يخالفونها الموقف في وقت تشهد فيه سوريا انتفاضة ثورية حقيقية اقتربت من الحسم وماتتطلبه من مشاركة ودعم لشبابنا المنتفضين الذين رفعوا رؤوسنا عالية ومساهمة ثقافية وسياسية وبرنامجية لملامح سوريا الجديدة واستحقاقاتنا الكردية الخاصة وسبل حل قضيتنا .
كان منتظرا من – ب ي د – لوتوفرت النية السليمة أن يتجاوب مع ارادة الرأي العام الكردي في التراجع عن الخطأ حتى لايتحول الى خطيئة وأن يرضخ لصوت الحقيقة بممارسة النقد الذاتي بعد أن أصدرت غالبية تنسيقيات الشباب الكردي والمستقلين والمثقفين وفي معظم المدن والبلدات بيانات ومقالات ونداءات تنتقد فيها بل تدين ممارسات مؤيدي هذا الحزب وما قاموا به – رغم أنهم قلة – من استفزازات ومحاولات لجر الآخرين الى معارك جانبية كانت لوحصلت لحققت مخطط نظام الاستبداد ولكن وبفضل يقظة وحرص شباب الانتفاضة وشعورهم العالي بالمسؤولية القومية والوطنية تم تفادي النتائج الوخيمة على حساب فض التظاهرات في غير أوقاتها المعهودة والذي سجل لصالح النظام ولاأعتقد أن دوام هذا الوضع – المقلق - سيكون لمصلحة الكرد والانتفاضة .[1]